لاقت تصريحات الرئيس الجيبوتي، إسماعيل عمر جيله، الخميس الماضي، عزمه الترشح مجدداً للانتخابات الرئاسية المقبلة، اهتماماً محلياً ودولياً، نظراً للتطورات الإقليمية في دول حوض البحر الأحمر. وتتمتع جيبوتي بأهمية استراتيجية، كونها تقع بالقرب من مضيق "باب المندب" الممر الرئيس للتبادل التجاري في العالم، والشريان الذي يُغذيه بالنفط من دول الخليج المنتج الأكبر له دولياً. وجعل موقع جيبوتي الجغرافي، تتصدر واجهة وسائل الإعلام المحلية والدولية، نظراً لتعاظم دورها في مكافحة الإرهاب الذي تنامى في الصومال واليمن وفي منطقتي البحر الأحمر والمحيط الهندي، في السنوات الأخيرة. وجاء إعلان الرئيس الجيبوتي تدشينا لحملته الانتخابية، مقدماً أوراق ترشحه لولاية رئاسية رابعة الخميس. وانتخب الرئيس جيله الذي جاء إلى الحكم في 8 مايو 1999، بعد تخلي سلفه الرئيس الراحل حسن جوليد عن الحكم. واعتبر ترشح جيله في نظر مراقبين، مهماً، لكونه واجه تحديات جسيمة، تصدى فيها لمشكلات بلد تنوء بإرث ثقيل في أغلب المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبنى التحتية. واستطاع جيله على مدى ستة عشر عاماً من حكمه أن يجعل جيبوتي بلداً، يتطلع إلى تأمين حياة كريمة لشعبه، في ظل تطور تنموي بدأت ملامحه تظهر على خارطته، وتُبشر بمستقبل زاهر ومستدام يضع البلد، في مكانة متقدمة في محيطه الاقليمي في القرن الافريقي والعربي. واعتبر وزير المالية، إلياس موسى دواله، في تصريحات للأناضول، إعلان الرئيس للترشح لولاية جديدة خطوة هامة، نزولاً عند رغبة الشعب. وقال "إن هذه هي المرة الأولى في تاريخ جيبوتي، يخرج فيها متظاهرون يطالبون بترشح الرئيس لفترة رئاسية جديدة". وأضاف أنه في نوفمبر الماضي، نظمت مظاهرات شاركت فيها مختلف شرائح المجتمع الجيبوتي، في الأقاليم المختلفة، وطالبت الرئيس بضرورة الترشح لفترة رئاسية جديدة. وتابع، "إننا نشعر بقلق من التطورات في اليمن والصومال، وحالةعدم الاستقرار التي تعصف بمنطقة القرن الأفريقي، والبحر الأحمر، والمحيط الهندي، وإن الرئيس الذي قاد جيبوتي في ظل أوضاع مضطربة جعل الجيبوتيون يناشدونه للبقاء في السلطة". وأشار دواله إلى الجهود الرامية لتأمين الممرات المائية العالمية، ومكافحة عمليات القرصنة التي انتشرت في المنطقة نتيجة الحروب الأهلية، والصراعات المسلحة والانفلات الأمني، "فقد نجحت القواعد العسكرية التي سمحت جيبوتي بإقامتها على أرضها، وهي (مقر قوات حلف الأطلسي) وقواعد (عسكرية أخرى أمريكية وفرنسية ويابانية وصينية)، في الحد من عمليات القرصة التي ظلت تهدد التجارة الدولية لسنوات طويلة مضت". ونجح الرئيس جيله في الانفتاح السياسي والاقتصادي والعسكري، على المستوى الدولي. اقتصادياً، استطاع الرئيس الاستفادة من الواجهة البحرية لبلاده، في محاذاة مضيق باب المندب، بتأسيس ميناء جيبوتي الذي أصبح من أهم الموانئ على البحر الأحمر، وجعل منه نافذة لجارته اثيوبيا، التي فقدت الموانئ الإريترية بعد استقلالها، فأصبح المنفذ الرئيسي بعد اندلاع الحرب الإريترية الإثيوبية في 1998 التي انتهت في عام 2000، تعتمد عليه في صادراتها ووارداتها.