فقد النظام السوري أمس عشرات من جنوده بين قتيل وجريح وأسير عندما نجحت «جبهة النصرة»، فرع «القاعدة» في سورية، بالتعاون مع فصائل إسلامية أخرى في السيطرة على مطار أبو الضهور العسكري في محافظة إدلب (شمال غربي البلاد). وبذلك يكون نظام الرئيس بشار الأسد قد خسر أكبر قاعدة عسكرية له في شمال سورية والقاعدة الأكبر الثانية في عموم البلاد، وخرج كلياً من محافظة إدلب حيث يقتصر وجوده حالياً على ميليشيات الدفاع الوطني الموالية له في قريتي الفوعة وكفريا المحاصرتين واللتين يقطنهما مواطنون شيعة.
وبالتزامن مع ذلك، رفض زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري الاعتراف بشرعية «الخلافة» التي أعلنها تنظيم «داعش» في العراق وسورية، لكنه أبدى استعداداً للتعاون معه «في قتال الصليبيين والعلمانيين والنصيريين والصفويين». وقال الظواهري في كلمة صوتية مدتها 45 دقيقة وزعتها «شبكة السحاب»، الذراع الإعلامية ل «القاعدة»، أمس: «لا نعترف بهذه الخلافة ولا نراها خلافة على منهاج النبوة، بل هي إمارة استيلاء بلا شورى ولا تلزم المسلمين مبايعتها، ولا نرى أبا بكر البغدادي أهلاً للخلافة». ورأى أن «ما قام به البغدادي ومن معه لا يمثل توجه التيار الجهادي». وطالب قادة تنظيم «داعش» بوقف حملتهم على «القاعدة» حتى «لا يضطرونني إلى الخوض في تفاصيل خطيرة». واعتبر أبو بكر البغدادي «متمرداً... بايعته قلة من المجهولين». غير أنه أضاف أن عدم الاعتراف ب «خلافة» البغدادي «لا يعني أننا ننكر كل إنجاز له ولإخوانه، فلا ننكر أن لهم إنجازات عديدة وأخطاء جسيمة. ورغم هذه الأخطاء الجسيمة، إلا أنني لو كنت في العراق أو في الشام لتعاونت معهم في قتال الصليبيين والعلمانيين والنصيريين والصفويين، على رغم عدم اعترافي بشرعية دولتهم، ناهيك عن خلافتهم، لأن الأمر أكبر مني ومن زعمهم إقامة الخلافة... الأمة تتعرض لحملة صليبية شرسة وعلى المجاهدين التكاتف لمواجهتها». لكن بدا أن الكلمة التي حملت عنوان «الربيع الإسلامي»، ليست حديثة، إذ أشار فيها الظواهري إلى بيعته زعيم حركة «طالبان» الراحل الملا محمد عمر، على رغم إعلانه البيعة لخلفه الملا أخطر منصور في تسجيل نُشر الشهر الماضي. كما تحدث عن تعليمات أصدرها إلى الزعيم السابق لتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» ناصر الوحيشي، على رغم مقتل الأخير في حزيران (يونيو) الماضي. ميدانياً، أقر النظام السوري أمس بخسارته قاعدة أبو الضهور في إدلب، مشيراً إلى أن «حامية المطار» أخلته، من دون الإشارة إلى مكان انسحابها. لكن مصادر المعارضة قالت إن المنسحبين يحاولون الوصول إلى مواقع سيطرة النظام في محافظتي حماة وحلب، على رغم أن أقرب موقع للنظام فيهما يبعد عن أبو الضهور ما لا يقل عن 30 كيلومتراً. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قوات النظام خسرت في المعركة الأخيرة على أبو الضهور «أكثر من 120 قتيلاً وجريحاً وأسيراً»، بينما فقدت «النصرة» والفصائل الإسلامية «عشرات» المقاتلين الذين استغلوا العاصفة الرملية التي ضربت سورية في اليومين الماضيين للتقدم نحو المطار والسيطرة عليه، علماً أنه كان محاصراً على مدى العامين الماضيين ولم تكن تصل المساعدات إلى حاميته سوى من خلال المظلات من المروحيات. وأظهرت مشاهد لعناصر «النصرة» في المطار طائرات حربية نفاثة وأخرى مروحية تركها النظام على مدارجه وبعضها مصاب بأضرار. كما استولى المعارضون على كميات ضخمة من الأسلحة. وفي نيويورك، أفيد بأن ملف الأسلحة الكيماوية وغاز الكلورين في سورية سيدخل مرحلة جديدة مع موافقة مجلس الأمن المتوقعة اليوم على إنشاء لجنة تحقيق دولية مهمتها كشف أسماء الجهات والأفراد المسؤولين عن استخدام أسلحة كيماوية أو غازات سامة في هجمات عسكرية في سورية، لكن قدرة هذه اللجنة على الوصول إلى كل المواقع والأفراد كانت محل نقاش في مجلس الأمن أمس. وقدم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون نزع الأسلحة كيم وون سو، إحاطة الى المجلس حول آلية إنشاء لجنة التحقيق الجديدة التي ستكون مشتركة بين الأممالمتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية.