حمل وجه الرئيس المخلوع مبارك ملامح الصدمة، فور نزوله من الطائرة العسكرية التى أقلته من المحكمة إلى مستشفى سجن مزرعة طرة، وتعلقت عيناه بلافتة من الرخام، كتب عليها «تحت رعاية السيد الرئيس محمد حسنى مبارك، رئيس الجمهورية، تفضل اللواء حبيب العادلى، وزير الداخلية، بافتتاح تطوير مستشفى سجن ليمان طرة»، وحملت اللافتة تاريخاً يعود إلى فبراير 2005. كان بصحبة مبارك على متن الطائرة، الفريق الطبى المصاحب له، واللواء محمد نجيب مدير مصلحة السجون، ومنعت إدارة السجن الفريق الطبى من دخول مستشفى السجن، بصحبة مبارك، الذى طمأنه نجيب بأن المستشفى تم تجهيزه لاستقباله، كما تم إخلاؤه من المرضى، وتوفير الأجهزة الطبية اللازمة. وطلب مبارك بعض الأجهزة الطبية من المركز الطبى العالمى، وهو ما قبلته إدارة السجن، وحسب روايات شهود عيان، فإن الرئيس المخلوع لم يكن يعلم بأنه فى طريقه إلى طرة، وكان يعتقد أنه عائد إلى المركز الطبى العالمى، ولم يعرف بالخبر إلا عند محاولة إنزاله من الطائرة، فرفض النزول حتى جاء حارسه الخاص اللواء شاهين شاهين وأقنعه بالنزول. وفور دخول مبارك السجن، استقبله 12 ضابطا برتب مختلفة، وقدم له ثلاثة من كبار الضباط التحية العسكرية، وبدا عليهم التعاطف الشديد معه، وطمأنوه بأنهم سيعملون على راحته، مؤكدين له أنهم يقدرون له ما فعله من أجل مصر كرجل عسكرى، حافظ على البلاد من الحروب والصراعات، وظلت القيادات الأمنية بصحبة مبارك، حتى وصوله إلى غرفة العناية المركزة المجهزة له، وأثناء نقل سريره، بكى أحد الضباط برتبة عميد أمامه، وهو ما جعل مبارك يشعر بالرضا، وفشل ضباط السجن فى إقناعه بارتداء بدلة السجن الزرقاء، وظل بملابس المحاكمة، حتى اليوم الثانى، عندما أحضرت له زوجته سوزان ثابت ملابس جديدة. وتضم غرفة العناية المركزة التى استقر فيها مبارك، 5 أسرة فقط، وشاشة تليفزيون «L C D»، وريسيفر، وجهاز راديو، بالقرب من سريره، الذى يبعد عنه بثلاثة أمتار فقط، دولاب ملابس، به رف يحتوى على مقتنياته الشخصية، التى حرصت سوزان على جلبها له فى الزيارة الاستثنائية التى قامت بها مع هايدى راسخ زوجة ابنها علاء، وخديجة الجمال زوجة جمال. وتناول مبارك مع زوجته، وزوجتى نجليه، وجبتى الإفطار والغداء، والمكونة من «الجمبري»، وطمأنته العائلة بأن موقفه القانونى لا يستحق القلق، وأنهم متفائلون بالبراءة، فور انعقاد جلسات نقض الحكم. وعلمت «الفجر» من ضباط برتبة نقيب، ضمن طاقم حراسة سجن المزرعة، أن السجناء حاولوا استقبال مبارك، والاحتفال به على طريقتهم «التشريفة»، وهتفوا ضده فى الليلة الأولى، بعد أن وصلتهم أنباء عن نزول المواطنين إلى الشوارع، احتجاجا على براءة نجليه و6 من كبار مساعدى وزير داخليته، وطالبوا فى هتافاتهم بحبس مبارك فى زنزانة السجن مثلهم، كما هتفوا «يا جمال قول لأبوك.. فى التحرير هيعدموك»، وتدخل ضباط السجن للسيطرة على الموقف، وتشديد الحراسة عليهم، وتهديدهم بالحبس الانفرادى. كما تمت زيادة أفراد الحراسة، بناء على تعليمات وزير الداخلية، وتعيين أفراد حراسة ليلية بالقرب من مستشفى السجن، واستعانت إدارة مصلحة السجون ب 300 فرد من الشرطة والقوات مسلحة، لتأمين السجن، للسيطرة على أى حالة فوضى من جانب السجناء، وتنظيم الزيارات فى عنابر وغرف تبعد عن المستشفى، كما تم نقل المرضى السجناء إلى مستشفى سجن برج العرب، لإخلاء مستشفى طرة للرئيس المخلوع.