"عوض عريان المهدي" أسم قبطي لشخص "مسلم" يعتبر علامة تاريخية من علامات محافظة بني سويف، لما قام به من حدث تاريخي فى محافظات شمال الصعيد، حيث كان أول "مسيحي" يشيد مسجدًا على أرض كانت بمثابة أكبر تجمع لمسيحيين بني سويف. ألتقينا بالشيخ إسماعيل بدوي حسن، إمام وخطيب مسجد عوض عريان، أحد أهم علامات حى "مقبل" بوسط مدينة بني سويف، والذى أكد أن المسجد تم تشييده على قطعة أرض ضمن 17 فدانًا أوقفها محمد عوض عريان باشا لله تعالى بعد إشهار إسلامه منتصف عشرينيات القرن الماضي. وأضاف الشيخ إسماعيل، أن المسجد تم تأسيسه فى منطقة "مُقبل" التى تعد أكبر تجمع لمسيحيي محافظة بني سويف، وتم إنشائه على الأرض التى أوقفها "عريان باشا" للصرف منها على المشروعات الإسلامية التى تشرف عليها وزارة الأوقاف، والآن أصبح المسجد وما يعتليه من جمعية خيرية علامة من العلامات التريخية لمحافظة بني سويف. وتابع إمام المسجد: "عوض باشا عريان" قيل انه أسلم وبعضا من ابناءه، كما أوقف عوض عريان باشا من قبل لجامعة القاهرة 73 فدانا ونص في الوقفية على أن الأرض بما يتبعها تؤول إلى الجامعة بعد وفاته، ففي عام 1906، عندما قام الزعيم مصطفى كامل بالدعوة في الصحف إلى بناء جامعة القاهرة وفتح باب الإكتتاب فيها وشكل لجنة تحضيرية للإشراف والمراقبة. وأختتم إمام المسجد حديثه قائلًا: مسجد "عوض عريان" أصبح الآن لا يقل دوره عن اي دور يقوم به أكبر مساجد المحافظة بل يعتبر مسجد عوض عريان علامه أصيله من علامات منطقة مقبل ببني سويف. فيما أكد الحاج عباس جابري، أن منزل "عوض عريان" الكائن ناحية التقاء شارع الخضار بدرب الملاح الكبير كان بمثابة "مطبخ ثورة 1919" ومركز قيادتها، كانت كل المجموعات الغاضبة قد ألتقت فى ساحته الفسيحة تواصل قبلها الليل بالنهار وتقسم قيادات الأحداث إلى لجنتين الأولى للإدارة ووظيفتها الدعوة للإجتماعات والمطبوعات والخطابة بين الجماهير والثانية لتوزيع المنشورات عن طريق البريد ولصقها ليلًا بالميادين وعلى أبواب المصالح والهيئات والشركات. وأشار الحاج ربيع القاياتي، إلى أن "عوض عريان المهدى" كان صحوة بنى سويف الثورية، فتح بيته للشباب بعد أن وجدهم حائرين مكسورين غاضبين على إعتقال أسد المواجهة "سعد زغلول" لم يكن لديهم مقر يقومون من داخلهم بأعمالهم السرية، لم يكن لديهم تمويل ولامال فى أيديهم فمعظمهم فقراء والعملية كبيرة إنها ثورة بلد، فأستجاب لهم "عوض عريان" وفتح لهم بيته وبذل لهم ماله، وحشد لهم الطعام والشراب فى ليل التخطيط والتنظيم وقد أثمرت هذه الأساليب التنظيمية الدقيقة فى حصن "المهدى" الدافئ عن خطة الثورة. وتابع القاياتي: أصبح هذا المكان المصرى رفيع القدر والمهجور حاليًا من تكريم المسئولين وكتاب التاريخ، غرفة تعليمات شرف بنى سو يف الثورى، وهذا هو الطوفان ينطلق من كل مكان إلى مديرية الأمن بعد أن نجحت عبقرية مكان المهدى فى تجمعهم وقياداتهم إلى شارع الرياضى فى طريقهم إلى المحكمة الأهلية. وتضيف هدى فوزى، مالكة إحدى البنايات المتأخمة للمنزل، أن جدها لوالدها حكى لها عن عوض باشا عريان المهدي، قائلاةً أنه أحد أعيان مدينة بني سويف، القبطي الذي أطلق علي منزله أثناء ثورة 1919 مطبخ الثورة"، ومركز قيادتها، لما كان له من دور بارز فى هذه الفترة التاريخية فى جمع الحشود الثائرة، وتنسيق العمل الثورى فيما بينهم داخل غرف منزله، وكان ينفق أمواله على توفير إحتياجات الثوار من طعام وشراب وطباعة منشورات، وجلسات تحضيرية وتنظيمية، إلى أن نتج عن هذا العمل الوطني ثورة شعب بنسيجيه المسلم والمسيحي فى 1919، وتابعت: "عوض عريان" كان عضوا بمجلس الشيوخ، وأنضم للمقاومة ضد الاحتلال والتصدي لعزل سعد زغلول، ووجد الشباب المقاومين ليس لديهم مقر يقومون من داخله بأعمالهم السرية، لذا فتح لهم بيته. وعن مواقفة التاريخية المتعددة، أكد حسن عبدالعال، صاحب أحد المحلات التجارية الواجهه للمنزل، أن عوض باشا عريان، خصص من ثروته الزراعية مساحة 72 فدانًا كوقف لجامعة القاهرة، على أن تؤول ملكية هذه الأرض إلى الجامعة بعد وفاته، عندما بعد أن قام الزعيم مصطفى كامل، عام 1906، بالدعوة في الصحف إلى بناء جامعة القاهرة وفتح باب الاكتتاب فيها وشكل لجنة تحضيرية للإشراف والمراقبة. وأشارت جيهان محسن، إلى أن شخصية "عوض عريان" شخصية تاريخية كعلم من أعلام محافظة بني سويف، وعندما أشهر إسلامه وقرر تخصيص مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية كوقف لبعض الأعمال الخيرية كالمسجد الكائن بحي مقبل، ومساحة كبيرة خصصها لجامعة القاهرة إيمانًا منه بأن العلم والبحث العلمى هو أساس تقدم الأمم، لافتةً إلى أن أصدقائه طالبوه بتغيير أسمه بعد أن أشهر إسلامة، إلا أنه أبي عن ذلك لكي يذكره أسمه بأنه كان مسيحيًا، ليعبر بذلك لدول العالم أجمع على حرية إعتناق الأديان فى مصر. وأشار محمد عبدالحليم، إلى أن مسجد عوض باشا عريان، الكائن بحي مقبل لا يقل الدور الذي يقوم به المسجد عن أي دور يقوم به اكبر مساجد المحافظة بل يعتبر مسجد عوض عريان علامه أصيله من علامات مدينة بني سويف، فضلًا عن جمعية "المهدي الخيرية" التى تعتلي المسجد، وما تقدمه من أعمال خدمية وخيرية لأهالى محافظة بني سويف بالكامل، فى جميع مراكزها الإدارية السبعة، مشيرًا إلى أن الجمعية توفر مساعدات عينية ومالية شهرية ثابتة للمئات من أسر الأرامل والأيتام والمطلقات بقري مراكز المحافظة، فضلًا عن دورها الخدمى وتوفير رعاية طبية لمئات المسنين. وقال المؤرخ سلامة مدكور، صاحب كتاب "شخصيات لها تاريخ"، أن عوض عريان المهدي، من الشخصيات التى تجاهلها المؤرخون أثناء تأريخهم لثورة 1919، مثل عديد الشخصيات التى يتجاهلها المعنيون بالاحتفال بتاريخ بنى سويف النضالى والوفاءلأبطالهم، وقد أصابهم "زهايمر" العقوق الوطنى وطالهم التبلد الأدراكى الثقافى فأهملوا سيرة أبطالهم مجدوا تاريخ رجولتهم فى أحداث ثورة 1919م بل وتمادوا فى إسقاط أدبيات احترام جلال وروعة ذكرى الأحداث فلم يحتفوا بمكان ومسرح وأنسان الثورة الذى كتب لهم فخار، وعلى رأس هذه الشخصيات "عوض عريان" بإنسانيته ووطنيته التى تحتاج لكتب ومجلدات لسرد دوره الكبير فى الثورة عندما سخر للثوار كل ما يملك رافعًا شعار "الحرية"، وكان بيته بمثابة "الحصن الدافئ" لخطة الثورة والثوار، وأصبح هذا المكان المصرى رفيع القدر والمهجور حاليًا من تكريم المسئولين وكتاب التاريخ،غرفة تعليمات شرف بنى سو يف الثورى، وهذا هو الطوفان ينطلق من كل مكان إلى مديرية الأمن بعد أن نجحت عبقرية مكان المهدى الأرض والأنسان والوطنية فى تجمعهم وقياداتهم إلى شارع الرياضى فى طريقهم إلى المحكمة الأهلية. وأستطرد جابر مؤمن، من رواد المسجد قائلًا: أن عوض عريان، كان من الأبطال الفعليين وأحد أهم الصناع الحقيقيين لثورة 1919 وقد أظهر للعالم أجمع الحريات التى تشهدها مصر منذ فجر التاريخ، وشيد مسجدًا وسط بنايات ومنازل يمتلك غالبيتها مسيحيين، وسط مدينة بني سويف. حاولنا أن تلتقي أسرة الراحل، إلا أنهم رفضوا الحديث الإعلامي تمامًا، لأسباب أرجعها البعض إلى أن عريان، أسلم قبل موته، وبالرغم من أن معظم أهالي بني سويف على علم بتلك القصة، وبسيرة الرجل نظرًا لدوره التاريخي، كما أنه قام ببناء مسجد في نهاية حياته، يحمل اسمه، وأصبح علامة أصيلة من علامات المدينة، لكن أسرته، وهي أسرة مسلمة، ترفض الحديث في الأمر خاصة مع وسائل الإعلام. وقد عُرف عن عريان أنه خصص عزبته التي تحمل نفس الاسم، والمقامة على مساحة 17 فدان، لله تعالى، وللإنفاق على هذا المسجد.