استأنفت محكمة جنايات القاهرة، جلساتها المنعقدة بأكاديمية الشرطة لمحاكمة كل من عمر محمود عمر حماد ومحمد الانوار محمدين، ضابطي شرطة بجهاز الأمن الوطني، في قضية اتهامهما بالاعتداء على مواطن (المحامي كريم حمدي) بالضرب وتعذيبه على نحو أدى إلى وفاته داخل قسم شرطة المطرية، ومنعت المحكمة دخول المصورين لعدم التقاط الصور الفوتوغرافية للمتهمين المخلى سبيلهما بداخل قفص الاتهام. عقدت الجلسة برئاسة المستشار أسامة شاهين بعضوية المستشارين حمدي الشنوفي وهشام الدرندلي رئيسي المحكمة وأمانة سر وائل عبد المقصود وجورج ماهر، حضر الجلسة المستشار محمد علي مستشار هيئة قضايا الدولة بصفته وكيلا عن وزير الداخلية .
بدأت الجلسة تمام الساعة 10,53 صباحا بإثبات حضور المتهمين وأثبتت المحكمة حضور هيئة الدفاع عن المتهمين والمدعيين بالحق المدني و على رأسهم سامح عاشور نقيب المحامين.
واستمعت المحكمة لمرافعة النيابة العامة التي طالبت بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين استنادا إلى ارتكابهما جريمة بشعة بداخل احد أقسام الشرطة التي تختص بتأمين و حماية المواطنين، وأنهما ارتكبا جريمة شنيعة وهي جريمة زهق روح بدون ذنب، وأكد ممثل النيابة العامة بان قسم المطرية أصبح الآن مثل معتقلات التعذيب بالقرون الوسطى لاستجواب المتهمين واخذ اعترافات منهم، وأنهم اغفلا حقوق الإنسان وحقوق الإنسانية، وأن المجتمع المصري لا يغفل دور الجهاز الشرطي لحفظ سلام و امن المجتمع الداخلي، وأن المسئول عن الحفظ والأمان أصبح الآن قاتلا، وهو ما يعمل على إهدار والنيل من هيبة الشرطة و زعزعة الثقة بين أفراد المجتمع وأعضاء جهاز الشرطة، وأن المحامي كريم حمدي المجني عليه بتلك القضية ليس المجني عليه الوحيد بتلك القضية فضابطي الأمن الوطني تعديا ايضا و قتلا القانون و سيادة الدولة والعدل من خلال نصب أنفسهما قضاة حكما بالإعدام على المجني عليه. وأضافت النيابة أن أقوال شهود الإثبات أكدت بأن ضباط مباحث القسم افرغوا للمتهمين الضابطين غرفة بالقسم ليتولا التحقيق مع المدني عليه، و ما أن ظفرا به تعديا عليه بالضرب بمختلف أنحاء جسده وفقا لتقرير الطب الشرعي وهو الأمر الذي دفع المجني عليه إلى الصراخ قائلا وفقا لشهادة زميله المتهم: خلاص يا باشا هعترف.. أننا لا نصدق أن وسيلة جمع المعلومات من المتهمين في جهاز الأمن الوطني هي التعذيب بدنيا، وأن وكيل النيابة الذي قرر حبس المجني عليه احتياطيا على ذمة القضية المتهم فيها لم يكن يعلم بأنه اصدر عليه حكما بالإعدام لوقوعه فريسة للمتهمين، وأنه فور الانتهاء من تعذيب المتهم ونقله لمحبسه ظل يتوجع ويشعر بالبرد، وفي صباح ثاني يوم تفاجأ مأمور القسم بان المجني عليه في حالة صحية سيئة واستئذان النيابة العامة لنقل المتهم للمستشفى وفور وصوله للمستشفى لقى مصرعه لتأثره من حفلة التعذيب.
وأن وكيل النيابة فور التحقيق مع المجني عليه في القضية التي كان متهم فيها اثبت بانه يتمتع بصحة جيدة ولا يوجد اي إصابات ظاهرية به، وان عقب عودته للقسم واصطحابه بمعرفة ضباط المباحث اثبتوا عند إحضاره للمتهمين ضابطي الأمن الوطني للتحقيق معه بأنه بصحة جيدة ولا يوجد به اي إصابات، وان تقرير الطب الشرعي و الصفة التشريحية أكدا صحة أقوال الشهود من أن المجني عليه توفى بسبب واقعة التعذيب التي تعرض لها، وان الجريمة التي ارتكبها المتهمان تعد من جرائم الغرف المغلقة بدءا من قيامهما بالاستعارة بأسماء غير حقيقية لهما خلال التحقيق مع المتهم وتعصيب أعين المتهمين، وان كافة الأدلة التي تحملها القضية هي اكبر إدانة للمتهمين، وخاصة شهادات ضباط مباحث قسم شرطة المطرية، وأن المتهمين والمجني عليه عند التحقيق معهم يكونا في عهدة المتهمين وليس ضباط القسم.
وأشار ممثل النيابة العامة إلى أن المجني عليه كان متهم في قضية انضمام لجماعة إرهابية وحيازة أسلحة نارية ومقاومة رجال الشرطة ولكن ليس معنى انه متهم فهو يستحق الموت، وأن المتهمين ليسا من حقهما أن يصدرا حكما بإعدام المتهم بدون وجود محاكمة عادلة وخاصة بان النيابة حريصة على أن المجني عليه إنسان يستحق الحياة مهما كانت التهمة الموجهة إليه، وأنه خلال التحقيق معه لم يكن معه سلاح وكان مقيد اليدين ليتولا المتهمين مهمة تعذيبه حتى الموت، وأن صدور حكم الادانة ضد المتهمين سيصبح عنوانا لعصر جديد لا يهان فيه الإنسان المصري .
كما استمعت المحكمة لسامح عاشور نقيب المحامين بصفته دفاع المدعيين بالحق المدني، الذي طلب في بداية مرافعته انضمام كافة دفاع المدعيين بالحق المدني إلى مرافعة النيابة العامة و طلباتها في توقيع أقصى عقوبة على المتهمين وخاصة أن المتهمين ارتكبا جريمة تمثل عار على الحكومة وهي جريمة التعذيب وانه لا يجب أن ننسى أن سبب اندلاع ثورة 25 يناير هو بسبب انحراف ضباط الشرطة وأن تلك الجرائم التي يرتكبها بعض ضباط الشرطة تمس أركان وأساس الوطن وهي جرائم ترتكب ضد رئيس الجمهورية والشعب وسيادة القانون، والقانون الذي حاكم رئيسي جمهورية بعد سقوط نظامهما، وانه يجب محاكمة القائم على حماية النظام في حالة خروجه عنه لأننا في دولة القانون.
وتحدث سامح عاشور على المخالفة القانونية التي ارتكبها المتهمان بداية من التحقيق مع المتهم بدون وجود إذن من النيابة العامة واحتجازه بغرفة منفردين به بداخل القسم لتعذيبه و أن تلك الواقعة تدل على وجود نية لدى المتهمين لارتكاب جريمتهما وليس بحجة جمع التحريات من المتهم وفقا لما ذكره المتهمان في تحقيقات النيابة العامة، وان استجواب اي متهم من قبل رجال الشرطة يتم قبل تحقيق النيابة العامة وليس بعدها من خلف ظهرها، مؤكدا على أننا أمام جريمة قتل مقترن مع سبق الإصرار، وأن سلاح التعذيب يعد من اقوي الأسلحة التي تستخدم في القتل بدون إراقة نقطة دماء واحدة من خلال ضرب المجني عليه في منطقة الخصية و الرقبة و قلبه و رئته والقفص الصدري مما تسبب له نزيف داخلي.