من التجنيد والقرصنة إلى تضليل أجهزة المخابرات وتنفيذ الهجمات الإرهابية التنظيم نفذ هجمات باريس بلعبة بلاى ستيشن .. ونقل أوامر الذبح والتفجير عبر المحادثات الصوتية للاعبين غير القابلة للمراقبة أو لتسجيل المراسلات بعد انتهاء «الجيم» باعتراف مسئولين غربيين، يضم تنظيم داعش 40% من قوامه التنظيمى من الشباب الأجانب، وارد الحضارة الغربية، وخلاصة ما وصلت له دول العالم الأول من تطور وتكنولوجيا ووسائل للتواصل عابرة للحدود والقارات وأجهزة المخابرات أيضا. فالإرهاب فى عصر داعش إلكترونى بامتياز، من التواصل والتجنيد وصولاً إلى مراحل التخطيط والتدريب عن بُعد والتنفيذ أيضاً، والشعار الأول المتصدر على المواقع والنوافذ الإلكترونية للتنظيمات الجهادية حول العالم حاليا هو «إذا كنت شابا .. فاذهب إلى داعش. بذلك يستطيع تنظيم الدولة الإسلامية أن يقدم نفسه كمنتج جديد تماما، تتمازج فيه أقصى تجليات الإرهاب والتطرف الإسلامى، مع أحدث تقنيات العقل الأوروبى والأمريكى خطورة، فى إحداثيات بالغة الخطورة تفيد بأن العالم أصبح لا يواجه خطر التهديد بعمليات مستقبلية يقوم بها مجموعة من المتطرفين المدججين بالسلاح، أو الانتحاريين الإسلاميين ممن يرتدون الأحزمة الناسفة، وإنما يواجه قبل ذلك، جيشا كاملا من «الإرهاب الإلكترونى» يحمل بصمة تنظيم دولة البغدادى وشبكة عملائها وخلاياها النائمة فى أوروبا وأمريكا، وفروعها فى دول العالم العربى. وجاءت تفجيرات باريس هذا الأسبوع (11سبتمبر الفرنسى)، لتكون هى التجسيد الكامل وال«فج» لعصر جديد من الإرهاب الإلكترونى، فى عملية تبدو وفقا لما كشفت عنه التصريحات الرسمية الفرنسية، أنها عملية الكترونية من الألف إلى الياء .. تقررت وخطط لها - بحسب تصريحات الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند - فى سوريا .. ودبرت ونظمت فى بلجيكا .. ونفذت فى فرنسا، فيما كان الفضاء الإلكترونى وأقصى وسائل التواصل تطورا، هما «كلمة السر» و»حلقة الوصل» فى كل مراحل العملية الإرهابية الأكثر دموية فى أوروبا كلها. 1 داعش.. تنظيم «عولمى» منذ اللحظة الأولى، حدد داعش هدفه الأكبر فى أن يتحول إلى تنظيم «عولمى» عابر للجنسيات والثقافات، وبدأ سريعا فى تنفيذ استراتيجيته لغزو أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية، بالتجنيد وجذب العناصر القابلة للانخراط فى النشاط الدينى المتطرف، خاصة من الشباب المسلم من أصول عربية المتواجدين فى تلك الدول. وبدأ العمل على قدم وساق بمستوى لا يقل بأى حال من الأحوال عن تجنيد شباب المتطرفين فى سوريا والدول العربية المجاورة، فيما كان السلاح الأول والأخير فى التجنيد على الجبهتين فى كل الأحوال هو مواقع التواصل الاجتماعى. وبحسب إحصائيات لمراكز أبحاث متخصصة، فإن هناك 40 ألف تويتة يومية لداعش ومحبيه على تويتر، وأكثر من 210 مواقع هى الأنشط للتنظيم، حيث يركز داعش، إلى التدفق المستمر لموادها الإعلامية، لتعطى صورة لمتابعى الإنترنت أن التنظيم على درجة عالية من الانضباط والتسليح، ويستحق الانضمام إليه. وتعتمد القواعد الجديدة والأسس الواجبة لاختيار المجندين بالتنظيمات الإرهابية، على أن قيادات التنظيم تعرض على العضو المستهدف مادة فيلمية، أو مادة من موقع على الإنترنت مثل اليوتيوب، كوسيلة للتجنيد، فضلا عن تواصل اللجان الإلكترونية لهذه التنظيمات مع الشباب لإقناعهم بالانضمام من خلال صفحات التواصل الاجتماعى أو غرف الشات، على أساس أن من سينتصر فى معركة الفضاء الإلكترونى، هو الفائز الحقيقى فى الحرب على الإرهاب. ووفقا لتقديرات غربية رسمية انخرط فى صفوف داعش حتى مطلع العام الجارى أكثر من 3 آلاف مقاتل، ثلثهم على الأقل من فرنسا، وفى ظل استخدام الداعشيات الأوروبيات فى تجنيد غيرهن عبر مواقع التواصل الاجتماعى، يمثل ناصر بلوشى، مصدر الإلهام الأساسى لشبكات المقاتلين الأجانب فى سوريا، الذين يعملون على تجنيد المقاتلين عبر الإنترنت، تأثرًا بأفكاره، إضافة إلى حساب الأمريكى أحمد موسى جبريل، الذى يتابعه 60% من المجاهدين على تويتر. أما واجهة المتطرفين الفرنسيين فيتمثل فى عدد من المواقع والمنتديات والمطبوعات الإلكترونية الناطقة بالفرنسية والإنجليزية، مثل «أنصار الحق الفرنسى»، ومجلة دار الإسلام وهى النسخة الفرنسية من مجلة «دابق» التابعة لداعش، إلى جانب غرف شات وحسابات الفيس بوك وتويتر لمركز الفجر الإعلامى، والأمة دوت كوم. ويعترف مسئولون فرنسيون بأن 90% من حالات تجنيد أبناء بلدهم هى الإنترنت. 2 القتل والذبح «فيديو جيم» تستغرق فترة تجنيد الشاب ل«داعش» من 6 إلى 8 أشهر على الأكثر، فيما تستخدم عمليات القتل والذبح فى العاب الفيديو جيم كأحد أهم ادوات التجنيد، وتجزم العديد من تقارير الاستخبارات الأجنبية أيضا، بأن أعضاء القاعدة الشباب وينافسهم حاليا الدواعش من دارسى علوم الكمبيوتر، يستخدمون أجهزة الحاسب المحمول، وأقراص الفيديو الرقمى (دى فى دي)، من مخابئهم ومن مقاهى الإنترنت، سعيًا لاستئناف الاتصال والتخطيط والتدريب والوعظ وغيرها، حتى أصبح الإنترنت مكتبة زاخرة بجميع الوسائل المساعدة للإرهاب، بداية من كيفية خلط سم الريسين، إلى صنع القنابل من المواد الكيماوية التى تباع فى المحلات لأغراض تجارية، وحتى كيفية التنكر للإفلات من الرصد والمراقبة وكيفية التسلل عبر الحدود وكيفية إطلاق النار على الخصوم، فضلًا عن كيفية تجنيد الأتباع والعملاء، تحت لافتة الجهاد الإسلامى، بينما يتاح كل ذلك باللغات العربية والإنجليزية والأردية والبشتو وغيرها. 3 مذبحة أوروبية لمواقع داعش الإلكترونية حيث قامت الحكومة الفرنسية مارس الماضى بإغلاق عدد من المواقع التابعة لداعش فى فرنسا، كان أشهرها موقع «إسلاميك نيوز انفو» قبل أن تغلق بعد مذبحة باريس وفقا لقانون الطوارئ 70 موقعا جديدا فى هذا الشأن، كما أعلنت وحدة مكافحة الإرهاب البريطانية عبر الإنترنت أنها قامت خلال السنوات الخمس الماضية بإزالة 9 آلاف صفحة ومشاركة على تويتر مرتبطة بنشاطات إرهابية، بالإضافة إلى ما أعلنه المدعى العام الروسى فى أعقاب العمليات الإرهابية الأخيرة من أن حوالى 800 موقع نشر مواد متطرفة قد تم إغلاقها، وأن نحو 5 آلاف موقع أزال موادغير قانونية من صفحاتها بعد مطالبة المدعين بذلك. وأكد مرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية أن 80% من الذين انتسبوا إلى تنظيم «داعش» تم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعى، وأن عدد المواقع المحسوبة على التنظيم ارتفع من نحو 12 موقعًا إلكترونيًّا ليصل - بحسب آخر الإحصائيات- إلى عشرات الآلاف من المواقع هذا العام. 4 مؤسسات داعش الإعلامية والإلكترونية تعتبر مؤسسة «الفرقان» الإعلامية هى الأقدم والأهم لديه، علاوة على مؤسسة «الاعتصام» ومركز «الحياة»، ومؤسسة أعماق، ومؤسسة البتار، ومؤسسة دابق الإعلامية، ومؤسسة الصقيل، ومؤسسة الوفاء، ومؤسسة نسائم للإنتاج الصوتى، ومجموعة من الوكالات التى تتبع المناطق التى تسيطر عليها، كوكالة أنباء «البركة» و»الخير»، ومؤسسة الخلافة، ومؤسسة أجناد للإنتاج الإعلامى، ومؤسسة الغرباء للإعلام، ومؤسسة الإسراء للإنتاج الإعلامى وغيرها. هذا بخلاف ما أصدره «داعش» من المجلات بالعربية والإنجليزية أمثال: «دابق» و»الشامخة، والإذاعات مثل: «البيان» فى مدينة الموصل فى العراق. 5 الخلايا النائمة والذئاب المنفردة فى أوروبا مع تفجيرات باريس الأخيرة، أصبح واضحا أن تحولا جذريا قد استجد على استراتيجية داعش، وأنه نتيجة للتحالف الدولى لضرب التنظيم فى معقله بسورياوالعراق، قد قرر الخروج بعملياته من مداه الإقليمى فى المنطقة العربية، وتصدير الإرهاب الداعشى إلى أوروبا، وفى المقدمة فرنسا، كهدف جديد معلن لعملياته الإرهابية. واتضح للجميع أيضا أن شبكة العملاء والخلايا الداعشية النائمة، قد تجاوزت مصطلح «الذئاب المنفردة» التقليدى، والتى تدين بمجرد الولاء بالأفكار للتنظيم وتعمل بالمجهود الذاتى، إلى مجموعات تنظيمية فعلية على الأرض تتواصل مع بعضها، ومع التنظيم المركزى فى سوريا . وبالتالى أصبح بديهيا أن تبدأ الأجهزة الأمنية الدولية، فى الإلتفات إلى أن الجهاد الالكترونى لداعش، قد تجاوز مرحلة استخدام وسائل التواصل الإلكترونية الحديثة فى تجنيد عملاء له على أراضيها. 6 «بلاى ستيشن» 4 يذبح باريس مع بداية البحث عن وسائل التواصل التى كان يستخدمها منفذو تفجيرات باريس، كشفت المعلومات الأمنية الرسمية أن الإرهابيين استخدموا فى التواصل فيما بينهم جهاز لعبة «البلاى ستيشن 4» حيث يصعب تعقبه ومراقبته وبالتالى يصعب مراقبة المحادثات الصوتية لجميع اللاعبين، مقارنة بتطبيقات التواصل والدردشة التى يمكن التجسس عليها بكل سهولة من قبل الأجهزة الأمنية، فى الوقت التى تمتلك فيه لعبة القتال المتطورة نظام مراسلة يختفى فور انتهاء اللعبة ولا يتم تسجيله. علاوة على غرف الدردشة المغلقة للألعاب الإلكترونية التى يستخدها التنظيم فى التجنيد فيما يزيد على 90 ألف صفحة يمتلكها على موقعى فيسبوك وتويتر باللغة العربية، و40 ألفاً بلغات أخرى، مثل لعبة «جهاد سيمولاتور» . 7 أبو حسين البريطانى.. زعيم قراصنة داعش سبق أن نجح هاكرز تنظيم داعش مطلع العام الحالى فى القرصنة على حساب البنتاجون على تويتر وفى اختراق الحساب الرسمى للإدارة المركزية للجيش الأمريكى على موقعى تويتر ويوتويب، ونشر على حساب الإدارة بعد اختراقه قائمة بأسماء قيادات عسكرية أمريكية تشمل أيضا بيانات خاصة بهم . وشهدت قائمة الإدارة على اليوتيوب فيديوهات لداعش، كما تم تسجيل على تويتر التابع للإدارة أيضا ثلاث تغريدات بالإنجليزية للتنظيم. ونجح فريق قراصنة داعش الإرهابية الذى أطلق على نفسه «الخلافة الإلكترونية» التى أسسها عقل داعش المدبر جنيد حسين بعد ذلك، فى اختراق حساب صحيفة نيوزويك الأمريكية على «تويتر» أيضا، واستغلال ذلك لإرسال رسائل تهديد للرئيس الأمريكى وأسرته. اخترقت أيضا «الخلافة الإلكترونية» شبكة «تى فى 5 موند» الفرنسيّة، ما أدى لتوقف جميع قنواتها التليفزيونية عن البث، وكذلك مجموعة الخطوط الجويّة الماليزية، وأحد مواقع الإنترنت الخاصة بالمطارات بإيطاليا، كما اخترقت أيضاً فى مايو الماضى حساب «الرقة تذبح فى صمت» على «تويتر»، الذى يفضح ممارسات التنظيم فى المدينة السورية، بخلاف اختراق موقع المرصد السورى لحقوق الإنسان لعمليّة اختراق فى يوليو الماضى. أخيرا نجح داعش بداية نوفمبر الجارى فى اختراق 54 حسابا على تويتر معظمها لسعوديين وبريطانيين، وتم نشر دعاية تنظيم داعش عليها، ثأرا لمؤسس خلية القرصنة الداعشية جنيد حسين، المعروف بأبوحسين البريطانى وبأنه العقل الإلكترونى المدبر لتنظيم الدولة الإسلامية، والذى قتلته طائرة بدون طيار بالقرب من مدينة الرقة فى سوريا مؤخرا. سبق وأن تمكن «جنيد» من اختراق «دفتر العناوين» التابع لرئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير، ونشر معلومات منه، وكان من أهم أعضاء فريق هاكرز يعرف ب السم «السم» تسبب فى نحو 1400 عملية اختراق أمنى لحسابات رجال أعمال وشركات ومؤسسات دولية ووكالات حول العالم.