اعتبر البيت الأبيض المعلومات التي أعلنتها السلطات الأفغانية عن وفاة زعيم حركة طالبان الملا عمر تتصف ب"المصداقية"، كما أن نبأ وفاته يعيد إلى الأذهان التقرير الذي كشف عنه مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي التابع لوزارة العدل والمعروف ب"إف بي آي"، والذي رصد خلاله قائمة بأبرز الإرهابيين المطلوب القبض عليهم؛ نظير مبالغ مالية كبيرة. من هو عمر الملا ؟
هو " ملا عبدالمجيد محمد عمر " الزعيم الروحي لجماعة طالبان الأفغانية، في فترة حكم طالبان بين 1996 و2001 قبل الغزو الأمريكي عام 2001.
و يعدّ " ملا عمر أحد " أشهر المطلوبين للولايات.المتحدةالأمريكية مثل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي تم اكتشاف مكانه في باكستان ومن ثم قتله.
وتعنى كلمة "ملا" في أفغانستان هو الطالب الذي يدرس العلوم الشرعية أما المولوي فهو الذي أتم دراسته بالفعل.
" مولده ونشأته "
ولد " ملا عمر " فى عام 1959 في قرية " نوده " من قرى قندهار، وينحدر من قبيلة "هوتك" أحد أفخاذ قبيلة "غلزايي" البشتونية المعروفة، واشتهرت قبيلة "هوتك" في التاريخ المعاصر لأفغانستان عندما أسس كبيرها القائد الأفغاني المعروف " مرويس بابا الهوتكي " إمبراطورية أفغانية على أنقاض دولة شيعية بعد فتحه مدينة أصفهان الشهيرة.
ويرجع أصل " ملا عمر " إلى أسرة فقيرة جدا ليس لها حتى الآن قطعة أرض ولا بيت سكني، وكان أجداده من المولوية الذين كانوا يشتغلون بالإمامة في المساجد، ويعيشون على مساعدات ضئيلة تقدم لهم من أهل القرية.
توفي والده عندما كان عمره ثلاث سنوات، ولم ينجب والده غيره، ثم تزوج عمه الأكبر " المولوي محمد أنور " من أمه، وأنجب منها ثلاثة أولاد وأربع بنات ما زالوا على قيد الحياة، وتربى هو أيضا في حضن عمه و زوج أمه محمد أنور الذي درس له الكتب الابتدائية، وانتقلت الأسرة إلى مديرية "بيروت" ولاية أرزجان؛ حيث كان يشتغل زوج الأم إماما للمسجد وخطيبا له، يعرف " الملا " بطول قامته "1.98 متر".
" دخوله لعالم السياسة "
كما عرف عنه عنفه في الأمور القيادية، وخلال القتال الدائر بين المقاتلين الأفغان والقوات السوفييتية الغازية، فقد ملا عمر أحد عينيه في أحد المعارك، ولم يتمتع ملا عمر بالظهور الإعلامي في فترة ترأسه لأفغانستان وقلما التقى مع غير المسلمين ولم تتداول الأوساط الإعلامية صور له.
ويعرف عن " ملا عمر" عدم شغفه بالأمور السياسية وتفرغه للقضايا التي تعنى بالدين الإسلامي وخير دليل بقائه في مدينة قندهار بعد الإطاحة بالحكومة بقيادة "رباني" وعدم انتقاله للعاصمة كابول حسب ما تقتضيه الأعراف الدولية وكذلك كان يمنع المصورين من تصويره بالفيديو لانه يعتقد أن هذا الشيئ "حرام ".
وفي عام 2001، أثار ملا عمر زوبعة عالمية عندما أصدر أمراً بهدم التماثيل البوذية القابعة في مدينة باميان تطبيقاً لما رأه من أن التماثيل شي يناقض التعاليم الإسلامية ولم يعر ملا عمر بالاً للمطالب الدولية بعدم هدمها كونها معالم أثرية.
" الغزو السوفيتى "
عندما دخلت القوات السوفيتية إلى أفغانستان كان الملا محمد عمر ملا حوالي 19 عامًا، وكان يدرس في منطقة "سنج سار" بمديرية "ميوند" من ولاية "قندهار"، ترك الدراسة والتحق بالمقاومة الشعبية الجهادية التي اندلعت فور دخول القوات السوفيتية إلى أفغانستان، و شارك " الملا " في عدة معارك ضد قوات الاتحاد السوفيتي السابق في ولايتي قندهار وأرزجان اللتين شهدتا معارك ضارية، وكان يتنقل من منظمة إلى أخرى.
وظل فترة طويلة قائدا لمجموعة صغيرة في جبهة القائد ملا نيك محمد التابعة للحزب الإسلامي بزعامة المولوي محمد يونس خالص، واستقر به المقام آخر الأمر في حزب "حركة الانقلاب الإسلامي" التابع للمولوي محمد نبي محمدي، والحزبان كان عمادهما علماء الدين.
و عمل على تجنيد طلاب المدارس القرآنية والشباب من مخيمات اللاجئين في محاولة لحفظ الأمن، وكانت هذه هي بداية " حركة طالبان " الطلاب بالأفغانية.
وبعد الغزو من قبل قوات التحالف، و انسحاب مقاتلي طالبان من العاصمة كابول، ظل مصير "ملا" محمد عمر مشابهاً لمصير أسامة بن لادن، وهو السبب الرئيسى لاجتياح القوات الأمريكيةلأفغانستان بفارق ظهور أسامة بن لادن بين الفينة والأخرى على وسائل الاعلام العالمية باشرطة فيديو ورسائل صوتية إلا أن ملا عمر لايزال متواري عن الانظار بصمت، ومن غير المعروف حتى كتابة هذا المقال مكان ملا عمر أو كونه على قيد الحياة.
" وفاته "
على الرغم من إدعاء أمريكا الكاذب لوفاه " الملا عمر " ، إلا أن الناطق باسم المخابرات الافغانية " حسيب صديقي " إن الملا عمر توفي في مستشفى بكراتشي في أبريل 2013 في ظروف غامضة.
يذكر أن تقارير تعلن موت الملا عمر صدرت أكثر من مرة في الماضي، ويعود زعم أمريكا بوفاته يرجع إلى مدى كراهيتها له، حيث كان تحالف " الملا " مع زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن هو السبب الذي دفع بالولايات المتحدة الى غزو أافغانستان على رأس تحالف دولي في عام 2001 بعيد هجمات سبتمبر في نيويورك وواشنطن.
وهرب الملا عمر آنذاك، فيما اعلن الامريكيون عن مكافأة تبلغ 10 ملايين دولار لمن يقبض عليه، ودأبت الحركة على نشر رسائل قالت إنها منه بين الفينة والأخرى.