سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025    الاحتلال رفض 5 أسرى طالبت حماس بالإفراج عنهم والقائمة الكاملة ليست جاهزة    إجراء عقابي محتمل من ترامب ضد النرويج حال عدم منحه نوبل للسلام وصحيفة تكشف ما يحدث    «ابني مات بجرعة مخدرات».. كيف أقنع مبعوث ترامب «بن جفير» بإنهاء حرب غزة؟    بمشاركة دغموم.. الجزائر المحلي ينتصر على فلسطين بثلاثية وديا    تفاصيل جلسة لبيب مع فيريرا وجون إدوارد    وليد صلاح: عقدنا اجتماعا مع مانشيني.. وتوروب مناسب لكل معاييرنا    غرقت في ثوان، 13 صورة ترصد كسح مياه الأمطار من شوارع وميادين العجمي بالإسكندرية    بسبب محل.. التحقيق مع مسؤول بحي العمرانية لتلقيه رشوة من أحد الجزارين    طقس مائل للحرارة نهارًا ومعتدل ليلًا.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الجو اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025 في مصر    تحويلات مرورية لتنفيذ أعمال إنشائية خاصة بمشروع المونوريل بالجيزة    4 أعشاب سحرية تريح القولون وتعيد لجهازك الهضمي توازنه الطبيعي بشكل آمن    اليوم.. انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء بالبحيرة لاختيار 4 أعضاء    استدعاء كريم العراقي لمعسكر منتخب مصر الثاني بالمغرب استعدادًا لكأس العرب    محمد العدل: 3 أشخاص كنت أتمنى تواجدهم في قائمة الخطيب    حبس ديلر المخدرات وزبائنه في المنيرة الغربية بتهمة حيازة مخدر البودر    اليوم، انطلاق انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء    حماس: حصلنا على الضمانات.. والحرب انتهت بشكل كامل    رسميًا.. موعد بداية فصل الشتاء 2025 في مصر وانخفاض درجات الحرارة (تفاصيل)    متى يتم تحديد سعر البنزين فى مصر؟.. القرار المنتظر    تراجع حاد للذهب العالمي بسبب عمليات جني الأرباح    رئيس فولكس فاجن: حظر محركات الاحتراق في 2035 غير واقعي    السيسي يُحمّل الشعب «العَوَر».. ومراقبون: إعادة الهيكلة مشروع التفافٍ جديد لتبرير الفشل    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع يانيك فيريرا فى الزمالك بحضور جون إدوارد    وليد صلاح الدين: لا إصابة مزمنة لأشرف دارى وعودة قريبة لإمام عاشور فى الأهلي    وصول عدد مرشحى النظام الفردى لإنتخابات مجلس النواب الى 1733 شخصًا    أوقاف الفيوم تعقد 150 ندوة علمية في "مجالس الذاكرين" على مستوى المحافظة.. صور    سعر الذهب اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025.. الجنيه الذهب ب42480 جنيها    منتخب المغرب يهزم البحرين بصعوبة وديا (فيديو)    وزير الخارجية الإيطالى يشكر مصر والوسطاء على جهود التوصل لاتفاق سلام فى غزة    النيابة تصدر قرارًا ضد سائق وعامل بتهمة هتك عرض طالب وتصويره في الجيزة    الأرصاد الجوية تكشف تفاصيل طقس الجمعة 10 أكتوبر وأماكن سقوط الأمطار    أسامة السعيد ل إكسترا نيوز: اتفاق شرم الشيخ إنجاز تاريخي أجهض مخطط التهجير ومصر تتطلع لحل مستدام    اتحاد كتاب مصر ينعى الناقد والمؤرخ المسرحي عمرو دوارة    محافظ شمال سيناء: اتفاق وقف الحرب لحظة تاريخية ومستشفياتنا جاهزة منذ 7 أكتوبر    شيماء سيف: «أنا نمبر وان في النكد»    "كارمن" تعود إلى مسرح الطليعة بعد 103 ليلة من النجاح الجماهيري.. صور    كريم فهمي يكشف حقيقية اعتذاره عن مسلسل ياسمين عبد العزيز في رمضان 2026    كيف يحافظ المسلم على صلاته مع ضغط العمل؟.. أمين الفتوى يجيب    موعد أول أيام شهر رمضان 2026 فى مصر والدول العربية فلكيا    زاخاروفا: الجهود المصرية القطرية التركية لوقف حرب غزة تستحق الإشادة    عشان تحافظي عليها.. طريقة تنظيف المكواة من الرواسب    د. عادل مبروك يكتب: كيف ننقذ صحة المصريين؟    داليا عبد الرحيم تهنيء الزميلة أميرة الرفاعي لحصولها على درجة الماجستير    بيفكروا قبل ما يطلعوا الجنيه من جيبهم.. 5 أبراج بتخاف على فلوسها    أميرة أديب ترد على الانتقادات: «جالي اكتئاب وفكرت أسيب الفن وأتستت»    سعر الموز والتفاح والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025    فلسطين.. تجدد القصف الإسرائيلي شمال غربي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    استقرار أسعار الحديد والأسمنت في سوق مواد البناء اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025    نقابة أطباء الأسنان بالدقهلية توضح ملابسات وفاة شاب داخل عيادة أسنان بالمنصورة    مباشر مباراة المغرب ضد كوريا الجنوبية الآن في كأس العالم للشباب 2025    نصائح للأمهات، طرق المذاكرة بهدوء لابنك العنيد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9-10-2025 في محافظة الأقصر    بيت الزكاة والصدقات يثمّن جهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة    بتكليف من السيسي.. وزير الصحة يزور الكابتن حسن شحاتة للاطمئنان على حالته الصحية    الثلاثاء المقبل.. أولى جلسات اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام بمقر الأكاديمية الوطنية للتدريب    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسيلمة الكذاب
نشر في الفجر يوم 06 - 11 - 2015

مسيلمة بن حبيب الحنفي، أشهر المتنبئين وأخطرهم في الجزيرة العربية، وهو من يعرف في كتب السير والتاريخ والتراجم بمسيلمة الكذاب، ادعى النبوة زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم واستفحل أمره زمن أبي بكر الصديق، وشكلت حركته تهديدا واضحًا لدولة الإسلام الناشئة، فمن هو مسيلمة الكذاب؟ وما موقف رسول الله منه؟ وما طبيعة أسجاعه؟
من هو مسيلمة الكذاب؟
اختلف في اسمه، فقالوا: مسيلمة بن حبيب الحنفي الكذاب، وقالوا: مسيلمة بن ثمامة بن كثير بن حبيب الحنفي، ويكنى: أبا ثُمَامَةَ، وقيل: أبا هارون، وفي الأمثال: "أكذب من مسيلمة". ولد ونشأ في اليمامة، في القرية المسماة اليوم بالجبيلة، بقرب العيينة بوادي حنيفة في نجد.
تذكر الأخبار أن مسيلمة: "كان قصيًرا شديد الصفرة أخنس الأنف أفطس"، وكان أكبر عمرًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه قد تكهن وتنبأ باليمامة ووجد له أتباعًا قبل نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم، وأن أهل مكة كانوا على علم برسالته، ويذكر أهل الأخبار أن مسيلمة كان ابن مائة وخمسين سنة حين قُتل في اليمامة.
وكان مسيلمة قبل ادعائه النبوة يتجول في الطرقات، يطوف في الأسواق التي كانت بين دور العرب والعجم، مثل الأبلة وبقة (موضع قريب من الحيرة)، والأنبار والحيرة، يلتمس تعلم الحيل والنِّيرَجَات، واحتيالات أصحاب الرقى والنجوم والخط ومذاهب الكهان والعياف والسحرة، ويتابع أخبار المتنبئين .
شخصية مسيلمة الكذاب
ويبدو أن مسيلمة الكذاب كان على قدر من قوة البيان والشخصية، على عكس ما تصفه المصادر بأنه كان "رويجلا، أصيفر، أخينس"، إذ ترك تأثيرًا ملموسًا في أوساط بني حنيفة، والقبائل المجاورة، اشتهر بالخلابة، والقدرة على استهواء النفوس من الرجال والنساء، وخليق بهذا أن يظن به السحر، وتنتظر منه الخوارق بين الجهلاء؛ لأنهم يرون سلطانه ولا يعلمون مأتاه، فيخيل إليهم أنه سر من الغيب، أو معونة من الجنة والشياطين، وهو على هذا كان يعين حيلته بما استطاع من صناعة الشعوذة، والألاعيب التي كان يحذقها بعض الكهان في بلاد العرب والعجم، ولم يكن في طبيعته بمعزل عن طبائع السحرة، وأدعياء الغيب، وتسمى بالرحمن، فقيل له: رحمن اليمامة.
كان مسيلمة يدعي النبوة ورسول الله بمكة، وكان يبعث بأناس إليها ليسمعوا القرآن ويقرؤوه على مسامعه، فينسج على منواله أو يسمعه هو نفسه للناس زاعمًا أنه كلامه .
وفد بني حنيفة إلى رسول الله
وعندما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء يدعوهم إلى الإسلام، كتب إلى هوذة بن علي الحنفي النصراني وأهل اليمامة، وأرسل كتابه مع سليط بن قيس بن عمرو الأنصاري، فاشترط هوذة أن يجعل الأمر له من بعده، فرفض النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "لا ولا كرامة، اللهم أكفنيه"، فمات بعد قليل.
وفي العام التاسع للهجرة الذي عم فيه الإسلام ربوع الجزيرة العربية أقبل وفد بني حنيفة وفيهم مسيلمة الكذاب إلى المدينة في بضعة عشر رجلًا برئاسة سلمى بن حنظلة، وفيهم الرجَّال بن عنفوة أحد وجهاء القبيلة، لإجراء مباحثات مع النبي صلى الله عليه وسلم، وإعلان إسلامهم، ويبدو أنهم أمَّلوا مقابل دخلوهم في الإسلام، الحصول على موافقة من النبي صلى الله عليه وسلم لخلافته.
ويذكر أن بني حنيفة تعد من أضخم القبائل العربية، وأوفرهم حظًّا بالمنعة والجاه، وقد دفعوا أولاً بمسيلمة للوقوف على رأي النبي صلى الله عليه وسلم، فاجتمع به منفردًا، وطلب منه أن يجعل الأمر له من بعده، فرفض النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: "لو سألتني هذا القضيب -وكان بيده- ما أعطيتكه، وإني لأراك الذي رأيت فيه ما رأيت".
ثم اجتمع أعضاء الوفد بالنبي صلى الله عليه وسلم في المسجد بدون مسيلمة، والواقع أن ذلك كان متعمدًا، ولم تذكر المصادر ما دار في هذا الاجتماع، إنما روت خروج أعضاء الوفد، وقد اعتنقوا الإسلام، وأعطاهم النبي جوائزهم، غير أنه استنادًا إلى تطور الأحداث بعد ذلك يحملنا على الاعتقاد بأنهم كرروا طلب مسيلمة بأن يكون الأمر لهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن النبي رفض طلبهم، ولما قرروا العودة خاطبوا رسول الله قائلين: "إنا خلفنا صاحبًا لنا في رحالنا يبصرها لنا، وفي ركابنا يحفظها علينا".
وهذا دليل على أن تخلف مسيلمة كان متعمدًا وفق خطة مبيَّتة علهم ينتزعون من النبي صلى الله عليه وسلم وعدًا، أو ما يشبه الوعد، بتحقيق هدفهم، ولا شك بأن رسول الله أدرك فورًا هدفهم بأن صاحبهم هذا هو مسيلمة، فلم يميزه، وساواه بأصحابه، وقال صلى الله عليه وسلم: "ليس بشركم مكانًا يحفظ ضيعة أصحابه"، فقيل ذلك لمسيلمة، فقال: "عرف أن الأمر إليَّ من بعده"، فلما عادوا إلى ديارهم أدعى النبوة متخذًا من حديث رسول الله مع وفد قومه، وإخباره أنه ليس بشرهم مكانًا؛ دليلًا على دعواه، وهذا تفسير أحادي الجانب يتناقض مع قول النبي صلى الله عليه وسلم الصريح بشأن وضعه.
ومهما يكن من أمر، فقد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم من خلال ما جرى مع وفد بني حنيفة، أن هؤلاء القوم سوف يغدرون به، ويرتدون عن الإسلام، وأن صاحبهم سيقودهم إلى شر عاقبة يهلكهم بها، فهم وهو في شر سواء.
واستغل نَهَار الرِّجَال بن عنفوة وجوده في المدينة، فتعلم القرآن وتفقه في الدين، ووقف على تعاليم الإسلام، وكان هذا الرجل ذا بصيرة، وذكاء فعينه النبي معلمًا لأهل اليمامة يفقههم في الدين، ويرد من اتبع منهم مسيلمة، ويشغب معهم عليه، ويشد من عزائم المسلمين. لكن نهارًا كان أعظم فتنة على بني حنيفة من مسيلمة، وما كان تفقهه إلا رياء، فهو لم يلبث أن انضم إليه، وأقر بنبوته، وشهد بأن محمدًا أشركه معه في الرسالة، فالتف بنو حنيفة حوله، ومن جهته فقد وضع مسيلمة كل ثقته بنَهَار يستشيره في كل أمر يقلد فيه محمدًا .
مراسلات بين رسول الله ومسيلمة الكذاب
وبعد أن عاد مسيلمة الكذاب إلى قومه، وأظهر دعوته، كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم كتابًا يدعي فيه مشاركته في الرسالة، ويساومه في اقتسام الملك والسيادة في جزيرة العرب، فقال: "مِنْ مُسَيْلِمَةَ رَسُولِ اللَّهِ، إلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ: سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدْ أُشْرِكْتُ فِي الْأَمْرِ مَعَكَ، وَإِنَّ لَنَا نِصْفَ الْأَرْضِ، وَلِقُرَيْشٍ نِصْفَ الْأَرْضِ، وَلَكِنَّ قُرَيْشًا قَوْمٌ يَعْتَدُونَ".
وأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يترك الفرصة لمثل هؤلاء الكذابين للتشكيك في أمر الدين، فكتب رسالة وأعطاها إلى حبيب بن زيد رضي الله عنه أحد الصحابة الشباب، وفيها: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ: السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى. أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْأَرْضَ للَّه يُورَثُهَا مَنْ يُشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ". وكان ذلك في آخر سنة عشر من الهجرة.
فما كان من مسيلمة الكذاب إلا أن أسر حبيب بن زيد وقيده، فكان مسلمة إذا قال له: أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ قال: نعم، وإِذا قال: أتشهد أني رسول الله؟ قال: أنا أصم لا أسمع، ففعل ذلك مرارًا، فقطعه مسيلمة عضوا غضوا، فمات شهيدا رضي الله عنه.
آمنوا بمسيلمة وشهدوا بكذبه
واتخذ مسيلمة حرمًا باليمامة، فأخذ الناس به، فكان محرمًا، ونظم كلامًا مضاهاة للقرآن، وقصده الناس ليتسمعوا منه بعد أن اشتهر أمره، وتمكن من التأثير في بعضهم، وكان ممن قصده المتشمس بن معاوية، عم الأحنف بن قيس، فلما خرج من عنده قال عنه: "إنه كذاب، وقال عنه الأحنف بن قيس وكان قد رآه أيضًا: "ما هو بنبي صادق، ولا بمتنبئ حاذق".
عرف مسيلمة بين أتباعه برسول الله، وكانوا يتعصبون له، ويؤمنون بدعوته إيمانًا شديدًا، وكانت المنافسة بين قبائل مضر وربيعة على أشدها، والأخيرة تعصب لنسبها، وتأنف أن تعلوها قريش بفضل النبوة والرئاسة، وليس أدل على ذلك من طلب هوذة الذي أشرنا إليه، بالإضافة إلى رأي طلحة النميري الذي قدم إلى اليمامة للاجتماع بمسيلمة، والوقوف على حقيقة دعوته، واختبار نبوته، إذ عندما طلب الاجتماع به وسماه باسمه، مسيلمة، رد عليه قومه: مه يا رسول الله، فقال: لا حتى أراه، فلما جاءه قال: أنت مسيلمة؟ قال: نعم، قال: من يأتيك؟ قال: رحمن، قال: أفي نور أو في ظلمة؟ فقال: في ظلمة، فقال: "أشهد أنك لكذاب وأن محمدًا صادق؛ ولكن كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر" .
وتعاون مسيلمة في إحدى مراحل ادعائه النبوة مع سجاح بنت الحارث بن سويد التميمية، التي أدعت هي الأخرى النبوة، والتف حولها قومها بنو تميم، وأخوالها من تغلب وغيرهم من قبائل ربيعة، وتزوجها مسيلمة، وانضم أتباعها إليه، فتقوى بهم، وتحدى حكومة أبي بكر في المدينة.
أسجاع مسلمة الكذاب
وقد حاول مسيلمة الكذاب أن يضاهي القرآن تغريرا بعقول السذج من قومه فجاء كلامه سخيفا، وإنا بعد ذلك نورد من أسجاعه ما عثرنا عليه ليتبين القارئ هذا المتنبئ ومبلغ علمه:
1- وَاللَّيْلُ الدَّامِسْ، وَالذِّئْبُ الْهَامِسْ، مَا قَطَعَتْ أَسَدٌ مِنْ رَطْبٍ وَلَا يَابِسْ.
2- لَقَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى الْحُبْلَى، أَخْرَجَ مِنْهَا نَسَمَةً تَسْعَى، مِنْ بَيْنِ صِفَاقٍ وَحَشَا.
3- إن بني تميم قوم طهر لقاح، لا مكروه عليهم ولا إتاوة، نجاورهم ما حيينا بإحسان، نمنعهم من كل إنسان، فإذا متنا فأمرهم إلى الرحمن.
4- وَالْفِيلْ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْفِيلْ، لَهُ زَلُّومٌ طَوِيلْ.
5- وَالْمُبَذِّرَاتِ زَرْعًا، وَالْحَاصِدَاتِ حَصْدًا، وَالذَّارِيَاتِ قَمْحًا، وَالطَّاحِنَاتِ طِحْنًا، وَالْخَابِزَاتِ خَبْزًا، وَالثَّارِدَاتِ ثَرْدًا، وَاللَّاقِمَاتِ لَقْمًا، إِهَالَةً وَسَمْنًا، لَقَدْ فُضِّلْتُمْ عَلَى أَهْلِ الْوَبَرِ، وَمَا سَبَقَكُمْ أَهْلُ الْمَدَرِ، رَفِيقَكُمْ فَامْنَعُوهُ، وَالْمُعْتَرَّ فآووه، والناعي فواسوه.
6- يَا ضِفْدَعُ بَنَتَ الضِّفْدَعِينْ، نَقِّي كَمْ تَنِقِّينْ، لَا الْمَاءَ تُكَدِّرِينْ، وَلَا الشَّارِبَ تَمْنَعِينْ، رَأْسُكِ فِي الْمَاءِ وَذَنَبُكِ فِي الطِّينْ.
7- وقد ذكر ابن كثير أن عمرو بن العاص -قبل إسلامه- قابل مسيلمة الكذاب فسأله مسيلمة: ماذا أنزل على صاحبكم في هذا الحين؟ فقال له عمرو: لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة. فقال: وما هي؟ قال: أنزل عليه: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:1 - 3]، قال: ففكر مسيلمة ساعة،، ثم رفع رأسه فقال: ولقد أنزل عليَّ مثلها. فقال له عمرو: وما هو؟. قال مسيلمة: "يَا وَبَرُ يَا وَبَرُ، إِنَّمَا أَنْتِ أُذُنَانِ وَصَدْرٌ، وَسَائِرُكِ حَقْرٌ نَقْرٌ". ثم قال: كيف ترى يا عمرو؟ فقال عمرو: والله إنك لتعلم أني أعلم إنك لتكذب.
قال أبو بكر الباقلاني رحمه الله: "فأما كلام مسيلمة الكذاب وما زعم أنه قرآن فهو أخس من أن ننشغل به وأسخف من أن نفكر فيه، وإنما نقلنا منه طرفًا ليتعجب القارئ وليتبصر الناظر، فإنه على سخافته قد أضل، وعلى ركاكته قد أزل، وميدان الجهل واسع" .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.