كلما هدأ الجدل حول حالة الإهمال بالمستشفيات الحكومية، ظهرت واقعة جديدة تُعيد للأذهان تلك الحالة التي أرتبطت بالمستشفيات الحكومية، واقعة ليست بالأولى تدور أحداثها بإحدى مستشفيات محافظة المنوفية، وتحديدًا فى غرفة عمليات قسم الولادة بمستشفى تلا المركزى، بعد دخول ربة منزل من أسرة بسيطة تُدعى "نورا سامي البرعى"، كي تُجري عملية ولادة قيصرية، لتستقبل طفلها الثالث، لكنها تعرضت لأهمال جسيم، بعد قيام طبيب الولادة بترك جسم غريب "فوطة" مكان الجنين، وخاط الجرح مرة أخرى. وأوضح "ياسر صبحي المنسي" زوج ضحية الاهمال "نورا"، أن تفاصيل الواقعة تعود ليوم الاثنين 27 يوليو الماضي، إذ كانت زوجته على وشك الولادة، فنقلها إلى مستشفى تلا المركزي، وقرر الأطباء حجزها وتجهيزها للعمليات، وبالفعل أجُريت لها العملية يوم 28 يوليو، إلا أنه لاحظ تأخرها 3 ساعات كاملة داخل غرفة العمليات، وخروج حالات أخرى من الولادة دخلت بعد زوجته، ما أثار لديه حالة من القلق الشديد، وقال للمرضات اللاتي يعملن بالمستشفى: "مراتي مالها، لو كانت ماتت عرفونا لكن التأخير ده ليه!".
وتابع "المنسى" فى حديثه ل "الفجر": "بعد انتهاء الثلاث ساعات، خرجت زوجتي من العمليات، ويبدو عليها اعياء شديد، اخبرنا الطبيب حينها، أن الإعياء ناتج عن عملية الولادة وأثر المخدر، وظلت زوجتي "نورا" بالمستشفى يومًا إضافيًا لمتابعة حالتها، وخرجت يوم الإربعاء 29 يونيو وبعد يومين، لاحظنا عليها أنها تشتكي بين ساعة وأخرى من المغص، على الفور تواصلنا مع الطبيب الذى أجرى لها العملية، وكان رده "تعبها ده عادى جدًا وطبيعي، متقلقوش هي حالتها هتسقر لوحدها".
ومع شكوى "نورا" من قسوة الألم، وتدهور حالتها من سئ لأسوأ، توجهنا لأكثر من طبيب، وطلبوا مني عمل أشعة مقطعية علي البطن، وكانت الصاعقة حين أكد احد الأطباء لنا بعد فحصه للأشعة، انه يشتبه فى وجود "فوطة عفنة" داخل بطن زوجتي، وأشارت إحدى الطبيبات بسرعة إجراء جراحه عاجلة لأستئصال الفوطة من أحشائها، وانقاذ حياتها قبل فوات الأوان، على الفور تم نقل الحالة إلى مستشفى شبين الكوم التعليمي، وحصلت على تقرير رسمي يؤكد وجود "جسم غريب" داخل بطنها، وأجُريت العملية الثانية بعد 17 يوم فقط من سابقتها، إلا أن زوجتي ما زالت فى حالة اعياء - حتى الآن - نتيجة ما حدث لها.
وقال "المنسى": "حررت محضر بالواقعة، وكل مهمل لازم يتجازى، هو أنا لو كنت عضو مجلس شعب ولا ظابط أو رجل أعمال مش كان حقي جالي، ولا هو عشان احنا غلابة مش هنعرف نجيب حقوقنا من الناس دي، وكل دكتور يقلل من المحضر ويقولي إن زميلهم هياخد 5 أيام جزى أو لفت نظر، وأضاف يعنى هى روح البني أدم قيمتها 5 أيام جزى ولفت نظر!".
من جانبها، قالت السيدة "نورا" بصوت منخفض ويظهر عليها ملامح الإرهاق والتعب الشديدين، أنها منذ أن دخلت غرفة العمليات لأجراء الجراحة، لم تدرى بما يدور حولها، بعدها أصابها المغص الشديد، والذي لم يسمح لها بالتعامل بأريحية فى طعامها أو شرابها أو نومها، مؤكدة أنها فور علمها بوجود "فوطة عفنة" بأحشائها، أجهشت بالبكاء طويلاً وحزنت على نفسها، وأضافت "وبعد ما عملت العملية، مش قادرة اقوم من مكاني عشان أعمل شغل البيت أو أشوف حال عيالي، وسلايفي هما اللى بيعملوا الاكل والشُرب طول الفترة دى".
هذا، وأجرت "الفجر" اتصالًا بالدكتور عاشور رميح مدير مستشفى تلا المركزى، والذى أوضح بدوره انه لم يكن متواجدًا بالمستشفى وقت حدث الخطأ الطبي، لحصوله على أجازة طويلة مدة 21 يومًا، ولا يعلم التفاصيل الكاملة للواقعة.
ومن الجدير بالذكر، إن الدكتور هشام عبدالباسط محافظ المنوفية، قد قرر فى وقت سابق، إحالة رئيس قسم النساء والتوليد ومعاونيه بمستشفى تلا المركزى، إلى النيابة العامة بالإضافة إلى وقفه عن العمل لمدة شهر من تاريخه، جزاءً على الاهمال والتقصير الذى أصاب إحدى المرضى وكاد إن يودي بحياتها.