أجابت لجنة أمانة الفتوى بدار الافتاء المصرية، عن سؤال حول حكم الشرع في أكل اللحوم المستوردة، بقولها: قال -تعالى-: "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ". فالأصل عدم جواز أكل لحوم الطيور والحيوان المشروع أكلها إلا إذا ثبت تذكيتها شرعًا؛ لقوله تعالى: "إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ"، والتذكية الشرعية تعني: أن تزهق روح الحيوان المأكول اللحم بالذَّبح أو النَّحر أو العقر بواسطة مسلم أو أهل الكتاب، فحاصل ذلك أنه يشترط حتى يحل أكل لحم الذبيحة في التذكية ثلاثة شروط: 1) أن يكون الحيوان مأكول اللحم "كالإبل، والبقر، والغنم، والأرانب، والدواجن من الطيور، وغيرها"، فإن كان الحيوان غير مأكولِ اللَّحم، ومنه: الخنزير، والكلب، والحمار الأهلي، والبغل، فيحرم أكل لحمه. 2) ذبح الحيوان في حلقه، أو في لَبَّته إن كان مقدورًا عليه، أو بأي عقر مُزهِق للروح إن لم يكن مقدورًا عليه، كالصيد. فحصل أنه لا بد أن يكون مذبوحًا بإحدى ثلاث طرق وهي: الذبح، أو النحر، أو العقر حتى يحل أكله، فإذا قتل الحيوان بغير ما ذكر فإن لحمه ميتة لا يجوز أكله، سواء أكان قاتله مسلمًا أم كتابيًّا أم غير ذلك. 3) أن يكون ذابحه أو عاقره من المسلمين أو من أهل الكتاب "اليهود والنصارى"، فالشرع قد أجاز ذبيحة المسلم أو الكتابي، قال -تعالى-:"وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ"، وكلمة "طعام" عامَّة تشمل الذبائح والأطعمة المصنوعة من مواد مباحة، وجمهور المفسرين والفقهاء على أن المراد من "لطعام" في هذه الآية الذبائح أو اللحوم، لأنها هي التي كانت موضع الشك، أما باقي أنواع المأكولات فقد كانت حلالًا بحكم الأصل. وعلى ذلك فإن كان الذابح غير مسلم أو غير كتابي بأن كان مرتدًّا، أو وثنيًّا، أو ملحدًا، أو مجوسيًّا لم تحلَّ ذبيحته. وهذه هي الشروط التي تجعل اللحم حلالًا يجوز الأكل منه، وبتطبيق هذا الكلام على اللحوم المستوردة فإن كانت لحومًا لحيوانات مأكولة اللحم ومذبوحة أو منحورة بالصفة المذكورة، والقائم بالذبح أو العقر من المسلمين أو أهل الكتاب، فهي لحوم يجوز أكلها ولا حرمة فيها، وطريق معرفة كون الذابح من المسلمين أو أهل الكتاب بغلبة الظن، بأن يكون غالبية سكان هذه البلاد من المسلمين أو النصارى أو اليهود، ويشتهر أنهم يقومون بالذبح ولا يحرمونه ممن يتبعون الدعاوى التي تحرِّم ذبحه، وإن لم يعلم كونها ذبيحة لهما باليقين، بل بمجرد إخبارهم. وأما إذا كانت اللحوم المستوردة تأتي من بلاد غير المسلمين أو أهل الكتاب، بأن تكون من بلاد الوثنيين والملحدين فلا يجوز أكلها، وكذلك لو كانت اللحوم القادمة من الخارج ليست لحوم حيوانات غير مأكولة اللحم كالخنزير، والكلب، والحمار، والبغل فلا يجوز أكل لحمها حتى لو ذبحها مسلم أو كتابي أو لو كانت اللحوم المستوردة غير مذبوحة كأن تكون ماتت بطريق الصعق الكهربائي أو الخنق أو غير ذلك من أمور يتبعها من يحرمون الذبح، ويقتلون الحيوان بالصدمة الكهربائية أو بالضرب على رأسه، فإن علم عن طريق اليقين ذلك فلا يجوز أكل هذه اللحوم، فهي ميتة يحرم أكلها، والله -تعالى- أعلى أعلم.