الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن تفاصيل إجراء انتخابات مجلس الشيوخ الثلاثاء المقبل    مدارس البترول الحكومية بعد الإعدادية 2025 (الشروط والأوراق المطلوبة)    زيادة التعويضات لضحايا حادث طريق أشمون ل500 ألف جنيه لأسرة كل متوفي    البابا تواضروس الثاني يلتقي وكلاء المطرانيات وأعضاء المجالس الإكليريكية الفرعية (صور)    السيسي يوافق على قرض بقيمة 35 مليون يورو لإنشاء خط سكة حديد الروبيكي    تداول 13 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    انطلاق منتدى مصر الدولى للتعدين 15 يوليو المقبل    ترامب: اتفاق قريب لإنهاء حرب غزة واحتفال مرتقب في البيت الأبيض    بنفيكا يخطط لإنقاذ جواو فيليكس من دكة تشيلسي    مجلة «جون أفريك» تكشف كواليس مطاردات الموساد لعناصر حزب الله في أفريقيا    موعد مباراة بنفيكا ضد تشيلسي في دور الستة عشر من كأس العالم للأندية    وزيرا الأوقاف والعمل يضعان حجر الأساس لبناء مسجد برأس غارب بتبرع من رجل أعمال    الاحتفاء بمسيرة أحمد الباسوسي في أمسية بقصر الإبداع الفني بأكتوبر    تحت عنوان «عودة الغايب».. فضل شاكر يحيي حفلا غنائيا لأول مرة في قطر يوليو المقبل    إسماعيل كمال يتفقد مستشفى أسوان التخصصي العام بالصداقة الجديدة    فوائد مشروب الكركم وأفضل طرق لعمله والاستفادة منه    أيامه أصبحت معدودة.. تفاصيل العروض الخارجية لضم وسام أبو علي من الأهلي    سيريس السويدى يترقب الحصول على 10% من إجمالى صفقة بيع وسام أبو علي    قمة برازيلية.. الموعد والقناة الناقلة لمباراة بالميراس وبوتافوجو في كأس العالم للأندية    «عايزين يفجروا أزمة ويضربوا استقرار الأهلي».. إبراهيم المنيسي يفتح النار على عضو مجلس الزمالك    بتكلفة 850 مليون جنيه.. افتتاح وصلة قطار بلقاس - المنصورة بالدقهلية    خرجت بمحض إرادتها.. مصدر أمني يكشف تفاصيل تغيب «فتاة سوهاج»    غلق وتشميع 35 محلا وكافيه غير مرخص فى أسوان    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى فيصل دون إصابات    تجديد حبس عاطل بتهمة سرقة مبلغ مالى من مكان عمله السابق    الحرس الثوري الإيراني: سنرد على أي اعتداء جديد "بشكل مختلف وأشد قوة"    الجيش الروسي يحرر بلدة تشيرفونا زيركا في دونيتسك    فى ذكرى ميلاده.. أبرز مؤلفات عباس العقاد    مدير مركز القدس للدراسات: إسرائيل ترفض أى تهدئة وسط كارثة إنسانية غير مسبوقة    انطلاق التحضيرات لمهرجان أكاديمية الفنون للعرائس وتعيين إدارة تنفيذية جديدة    أسفار الحج (6)..الصفا والمروة وزهرة اللوتس    عيبك أولى بالإصلاح من عيوب الآخرين    حركة حماس تنعى والد عزت الرشق القيادى بالحركة    وزير الزراعة: الصادرات الزراعية المصرية إلى هولندا 500 مليون دولار    محاضرات وجولات توعية خلال حملة التبرع بالدم في المنيا    بينها «500 ألف طوارئ و100 ألف عملية».. عميد قصر العيني: نستقبل سنويًا 2 مليون مريض    تأجيل محاكمة عاطل قتل نجل زوجته بالسلام إلى جلسة 27 أغسطس    عودة الهضبة وعمرو مصطفى للتعاون الفني.. أبرز ملامح ألبوم عمرو دياب الجديد    شيماء عبد الحميد.. من مدرسة الصنايع إلى كلية الهندسة ثم وداع لا يُحتمل    مديرية الصحة في شمال سيناء تطلق حملة لتعزيز الوعي بأهمية وفوائد نقل الدم    نوران جوهر بعد تتويجها ببطولة العظماء الثمانية: لم يكن لديّ ما أخسره    منظمة أكشن إيد: مراكز توزيع المساعدات تحولت إلى فخ مميت لأهالي غزة    موعد مباراة الهلال القادمة في كأس العالم للأندية بعد الصعود لدور الستة عشر    ضحى همام.. رحلت قبل أن تفرح بنجاحها في الإعدادية    12 أكتوبر.. روبي تحيي حفلا في فرنسا    "كانت بتنشر الغسيل".. مصرع سيدة سقطت من الرابع في قنا    الإنتاج الحربي: الشركات التابعة حققت إيرادات نشاط بنسبة 144% بمعدل نمو بنسبة 44% عن العام الماضي    "الفنية العسكرية" توقع اتفاقين لدعم الابتكار في المسابقة الدولية التاسعة    مصر ترحب باتفاق السلام بين الكونجو الديموقراطية ورواندا    قصة كفاح مهندسي مصر من أجل تحقيق حلم.. 8 سنوات تلخص رحلة إنشاء مصيف مطروح.. 25 مليون جنيه تكلفة المشروع    مصدر فلسطيني مسئول لسكاي نيوز عربية: حماس تضع 4 شروط لقبول صفقة التبادل    السبت 28 يونيو 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع    5 حالات يجوز فيها التعاقد لحالات الضرورة بقانون الخدمة المدنية    مع شروق الشمس.. أفضل الأدعية لبداية يوم جديد    إرادة جيل يطلق أولى دوراته التدريبية لتأهيل المرشحين استعدادا لانتخابات 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 28-6-2025 في محافظة قنا    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    عبداللطيف: الزمالك يحتاج إلى التدعيم في هذه المراكز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روف الثورة | الغرفة السرية التى تحكم مصر
نشر في الفجر يوم 03 - 07 - 2015

لقد كشف نائب المرشد السابق محمد حبيب بعد أن شاب شعره وخرج من التنظيم أنه وخيرت الشاطر ومهدى عاكف (وكان المرشد) دخلوا فى مفاوضات مع مسئولى النشاط الدينى فى مباحث أمن الدولة والمخابرات العامة حول عدد المقاعد التى يمكن للإخوان الحصول عليها فى انتخابات مجلس الشعب عام 2005.
اتفق الطرفان على ترك أربعين مقعدا للإخوان استجابة لضغوط أمريكية بدأت فى ذلك الوقت.. قصدت مغازلة التيارات الإسلامية تمهيدا لاستخدامها سياسيا ومخابراتيا فيما بعد.
فى محاضرة القتها كونداليزا رايس فى الجامعة الأمريكية عبرت وزيرة الخارجية الأمريكية بصراحة وعلنية عن ضرورة منح الإخوان فرصتهم السياسية باعتبارهم فصيلا وطنيا.. وما أن وصل تصريحها إلى مكتب الإرشاد حتى قررت قيادته الخروج فى تظاهرات مستقلة عن التيارات الأخرى عقب كل صلاة جمعة رافعة لافتات وشعارات باللغة الإنجليزية.
لكن.. رحلة خاطفة إلى لانجلى مقر وكالة المخابرات المركزية قام بها عمر سليمان حدت من انفلات لسان الإخوان وهذبت أظافرهم.. وعاد الرجل إلى القاهرة حاملا رسالة إلى مبارك تقضى بضرورة إدماج الجماعة فى العملية السياسية عبر الانتخابات البرلمانية.. مؤكدا أن قيادات الجماعة ستنفذ تعليمات واشنطن وتقبل بعدد المقاعد التى سيتنازل عنها النظام لها.. تنفيذا لسياسة ضع قدمك لتدخل بعد ذلك بجسدك.
أصيبت الجماعة بالفصام السياسى، وجمعت فى تصرفاتها بين شخصية دكتور جيكل الطيب المتفاهم وهى تتفاوض مع النظام سرا.. وشخصية مستر هايد الشرس الشرير وهى تنتقد النظام علنا.. وتجسد ذلك فى أكثر من موقف كشف عن غياب المبادئ وزيف المعانى.
فبينما كان الطرفان يوزعان «الكعكة» البرلمانية فى توافق وتفاهم وهدوء وانسجام كانت الجماعة تقود التظاهرات فى الأزهر أيام الجمعة عقب الصلاة بحجة دعم الشعب الفلسطينى أو مساندة الشعب العراقى.
وفى أكتوبر 2009 انضم الدكتور محمد البلتاجى إلى «الحملة المصرية ضد التوريث» ممثلا عن الإخوان.. مشاركا رموز القوى الوطنية فى مواجهة خطة جمال مبارك الحثيثة لتولى الرئاسة خلفا لوالده.
لكن.. من جانب آخر.. كان الإخوان مستعدين لقبول جمال مبارك رئيسا.
لقد شموا علاقة الصداقة التى تجمع بين أحمد العزبى وهشام إسماعيل القريب من جمال مبارك.. فقدموا مبادراتهم.. وفى الروف نوقشت المبادرة على نطاق ضيق.. محدود.. عرفت به مبكرا.
هشام إسماعيل خبير بترولى يعمل فى شركة هامبيون.. واحدة من شركات البترول الكبرى فى الولايات المتحدة.. يساهم فيها ديك تشينى.. نائب الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش.
طلب وسيط إخوانى من العزبى أن يحمل لهشام رسالة من تنظيمه يوصلها إلى جمال مبارك: «إنهم مستعدون لتأييد ودعم توريثه الحكم واختياره رئيسا قادما لمصر لو نجح فى منحهم حزبا سياسيا».
صفقة سياسية واضحة.. فاضحة.. لا تحتمل اللبس.. وتتجاوز كل ما آمنوا به من قبل.. وما انتقدوه فيما بعد.
لكن.. مبارك بنصيحة من مدير مخابراته عمر سليمان رفض الصفقة.. فقد كان مؤمنا بأن الإخوان كانوا وراء محاولتين لاغتياله على الأقل.. بجانب محاولات أخرى قامت بها تنظيمات متشددة أخرى.
كانت وجهة نظر سليمان أن الإخوان لن يحلوا تنظيمهم ولو أصبح لهم حزب سياسى.. فالتنظيم كيانهم المستمر فى الداخل والخارج منذ سنوات طوال يستحيل عليهم تفكيكه ولو وصلوا إلى الحكم.. فالحكم يمكن أن يزول.. ولكن.. التنظيم يجب أن يبقى.
لقد ثبت ذلك فيما بعد.. ظل التنظيم قائما ومستمرا رغم تشكيل حزب الحرية والعدالة.. لتعيش مصر حالة من الشذوذ السياسى لم تعرفها من قبل.. تنظيم سرى غير شرعى.. له ذراع سياسية ممثلة فى الحزب.. وذراع عسكرية ممثلة فيما سمى بالنظام الخاص.. ورغم أنه كان خامدا إلا أنه كان مستعدا للعمل المسلح إذا ما استدعت الظروف ذلك.. كما عشنا من أحداث عنف بعد ثورة يونيو.
ولاشك أن التنظيم كان أقوى من الحزب.. وأشد من الحاكم الذى خرج منه.. فقد كانت سطوة المرشد محمد بديع أقوى من سلطة الرئيس محمد مرسى.. لا قرار جمهوريا يوقع فى الاتحادية دون مراجعة مسبقة فى مقر مكتب الإرشاد فى المقطم.. ولا تقريرا سريا يعرضه مدير المخابرات اللواء رأفت شحاتة على «الرئيس» إلا يصل فى اليوم نفسه إلى «المرشد».. ولم يكن ذلك خافيا على أحد.. فقد كان على يمين ويسار مرسى اثنان من التنظيم (هما أسعد شيخة وأحمد عبدالعاطى) لذلك هتف معارضو الإخوان بسقوط «حكم المرشد» لا بسقوط «حكم الرئيس».. فالرئيس لم يملك من نفسه شيئا سوى أكل البط والجمبرى على سطح الأرز.
وكان عمر سليمان مدركا لتلك العلاقة المتناقضة والملتبسة بعد تظاهرات يناير 2011 عندما كلفه مبارك بالتفاوض مع رموز من القوى السياسية.. ومنهم محمد مرسى ممثلا عن الجماعة.
فى حوار مسجل قال لى: إنه لم يفاوض الإخوان وهو مدير للمخابرات العامة وترك هذه المهمة لرجاله.. فليس من المعتاد أن يدخل مدير المخابرات فى عمل مباشر حسب القواعد المعمول بها فى الجهاز.
ربما لهذا السبب لم يسترح للقاءات المباشرة التى جرت بين شخصيات إخوانية وخليفته اللواء مراد موافى.. لكنه.. لم يتطوع بنقد.. فقد سمح له موافى بعد أن ترك منصب نائب الرئيس باستعمال مكتب صلاح نصر.. وليس من اللائق التدخل فى شئونه.
وأضاف سليمان: سعيت جاهدا إلى إقناع الإخوان بتأسيس حزب سياسى لهم.. فقد كنت على يقين بأن «قوة الجماعة فى سريتها وعدم قانونيتها، فأعضاؤها يتحركون بحرية دون التزام قانونى كما أن لا أحد يعرف مصادر تمويلها ولا خططها.. لكن.. عندما يخرجون من تحت الأرض سيصبحون مثلهم مثل غيرهم مجرد حزب هش».
جرت المفاوضات فى 6 فبراير قبل أيام معدودة من تنحى مبارك.. وقد رفض سليمان أن يأتى إليه ممثلو الجماعة تحت رقابة جهاز أمن الدولة وتحت حراسة ضباطه.. قائلا: «كل واحد يأتى بسياراته الخاصة وإلا فقد الحوار معناه».
لكن.. فصام دكتور جيكل ومستر هايد عبر عن نفسه مرة أخرى فى تلك المفاوضات.. فقد لعب محمد مرسى دور المفاوض الطيب القابل للتفاهم بينما راحت قيادات إخوانية أخرى فى تنسيق متكامل مع مكتب الإرشاد تعارض وتعترض معبرة عن مستر هايد.
وقبل ذلك تكررت المسرحية ذاتها.. عندما طلب عصام العريان وعبدالمنعم أبوالفتوح من محمد حسنين هيكل التوسط لدى عمر سليمان ليلتقى مبارك قيادات الجماعة.. وكان ذلك قبل ثورة يناير بالطبع.
لم يقم هيكل بما طلب منه فقد كان يدرك أن سليمان ومبارك لن يقبلا وساطته.. على أن إعلانه عن تلك الوساطة يكشف عن علاقات متينة بينه وبين رموز فى الإخوان بدأت مبكرا.. وفيما بعد فى شهور حكم حسين طنطاوى ومحمد مرسى زادت تلك العلاقة متانة وصلابة.
لقد استجاب هيكل لدعوة حوار بينه وبين مرسى فى القصر الجمهورى.. لم يتردد خلاله فى توجيه النصائح السياسية إليه كما.. ساعيا ليكون مستشارا له.. مستردا شعوره المزمن بأنه «صانع الملوك ومحرك الرؤساء».
كما تبنى مبادرة للتوفيق بين النظام الإخوانى الحاكم وجبهة الإنقاذ التى جمعت بين القوى السياسية المعارضة لذلك النظام.. وقد رفضتها الجبهة.. وشككت فى نية هيكل.. ووصفت دوره بما لا يليق.
وبعد سقوط الإخوان لم يتردد هيكل بالطبع فى اتهامهم بالجهل السياسى.. متجها للحكم التالى لهم ليكرر نفس السعى.. باحثا عن نفس الدور.
لكن.. للإنصاف.. لم يكن هيكل وحده الذى لعب دور الوسيط بين الجماعة.. ومعارضيها.
فى الأسبوع الأول من شهر إبريل عام 2013 كنت عائدا من رحلة خارجية.. وما أن هبطت مطار القاهرة وفتحت تليفونى المحمول حتى تلقيت مكالمة من أحمد العزبى طلب فيها أن يرانى على الفور فى مكتبه الملاصق للروف.. وشعرت من شدة إصراره بأن الأمر لا يحتمل الانتظار.. فتوجهت إليه من المطار مباشرة دون أن أضع حقيبة السفر فى بيتى.
فى الطريق تصورت أن الأمر يتعلق بخطر على حياتى.. خاصة أن الهجوم الشرس الذى تشنه «الفجر» على مرسى الذى وصفته بالفاشى والقاتل وراعى الإرهاب أثار غضبه وغضب جماعته حتى أصبحت مستهدفا.
فى مكتب العزبى وجدت الدكتور محمد الوحش وهشام المحمدى.. وقبل أن أتناول فنجانا من القهوة عرفت سر الاستدعاء العاجل.
كان المحمدى وثيق الصلة بخيرت الشاطر يحمل منه طلبا بالتوسط للقاء عمرو موسى ومحمد البرادعى.. ولمعرفتهم بصلتى القوية بموسى اختارونى عبر كل هؤلاء الوسطاء لطلب الموعد مع موسى.
وبغريزة الصحفى شممت قصة سياسية مثيرة يصعب علىَّ معرفة تفاصيلها ما لم أشارك فيها.. خاصة أننى بحكم عدائى الشديد السافر للإخوان يصعب علىَّ اختراق عالمهم ومعرفة ما يدور خلف أستاره.
كان صندوق النقد الدولى قد وضع شروطا سياسية لكى يقبل بتقديم القرض الذى تطلبه مصر ويزيد على أربعة مليارات دولار.. وفرضت هذه الشروط ودفعت بها إلى مكتب الإرشاد مبعوثة الاتحاد الأوروبى كاترين آشتون بعد أن وجدت الإخوان ينفردون بالسلطة ويقصون باقى التيارات الأخرى من المناصب الحكومية.. واعتبرت ذلك خللا بمعادلة التوافق التى وعد بها الإخوان.. كما اعتبرته خللا بقواعد اللعبة الديمقراطية.. فتحطيم المعارضة يوما بعد يوم يعنى عجزها عن خوض انتخابات قادمة.. ليظل الإخوان فى الحكم 300 سنة كما كشفوا فيما بعد مسقطين مبدأ «تداول السلطة».
واقترحت آشتون أن تشكل حكومة ائتلافية من الإخوان والوفد وتيارات أخرى ويرأسها البرادعى على أن يكون لموسى منصب رفيع.. نائب رئيس الوزراء للشئون الخارجية ومبعوث مرسى لدى العالم.
ولحاجة الإخوان لقرض الصندوق استسلموا لمبادرة أشتون.. لكن.. الشاطر أصر على أن يحتفظ الإخوان بست حقائب وزارية محددة.. الداخلية (لضمان السيطرة على الأمن) والخارجية (لضمان السيطرة على السفارات) والتموين (لضمان السيطرة على الطبقات الفقيرة) والتعليم (لضمان السيطرة على المناهج) والتنمية المحلية (لضمان السيطرة على الانتخابات).. وترك للوفد حقيبتين يحددهما رئيسه الدكتور السيد البدوى شحاتة.
وفى الوقت نفسه رفض الشاطر وآشتون رفضا باتا أن يكون لحمدين صباحى مكان فى هذا الائتلاف.. دون أن يعرف أحد السبب؟.. لكننى.. أعتقد أن السبب هو توجهات صباحى الناصرية.
قال المحمدى: «إننا نطلب تحديد موعد بين موسى والشاطر.. وأنا مستعد أن أقابله وأستمع منه لكل الشروط التى يطلبها قبل اللقاء.. ولا أتصور أن الشاطر سيتردد فى قبولها».
كان كل المطلوب منى أن أعرض على موسى الأمر وأعود حاملا جوابه.
وبعد أن اتصلت به تليفونيا لتحديد موعد.. ذهبت إليه فى مقره الإدارى.. فى حى جاردن سيتى.. وما أن أغلق باب مكتبه علينا حتى فاتحته فى المطلوب.. منتظرا منه اعتراضا أو شروطا يريد فرضها وتوافرها قبل تحديد موعد اللقاء مع الشاطر.. لكنه.. وافق على الفور.. ودون شروط.
قلت له: «إن مندوب الشاطر مستعد أن يأتى إليك ويستمع منك إلى لكل ما تفرض من شروط».. لكنه.. لم يقل شيئا.
وقلت له: «إن لقاءه الشاطر يمكن أن يحرقه سياسيا ويفكك جبهة الإنقاذ التى يعد أبرز رموزها».
لكنه قال: «علينا أن نفهم ما يفكر فيه الإخوان».
لم يجد موسى ما يمنع من لقاء الشاطر.. وأغلب الظن أن طبيعته الدبلوماسية التى تفرض عليه التفاوض مع الأعداء قبل الأصدقاء جعلته لا يخشى اللقاء.. وربما تصرف بثقة زائدة عن الحد دون النظر فى العواقب.
قبل أن أغادر مكتبه سألنى: «أين يكون اللقاء مع الشاطر؟».
أجبت: «اتفقنا مبدئيا على أن يكون اللقاء فى بيت أحمد العزبى.. بحضوره وحضور محمد الوحش وربما حضرته.. لكن.. سنترك لك أنت والشاطر فرصة الانفراد معا بعيدا عنا لتتكلما بحرية وبعدها ننظر فى كيفية الإعلان عما جرى؟».
قال: اليوم يوم أربعاء.. سأسافر يوم السبت وأعود يوم الاثنين.. حدد الموعد بعد ذلك.. ولأننى عرفت أن الشاطر سيسافر الأحد ويعود الثلاثاء اتفق مبدئيا على أن يكون اللقاء يوم الأربعاء التالى.. بعد نحو أسبوع.
لكن.. الشاطر طلب مزيدا من التأجيل بعد أن تقرر مناقشة الأمر بينه وبين مرسى وسعد الكتاتنى (رئيس حزب الحرية والعدالة) فى اجتماع ثلاثى تحدد له يوم الخميس الساعة الثانية عشرة ظهرا فى القصر الجمهورى.
وفى اجتماع الاتحادية وقعت مفاجأة غيرت كل الخطط.. وافسدت كل الاتصالات ونسفت كل الاقتراحات والتوقعات.
بدا مرسى رافضا العمل مع موسى والبرادعى.. متمسكا برئيس حكومته هشام قنديل.. قائلا: «إنه واحد منا على قد ايدنا».
وقال الكتاتنى: «كيف نسلم السلطة التنفيذية لشخص مثل البرادعى أو موسى أو السيد البدوى؟.. لن نستطيع التحكم فيهم؟.. وكل ما يتحقق من إنجاز على الأرض لن ينسب إلينا.. إننا لا يمكن أن نقبل ذلك مهما كانت ضغوط الاتحاد الأوروبى».
قال الشاطر: «إنها ضغوط الولايات المتحدة يعبر عنها الاتحاد الأوروبى.. آشتون هنا مجرد رسول لأوباما.. وما على الرسول إلا البلاغ.. لقد تعهدنا أن نستجيب لما يقترح الأمريكان فهم يرون ما لا نرى أحيانا.. كما أنهم حريصون على مصالحنا».
وبعد دقائق من الصمت قال مرسى: «هناك ما هو أهم.. إن قطر مستعدة اليوم قبل الغد لتحويل وديعة قيمتها ثلاثة مليارات دولار إلينا بما يجعلنا فى غير حاجة إلى قرض الصندوق».
وأضاف: «لكن.. قطر تريد تعيين نبيل العربى رئيسا للحكومة لكى يخلو منصب أمين عام الجامعة العربية فترشح له واحدا من عندها».
واستطرد: «تعيين العربى رئيسا للحكومة اقتراح قابل للتأجيل.. لكن.. لنمسك بأيدينا وأسناننا فى الوديعة القطرية.. إنها ستنقذنا من تقسيم الحكم بيننا وبين المعارضة ولن تحوجنا إلى وجوه البرادعى وموسى والبدوى».
قال الكتاتنى: «القطريون متحمسون لتقديم الوديعة لكى نقوم بوضع الإخوان فى كل منصب دون مقاومة حتى نضمن السيطرة على كل شىء فى أسرع وقت ممكن لنظل فى الحكم عشرات السنين».
من جانبه شعر الشاطر بسعادة مما سمع وإن شعر بالقلق من تجاهل الرغبة الأمريكية الأوروبية فى تشكيل حكومة وحدة وطنية.. فالمشكلة ليست فى وديعة قطرية بديلة لقرض الصندوق وإنما المشكلة فى التهدئة السياسية التى تسعى إليها الولايات المتحدة لكى يستقر حكم الإخوان فيها وتحقق ما تريد من وراء وجودهم فى السلطة.
تراجع الشاطر عن لقاء موسى.. وكف عن محاولات السعى ناحية البرادعى.. وانتهت المفاوضات مع البدوى شحاتة قبل أن تبدأ.
لم يستوعب الإخوان الحكمة الأوروبية الأمريكية من عدم الانفراد بالسلطة.. لم يستوعبوا أن المشاركة السياسية تخفف من شدة المعارضة ضدهم وتبقيهم فى الحكم عند درجة مناسبة من الهدوء والاستقرار.
وفيما بعد قال العزبى: « الحمد لله على أن الإخوان أفسدوا المبادرة.. فلو كانوا قبلوا بها ما تصاعدت مشاعر السخط الشعبى ضدهم.. وما كنا وصلنا إلى 30 يونيو.. وما كنا تخلصنا منهم.. لقد أراد الله لهذا البلد خيرا فأعمى قلوب الإخوان قبل عيونهم».
لم أنتظر تحديد موعد الشاطر وموسى وسافرت إلى واشنطن للمشاركة فى مؤتمر يقيمه المركز الاستراتيجى للدراسات الدولية تحت عنوان «مصر الجديدة تحديات الماضى وما بعد الثورة» تقرر أن تعقد جلساته لمدة أربعة أيام فى مدينة ويليامزبورج التى تبعد عن العاصمة الأمريكية بنحو 200 كيلو متر.
ومدينة ويلياميزبورج نموذج للمدينة الأمريكية القديمة.. تجسد الحياة التقليدية التى كانت عليها الولايات المتحدة قبل نحو 200 سنة.. المبانى.. الشوارع.. الثياب.. المطاعم.. التفرقة العنصرية بين البيض والسود.. والمهن البدائية.. متحف حى مفتوح للتاريخ تحافظ به الولايات المتحدة على ذاكرتها.. وتعرضها بصورة جذابة على الأجيال الجديدة التى لم تعش أحداثها.
فى ذلك الوقت كان وفد مصرى برئاسة وزير المالية المرسى السيد حجازى فى واشنطن يتفاوض مع صندوق النقد حول القرض دون أن يدرى ما يجرى من وراء ظهره فى القاهرة.
كان علىَّ قضاء ليلية الوصول فى فندق «سان جورج» فى واشنطن قبل أن نغادرها صباح اليوم التالى إلى ويليامزبورج.. ولا ميزة فى ذلك الفندق سوى صورة بالحجم الطبيعى لنجمة الإغراء الخالدة مارلين مونرو تقابلك فور الدخول من بوابته.
فى تلك الليلة أقام المركز المضيف حفل استقبال للوفد المصرى بجانب الشخصيات الأمريكية المشاركة فى المؤتمر.. وفى حفل الاستقبال فوجئت بوجود لميس الحديدى التى سبقتنا إلى واشنطن لتغطية أخبار قرض الصندوق.. وفى الليلة نفسها تناولت العشاء مع محافظ البنك المركزى هشام رامز وطاقم مساعديه بدعوة من كريم حجاج فى «كافيه ميلانو».
وكريم حجاج كان مديرا لمكتب جمال مبارك قبل اختياره مديرا للمكتب الإعلامى فى واشنطن.. وبعد تنحى مبارك عن الحكم بقى حجاج فى واشنطن باحثا فى أحد المراكز الاستراتيجية.. أما كافيه ميلانو الذى يقع فى منطقة جورج تاون السياحية فكان المطعم المفضل لجمال مبارك خلال زيارة والده.. حيث كان مبارك ينزل فى فندق فور سيزونز القريب منه بمسافة يمكن قطعها سيرا على الأقدام.
ما أن انتهى العشاء حتى خرجت أنا وهشام رامز ندخن خارج المطعم.. ويتذكر أننى قلت له أن مهمتكم لن تنجح.. فالإخوان لن يقبلوا بالشروط السياسية للقرض التى حملها الاتحاد الأوروبى نيابة عن الولايات المتحدة إلى مصر.
وكشفت له ما عندى من أسرار.. لم يخل بعضها من طرائف.. منها أن وزير المالية الذى يرافقونه حمل معه فى حقيبة سفره معلبات ليأكلها خشية تناول طعام غير شرعى.. وقد فتحت حقيبته فى المطار من تلقاء نفسها.. فقد ربطها بدوبارة.. ومنها أن الوزير نفسه طلب موعدا مع مدير إحدى الشركات الكبرى فى الولايات المتحدة.. لكنه.. لم يحضره.. ولم يعتذر عنه.. بحجة تأدية صلاة الجمعة.
فى مؤتمر ويليامزبورج رأس مجموعة الإخوان المكونة من خمس شخصيات عمرو دراج.. وعلى الجانب الآخر كان زياد بهاء الدين وسامح سيف اليزل وعمرو حمزاوى ومنار الشوربجى.
وحسب ما سمعت من منسق العمل مع الوفود عادل العدوى فإن عمرو دراج أبدى غضبه من مشاركتى فى المؤتمر.
وعادل العدوى باحث مصرى شاب.. حصل على الماجستير فى العلوم السياسية.. وكانت رسالته عن المعونة العسكرية الأمريكية لمصر.
وما لفت النظر فى المؤتمر أن جلساته ومناقشاته كانت كلها غير قابلة للنشر.. إلا جلسة واحدة.. جلسة التعاون العسكرى بين الولايات المتحدة ومصر.. وقد شارك فيها الجنرال أنتونى زينى القائد الأسبق للقيادة الأمريكية المشتركة وسامح سيف اليزل وعمر دراج وأدارها جون ألتمان.. كان غريبا أن يمنع النشر فيما يتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية ويباح فى الشئون العسكرية.. بل أكثر من ذلك صورت الجلسة العسكرية التى عقدت فى إحدى القاعات التى تفتح للجمهور.. وسجلت تليفزيونيا.. ووضعت على موقع المركز المضيف مباحة لمن يريد أن يعرف ويطلع.
من جانبه لم يعترض عمرو دراج على استمرار المعونة العسكرية الأمريكية لمصر بكل شروطها السياسية المعلنة والواقعية.. ومنها الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل.. وحماية الملاحة فى قناة السويس مع أولوية عبور للسفن الأمريكية.. ومنح الطائرات العسكرية الأمريكية حرية العبور فى السموات المصرية.
لم يكن قبول هذه الشروط مفاجأة لى.. فقد سبق أن دخلت فى حوار حاد مع قيادات إخوانية حول قبولهم الشروط الأمريكية.. لقد أنكروها فى البداية.. ووصفوا من يتكلم عنها بالكذب والافتراء وتشويه سمعتهم.. لكننى كشفت أمام كل من حضر تلك الجلسة فى الروف عن المباحثات التى أجرتها السفيرة الأمريكية آن باترسون مع خيرت الشاطر فى مكتبه بحى مدينة نصر.. ومع قيادات مكتب الإرشاد فى المقطم.
كان لهذه الشروط جانب اقتصادى يتعلق بحرية التجارة.. ودعم المشروعات الخاصة.. ورفض التأميم.. وتجنب تدخل الدولة فى البيزنس.
وكان لهذه الشروط جانب اجتماعى يتعلق بحقوق المرأة.. وشددت السفيرة على ذلك الجانب لشهرة التيارات الدينية فى احتقار المرأة والتعامل معها بتمييز وكأنها مخلوق من درجة أدنى.
وكان لهذه الشروط جانب دينى يتعلق بعدم التمييز بين المسلمين والمسيحيين بجانب إحترام الطوائف والمذاهب المختلفة مثل الإنجيليين والشيعة.
ولم يكتف الأمريكيون الرسميون بما سمعوه من قيادات الإخوان وإنما أرسلوا إليهم ضباط مخابرات تحت غطاء صحفى أعادوا عليهم الأسئلة للتأكد من ثبات الإجابات ودقتها.
وفى الجلسة العسكرية لمؤتمر ويليامزبورج عبر الجنرال أنتونى زينى عن تقديره للمؤسسة العسكرية واعتبرها المؤسسة الوحيدة المتماسكة التى تستحق لقب مؤسسة.. مضيفا: «إن على باقى المؤسسات الأخرى إصلاح نفسها لتكون فى مستواها المهنى والإدارى».. وحذر الإخوان من مخططات تفكيكها.. بعد أن كشف عن اتصالات بين مكتب الإرشاد والحرس الثورى الإيرانى لتكرار ما حدث فى إيران بعد ثورة الخومينى.. فقد جرى تسريح الجيش المنظم هناك.. وقويت على أنقاضه ميليشيات الحرس الثورى.
عندما عدت إلى القاهرة عرفت أن الشاطر تراجع عن لقاء موسى دون اعتذار.. أو إبداء أسباب.. وللحقيقة.. فإن موسى لم يسأل عما جرى.. وكأنه من جانبه قد نسى الموضوع.
وفيما بعد.. عرفت أن مرسى تعجب من لجوء الشاطر إلينا لتحديد موعد مع موسى قائلا فى غضب: «ألا تعلم أن عادل حمودة يسخر منى كل أسبوع فى جريدته «الفجر» بفجر؟».. ونطق الكلمة الأخيرة بعد ضم الفاء.
وأضاف محتدا: «إننى لن أتركه ينعم بحريته».. «سأقضى عليه».. «لن استريح إلا إذا وضعته فى السجن».
واستطرد: «ماذا يريد منا؟.. دعوناه أكثر من مرة للقصر الجمهورى لكنه لم يأت ولم يعتذر.. بينما تسابق للحضور الإعلاميون والصحفيون.. وسعوا إلى لقائى.. بمن فيهم أستاذهم هيكل».
لكن.. موقفى العنيد من حكم الإخوان تضاعف رغم التهديدات الخفية التى ألقيت فى حجرى.. وهمس بها إخوان لشخصيات فى الروف.. بل.. أكثر من ذلك انتقلت العدوى إلى شخصيات إعلامية وصحفية وسياسية أخرى ضاعفت من قوة المعارضة.. وزادت من إصرارها على إسقاط النظام.. وانعكس ذلك على فئات عريضة من الشعب عبرت عن نفسها فيما بعد فى تظاهرات 30 يونيو.
فى يوم الاثنين 3 يونيو قبل 27 يوما من يوم الحدث العظيم شعر الشاطر على ما يبدو بالندم على إفساد اللقاء بينه وبين موسى.. واجتمع بمرسى والكتاتنى فى مكتب الإرشاد عارضا عليهما اقتراحا من أيمن نور رئيس حزب غد الثورة بلقاء فى بيته مع موسى على عشاء.
كانت وجهة نظره: «إن علينا عدم الاستهانة بالتظاهرات القادمة فى 30 يونيو.. صحيح أنها لن تسقطنا.. لكن.. الصحيح أيضا أنها ستهز أركان حكمنا.. ولو لبعض الوقت.. ولو كان موسى يمثل جبهة الإنقاذ فإن اللقاء معه سيثير غضب المتحالفين معه مما يقسم الجبهة ويفتت وحدتها».
سأل الكتاتنى : «كيف؟».
أجاب الشاطر: «أيمن نور سيسرب الخبر لحظة وقوعه مما يثير اهتمام برامج الفضائيات الليلية التى ستفتح النار على موسى وستحرض جبهة الإنقاذ على طرده منها مما يشغل المعارضة عن الحشد الخطر لتظاهرات ثلاثين يونيو».
سأل مرسى: «هل نثق فى نور؟».
أجاب الشاطر: «إنه انتهازى يبحث عن دور.. ومستعد لتقديم كل التنازلات السياسية والأخلاقية التى تطلب منه.. وقد جربناه كثيرا من قبل فى الاجتماع الذى ناقشنا فيه سد النهضة علنا قبل ساعات وطالب بعمل خفى للمخابرات فى إثيوبيا والتدخل فى الشأن الداخلى هناك بجانب تسريب معلومات عن شراء مصر طائرات حربية تمكنها من التدخل العسكرى».
يوم الأربعاء 5 يونيو وقع موسى ببراءة غير متوقعة فى الفخ الذى نصب إليه.. فما أن بدأ العد التنازلى للقاء حتى كان الخبر عند بعض الصحف والمواقع الإخبارية.. وانتظر مراسلوها تحت بيت أيمن نور فى الزمالك.. وبدأ بث الخبر لحظة بلحظة على الهواء مباشرة.
وصل الشاطر فى الساعة السابعة والنصف مساء.. نزل أمام البيت من سيارة ماركة نيسان سوداء (رقم أ أ 823).. وبعده بدقائق وصل موسى.. واعتذر الكتاتنى عن عدم الحضور بدعوى انشغاله فى موعد آخر.. والحقيقة أن الشاطر طلب أن يكون وحده فى اللقاء حتى لا يأخذ أكثر من حجمه.
ورغم انتشار عدد كبير من حراس الشاطر فى عرض الطريق فإن لا أحد منهم نجح فى منع صحفى واحد من الاقتراب.. كل ما حدث أن سيارتى الشاطر وموسى نزلتا الجراح ليخرج الرجلان متصورين أن ذلك يكفى لعدم مواجهة الإعلام.
حسب ما عرفت من موسى فإن اللقاء جرى بعيدا عن جبهة الإنقاذ ودون الرجوع إليها.. وأن قيادات إخوانية حاولت استغلاله للتأثير على موقف المعارضة من تظاهرات 30 يونيو وعبر عن ذلك على التويتر كاتبا: «أرى محاولات شق الصف واستغلال لقائى بالشاطر للتأثير على موقف المعارضة لن أتجاوب مع محاولات تفريق المعارضة حفاظا على وحدة الصف .
وتابع موسى فى تغريدة أخرى: «النقاش سيكون فى داخل الجبهة وليس من خلال أجهزة الإعلام وذلك دعما لصلابة ووحدة الجبهة».
وعرفت من موسى: «أن الشاطر أكد أن الإخوان لن يستطيعوا إدارة شئون مصر بمفردهم» معتذرا عن تأخر اللقاء بينه وبين موسى شهورا طويلة.. اللقاء الذى افسدته قطر بوديعتها.. وأجهزت على تشكيل حكومة ائتلافية.
وأكد موسى للشاطر «أن تظاهرات 30 يونيو تظاهرات سلمية لن نقبل بأى اعتداء عليها من القوات النظامية أو من شباب الإخوان».
وأغلب الظن أن استجابة الشاطر للقاء سببها مخاوف الجماعة من تلك التظاهرات ومحاولة جس نبض جبهة الإنقاذ فى تحديد حجم التظاهرات وخطورتها.
لكنه.. صدم عندما وجد موسى يطالب بانتخابات رئاسية جديدة.. قائلا: إنها إما تجدد الثقة فى مرسى أو تسقطه.
على أن الشاطر استهان برأى موسى عندما التقى قيادات مكتب الإرشاد فى اليوم التالى.. فقد قال لهم: «إن موسى وصباحى وباقى رموز جبهة الإنقاذ لا يقدرون على تحريك الشارع.. فلا هم قادرون على التأثير فى الناس مباشرة.. ولا الناس يمكن أن تمشى وراءهم».
وسرت كلماته كالسحر فى الحضور.. فقد تضاعف شعورهم بالاطمئنان على بقائهم فى السلطة.. دون أن يدركوا حقيقة سهلة عاشوها فى ثورة يناير أن الشعب خرج وأسقط النظام دون قيادة.. وهو ما سيتكرر بعد نحو الشهر تقريبا.
لقد تحرك الشعب المصرى مرتين دون قيادة حزبية أو رموز سياسية تسبقه.. بل على العكس.. كانت تلك القيادات والرموز هى التى تتبعه.
وحاولت السفيرة الأمريكية آن باترسون إنقاذ نظام مرسى بأن أرسلت نائبها للشئون السياسية إلى مرسى حاملا منها نصيحة بالقبول بانتخابات رئاسية جديدة.. سيكون خلال فترة الترشح والدعاية والتصويت لها رئيسا للبلاد.. مما يمنحه سلطات وصلاحيات تضع السلطة التنفيذية فى خدمته وتجعل فرصته فى الفوز أكثر من غيره.. وامتدت النصيحة إلى ضرورة تشكيل حكومة جديدة من الأحزاب والتيارات السياسية المختلفة.. والتخلص من النائب العام طلعت عبدالله.. لكن.. مرسى لم يستجب لما سمع.. وأصر على البقاء.. فبدأ العد التنازلى لنظامه بالسقوط ولحريته بالسجن.
بسقوط النظام رسميا فى 3 يوليو بدأت يؤر الاعتصامات تتكون فى ميدان «رابعة العدوية» بالقاهرة وميدان النهضة بالجيزة.. وتضخم تنظيم الإخوان ليتسع ممتدا إلى ما سمى بتحالف «دعم الشرعية».
ورغم التصريحات الجهادية الملتهبة التى خرجت من على منصات الاعتصامات ناطقة بالشر الذى يسكن مستر هايد فإن دكتور جيكل الإخوانى سعى للبحث عن حل سلمى بعد أن انصرفوا عنه فور أن أصبحوا فى السلطة.
عرض محمد البلتاجى أن يأتى إلى الروف هو وعصام سلطان ليتحدث إلى مجموعة مصغرة من رواده ضمت أحمد العزبى ومحمد الوحش وعادل حمودة وهشام المحمدى.. وشخصيات أخرى تقرر اختيارها فيما بعد عند تحديد الموعد.
كان يدرك أن فى الروف شخصيات ساهمت بقوة فى ثورة يونيو متصورا أنها يمكن أن تحمل مقترحات للسلطة الجديدة ربما تستجيب إليها.
والبلتاجى ولد فى كفر الدوار عام 1963.. تعرف على الجماعة وهو طالب ثانوى فى معهد أزهرى على يد الشيخ أحمد المحلاوى.. ورأس اتحاد طلاب كلية طب الأزهر.. وتخرج فيها ليثبت أن مؤسسة الأزهر الوسطية أصيبت بالعلة الإخوانية.. وما أن ظهر على سطح الحياة العامة بعد ثورة يناير حتى تعامل بلين مع التيارات الأخرى.. فنال لقب الشخصية الأكثر كياسة فى الجماعة.
وربما.. لشهرته فى التفاهم بعيدا عن تهديدات العنف رحبنا به فى الروف.. لكننا.. طلبنا منه عبر وسيط أن يحدد لنا هدف اللقاء.. وحدود النقاش.. ومدى تفويضه لقبول ما نصل إليه من اتفاق؟
لكننا فوجئنا به يقول: «إذا كنت سآتى إليكم لكى ترصدوا أخطاءنا فنحن نعرفها.. سآتى لأسمع منكم مقترحات وحلولا للأزمات السياسية الراهنة.. ربما تعاونا جميعا فى حلها وتجاوزها».
قلنا للوسيط: «إنه هو الذى طلب الحضور ولسنا نحن من دعوناه.. ولابد أن عنده مقترحات أو مبادرات يريد عرضها علينا.. اسأله: « نتعاون فى أيه؟» ورد علينا».
وذهب الوسيط.. لكنه.. لم يعد بإجابة حتى اليوم.
ولم تمض سوى أيام معدودة حتى وجدنا البلتاجى رمز التفاوض ينضم إلى مجموعات التهديد والوعيد.. إن العنف موجود فى داخل كل القيادات الإخوانية بلا استثناء.. الكل صقور حتى ولو وضع البعض على ظهره ريش الحمائم.
والحقيقة أن العنف أو التهديد بالعنف كانت الورقة الوحيدة التى تلعب بها الجماعة بعد ثورة يونيو.. لو خسرت الحكم فإن غيرها لن ينعم به.. «فيها أو أخفيها».. جاهلة بقواعد اللعبة السياسية التى تأتى بالفوز كما تأتى بالهزيمة.. مكسب وخسارة.. يوم فى السلطة ويوم فى السجن.. دون أن تتوقف اللعبة.. ودون ان تستثنى أحدا.
كنا فى بداية شهر رمضان عندما جاء إلى الروف شخص لم يكشف عن هويته الإخوانية إلا عندما بدأ فى التعبير عن رأيه فيما يجرى من أحداث يصعب التنبؤ بمجرياتها.
قال له أحمد العزبى: «ما يجرى فى رابعة تهريج».
تصور العزبى أنه يعبر عن رأيه بسهولة أمام شخص لم يعرف ما فى باطنه.. لكنه.. وجد ملامح الرجل تكفهر.. ونظر إلى مرافقيه الصامتين قائلا: «نحن قادمون من رابعة وسوف نرجع إليها إنها أول الطريق إلى الجنة».
ودون أن يهدئ من غضبه استطرد قائلا: «لو حاولت أية قوة فض رابعة بالقوة سوف نكون «وان مان آرمى».. أى جيش من رجل واحد.. كل واحد فينا سيقتل إما ضابط جيش أو ضابط شرطة.. الثأر بيننا لن يهدأ.. والدم الذى سيسيل لن يتوقف».
وأضاف: «أحب أن أقول لكم إن خيرت الشاطر أخى.. علاقتى به علاقة إنسانية قوية.. تفوق العلاقة التنظيمية».
كان الرجل جارا للعزبى.. يعمل سمسار عقارات.. متزوجا من امرأتين.. لم يكن لتظهر عليه مظاهر الأخونة.. لم يكن فيما قبل يتحدث عن الإخوان.. أو يبدو أنه متحمس لهم.. وإن عرف العزبى فيما بعد أنه كان يتردد كثيرا على مرسى فى قصر الاتحادية خاصة فى أوقات الأزمات الحادة.
قال له العزبى: «كيف تقتلون ضباط الجيش المصرى وأنتم تعلمون جيدا أنه الجيش الوحيد القوى فى المنطقة الذى يمكن أن يقف ضد إسرائيل التى تعتبرونها عدوا لكم وللإسلام؟.. وهناك محاولات أمريكية ضاغطة لتفكيكه وتسريحه.. أنتم تحققون بما ستفعلون تلك الأهداف.
وما نطق به العزبى صحيح.. ففى عام 2008 طلبت كونداليزا رايس من المشير حسين طنطاوى تخفيض عدد أفراد الجيش قائلة: «إن الجيش المصرى لم يعد له بعد سريان معاهدة الصلح مع إسرائيل عدو خارجيا يحاربه والعدو الذى يجب محاربته وهو الإرهاب يحتاج إلى خبرات مختلفة عن خبرات التشكيلات المقاتلة».
واقترحت رايس زيادة المعونة العسكرية لو قبلت مصر بتحويل الجيش المصرى من جيش محارب إلى فرق مكافحة للإرهاب.. لكن.. طنطاوى رفض.. وثبت فيما بعد أن عنده بعد نظر.. فالجيش المصرى تعرض لتنظيمات إرهابية مسلحة بأسلحة متطورة وثقيلة تسربت عبر الحدود الشرقية والغربية.. ودخلت فى مواجهات شرسة معه تجاوزت قدرات قوى الأمن على التعامل معها وحدها.
كنت قد رويت تلك الواقعة للعزبى فأعادها على مسمع الرجل الغاضب فلم يقتنع قائلا: «نحن ضد الجيش المصرى سنقضى عليه لنكون جيشا آخر».
ابتسم العزبى فى سخرية ومنعه حياؤه من أن يصف ما يقول الرجل بالوهم.
بعد أيام من ذلك الحوار استضاف خيرى رمضان فى برنامجه محمد الخولى ومحمد الوحش.. وهما على الهواء اتصل العزبى بالوحش طالبا منه أن يروى قصة التهديد التى حملها جاره الإخوانى للجيش والشرطة.. وقتل ضباطهما.. وكرر الوحش القصة.. وكرر جملة «وان مان آرمى» لينبه أصحاب الشأن فى مصر لما يدبر لهم.. لينبه إلى ما حدث فيما بعد.. تعرض ضباط الشرطة والجيش للقتل.. لكن.. ما لفت النظر أن لا أحد اتصل به ليسأله عن اسم الرجل أو تفاصيل ما قال؟!.
وفيما بعد عندما سمع اللواء عبد السلام المحجوب الرواية نفسها طلب اسم الرجل وسجله على ورقة.. توقعنا بما له من صلات أمنية ما الذى سيحدث؟
كان جار العزبى الإخوانى يحمل رسالة إلينا متصورا أننا لو أوصلناها إلى شخصيات فى حكم ما بعد 30 يونيو فإنها ستلقى فى قلوبهم الرعب فيتراجعون عن استخدام القوة فى فض اعتصامى رابعة والنهضة.. لكن.. عندما فشلت لغة التهديد التى حملها مستر هايد بدات لغة التفاهم التى تكلم بها دكتور جيكل.. أو الدكتور محمد على بشر.
كان محمد على بشر وعمرو دراج يمثلان فى ذلك الوقت فريق التفاوض الإخوانى.. وقد سعيا إلى شخصيات مختلفة مثل أحمد كمال أبوالمجد ومحمد حسنين هيكل للتوسط عارضين مبادرات للخروج من الأزمة.. ملوحين باستخدام العنف نوعا من الضغط لقبول المبادرات.
متصورا أننى يمكن أن أحمل مبادرة منه إلى النظام الجديد طلب بشر أن يلقانى فى الروف.. كنا قد تجاوزنا منتصف شهر رمضان.. ومع أن موعده كان فى الحادية عشرة مساء فإنه جاء قبل أذان الفجر بوقت قصير سمح له بالكاد أن يتناول سحورا خاطفا وشربة ماء.. هو ومرافقه الصامت الذى جاء معه من ميدان رابعة العدوية بعد أن نال موافقة قيادته على التفاوض معى.
قال بشر عارضا ما عنده: «إن مرسى انتهى كرئيس.. نحن نؤمن بذلك.. لكنه.. لا يزال رئيسا شرعيا للبلاد.. لماذا لا يعود إلى السلطة ثم يتنازل عنها.. نحن قادرون على إقناعه بتركها بالصيغة التى ترونها.. لو لم يعد مرسى فإننا سنجد أنفسنا أمام ثلاثة رؤساء للبلاد.. رئيس فى السجن.. ورئيس مؤقت.. ورئيس قادم منتخب.. ولأن كلاً منهم يحمل شرعية ما فإن البلاد ستنقسم فيما بينهم».
لم اتقبل كلامه بسهولة.. وقلت له: «يجب أن نفكر فى الغد.. لا فى الأمس.. لو كانت صلاحية مرسى قد انتهت باعترافكم فلماذا نربك الناس بعودته ورحيله فى لحظة واحدة.. عليه من جانبه أن يعلن تنحيه أو سقوطه أو نهايته.. أو عليكم إجباره على ذلك ما دمتم مقتنعين بذلك.. أما الرئيس المؤقت فمؤقت.. ينتهى وجوده بانتهاء مدته.. ليصبح الرئيس الوحيد الشرعى هو الرئيس القادم المنتخب».
وأضفت: «يا دكتور بشر.. لا تورطنا فى ألغاز سياسية تعرف مسبقا أن لا أحد سيقبلها.. يكفى ما فى الغزل من عقد نحتاج فكها.. لسنا فى حاجة إلى عقد جديدة.. ولو تصورتم أن العنف ورقة ضغط فأنت تعرف أكثر من غيرك أن لا أحد يمكن أن يقتل شعبا.. ولا جماعة مهما كانت قوتها يمكن أن تصفى جيشا وأمنا».
لم يعلق على ما قلت مضيفا: «دعنى أكمل ما لدى من أفكار».
تناول شربة ماء وأذان الفجر يأتينا عاليا من خارج النوافذ قائلا: «نفس الشىء بالنسبة للدستور.. لا نجد مبررا لإلغاء الدستور كلية.. لو كانت هناك مواد تحتاج تعديل فلنقم به».
قلت: «أنت تصر على تضييع الوقت.. الفرصة الوحيدة أمام الإخوان فك الاعتصامات سلمياً.. والقبول بخارطة المستقبل.. والاندماج فى الحياة السياسية.. ودخول الانتخابات القادمة بقواعد اللعبة الجديدة.. ولو كانت لكم الشعبية التى تتحدثون عنها فلتنزلوا إلى الملعب».
قال: «طيب.. لنجر استفتاء شعبيا على خارطة المستقبل لنؤكد شرعيتها دون اتهام بانقلاب عسكرى».
قلت: «لقد سبق أن اقترحت ذلك على آشتون ولم يلق اقتراحك صدى.. بصوا لبكرة يا دكتور».
وبعد لحظات من الصمت أضفت: «وفى كل الأحوال هل تضمن وفاء الإخوان بما يتعهدون به؟.. إنكم تنقضون العهد فور القبول به.. تجاربنا السابقة معكم تؤكد ذلك.. وتجعلنا نتوجس منكم دائما».
قال: « إن ما أطرحه من أفكار لا يعبر سوى عن وجهة نظر شخصية ليس للجماعة دخل فيها».
قلت: «هذا هو المخرج السرى الذى تهربون منه.. القول انكم تعبرون عن أنفسكم لا عن جماعتكم.. هذه ليست طريقة تفاوض يا دكتور.. هذه ثرثرة.. أو جس نبض.. وتوصيل رسائل غير مباشرة إلى سلطات الحكم الجديد.. لكن.. بما أننا فشلنا فى التوصل إلى حل فليس أمامى سوى النصيحة.. العنف سيزيد الأزمة تعقيدا.. وسيثبت أنكم أبعد خلق الله عن السياسة.. وسيؤكد -وهذا هو الأهم- أنكم طرف فى مؤامرة أكبر على مصر لتفكيكها وهدمها.. انجوا بأنفسكم وبجماعتكم يا دكتور واقبلوا بالأمر الواقع.. ترك السلاح والعودة إلى السياسة حتى لا تلقوا السلاح ولا تجدوا ملاذ السياسة».
لم تهتم سلطة الحكم الجديد بما يطرحه بشر من مبادرات فقد كانت تدرك على ما يبدو أنها محاولات وهمية لكسب مزيد من الوقت تضاعف فيه الجماعة من حجم اعتصاماتها وقوة تظاهراتها فى الداخل ومضاعفة مساحة دعايتها المضادة فى الخارج.. وهو ما حدث.. فقد كان قرار الحل السلمى فى يد خيرت الشاطر.. ولم يك ن وهو فى سجنه يقبل بغير العنف.. طبيعته الشخصية انحازت إلى ذلك.
إن الشاطر وباقى طاقم مكتب الإرشاد ينتمون إلى فصيل سيد قطب فى الجماعة.. الفصيل الذى يؤمن بالدم.. وسبق أن عبر هذا الفصيل عن نفسه فى أحداث 1960.. حين حاول اغتيال عبدالناصر.. ووضع خطة تفجير المنشآت الحيوية على طول خريطة البلاد.
وبسقوط نظام الإخوان حاولوا تكرار السيناريو نفسه.. وبدأ العنف يجتاح الشوارع والميادين.. ودوى صوت انفجارات مديريات الأمن.. وتصاعدت حدة القتل فى سيناء.. وفى هذه البيئة الحربية تصورت الجماعة أن الوقت مناسب لطرح مبادرة جديدة.. متصورة أن ما يجرى على الأرض يضغط على السلطة القائمة ويقنعها بقبول ما يعرض عليها.
حمل المبادرة إلى الروف هذه المرة هشام المحمدى القريب من خيرت الشاطر.. وقف العنف مقابل السماح لحزب الحرية والعدالة بفتح مقاره.. وإيقاف الحملة الدعائية المضادة للجماعة.. والإفراج عن المسجونين من قياداتها.
وكان رأيى: «إن على الجماعة أن تقدم السبت لتجد الأحد.. عليها أن توقف العنف ثلاثة شهور وفى المقابل توقف حملات التشهير بها.. وتستمر فيما هى عليه ثلاثة شهور أخرى لتفتح مقار حزبها.. وبعد ثلاثة شهور أخرى يكون من حقها الترشح للانتخابات البرلمانية.. وكان مرتباً تنفيذها قبل الانتخابات الرئاسية.. أما الإفراج عن القيادات فهو أمر قضائى لا نملك منه شيئا.. لكن.. من المؤكد أن التهدئة لن تزيد من حجم الجرائم المنسوبة لمن فى السجون.. ولو صدرت أحكام ببراءتهم فإن الناس ستتقبلها دون اعتراض.
وذهب المحمدى ليستطلع الآراء وعاد ليقول إن محمد على بشر يريد الجلوس معنا لمزيد من التفاهم حول التفاصيل.. لكن.. من جديد تدخل الشاطر وأجهض المبادرة.. لتكون الأخيرة من نوعها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.