استكمالا لسلسلة حلقاتنا لرصد حال المدارس المصرية وكشف ما بها من مشاكل، وقعت بين أيدينا أزمة حقيقية سيتسبب تفاقمها في تدمير جيل كامل، لذا قمنا بعرض المشكلة والحلول التي يجب أن تتوافر لمعالجتها قبل فوات الأوان. في البداية توجهنا لمدرسة "الشهيد عبد المنعم رياض الابتدائية المشتركة" مع بداية الساعات الأولى لليوم الدراسي، ووجدنا ظاهرتين كل واحدة منهم تودي بحياة وفكر أطفال في بداية تكوين شخصياتهم. التمثيل والبلطجة كشفت لنا تصرفت الطلبة الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و10 سنوات، تقليدهم الأعمى لشخصيات البلطجية في الأفلام، حيث أن الأطفال يشكلون مجموعات وكل منهم يلقب نفسه بأشهر الممثلين الذين يعتبرونهم مثلهم الأعلى واحتل الفنان "محمد رمضان" مكانة القدوى في البلطجة لدى الأطفال، حتى اتخذوا من شخصياته في الأفلام قدوة لهم يحتذون بها ويقلدونها ويتصارعون على التلقب بها، ليتبرأ هؤلاء الأطفال من أسمائهم ليصبحوا "عبدة موتة – والألماني – وفارس الجن- قلب الأسد"، وتبدأ المعركة التي لا تنتهي إلا بعد إصابة إحداهما التي تفيق توقظ المسئولين بالمدرسة. غياب الأمن والمسئولين وتلك الظاهرة كشفت لنا عن نفسها، حيث أن المشاهد التي رأيناها للأطفال وهم يلاحقون بعضهم ضربا، ويقومون بالتزحلق على السلالم، ويتعلقون على أسوار المدرسة وسط غياب الأمن والمراقبين، أكد لنا الإهمال الجسيم الذي يتسبب في كثير من المخاطر لأطفال ليسوا على وعي كامل بما يفعلونه. و أكد لنا أولياء أمور الطلبة بالمدرسة، أن المدرسة تعاني من الكثير من النقص، فلا يوجد أمن أومراقبين، كما لم يتواجد دكتورة طوارئ بالمدرسة تقوم بالعناية بالأطفال في حال حدوث أي كارثة، مشيرين إلى غياب الأخصائيات الاجتماعيات اللاتي تكمن مسئوليتهن في تقويم سلوك الأطفال، وملاحقتهم حال الانحياز لأي سلوك غير نافع يضر بشخصيتهم. ثقافة شعب قال لنا سعيد محمد "ناظر المدرسة"، أن تقليد الأطفال للبلطجية نتيجة للمشاهد التي يرونها في الشوارع والأفلام والمسلسلات، والتي تعبر عنها ثقافة شعب، مشيراً إلى إنه لا حكر على أحد من المتواجدين بالشوارع والممثلين للبلطجة غير الشرطة فهي الرادع الوحيد لهم، فيجب أن يعلم الأطفال أن البلطجة لها عقوبة وهي الحرمان من الحرية حتى يتم تجنبها لعدم معاقبتهم مثلهم. فيما طالب سعيد، بوضع رقابة على القنوات التي تعرض المسلسلات والأفلام من الآباء، وألا يسمحوا لأبنائهم بمشاهدة مثل تلك القنوات، كما يجب أن يراعي مؤلفون تلك السيناريوهات أن أبطال أفلامهم يتخذون قدوة للبعض فيجب أن ينال المسئ معاقبة وينال الصالح جزاء عمله الخيِر. . الدورات النفسية ومن ناحية أخرى طالبت أستاذة سناء رشاد مدرسة اللغة العربية بالمدرسة، بوجود دورات نفسية للآباء والأمهات والأطفال، حتى يتم تجنب الأجيال القادمة من الأخطار التي تلاحقه، مشيرة أن التقليد الأعمى للأطفال في عمر الابتدائية مسئولية الجميع أولياء الأمور والمدارس والفنانون والمجتمع، فلمفاداة ذلك يجب أن يتدخل العلاج النفسي ليعالج الأجيال من خطر البلطجة. القدوة الحسنة من جانبه قال الدكتور يسري عبد المحسن، خبير نفسي، أن الأطفال لديهم استعداد قوي للتقليد، خصوصاً تقليد المواقف الأكثر عنف، مما يجعل نسبة معدلات العنف وسط الأطفال كبيرة جداً، مشيراً إلى أن الأطفال يشاهدون الأفلام العنيفة أو التي يوجد بها نسبة بلطجة ويقومون بالتوحد معها، مؤكداً أن ذلك التوحد يهيئهم نفسياً لممارسة العنف والبلطجة بكل سهولة. وأكد عبد المحسن، أن حل تلك المشكلة التي تؤدي لتدمير الأجيال القادمة، يرجع للأهل وللمدرسة، مطالباً أولياء أمور الأطفال بمنعهم من مشاهدة أي عمل يحرض على العنف والبلطجة، كما طالب المدرسة باحتواء الموقف وخلق قدوة حسنة للأطفال يحتذون بها بدلاً من القدوة السيئة.