تواصلت ردود الأفعال الدولية الواسعة، الرافضة للهجوم الذي استهدف مجلة "شارلي إيبدو" في العاصمة الفرنسية باريس، صباح أمس الأربعاء، والذي أودى بحياة 12 شخصًا، فضلًا عن إصابة نحو عشرين آخرين. فلقد شهدت العاصمة الهولندية أمستردام، اليوم الخميس، مسيرة للتنديد بالهجوم، شارك فيها رئيس الوزراء "مارك روت"، الذي أكد في الكلمة التي ألقاها أمام المحتجين أن "العديد من المدن الأوروبية شهدت تنظيم مسيرات مماثلة، للتضامن مع الشعب الفرنسي، ونحن لن نسمح للخوف أن يتملكنا، أو أن يسرق منا حرياتنا". وإلى جانب رئيس الوزراء شارك في هذه المسيرة نائبه "لودوجيك أسشير"، ووزير الخارجية "برت كوندريس"، ووزير الأمن والعدالة "إيفو أوبستلتين"، وحاكم مدينة أمستردام "إيبرهارد فان درلان"، فضلًا عن رؤساء تحرير العديد من الصحف والمجلات، التي تصدر في البلاد، وبعثوا جميعًا رسالة للتأكيد على تضامنهم مع الشعب الفرنسي. موسكو وفي العاصمة الروسية موسكو، حرص عدد كبير من المواطنين الروس على وضع أكاليل الزهور أمام السفارة الفرنسية، لتأبين ضحايا الهجوم الذي استهدف المجلة، كما قام ممثلو المنظمات الأهلية التابعة للمسيحيين الأرثوذوكس بزيارة السفارة، وأعربوا عن تضامنهم مع أهالي الضحايا، والحكومة الفرنسية في مواجهة الإرهاب. وأكد ممثلو تلك المنظمات على أن "مثل هذه الأحداث يمكن ألا تتكرر في فرنسا، إذا قامت السلطات المعنية بوضع عقوبات رادعة ضد من تسول لهم أنفسهم القيام بأي هجمات إرهابية ضد أي عرق أو دين". أثينا وفي سياق متصل شهدت العاصمة اليونانية أثينا مسيرة احتجاجية منددة بالهجوم شارك فيها نحو 500 شخص أكدوا جميعًا تضامنهم مع الفرنسيين، وحكومتهم في مواجهة الإرهاب، كما قاموا بإشعال الشموع لتأبين ضحايا الهجوم. وقام المحتجون بتوزيع نسخ من المجلة التي تعرض مقرها للهجوم، على سكان المنطقة التي شهدت مسيرتهم، وذلك وسط حضور ومشاركة من بعض الفنانين والكتاب المشهورين في البلاد. روما وشهدت العاصمة الإيطالية روما مسيرة بالمشاعل، أمام السفارة الفرنسية، شارك فيها نحو 2000 شخص، رفعوا لافتات عبروا من خلالها عن تضامنهم مع المجلة، كما أشعلوا الشموع، ووضعوا الزهور أمام مقر السفارة. وشارك في تلك التظاهرة عدد كبير من ممثلي الأحزاب السياسية، فضلا عن رؤساء تحرير العديد من الصحف ووسائل الإعلام المختلفة، واتحاد الصحافة الإيطالية، واتحاد الصحفيين الأجانب. وخصصت العديد من الصحف التي صدرت في إيطاليا اليوم، مساحة واسعة لتغطية ذلك الهجوم وتداعياته، وعنونت أغلب تلك الصحف أخبارها بعبارة "الهجوم على الحرية". وأعرب وزير الخارجية الإيطالي "باولو غنتيلوني" عن غضبه حيال بعض الصحف اليمينية التي وضعت عناوين حملت من خلالها الدين الإسلامي مسؤولية الهجوم . بودابست وفي العاصمة المجرية بودابست، أدان الهجوم "زولطان بوليك" رئيس الجمعية الإسلامية المجرية، التي تعتبر الممثل الرسمي للمسلمين المقيمين في المجر، وتعترف بها الحكومة، مؤكدًا أن من ارتكبوا هذا الهجوم لا يمتون للإسلام بصلة. وتابع "بوليك" في بيان له: "لقد تسبب هذا الهجوم في إلحاق أضرار كبيرة بالمسلمين المقيمين في العديد من البلدان الأوروبية، وليعلم الجميع أن الدين الإسلامي يحظر الإرهاب، ولا يمكن أن يقر مثل هذه الجرائم على الإطلاق، ونحن ندين كافة أشكال الإرهاب، وكما يقول القرآن الكريم (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)". كما بعث "بوليك" ببرقية عزاء في ضحايا الهجوم إلى السفير الفرنسي في بودابست، في الوقت الذي تم فيه تأبين هؤلاء الضحايا في حفل تم تنظيمه أمام معهد فرنسا في العاصمة، شارك فيه السفير الفرنسي الذي أكد أن أقوى سلاح لهزيمة الإرهاب هو الاتحاد والتضامن. إسطنبول وفي مدينة إسطنبول التركية، احتشد عدد من المواطنين الأتراك أمام القنصلية الفرنسية بدعوة من بعض المنظمات الأهلية، ونظموا حفلًا لتأبين ضحايا الهجوم، وقاموا بإشعال الشموع ووضع أكاليل الزهور. وفي كلمته التي ألقاها باسم المجموعة قال "مصطفى كوز" رئيس نقابات كتاب تركيا: "هذا الحادث الإرهابي غير إنساني على الإطلاق، ونحن ندينه بشده، وندعو كافة المؤسسات الصحفية، والحكومات في مختلف أنحاء العالم لإدانته". وقتلت شرطية فرنسية، وأصيب آخر، صباح أمس الخميس، في هجوم، جنوبي باريس، بعد يوم من مقتل 12 في هجوم على مقر مجلة "شارلي إيبدو"، بحسب صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية. وصباح أول أمس الأربعاء، هاجم ثلاثة أشخاص، صحيفة "شارلي إيبدو" بالعاصمة الفرنسية باريس، وقتلوا 12 شخصًا بينهم 8 صحفيين، وشرطيين اثنين، بالإضافة لجرح 11 شخصًا آخرين، حسب النيابة العامة الفرنسية. يذكر أن المجلة أثارت جدلًا واسعًا، عقب نشر رسوم كاريكاتورية "مسيئة" للنبي محمد، خاتم المرسلين، في سبتمبر/أيلول 2012، الأمر الذي أثار موجة احتجاجات في دول عربية، وإسلامية. وكررت المجلة الساخرة "الإساءة" للنبي محمد، خاتم المرسلين، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما عنونت غلافها الرئيسي بتساؤل "ماذا لو عاد محمد؟"، حيث أفردت صورة لمن وصفته بأنه "نبي الإسلام"، مصورة إياه كاريكاتوريًا، راكعًا على ركبتيه، فزعًا من تهديد مسلح يفترض انتمائه لتنظيم "داعش".