واصلت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الاستماع لشهادة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة، والتي تضمنت مفاجآت كبرى أهمّها محاولة حزب الله في أكثر من مناسبة اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، ويرى متابعون أن هذه الشهادة ستكون لها ارتدادات كبرى في لبنان، خاصة أن الحزب الشيعي كان قد ألمح عبر وسائل إعلام مقربة منه أنه سيقاطع الحوار مع المستقبل. ووفقًا للعرب اللندنية، أعلن رئيس الحكومة اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة، في اليوم الثاني من شهادته أمام المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي، أن الزعيم السياسي رفيق الحريري أبلغه ذات مرة "أنه تم اكتشاف عدة محاولات لاغتياله من قبل حزب الله".
ولفت السنيورة إلى أنه "عند كل زيارة إلى الخارج كان الحريري يقول "الله يسترنا عندما نعود إلى بيروت"، مضيفا أن "النظام الأمني أراد أن يبقى الحريري ملجوما وخاضعا للاستتباع السوري".
وتعتبر شهادة فؤاد السنيورة أمام المحكمة المكلفة بالتحقيق في اغتيال الزعيم اللبناني رفيق الحريري في 2005، هامة جدا بالنظر إلى العلاقة التي كانت تجمعهما، وإطلاع الأخيرعلى عدة تفاصيل تخص العلاقة بين النظام السوري والحريري.
وقال السنيورة، خلال إدلائه بشهادته في المحكمة الدولية إن الحريري كان "متجهما في اللقاء الأخير معه وكان غاضبا وتنتابه حالة من الامتعاض الشديد"، لافتا إلى أنه (أي الحريري) "كان يعتمد على أنّ البعض سيكون منتبها لعواقب اغتياله"، وبالتالي لن يقدم أحد على مثل هذا الأمر.
وتابع أنه خلال اللقاء، قال الحريري إنه التقى (رستم) غزالة (رئيس الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان قبل خروج النظام في 2005) وسلمه الغرض، مضيفا، "استنتاجي أن الغرض المقصود الذي سلم لرستم غزالة هو مبلغ من المال، وكنت أسمع أن هناك مساعدات كانت تعطى لغزالة بين حين وآخر".
وأضاف أن "الحريري كان يحاول أن يتقي شر العسف الذي يمارسه النظام الأمني السوري، وليس لديّ على الإطلاق أي معلومة عن المبالغ التي كان يتقاضاها رستم غزالة".
ويشتبه في تورط رستم غزالة بعملية اغتيال رفيق الحريري، وقد دفعت هذه الشكوك إلى اعتبار أن ما حدث مؤخرا لغزالة في دمشق على يد رئيس الأمن العسكري رفيق شحادة (أقيل مؤخرا) من ضرب مبرح جعله طريح فراش مستشفى الشامي وسط أنباء عن حقنه بالمستشفى بمادة سامة أدت إلى وفاته فيما بعد، تعود بالأساس إلى رغبة النظام السوري في طمس معالم الجريمة التي وقعت في 2005.
وكان النظام قد أتلف كل الوثائق المتعلقة بلبنان إثر تشكيل المحكمة الدولية الخاصة بملف اغتيال الحريري.
وشدد فؤاد السنيورة في شهادته على أن الحريري كان حريصا على ألا تكون هناك علاقة غير طبيعية مع النظام الأمني السوري، مشيرا إلى أن ضغوطا مختلفة كان يتعرض لها الأخير لم يكن يعلم بها.
وكان السنيورة قد ذكر في اليوم الأول من شهادته، أن رفيق الحريري بكى على كتفه في إحدى المرات قائلا له "لن أنسى في حياتي الإهانة التي وجهها لي (الرئيس السوري) بشار الأسد"، في ديسمبر 2003، بعد اللقاء الشهير الذي جمع الحريري بالأسد، مشيرا إلى أنه علم باللقاء من الحريري شخصيا في بدايات عام 2004.