قالت مصادر من فريق البرلمان الليبي المعترف به دوليا إن توترا كبيرا ساد المفاوضات بسبب شروط المؤتمر الوطني المنتهية ولايته المرتبط بجماعة إخوان ليبيا، ومن بين هذه الشروط المطالبة بتنحي القائد العام للقوات المسلحة الليبية الفريق خليفة حفتر، وتعويضه بآخر يلقى قبولا في صفوف المؤتمر. وأشارت إلى أن وفد البرلمان الشرعي طالب المبعوث الأممي برناردينو ليون بالضغط على وفد المؤتمر حتى تكون مقترحاته متماشية مع ما تمّ الاتفاق عليه سابقا، وأن لا يدخل الحوار في متاهة المقترحات المتناقضة، لكن ليون لم يبد حزما تجاه مناورات المؤتمر وكأن هدفه هو إرضاء ممثلي إخوان ليبيا وضمان مشاركتهم في الحكومة. بحسب "العرب اللندنية" ولم تقف مناورات الإخوان عند المطالبة بتنحي الفريق حفتر، بل هم يضغطون للدفع نحو اختيار رئيس الحكومة من خارج قائمة الاثني عشر مرشحا الذين قدمهم البرلمان للمبعوث الأممي. ويريد المفاوضون الإخوان أن يتولى المؤتمر المنتهية ولايته والبرلمان الشرعي المصادقة على ما سيتم الاتفاق عليه في جولة الصخيرات الحالية، وهو أمر يتعارض مع المسودة التي تبناها البرلمان الشرعي وقبل بها ليون والتي تجعل البرلمان هو الجهة الشرعية الوحيدة التي تتولى المصادقة على نص الاتفاق النهائي. وقال يونس فنوش، عضو البرلمان، إن التسريبات حول ما يدور في كواليس الحوار لا توحي بأيّ خير. وأشار في كلمة على حسابه على فيسبوك إلى أن هناك محاولات مستميتة من بقايا المؤتمر بالتواطؤ مع ليون، لإدخال تعديلات مهمة وخطرة على المسودة الرابعة (المعدلة) المعتمدة من مجلس النواب، وهذا مرفوض تماما. وحث فنوش رئيس مجلس النواب صالح عقيلة قويدر على مصارحة ليون بأن أمامه خيارين، إما الحفاظ على ثوابت المجلس ومنها أن المسودة لم تعد قابلة لأيّ تعديل أو تحوير، أو إعلان فشل الحوار، وانطلاق مجلس النواب في بحث خياراته البديلة. ويرفض قادة البرلمان مناقشة أيّ مقترح من خارج المسودة الرابعة، أو تقديم تعديلات للملاحق المكملة لها تكون متعارضة معها. وسبق أن طلب رئيس مجلس النواب من ليون تعهدات مكتوبة وملزمة، أبرزها أن يكون رئيس الحكومة ونائبه الأول من الشخصيات المرشحة من قبل المجلس، وأن تظل كل القرارات الصادرة عن المجلس غير قابلة للتعديل وأن تبقى مرجعية للاتفاق السياسي. ورفض أبو بكر بعيرة، وهو عضو في مجلس النواب وأحد المرشحين لرئاسة الحكومة، إقصاء قيادات الجيش وبينها الفريق خليفة حفتر، والسعي إلى استبدال قيادات أمنية وطنية بأخرى قد يكون بعضها على علاقة بالميليشيات المسلحة. وأفاد أشرف الشح، المستشار الأول لفريق الحوار عن المؤتمر المنتهية ولايته أن مناقشة حكومة وحدة وطنية مرهون بتلبية مطالب المؤتمر، وإدخال تعديلاته على الاتفاق السياسي بين الأطراف الليبية، وهو ما يعني أن المبعوث الأممي قبل بفتح أبواب التنازلات لترضية إخوان ليبيا المدعومين من تركيا. وحذر محللون من أن حرص المبعوث الأممي على إنهاء الحوار قبل يوم 20 سبتمبر الحالي قد يفرض على الليبيين اتفاقا على تقاسم السلطة وليس اتفاقا لحل الأزمة المستمرة منذ أربع سنوات، وأن ذلك قد يكون سببا في استمرار الحرب تحت مسوغ جديد ليس أكثر، هو المسوغ الأممي. وقال المبعوث الأممي في تصريح ليلة الجمعة "لدينا أمل في أن تكون الأطراف مدركة أن تاريخ 20 سبتمبر ثابت وأن يكون هناك حس من المسؤولية والليونة حتى يضع كل طرف صالح ليبيا والشعب نصب عينيه". وأشار المحللون إلى أن رغبة أوروبا في وجود حكومة وفاق وطني في ليبيا لا يمكن أن تبرر قبول ليون بالضغوط الإخوانية وخاصة ما تعلق بتنحية القيادات الأمنية والعسكرية التي حققت نجاحات هامة في مواجهة الميليشيات خاصة في بنغازي ودرنة حيث يتمركز داعش وتنظيمات متشددة أخرى. وواضح أن جلسات الحوار تتجه إلى إدماج الفريقين المتخاصمين في الحكومة مع الحفاظ على مصالح كل منهما في السيطرة على مواقع نفوذه، وهو خيار وصفه مراقبون بالملغّم وأنه يقود إلى تقسيم فعلي لليبيا، ويضفي شرعية على محاولة ميليشيا فجر ليبيا وواجهتها السياسية المؤتمر المنتهية ولايته مستقبلا الانفصال عن الحكومة وتكوين حكومة جديدة خاصة بهما. وقد يجد البرلمان المعترف به دوليا نفسه مجبرا على الالتجاء إلى بدائل أخرى لمنع تقسيم البلاد إلى حكومتين وجيشين، وهو خيار سبق أن انفردت "العرب" في عدد سابق بكشفه. وكشفت مصدر سياسي خاص عن أن البرلمان وقبائل المنطقة الشرقية قاما بإجراء مصالحة لحل الخلافات بين اللواء حفتر قائد الجيش ووزير الدفاع مسعود أرحومة وقادة المحاور العسكرية في بنغازي، وتم اتخاذ قرار بتشكيل قوة عسكرية جديدة لتحرير بنغازي في أسرع وقت ممكن لاستباق هذه التطورات. وأفاد المصدر أنه تم عقد لقاءين في مدينة الأبيار والبيضاء حضرهما وزير الدفاع والفريق خليفة حفتر وكبار الضباط وأعيان القبائل في المنطقة الشرقية، لافتا إلى أنه تم الاتفاق على إعادة تهيئة الجيش وتشكيل مجلس عسكري يتولى السلطة مؤقتا في حال فشل المفاوضات الجارية حاليا في جنيف.