تأتى الأعياد لتدخل البهجة والفرحة فى القلوب، وتزيح الهموم عنا مسلمين وأقباطاً، وإن كان لكل فصيل طقوسه وشعائره التى تميزه عن الآخر. وفى عيد الميلاد المجيد، تتزين الكنائس، ويقف البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، مرتدياً جلباباً واسعاً، وتاجاً على رأسه، ممسكاً ب«سبحة» فى مقدمتها صليب، اعتاد الأقباط تقبيله. جلباب البابا، وسبحته، وتاجه من المقتنيات المقدسة لدى الأقباط، ولعل تواضروس قد حرص على ترسيخ هذه القيمة منذ اليوم الأول لجلوسه على كرسى البابوية، فأراد أن تكون له مقتنياته الخاصة به التى يستخدمها فى القداسات داخل الكنيسة، بعد أن قرر نقل مقتنيات البابا الراحل شنودة الثالث، إلى مزاره بدير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، ليتبرك بها الأقباط. قرار تواضروس أرجعه مقربون له، إلى أنه أراد أن يرسى نهجاً مختلفاً داخل الكنيسة الأرثوذكسية عن أسلافه البطاركة، بأن تودع المقتنيات الخاصة بكل بطريرك، بجوار مدفنه فى مزار خاص، على الرغم من أن تقاليد الكنيسة تسمح فى بعض الأحيان للبابا الجديد بتوارث مخصصات سابقه، لكنه أراد أن يترك بصمة له فى تاريخ الكنيسة نابعة من قناعاته، وتحوى طابع شخصيته. التاج من ضمن مقتنيات البابا تواضروس أيضاً، «التيجان» التى اعتاد أن يرتديها فى قداسات الاحتفالات، وتكون مصنوعة من الذهب ومرصعة بالمجوهرات الثمينة. عصى الرعاية «عصى الرعاية» التى يمسكها البابا بشكل دائم، ولديه ثلاث عصى، الأولى خشبية «سوداء» ذات رأس بيضاء عاجى، والثانية مصنوعة من الذهب، والثالثة فضية. وكذلك عصى أخرى أهداه لها مار أغناطيوس زكا «بطريرك السريان الأرثوذكس» عقب تنصيبه. التونية أو الجلباب تونية البابا أو جلبابه من المقتنيات المهمة التى يقدسها الأقباط، وطبقاً للأعراف الكنسية يجب أن تكون زاهية الألوان، ومن خامات وأقمشة عالية الجودة، وفى بعض الأحيان تكون مطرزة بالذهب والأحجار الكريمة، فى إشارة إلى المكانة المقدسة التى يتمتع بها البابا لدى الأقباط. البابا «تواضروس» اعتاد أن يرتدى الجلباب الأسود أثناء ممارسته لجميع الشعائر، وكذلك فى فترات الاعتكاف والخلوات التى يقضيها كل فترة تعبيراً عن الزهد. لكن فى أيام الأعياد، يحرص البابا تواضروس على ارتداء «تونية» بيضاء اللون عليها أيقونات مختلفة للعائلة المقدسة وبعض القديسين تعرف باسم «الانكولبيون»،وعادة ما تكون «واسعة» تعبيراً عن حالة البهجة والسعادة فى الأعياد. الصليب ويمتلك تواضروس مجموعة من صلبان اليد المصنوعة خصيصا لدى أفضل حرفيين فى الخارج منها الخشبى والعاجى الأبيض والمعدنى اللامع والذهبى النقى، وجميعها مشغولة الجوانب على صور نباتات، أو رسومات هندسية، أو صلبان صغيرة.. الحلى والمشغولات الذهبية الخاصة بالبابا تواضروس، لا يحصل عليها إلا من متجر خاص فى مصر الجديدة، تربطه علاقة خاصة بمالكه الذى يشرف على أسر الفقراء فى الكنيسة، وقد أرسل إليه تواضروس عصا الرعاية الخاصة به، ليجرى عليها بعض التعديلات بتركيب صليب ذهبى على رأسها العلوى وتلميعها. مقتنيات أخرى كما يحتفظ البابا بمجموعة من المقتنيات داخل «قلايته» التى يقضى فيها وقته منفرداً، ومن أهمها مجهر مكبر يستخدمه فى القراءة بأشكال متعددة أو خلال بحثه عن معنى كلمة بالمعاجم أو فى الكتاب المقدس، وكذلك مجموعة من أقلام حبر لها دوايات بألوان مختلفة إلى جانب الأوراق البيضاء التى يدون عليها ملاحظاته وجدول أعماله ولقاءاته، وهو الرجل الذى يضرب به المثل فى النظام ودقة المواعيد- بحسب شهادات المقربين إليه. ولا يزال تواضروس يحتفظ ب«مسبحة خشبية» ذات رائحة عطرة مميزة أهدتها إليه والدته بعد أن حصلت عليها من القدس قبل وفاتها، بجانب ألبوم من الصور التذكارية النادرة التى تصور جميع مراحل حياته، ولدى تواضروس جهاز «آى باد» مدعم بعدد من برامج الشات والدردشة، حيث يتواصل مع رعيته عبر برنامجى «فايبر»، و«واتس اب»، ويجيب عن أسئلتهم بنفسه. كما يمتلك تواضروس أربع سيارات «مصفحة» مضادة للرصاص، الأولى ماركة « لينكولن» ورثها عن البابا الراحل شنودة، والثانية ماركة «مرسيدس أودى» لونها فضى داكن تتخطى قيمتها خمسة ملايين دولار أهداها إليه رجل الأعمال نجيب ساويرس، إلى جانب سيارة أخرى سوداء اللون ومتصلة بالقمر الصناعى، بينما السيارة الرابعة «فورد» زيتية اللون أعطاها له الرئيس السيسى عقب فض اعتصامات الإخوان. لديه ثلاث فى القاهرةوالإسكندرية ووادى النطرون.. ولا يدخلها سواه «القلاية».. هنا يعتكف البابا حجرة صغيرة داخل الدير على شكل المغارات الموجودة فى بطون الجبال يمكث فيها البابا طوال فترة اعتكافه «ولا يدخلها سواه» طبقاً لقوانين الكنيسة.. إنها «القلاية» البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، لديه ثلاث قلايات فى القاهرةوالإسكندرية ووادى النطرون، لكل منها رونق خاص يختلف عن الأخرى. كل "قلاية" تنقسم إلى قسمين، "المحبسة" وهى عبارة عن حجرة مخصصة للصلاة والاعتكاف والخلوات الروحية، ولا يدخلها سواه، حتى المقربون منه لا يستطيعون دخولها سواء فى وجوده أو غيابه لحرمتها وقدسيتها. لا يخرج تواضروس من "المحبسة" إلا بعد إشباع غرائزه الرهبانية، خاصة أنه اعتاد اللجوء إليها فى أوقات الضيق والخنقة، لكى يرتاح ويتمكن من مواصلة أعماله الرعوية. أما القسم الثانى، فيعرف ب"المضيفة" وهو المكان الذى يلتقى فيه البابا ضيوفه، ويسمح للمقربين بالدخول إليه والاطلاع على ما فيه، لكن بعد الحصول على موافقة البابا والسماح لهم بتجاوز الحراسات الخاصة بكل قلاية. قلاية المقر البابوى التى تقع بالدور الثانى بالكاتدرائية المرقسية بالقاهرة أهم غرفة محورية بالنسبة للبابا، فهى المركز الذى يدير منه أعماله ويلتقى فيه أقاربه وأصدقاءه وكبار المسئولين فى الدولة. طاقم السكرتارية الذى اصطحبه معه من البحيرة، هو هى الأكثر التقاء به فى قلايته بحكم النقاش الإدارى وبحث جدول الأعمال اليومى، ويضم كلا من القس أنجيلوس إسحق السكرتير الأول، والقس مكارى حبيب مسئول ملف الأحوال الشخصية، والقس أمونيوس عادل مسئول شئون القساوسة، وباربارا إبراهيم سكرتير الكاتدرائية. فى حين يزوره بين الحين والآخر بعض الأساقفة الكبار المقربين منه مثل الأنبا موسى أسقف الشباب الذى يسترجع معه دوما ذكريات الخدمة، وهو الوحيد القادر على إضحاكه بحكم خفة ظله وروحه الفكاهية وابتسامته العريضة التى لا تفارق وجهه،إلى جانب شخصيات أخرى يرتبط معها بصلات وثيقة كالانبا لوكاس أسقف أبنوب والفتح، والأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة وتوابعها، والأنبا دانيال أسقف المعادى ومسئول ملف الأحوال الشخصية بالقاهرة. قلاية المقر البابوى تبلغ مساحتها نحو 300 متر، وتضم مكتبة بها مجموعة متنوعة من الكتب النادرة، إلى جانب نسخ نادرة من ترجمات الكتاب المقدس ومقارنة الاديان، وفى الطرقات تجد عدة أيقونات بألوان الزيت اللامعة تجسد ملامح السيد المسيح والعائلة المقدسة والسيدة العذراء، وداخلها ركن خاص بالهدايا والجوائز والصور النادرة العائلية للبابا التى تجسد مختلف مراحل حياته من الطفولة إلى الرهبنة. أما قلاية دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، فهى من أكثر الأماكن التى يفضل تواضروس الذهاب إليها، خاصة أنها ترتبط معه بذكريات جميلة باعتبارها الدير الذى خطا فيه أولى خطواته الرهبانية باسم الراهب "ثيودور". تواضروس اعتاد الذهاب إليها كلما شعر باحتياجه لخلوة روحية، وهناك يستريح البابا وذلك بسبب جمال المكان الذى تكسوه الأشجار، إلى جانب المناظر الطبيعية الخلابة، وفيها يمارس هوايته المفضلة فى تقليم الأزهار والنباتات. البابا اعتاد أن يلتقى ضيوفه من الرهبان والأساقفة فى مزرعة الدير، خاصة ممن يصعب عليهم مقابلته بالقاهرة، فيتجهون لوادى النطرون فور وصوله، بالإضافة إلى أصدقائه من زملاء الدراسة، وبعض نجوم الإعلام والفن والرياضة. أما قلاية مطرانية الإسكندرية فهى بمثابة المكان الدافئ الذى يسترجع فيه ذكرياته العائلية لا سيما أن والدته كانت تعالج فيها قبل وفاتها بمستشفى المحافظة، وكان يزورها بين الحين والآخر ومازالت شقة العائلة موجودة حتى الآن بل يطل عليها البابا فى المناسبات والأعياد بصورة شبه سنوية. ويعقد البابا اجتماعات مع رعاة المطرانية وقادة الايبارشية الروحيين بقلايته التى لا تبتعد كثيرا عن البحر، كما يحرص على الصلاة الجماعية مع المقربين منه الذين يترددون عليه أثناء تواجده هنا.