مدير المخابرات الحربية: السعودية لها مصلحة فى تسليح الجيش اللبنانى لتقويض النفوذ الإيرانى خبير عسكرى: السعودية ادركت أن العالم لم يعد منحسرا فى امريكا مما دفعها لاقامة علاقات متوازنة مع كل الاطراف. خبير اقتصادى: ما ستنفقه السعودية على التكنولجيا النووية أضعاف ما أنفقته إيران.
تحركات مثيرة للجدل قام بها الأمير محمد بن سلمان ولى ولى العهد السعودى فى الأيام الأخيرة ، حيث التقى بكل من الرئيس الروسى فلادمير بوتين على هامش قمة بطرسبرغ وأخيرا الرئيس الفرنسى فرنسواه اولاند ، وقد تصدرت الاتفاقات المتعلقة بالاستخدامات السلمية للطاقة النووية نتائج الزيارتين، الأمر الذى له دلالة واضحة على القلق والغضب الخليجى المتنامى حيال اتفاق لوزان بين السداسية الدولية وإيران حول برنامجهها النووى وما قد يترتب عليه من اتفاق نهائى مزمع توقيعه بعد أيام ، علاوة على ما ينطلى عليه من تقارب إيرانى أمريكى ، كما أن تلك الزيارات تعكس تطورا كبيرا فى العلاقات الخليجية الأمريكية التى تزداد توترا كلما اقترب موعد التوقيع النهائى على البرنامج النووى الإيرانى.
الأمر الذى أفقد الادارة الأمريكية مصداقيتها لدى الخليج الذى بات اكثر وعيا بطبيعة العلاقة بين الولاياتالمتحدةوإيران والدور المنوط بها فى اعادة ترتيب المنطقة العربية بما فى ذلك دول الخليج وفق المصالح الأمريكية ، وقد ترتب على ذلك فراغا سياسيا دفع روسياوفرنسا لاستثماره تحقيقا لمصالحهما فى ظل قواعد دولية جديدة انحسرت خلالها الهيمنة الأمريكية واتاحت الفرصة لصعود اقطاب متعددة للمشاركة بقوة فى صياغة الخريطة الدولية .
وفى لقاء مع عدد من الخبراء لالقاء الضوء على علاقة السعودية بكل من روسياوفرنساوالولاياتالمتحدة ونتائج لقاء "الأمير محمد بن سلمان بكل من بوتين وأولاند".
من جانبه وصف اللواء اركان حرب كمال عامر مدير المخابرات الحربية الأسبق ومحافظ مطروح الأسبق تحركات ولى ولى العهد برد الفعل المنطقى والمناسب من قبل السعودية إزاء ما اعتبرته فشلا أمريكيا فى حمايتها من العدو الإيرانى ، فضلا عن اكتشاف الخداع الأمريكى للخليج إزاء الصراع الكاذب بينها وبين إيران.
وأكد عامر، على أن الادارة الأمريكية بسبب تلك السياسات تسببت فى إحداث فراغ تحاول كل من روسياوفرنسا استثماره لتحقيق مصالحهما ، ومن ثم كان هذا هو التوقيت المناسب لتنمية علاقة السعودية بكل من روسياوفرنسا خاصة فى اطار ما تتمتع به البلدان من مكانة دولية ومقدرة علمية كبيرة خاصة فى مجال الطاقة النووية .
وعن لقاء الأمير محمد بن سلمان بالرئيس بوتين ، أوضح مدير المخابرات الحربية الأسبق أن روسيا تتطلع إلى بسط نفوذها فى المنطقة العربية عبر الدول المحورية وعلى رأسها مصر ادراكا منها لمكانتها الاقليمية اضافة إلى السعودية التى باتت تلعب دورا مؤثرا فى الفترة الأخيرة ، مشيرا إلى أن روسيا من جانبها تدرك التهديدات التى يمر بها الخليج وهى تحاول استثمار قدراتها المختلفة سواء خبراتها فى التكنولوجيا النووية أو تصنيع السلاح من أجل تحقيق مصالحها الاقتصادية وغاياتها السياسية.
مشيراً إلى أن تلك التكنولوجيا ستتيح لمن يرغب وينفق ، كما وصف الاتفاقات التى تمت بين الجانبين والمتعلقة بالتكنولوجيا النووية برد السعودية شديد اللهجة على تهديدات إيران كمحاولة لردع الخطر النووى الإيرانى المحتمل ، موضحا أن السعودية تدرك جيدا الفارق الكبير بين معايير القوى الشاملة للدولة بينها وبين إيران مما يدفعها إلى اتخاذ التدابير التى من شأنها جعل السعودية اكثر تكافؤا مع إيران.
وحول لقاء ولى ولى العهد السعودى بالرئيس الفرنسى ، أوضح اللواء عامر أن وجهات النظر السعودية وفرنسا متطابقة وعلى رأسها الملف السورى حيث تتبنى البلدان اخراج الرئيس بشار الأسد من معادلة الحل، كما تتفق البلدان فى ضرورة اتخاذ التدابير والاجراءات اللازمة لردع إيران وضمان سلمية برنامجهها النووى.
متابعا تعاقدت السعودية على صفقة أسلحة ضخمة مع فرنسا لزيادة القدرات الدفاعية للجيش الوطنى اللبنانى كما تعهدت بتقديم كل العون المادى للجيش النظامى، مؤكدا أن السعودية تستهدف من ذلك تقوية الجيش الوطنى مقابل ميليشيات حزب اللة المدعومة إيرانيا ومن ثم تستهدف السعودية من ذلك تقويض النفوذ الإيرانى على ضوء نجاحها فى اختراق قرار خمس دول عربية وهى لبنان وفلسطين وسوريا والعراق واليمن .
من جانب آخر لم يعول اللواء اركان حرب حمدى بخيت الخبير الاستراتيجى كثيرا على ما اعتبره البعض فراغا أمريكيا دفع بروسياوفرنسا لملئ هذا الفراغ ، وأوضح أن قواعد النظام الدولى الجديد الذى نعيش فى اطاره تقوم على مبدأ توازن العلاقات بين ومع كل الاطراف الفاعلة اعتمادا على المصلحةالمتبادلة، ووصف زيارة ولى ولى العهد السعودى إلى روسياوفرنسا بالمتواكبة مع متطلبات العصر التى تستلزم اقامة علاقات قوية بكل الاطراف الفاعلة مثل فى الخريطة الدولية مثل روسياوفرنسا ، موضحا لم تعد السعودية اليوم حبيسة الفلك الأمريكى وإنما اصبحت اكثر انفتاحا وتوازنا واستقلالية فى قرارها تحقيقا لمصالحها فى اطار ما تموج به المنطقة من تهديدات .
وأكد اللواء بخيت أن السعودية تستهدف من تطوير علاقاتها بروسياوفرنسا تنويع مصادر السلاح وبناء منظومة للتكنولوجيا النووية طالما أن المجتمع الدولى اتاح الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وذلك على خلفية البرنامج النووى الإيرانى، من جانب آخر تحاول روسياوفرنسا استثمار ما لديهما من امكانات من أجل تنمية علاقاتهما بالدول ذات الثقل والمهمة بصرف النظر عن علاقاتهما بالولاياتالمتحدة ، موضحا أن عضوية فرنسا فى التحالف الدولى الذى تقوده الولاياتالمتحدة لن يحول دون اتخاذ مواقف فرنسية مغايرة للارادة الأمريكية طالما أن ذلك سيحقق مصلحتها ، كما أن علاقة روسيا الحميمة بإيران لن يقوض آفاق التعاون الخليجى الروسى .
على المستوى الإقتصادى وصف الدكتور صلاح جودة الخبير الإقتصادى ورئيس مركز الدراسات الإقتصادية ، العلاقات المتنامية بين السعودية وكل من روسياوفرنسا بالرسائل الخليجية شديدة اللهجة إلى الادارة الأمريكية ، حيث ارادت السعودية أن تقول أننى قادرة على حماية نفسى طالما أن المنوط بحمايتى فشل فى تلك المهمة ، كما ارادت أن تقول أننى اتفهم طبيعة الواقع الدولى الجديد الذى انحسرت خلاله الهيمنة الأمريكية وسأسعى إلى اقامة علاقات متوازنة وقوية مع كل الاطراف الفاعلة فى الواقع الدولى بعيدا عن السيطرة الأمريكية ، علاوة على ذلك فإن السعودية نجحت فى ارساء قواعد جديدة لعلاقتها بالولاياتالمتحدة تقوم على المصلحة وليس التبعية كما كان يحدث فى السابق .
وأكد الخبير الإقتصادى أن لجوء السعودية إلى روسيا التى لعبت الدور الرئيسى فى تطوير التكنولوجيا النووية الإيرانية للقيام بنفس الدور مع السعودية يعد صفعة جديدة على وجه الولاياتالمتحدة ورسالة رادعة إلى 0يران وردا مناسبا على ما اعتبرته تقاعس المجتمع الدولى فى عدم اتخاذ الاجراءات المناسبة لتقويض الخطر الإيرانى.
مشيراً إلى أن ما ستنفقه السعودية على مشاريع الاستخدامات السلمية للطاقة النووية هو أضعاف ما انفقته إيران على نفس الغرض ، الأمر الذى يجعل روسيا اكثر المستفيدين من سعى اوباما إلى اخافة الخليج من النفوذ الإيرانى ، فى اخفاق جديد لسياسة الادارة الأمريكية عقب عجزها عن اجهاض النفوذ الروسى المتنامى من جانب وعجزها أيضا على مواكبة تطورات الواقع الدولى التى قلصت كثيرا من الهيمنة الأمريكية .
وأوضح الدكتور جودة أن الاتحاد الأوروبى يعانى أزمات إقتصادية تجعل دولة مثل فرنسا تنتهج السياسات التى من شأنها تنمية علاقاتها بالمنطقة العربية التى تموج بتهديدات عديدة مما يجعلها سوقا خصبا للسلاح الفرنسى - طوق نجاة للاقتصاد على ضوء ما يعانى منه - خاصة فى اطار الفشل الأمريكى فى احتواء غضب وقلق الخليج المتنامى حيال النفوذ الإيرانى.
مختتما قائلا : "اوباما رجل فاشل ومفتقد الرؤيا وعاجز عن انتاج تصور محدد للعالم عقب تنامى اقطاب دولية أخرى تلعب دورا مؤثرا فى ادارة الواقع الدولى بعيدا عن السيطرة الأمريكية ، كما أنه فشل أيضا فى احتواء التغيرات الجديدة فى مصر التى اعقبت الثورة الشعبية فى 30 يونية ، الأمر الذى فتح المجال واسعا لروسياوفرنسا ودول أخرى للعب أدوار تخصم من الرصيد الأمريكى المتآكل فى الوقت الذى تتقلص فيه آفاق التعاون بين الولاياتالمتحدة ومصر باعتبارها الدولة المحورية فى المنطقة ليسطر اوباما اللحظات الأخيرة من عمر الهيمنة الأمريكية" .