نظراً لأهمية البنكرياس في الجسم، وتأثيراته الكبيرة على الأجهزة المحيطة به من أمعاء وقولون وغيرها من الأجهزة.. ونظراً إلى نسبة عدد الأشخاص المصابين بالتهاب البنكرياس الحاد، والذي يكون عادة 3% من حالات الألم البطني الحاد والتي تقبل بالمشافي، حيث تشكّل من 2-28% لكل مئة ألف من عدد السكان الإجمالي كان لابد من تسليط الضوء على هذا الجهاز الهام في الجسم من خلال هذا الحوار مع الاختصاصي في الأمراض الداخلية والصدرية الدكتور نايف رشيد عبيد... في بداية حديثه عرّف البنكرياس بأنها عبارة عن غدّة صمّية هضمية، لها نوعان من الإفرازات داخلية وخارجية. الإفرازات الخارجية للبنكرياس ضرورية جداً من أجل هضم الدسم والبروتين والكاربوهيدرات، كما ويفرز سائلاً غنياً بالبيكاربونات، ويؤمن درجة PH قلوية مثالية من أجل فعالية الأنزيمات. أما الإفرازات الداخلية للبنكرياس فهي عن طريق خلايا بيتا تفرز الأنسولين من أجل استقلاب السكريات. وأضاف الدكتور نايف بأن البنكرياس يصاب بعدة التهابات منها التهاب البنكرياس الحاد، الذي يشكّل 3% من حالات الألم البطني التي تقبل في المشفى، ويصيب من 2- 28 فرداً من كل مئة ألف من التعداد الإجمالي للسكان، ومن المحتمل أن تكون الآن بازدياد. وأوضح بأنه لفهم عملية التهاب البنكرياس، لابدّ من تعداد الأنزيمات البنكرياسية وهي كالتالي : 1- الأميلاز : وتتأثر به مادة النشاء والغليكو جين. 2- الليباز : المادة التي تتأثر به ثلاثيات الغليسيريد 3- الأنزيمات الحالّة للبروتين (تريبسينوجين) : المادة المتأثرة بها هي البروتينات وعديدات البيبتيد. وبالنسبة للفيزيولوجية الإمراضية للبنكرياس قال: هي عبارة عن حديثة التهابية حادة تصيب البنكرياس وتؤثر بنسب متفاوتة على النسيج المحيط به، والأعضاء البعيدة عنه. وهذه الحديثة الالتهابية هي نتيجة التفعيل الباكر للحبيبات الطلائع الأنزيمية، وتحرّر البروتيياز الذي يقوم بتفكيك وهضم البنكرياس، والنسج المحيطة به. وذلك عن طريق انسداد القناة البنكرياسية بسبب حُصّيات القناة الجامعة أو بسبب أورام. وعن طريق عمليات شاذة من النقل والإفراز داخل الخلوي للطلائع الأنزيمية البنكرياسية. وهذان السببان يؤثران على الطلائع الأنزيمية، وينتج عنها قلص الصفراء المخموجة أو محتويات العفج إلى البنكرياس بسبب خلل في عمل مصرّة أودي، كالناتج عن حصيّات صفراوية، أو تفعيل مفرط للبنكرياس، بسبب تناول الكحول أو الدسم. وطلائع الأنزيمات بدورها تؤثر على أنزيمات حالّة للبروتين، مفعّلة، وهذا يعطي تثبيط التربسين المفرزة من قبل البنكرياس، وهذا يعطي التهاب حاد للبنكرياس. وبيّن أسباب التهاب البنكرياس الحاد بقوله : الشائع 90% من الحالات الحصيات الصفراوية، الكحول، ومجهول السبب الخ.. أما النادر فيكون عقب الجراحة (بطنية، مجازات, قلبية، رئوية)، رضوض، أدوية مثل المدرّات، استقلابية (فرط الكالسيوم، فرط ثلاثي الغليسيريد بالدم)، تشعّب البنكرياس، الإنتان (إنتان النكاف، فيروسات، كوكساكي)، قصور كلوي، عند زرع الأعضاء مثل الكلية أو الكبد، انخفاض الحرارة الشديد، وقد يكون وراثياً . وعن الالتهابات الأخرى التي تصيب البنكرياس ذكر بأنه يوجد الكيسة البنكرياسية الكاذبة الحادة : وهي تجمّع خارج البنكرياس للعصارة البنكرياسية، ولنسج متموتة، والتي تتطور عادة في الكيس الصغير، تلو تمزق التهابي للقناة البنكرياسية. إن الكيسات الصغيرة داخل البنكرياس، والكيسات الكاذبة هي مظاهر شائعة لكل من التهاب البنكرياس الحاد، والمزمن. وتكون عادة لا عرضية، وتزول بشفاء التهاب البنكرياس. أما الكيسات الكاذبة ذات القطر الأكبر من 6 سم نادراً ما تختفي عفوياً. ويوجد الحبن البنكرياسي : الذي يحدث عندما يترسب السائل من القناة البنكرياسية المتمزقة إلى جوف البريتوان, ويمكن أن يسبب انصباب جنب أو ناسور قصبي بنكرياسي. وبالنسبة لأعراض كل من الكيسات البنكرياسية الكاذبة، والحبن قال بأن أعراض الكيسات البنكرياسية الكاذبة هي عبارة عن ألم بطني مستمر، ويمكن أن تحدث كتلة بطنية مجسوسة، تضغط أو تسبب تآكل تراكيب محيطية بما فيها الأوعية الدموية، وتشكّل أمهات دم كاذبة. أما أعراض الحبن فهي كبر حجم البطن، وتطبّله، ويعتمد الكبر على حجم السائل المتراكم في البريتوان. وأضاف الدكتور نايف بأن التهاب البنكرياس الحاد له اختلاطات وهي اختلاطات جهازية وبنكرياسية واختلاطات أخرى. الإختلاطات الجهازية مثل قصور كلوي. والسبب يكون زيادة النفوذية الوعائية، وتحرّر العامل المجمّع للصفيحات، انسداد الأمعاء الشللي، الإقياء، نقص الأكسدة، متلازمة الضائقة التنفسية الحادّة بسبب الخثار المجهري في الأوعية الرئوية، فرط سكر الدم، تخرّب جزر لانغر هانس، وتبدّل محور أنسولين /غلوكاغون، نقص كالسيوم الدم، ونقص تركيز ألبومين الدم. أما الاختلاطات البنكرياسية فهي إما نخر بالبنكرياس أي (موت النسيج حول البنكرياس، وكثيراً ما تكون مخموجة)، أو الخرّاجة (تجمّع القيح مجاور للبنكرياس، محدّد الحواف، ولا يحتوي أي نسيج بنكرياسي). أو الكيسة الكاذبة والحبن البنكرياسي أو انصباب الجنب والسبب تمزّق القنوات البنكرياسية. والاختلاطات الأخرى فهناك الاختلاط المعدي المعوي، ويكون هناك نزف هضمي علوي نتيجة تسحّجات معدية أو عفجية، نزف دوالي وتآكلات في القولون، خثار وريد الباب، أو الوريد الطحالي، انسداد العفج (ويحصل نتيجة انضغاط بالكتلة البنكرياسية)، يرقان انسدادي نتيجة انضغاط القناة الصفراوية الجامعة. وأكّد على أهمية التشخيص حيث قال : لتشخيص التهاب البنكرياس الحاد، نعتمد على تراكيز مصلية مرتفعة من الأميلاز، والليباز، أو ورم بنكرياسي عن طريق التصوير الطبقي المحوري أو عن طريق الإيكو. وهناك صور شعاعية بسيطة لاستبعاد الانثقاب أو الانسداد، ولتحديد الاختلاطات الرئوية. ولتشخيص الإقفار المعوي والقرحة الهضمية المنثقبة، وكيسة المبيض المتمزقة، يكون النظير اللعابي من الأميلاز مرتفعاً في التهاب النكاف . وأضاف بأن هناك استقصاءات معينة تحدّد شدّة التهاب البنكرياس الحادّ، وهي ذات قيمة إنذارية مهمة وقت التظاهر. والاستقصاءات كثيرة... أولها العمر، لمن يكون عمره أكثر من55 سنة، والغلوكوز أكثر من عشرة ميلي مول / ل، ضغط الأوكسجين يكون أصغر من 8 كيلو باسكال شرياني، وتكون البولة أكثر من 16 ميلي مول / ل، تعداد كريّات البيض أكبر من 15×10 أس 9 / ليتر. ويوجد استقصاءات أخرى... وذكر الدكتور نايف بأن التهاب البنكرياس الحاد يعد من الأمراض الخطرة إذا لم يشخّص جيداً، ولم يعالج باكراً. والعلاج هو عبارة عن سلسلة من الأدوية المسكنة، وخصوصاً مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، وهي ذات قيمة كبيرة، وإذا لم تنجح هذه الأدوية، يستعمل المستحضر الأفيوني، علما بأن هناك خطورة من استعماله وهي حدوث الإدمان. وهناك علاج جراحي عادي أو جراحة بالمنظار. ولسوء الحظ وحتى بعد إجراء العمل الجراحي واستئصال البنكرياس الكامل، بعض المرضى يستمر الألم لديهم، علاوة على ذلك يسبب حدوث داء السكري، والذي يمكن أن يكون صعب السيطرة، مع خطورة عالية في حدوث نقص سكر الدم بسبب غياب تحرير الأنسولين / الغلوكاغون، وهذا يشكّل السبب في المراضة وارتفاع نسبة الوفيات..