أثار اعتقال الأمن الجزائري أول أمس الجنرال المتقاعد حسين بن حديد ودون الإعلان عن أسباب الاعتقال جدلا في أوساط الطبقة السياسية في الجزائر. ووفقا للعرب اللندنية، تباينت الروايات بين قائل بكون التوقيف جاء بناء على العثور على السلاح الشخصي للجنرال في مسرح جريمة نفذها نجله في حي بن عكنون بالعاصمة، وبين قائل إن الاعتقال تم بأمر من وزارة الدفاع التي وجهت له تهمة إهانة المؤسسة العسكرية.
وذهب آخرون إلى القول إن مصالح الأمن نفذت قرارا قضائيا سابقا يقضي بتوقيف الجنرال وسجنه، وجاء الإيقاف بعد تصريح مطول للجنرال من الجزائر مساء الثلاثاء لإحدى الفضائيات التي تبث من لندن.
والجنرال حسين بن حديد، واحد من الضباط الذين أحيلوا على التقاعد في منتصف تسعينات القرن الماضي، حيث قضى سنوات عمله الأخيرة في منطقة سيدي بلعباس (500 كلم غربي العاصمة)، تحت إمرة وزير الدفاع السابق الجنرال خالد نزار.
ويعد بن حديد واحدا من الذين قادوا الحرب الميدانية على الإرهاب في المنطقة، التي كانت تنشط فيها عدة كتائب دموية كالنصر والأهوال وحماة السنة، وعاصر العديد من رموز العمل المسلح في غرب البلاد كقادة مثل بن شيحة وبحيري الجيلالي (الذئب الجوعان).
وبن حديد من القيادات العسكرية التي عارضت التمديد للرئيس الجزائري لدورة رئاسية رابعة، وأدلى في الفترة الأخيرة بتصريحات وصفت ب"الخطيرة والجريئة"، حيث وصف مستشار رئيس الجمهورية وشقيقه الأصغر سعيد بوتفليقة ب"المختل عقليا، الذي يفعل كل شيء بما في ذلك تفكيك مؤسسات الدولة وتأزيم الأوضاع في البلاد، من أجل وراثة الحكم عن شقيقه".
واتهم بن حديد في تصريحين متتاليين خلال الأيام الأخيرة، لراديو "مغرب إيمارجونت" وفضائية "المغاربية" اللندنية، سعيد بوتفليقة ب"الوقوف وراء كل التغييرات الخطيرة التي جرت في الأسابيع الأخيرة، وبتسريح كل القيادات والشخصيات العسكرية والأمنية والسياسية التي يشك في أنها تعيق مشروعه، وفي مقدمتها اللواءان محمد مدين (توفيق) مدير جهاز الاستخبارات سابقا، وقائد جهاز الدرك أحمد بوسطيلة".
وقال إن "شقيق الرئيس يريد تكرار السيناريو القطري في الجزائر، بوراثة الحكم عن أخيه بعيدا عن الدستور ومؤسسات الدولة، ولأجل تحقيق غايته يعكف على تصفية مؤسسات الدولة ممن يشك في وقوفهم في وجه طموحاته السياسية".
وأضاف بن حديد أن سعيد بوتفليقة يتجه "في المقابل إلى "تثبيت نفسه باستحداث لوبيات سياسية ومالية تستفيد من الريع المالي وتنهب مقدرات البلاد".
ولم تستبعد مصادر متابعة للشأن الجزائري، أن يكون خروج الرجل عن صمته في الفترة الأخيرة، قد سبب إزعاجا لدوائر السلطة، ما قد يكون دفع وزارة الدفاع إلى إيقافه وربما إحالته على القضاء العسكري، بتهم بينها إهانة مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش، خاصة وأن أحد مقاطع شهادته تحدث عن وجود "تنسيق بين قيادات استخباراتية وزعماء مجموعات مسلحة في الإقليم الذي كان يشتغل فيه في فترة التسعينات، مما أعاق العمل الميداني لمحاربة الإرهاب آنذاك".