لأربعة وثلاثين عاما ظلت أم فادي في انتظار زوجها الأسير الفلسطيني "فخري البرغوثي"، المحكوم بالسجن مدى الحياة لدى الاحتلال الإسرائيلي، وكلما فتح لها باب للأمل "أغلقته إسرائيل" كما تقول. وجاءت أم فادي للمشاركة في اعتصام وإضراب مفتوح بدأته عشرات الأمهات والزوجات في خيمة وسط مدينة رام الله بالضفة الغربية ظهر الاثنين، من أجل جمع أكبر عدد من التوقيعات على وثيقة سميت "وثيقة الحرية للأسرى" لمطالبة السلطات المصرية بمبادلة الجاسوس الإسرائيلي "إيلان جربيل" بأسرى فلسطينيين.
وقالت أم فادي إنها بدأت اعتصاما وإضرابا عن الطعام للمطالبة بالإفراج عن زوجها وابنها فادي المحكوم 27 عاما أيضا، خاصة بعد تدهور أوضاعهم الإنسانية في السجون الإسرائيلية عقب خطاب رئيس الوزرء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي دعا لتشديد العقوبات على الأسرى.
وطالبت الأمهات الحكومة المصرية بالتمسك بالجاسوس الإسرائيلي وعدم تسليمه لإسرائيل إلا بالإفراج عن أسرى فلسطينيين وعرب مقابل ذلك، كما طالبن آسري الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في غزة بالتمسك به للإفراج عن أكبر عدد من الأسرى الفلسطينيين خاصة القدامى والمرضى منهم.
وبالتزامن مع بدء اعتصام أهالي الأسرى، أعلن عشرات الشبان الفلسطينيين في مدينة رام الله إضرابا مفتوحا عن الطعام تضامنا مع الأسرى وذويهم.
ونوهت شقيقة الأسير المريض هيثم صالحية من مدينة البيرة بالضفة الغربية إلى تدهور وضعه الصحي بعد قيام الاحتلال بعزله في سجن رمون، إثر تضامنه مع عميد الأسرى الفلسطينيين نائل البرغوثي الذي نقل بدوره للعزل بعد رفضه التفتيش العاري.
وقالت شقيقة صالحية للجزيرة نت إن سلطات السجن رفضت السماح بزيارته بحجة فرض العقوبة عليه بمنع الزيارة ومنع "الكانتين" أي المواد الغذائية، رغم أنه بدأ إضرابا عن الطعام منذ 15 يوما.
وتعرض الأسير هيثم صالحية (28 عاما) لمحاولة اغتيال من قبل عيادة سجن رمون في 9 يناير/كانون الثاني الماضي، عن طريق تزويده بحبوب مجهولة، وقالت شقيقته إن "جهاز الشاباك نفسه اعترف بأن لهذه الحبوب تداعيات خطيرة على صحة الأسير صالحية".
وناشدت شقيقة الأسير منظمات حقوق الإنسان للتدخل من أجل السماح بإدخال طبيب لمعاينة شقيقها وقالت إنه نقص الكثير من وزنه، كما تغيرت ملامحه عندما تمكنت العائلة من زيارته قبل شهرين.
ويعاني صالحية المحكوم مؤبدين وخمسين عاما، من خدر دائم في القدم واليد وصداع مزمن في الرأس، ولم يسمح للعائلة بإدخال طبيب من قبلها لفحصه، وأتيح لممرض إسرائيلي بفحصه خارجيا فقط.
بعد مختلف وقالت الناشطة في قضايا الأسرى ناريمان التميمي، إن اعتصام الأمهات سيتخذ بعدا مختلفا هذه المرة وسيمضي على شكل قوافل من الأمهات والزوجات وأبناء الأسرى تتنقل بين المناطق الفلسطينية المختلفة لإحياء التضامن معهم.
ومن المقرر أن تحمل أمهات الأسرى "وثيقة الحرية" في مسيرة باتجاه السفارة المصرية برام الله غدا الثلاثاء للمطالبة بعدم تسليم الجاسوس الإسرائيلي الذي اعتقل في القاهرة في يونيو/حزيران الماضي، ومبادلته بأسرى فلسطينيين وعرب.
وعلق أهالي الأسرى يافطة على خيمة اعتصامهم كتب عليها "لا تخذلينا يا مصر"، فيما رفع أطفالهم صور آبائهم وأشقائهم المعتقلين في السجون الإسرائيلية.
وكان نحو 6500 أسير فلسطيني بينهم 1500 مريض أعلنوا الأحد إضرابا تحذيريا عن الطعام وتناول الدواء ردا على خطاب نتنياهو الذي دعا فيه إلى التضييق على الأسرى وحرمانهم من التعليم وزيارة الأهالي بعد تعثر إتمام صفقة شاليط مع حركة حماس.
وقال وزير شؤون الأسرى عيسى قراقع إن مصلحة السجون الإسرائيلية بدأت بشن حرب إرهابية ضد الأسرى الفلسطينيين وبغطاء رسمي من حكومتها، ويأتي إضراب الأسرى ردا على امتهان كرامتهم وضد قمعهم ومحاولات تفتيشهم عراة واقتحام أقسامهم ليلا ونهارا.
ودعا قراقع في حديث للجزيرة نت الأممالمتحدة إلى سحب عضوية إسرائيل بسبب انتهاكاتها المتواصلة لحقوق الإنسان ولمواثيق الأممالمتحدة.
وانتقد قراقع حالة الصمت في المستوى الرسمي الفلسطيني، مشيرا إلى أنه دعا اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية للاجتماع من أجل الرد على "الخطاب العدواني لنتنياهو"، كما وجه مذكرات إلى الصليب الأحمر من أجل تفعيل قضية الأسرى، و"لكن دون جدوى".