منال لاشين بمشاركة - أحمد عبد الجليل ومصطفى يسرى لم يكن المخرج والمبدع والسياسى والنائب خالد يوسف ضعيفا أو جباناً، لم يتخاذل يوما عن خوض المعارك. سجل معاركه فى أفلام جريئة تعرى زيف وفساد وظلم نظام مبارك، كما سجل مواقفه السياسية عمليا بالمشاركة الفعالة فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وفى الشارع سجل نجاحا ساحقا فى انتخابات مجلس النواب الأخيرة، بالفوز الحاسم من الجولة الأولى. هذا رجل خطر لا يمكن أن يترك يصول ويجول ويفضح فسادا ويعرى أوضاعا شاذة وخطيرة فى مصر. هذا الرجل وجد نفسه فى معركة ذبح على الطريقة المصرية الحديثة. طريقة التسريبات يصعب إثبات صحتها. فقبل أن يعرى النائب خالد يوسف الفساد وجد طرفاً ثالثاً مجهولاً وجباناً يحاول تعريته بصور عارية وجنسية منسوبة له، وحديث عن فيديوهات أخرى يصعب حصرها، وتنافس أقذر الأفلام الجنسية. الطرف الثالث المجهول الذى نسمع عنه، أو بالأحرى نعانى من جرائمه منذ ثورة 25 يناير، وفى الغالب الأعم يضرب الطرف الثالث فى الثوريين. الطرف الثالث لم يحتمل وصول خالد يوسف إلى البرلمان، فسارع بتصنيع فضيحة له، متوقعا أن ينزوى خالد ويخضع للابتزاز ويبتعد عن الأضواء والعمل السياسى. لكن خالد فهم هدف اللعبة القذرة، وقرر المواجهة كعادته. بعد أقل من 24 ساعة من نشر الصور الفاضحة فى برنامج أحمد موسى اختار خالد أن يرد على كل الاتهامات. ولكن القضية القذرة تعدت خالد، فكل دائرة عاش فيها خالد يوسف أصبحت طرفا فى القضية خارج حدود القضاء. البرلمان أصبح طرفا ورفض نواب مجرد الحديث عن القضية القذرة، بينما أصر نواب على رفض ما حدث مع خالد يوسف، وأكد النواب الدكتور على مصيلحى ومحمد سليم وعبدالهادى القصبى وعبدالرحيم على ومحمد العقاد على رفض التدخل فى الحرمات الشخصية، وطالبوا بأن يكون الأمر فى يد القضاء، وأكد بعضهم أنه حتى لو صح الأمر فإن الجهة المسئولة عن محاسبة خالد هى لجنة القيم، وليس وسائل الإعلام، وبعيدا عن البرلمان دخلت جهات أخرى.. جبهة الدفاع عن الإبداع التى شارك خالد فى تأسيسها أصدرت بياناً مشتركا مع نقابة المهن التمثيلية. حمل البيان إدانة حادة وشارك فى الإدانة فنانون وفنانات بعضهم داهمتهم القضية وهم فى مهرجان دبى، ومن بين الموقعات على البيان الفنانة ليلى علوى، وكتاب ونشطاء، وركز البيان على ما اعتبره خطيئة من أحمد موسى، واعتبر أن ما حدث استمرار لاستهداف رموز ثورتى 25 يناير و30 يونيو، بل ومحاولة لرد الوطن إلى ما قبل 25 يناير. لم يكن هذا البيان هو الوحيد الذى أدان موسى. فقد حصد أحمد موسى الكثير من الهجوم المبرر والمنطقى، ودعا صحفيون ونشطاء على فيسبوك لشطب أحمد موسى من نقابة الصحفيين وذلك فى بيان موجه لأعضاء مجلس النقابة، وبالنسبة للكثيرين فليس من المعقول أو المقبول نشر صور تمثل انتهاكا صارخا للحياة الخاصة بحجة الرغبة فى التأكد من صحة الصور، ومطالبة خالد يوسف بالرد على سؤال هل الصور مفبركة أم حقيقية؟. البعض رأى أن الاجابة عن هذا السؤال كان يجب أن تترك للجهات القضائية، وقد أكد خالد يوسف نفسه فى حواره مع الإعلامى خالد صلاح على قناة النهار أن الصور مفبركة وأنه يستطيع أن يصنع مثل هذه الفيديوهات، وبدا قويا فى سخريته «وممكن اعمل لك يا خالد زيها» واضاف «انا ممكن أعمل فيديوهات للى عملوها». وأكد خالد يوسف أنه سيذهب للنيابة وحتى لو تراجع أصحاب البلاغ عن الذهاب لها، وأنه واثق من القضاء، وسيأخذ حقه بالقانون، وأضاف أنه يملك كل تفاصيل القضية وسيقدمها للنيابة لتبرئة ساحته، واعتبر خالد أن ما حدث لا يخصه فقط. فهناك أسرته وزوجته ولا بد أن يرد لهم حقوقهم، ولذلك أكد خالد أن التنازل الآن لم يعد من صلاحياته فهو فى يد أسرته وأبناء دائرته. كانت الأزمة قد بدأت فور فوز خالد بعضوية البرلمان عندما أعلن عميد إحدى الكليات بجامعة الإسكندرية عن تقدمه ببلاغ ضد خالد يوسف. يتهمه فيه بالتحرش بزوجته، وكان رد خالد الفورى أنه سيتخلى عن حصانته البرلمانية وسيذهب للنيابة لأنه واثق من براءته، معتبرا ما يحدث نوعا من التشهير المقصود، بحسب تعبير خالد يوسف. لكن فجأة تسارعت الأحداث بشكل درامى يفوق أفلام خالد يوسف نفسه. فواقعة التحرش تراجعت بعد ظهور صور لفيديوهات جنسية منسوبة لخالد يوسف، وظهر محامى عميد الكلية مع الإعلامى عمرو أديب يقول إن موكله وجد «فلاشة» على باب منزله تحتوى الأفلام الفاضحة، وأن هذه الأفلام دفعت موكله إلى الإسراع بتقديم البلاغ، وذلك على الرغم من عدم وجود أى علاقة للفيديوهات بأسرته أو زوجته. من أرسل الفلاشة؟ ولماذا فى هذا التوقيت بالذات؟ لم يجب المحامى، لكنه قال إن موكله بدافع أخلاقى قرر ألا يسكت ويقدم البلاغ، وربما يكون كلام المحامى ردا على رأى قطاع من الشعب المصرى. هذا القطاع يرى أنه كان من الأفضل لمكانة عميد الجامعة وزوجته ألا يحول الأمر إلى بلاغ وقضية رأى عام. بعيدا عن قصة البلاغ والتساؤلات العديدة والجدل والشكوك حولها، ثمة تساؤل أكبر وأعمق، تساؤل عن طرف ثالث أو خفى يحرك بعض خيوط القصة من وراء الكواليس، وهو الطرف الذى يشير اليه بيان المبدعين والمهن التمثيلية وآراء سياسيين ونشطاء صدمهم مدى الانحطاط الذى وصل إليه المشهد السياسى والإعلامى فى مصر. هذا التساؤل يتحول إلى علامات استفهام دون إجابة. علامات استفهام من نوع من صاحب المصلحة فى صنع هذه الصور أو الفيديوهات؟ ومن صاحب المصلحة لإتاحتها للنشر؟ وهل المقصود هو تشويه وذبح خالد يوسف وحده؟ أو تشويه رموز الثورة؟ أو تشويه البرلمان حتى قبل أن يبدأ أعماله؟ وحتى قبل أن يتضح تشكيله وتوجهاته ودوره فى الحياة السياسية؟ مرة أخرى نحن أمام أسئلة دون إجابات؟ اسئلة معلقة؟ لكنها تحمل رسائل للجميع. رسائل بأنه لا حصانة تعلو فوق حصانة التسريبات بأنواعها. فإذا كانت قذارة الصور أفزعت النائب عبدالرحيم على ورفض هذا التشهير، لكنه لم ينس أن يؤكد أن تسريباته من نوع مختلف. تسريبات ضد الوطن بنص تعبيره وأضاف عبدالرحيم «الحياة الشخصية خط أحمر» لكن الخطر واحد، خطر أن تكون منتهكا، مكالماتك على الهواء. بالتأكيد لم يصل عبدالرحيم لهذا المستوى لكنه قبل أيام اطلق تحذيرًا للنواب «صندوقى الأسود به تسجيلات لنواب بالبرلمان». فالبرلمان إذا فى مرمى التسريبات، وبالنسبة لخالد فإن الأمر كان يهدف إلى تشويه صورته قبل جولة الإعادة لأن البلاغ قدم قبل إعلان نتيجة المرحلة الأولى، وكان البعض يعتقد أنه سيخوض جولة الإعادة، وهو ما لم يحدث. فهل نحن بالفعل أمام قصة أو بالأحرى فضيحة يقصد بها تشويه مرشح لمنعه من الوصول لتحت القبة؟ أم أننا أمام استهداف أوسع من خالد ويستهدف فئة بعينها بحسب ما جاء فى بيان الصحفيين المطالب بشطب عضوية أحمد موسى من النقابة؟ فى انتظار الإجابة عن هذا السؤال ثمة مفاجآت فى طريق الإجابة بالتأكيد لا تخص خالد يوسف وحده. فالتهديد بنشر الغسيل.. القذر أصبح لغة الحوار فى مصر.