حبس وغرامة، عقوبة استخدام حساب خاص بهدف ارتكاب جريمة فى القانون    سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025    أسعار اللحوم اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025 بالأسواق    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب نتائج المحادثات الأمريكية الصينية    الأمم المتحدة: مسلحون وجوعى استولوا على معظم الطحين المنقول لغزة    جوارديولا يتسلم الدكتوراه الفخرية ويلقي خطابا مؤثرا عن غزة بجامعة مانشستر (فيديو)    جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 PDF وتوزيع الدرجات لجميع الشعب نظام قديم وجديد    بينهم أب وبناته الثلاثة.. «المصري اليوم» تنشر أسماء الضحايا المفقودين ب حادث «تروسيكل أسيوط»    الأرصاد تكشف عن حالة الطقس حتى الأحد المقبل    فريق من مديرية عمل الدقهلية يقدم واجب العزاء إلى أسرة الشهيد خالد شوقي (صور)    اليوم، عودة عرض حلقات مسلسل آسر على منصة شاهد    فى أحضان الفراعنة.. عروض فنية لقصور الثقافة بالأقصر في احتفالات عيد الأضحى    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 10 يونيو والقنوات الناقلة    قتيل و4 جرحى حصيلة الهجوم الروسي على أوديسا جنوب أوكرانيا    تحذير عاجل من عبوات "باراسيتامول" بالأسواق، وهيئة الأدوية البريطانية: فيها تلوث قاتل    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الثلاثاء 10 يوينو 2025    بتوصية أيمن الرمادي.. الزمالك يفتح الباب أمام بيع نجميه (تفاصيل)    استقرار سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 4675 جنيها    الصور الكاملة لحفل «واما» بعد تألقهم ب الساحل الشمالي في عيد الأضحى 2025    خاص| الدبيكي: نعمل على صياغة اتفاقية دولية لحماية العاملين من المخاطر البيولوجية    مباراة السعودية وأستراليا في تصفيات كأس العالم 2026.. الموعد والقنوات الناقلة    ذكريات كأس العالم!    يوميات أسبوع نكسة 1967 في حياة طبيب شاب    ماكرون: الحصار المفروض على دخول المساعدات إلى غزة "فاضح"    ترامب: إيران ستشارك في مفاوضات المحتجزين في غزة.. وسنرى ما سيحدث    استشهاد 3 مسعفين وصحفيا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    السيطرة على حريق شب داخل فيلا بالتجمع    القبض على صاحب مطعم شهير بالمنيا بعد تسمم أكثر من 40 شخصًا    «الأرصاد منعتنا من النزول.. وشركة المقاولات حفرت لوحدها».. اعترافات المتهم الخامس في قضية انفجار خط الغاز ب طريق الواحات (خاص)    الخارجية الإيرانية تعلن موعد الجولة المقبلة من المفاوضات مع واشنطن حول البرنامج النووى    بيروت ودمشق وتحدي الدولة الطبيعية    وفد من أمانة حزب مستقبل وطن بالدقهلية يقدم العزاء لأسرة البطل خالد شوقي عبدالعال    بعد مفاجأة زفافهم ب اليونان.. من هو أحمد زعتر زوج أمينة خليل؟ (صور)    تامر عاشور يشيد بزوجته نانسي نور: قوية وحنونة وتتفهم طبيعة حياتي    حفلين خلال 48 ساعة.. محمد عبده وهاني فرحات يحطمان الأرقام القياسية    حقك لازم يرجع.. وزير الزراعة يزور مسؤول حماية الأراضي المعتدى عليه ب سوهاج    صحة سوهاج: 560 جلسة علاج طبيعي لمرضى الغسيل الكلوي خلال أيام عيد الأضحى    رافاييل فيكي يدخل دائرة ترشيحات الزمالك لتولي القيادة الفنية    انقلاب سيارة مواد بترولية بطريق السويس ونجاة السائق    ب"شورت قصير".. أحدث جلسة تصوير جريئة ل دينا فؤاد والجمهور يعلق    ما حكم الشرع في بيع لحوم الأضاحي.. دار الإفتاء توضح    عاشور: كل لاعب يسعى لتأمين مستقبله.. ولا يوجد ما يمنعنا من التتويج بمونديال الأندية    وزير الصحة الأمريكي يُقيل اللجنة الاستشارية للقاحات    أجواء مشحونة بالشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 10 يونيو    حاكم كاليفورنيا ينتقد قرار ترامب بنشر المارينز ويصفه ب "المختل"    خط دفاع تحميك من سرطان القولون.. 5 أطعمة غنية بالألياف أبرزها التفاح    سباليتي يعترف: من العدل أن أرحل عن تدريب منتخب إيطاليا    إجراء 2600 جلسة غسيل كلوي خلال إجازة عيد الأضحى بمحافظة قنا    استقبال 13108 حالة طوارئ بالمستشفيات خلال عيد الأضحى بالمنوفية    سعر السكر والأرز والسلع الأساسية ب الأسواق اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025    كيفية إثبات المهنة وتغيير محل الإقامة ب الرقم القومي وجواز السفر    سعر الحديد والأسمنت ب سوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025    برلمانية: مصر تستعد للاستحقاقات النيابية وسط تحديات وتوترات إقليمية كبيرة    موعد أول إجازة رسمية بعد عيد الأضحى المبارك .. تعرف عليها    هل تنتهي مناسك الحج في آخر أيام عيد الأضحى؟    ما حكم صيام الإثنين والخميس إذا وافقا أحد أيام التشريق؟.. عالم أزهري يوضح    دار الإفتاء تنصح شخص يعاني من الكسل في العبادة    دعاء الخروج من مكة.. أفضل كلمات يقولها الحاج في وداع الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هجر القرآن والحكم به
نشر في الفجر يوم 27 - 05 - 2012

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. من اتقاه وتوكل عليه جعل له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اتخذ القرآن سبيلاً إلى ربه ومنهجا ..- صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أعلامِ الهدى ومصابيح الدجى وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فإن هذا القرآن الذي بين أيدينا يسّره الله لنا، هو حبل الله المتين وصراطه المستقيم، من تمسك به نجا ومن أعرض عنه هلك، فلا ينجو من عذاب الله ولا يفوز برحمة الله إلا من تمسّك بهذا القرآن العظيم الذي بين أيدينا،
يسّره الله وسهّله علينا وأمرنا بالعمل به والتمسك به، فيه الهدى والنور، فيه الشفاء، فيه الرحمة، فيه الهداية
قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً* وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}... [الإسراء : 9-10]،
هذا هو القرآن، قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً}... [الإسراء : 82]،
إنه حجة الله علينا، قال تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}... [الأنعام : 19]،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "والقرآن حجة لك أو عليك"، فلنرجع إلى كتاب ربنا ولنتأمله ولنتدبره، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}... [ص : 29].
هذا هو كتاب الله فيه السلامة من الفتن، فيه النجاة من النار، فيه السعادة الأبدية، فيه الخير كله، بشير ونذير هدى ونور، يشرح الله به الصدور، وينير به البصائر، فهو كتاب الله كلام الله جل وعلا الذي هو خير الكلام وأصدق الكلام، تنزيل من الله، تكلم الله به ونزّله بواسطة جبريل إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وبلّغه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأمته،
وأمته تتناقله جيلاً بعد جيل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فإذا حصلت فتنة أو وقع نزاع بين الناس فإن هذا القرآن يُنهي الخصومات ويُنهي الإشكالات، ويقضي على الفتن، ويوضح الطريق للمؤمنين، به السلامة والنجاة من فتن الدنيا وعذاب الآخرة، فهو نعمة من الله سبحانه وتعالى، أما الذين يعيشون على القوانين الوضعية والأنظمة البشرية فإنهم في ظلام دامس لا يخرجون من الظلام ولا تنتهي مشاكلهم،
قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}... [إبراهيم : 1-2].
هذا هو كتاب الله، يحفظه الكبير والصغير يحفظه الرجال والنساء ميسّر،
قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}... [القمر:17]،
عذب اللفظ لذيذ التلاوة، خفيف على اللسان، نورٌ للقلب، طريق إلى الله سبحانه وتعالى، فأيُّ نعمة أكبر من هذه النعمة، يكفي أنه كلام الله جل وعلا: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}... [فصلت:42]،
لا يتطرق إليه شك، ولا تدور حوله شبهة، لأنه كلام رب العالمين سبحانه وتعالى.
ولمّا زعم الكفار أن هذا القرآن من كلام محمد وقالوا هذا من قول محمد وليس هو كلامَ الله تحداهم الله عز وجل بأن يأتوا بمثله إن كانوا صادقين،
محمد بشر مثلكم فأتوا بكلامٍ مثل هذا القرآن إذا كان من كلام محمد فإنكم لا تعجزون أن تأتوا بمثله لأنه بشر مثلكم،
تحدى الله الجن والإنس أن يأتوا بمثل هذا القرآن،
قال تعالى: {قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}... [الإسراء : 88]،
ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور كما في سورة هود،
قال سبحانه وتعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}... [هود:13]،
ادعوا من تُريدون من البشر من الفصحاء من البلغاء من الشعراء من الجن والإنس ادعوهم يساعدونكم،
قال تعالى: {فَإنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ}... [هود : 14]،
لأن كلام الله لا يمكن أن يُضاهى أبداً، ثم إنه سبحانه تحداهم أن يأتوا بسورة واحدة من أقصر السور،
قال تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا}... [البقرة : 23-24]،
فإن لم تفعلوا هذا خطاب لهم ولن تفعلوا في المستقبل إلى أن تقوم الساعة،
{فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}... [البقرة : 24]،
تحداهم أن يأتوا بسورةٍ واحدة من أقصر السور، خذ مثلاُ سورة الإخلاص -قل هو الله أحد- التي يحفظها كل مسلم يحفظها الصغير والكبير
وربما يقول قائل أنا ما أحفظ القرآن ولا أحفظ كثيراً من القرآن نقول تحفظ سورة العصر هذي لا يعجز أحدٌ عن أن يحفظها سطر وبعض سطر سورة كاملة في سطر،
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم: {وَالْعَصْرِ* إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}... [العصر : 1-3]،
أقسم الله سبحانه وتعالى في هذه السورة بالعصر الذي هو الليل والنهار والزمان لأن العصر فيه عبر وعضات وآيات، وأيضاً العصر فيه العمل من خيرٍ أو شر، فالإنسان يعمل في هذا العصر في هذا الدهر في هذا العمر، يعمل إما في الخير وإما في الشر، ولذلك أقسم الله بهذا العصر
فقال: {وَالْعَصْرِ* إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}... [العصر : 1-2]، هذا المقسم عليه {إِنَّ الإِنسَانَ}... [العصر : 2]،
أي إنسان سواء كان من الملوك أو من الصعاليك أو من العلماء أو من الجهال أو من الأغنياء أو من الفقراء أو من الذكور أو من الإناث أو من العرب أو من العجم كل إنسان،
{إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}... [العصر : 2]، أي في خسارة، في خسارة ونقص مع هذا العصر الذي عاشه إلا من اتصف بأربع صفات، من اتصف بأربع صفات نجا من هذه الخسارة، ومن فقدها فهو خاسر، ولو كان يملك الأرصدة الفخمة ولو كان يملك القصور العالية والعمارات، ولو كان يملك القوة والجنود، ولو كان يخترع الطائرات والدبابات والمدمرات، ولو كان ما كان فإنه خاسر وعملُه الذي عمله في هذه الدنيا خسار لا ينفعه عند الله سبحانه وتعالى
، إلا من اتصف بأربع صفات:
الصفة الأولى:
الإيمان، آمن بالله سبحانه وتعالى، آمن بالله رباً وإلهاً وملكاً آمن به تمام الإيمان فعبده حق عبادته وترك ما نهاه عنه {ِإلإ الَّذِينَ آمَنُوا}... [العصر : 3]، هذه واحدة.
الصفة الثانية:
عملوا الصالحات عملوا مع الإيمان عملوا الأعمال الصالحة، وتركوا الأعمال المحرمة، عملوا بالطاعات وتجنبوا المحرمات، هذا هو العمل الصالح، وهو الذي يتوفر فيه شرطان:
الإخلاص لله فيه، والاتباع للسنة، ليس فيه شرك وليس فيه بدع ومحدثات، هذا هو العمل الصالح،
أما إذا كان فيه شرك فهو عمل باطل، وإذا كان فيه بدع فهو عمل باطل، لا يقبله الله سبحانه وتعالى، -- آمنوا وعملوا الصالحات.
الصفة الثالثة:
ما يكفي أن الإنسان يصلح في نفسه ويتعلم في نفسه لا يكفي هذا، بل عليه أن يدعوا إلى الله، عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، بدايةً بأهل بيته ومن حوله يدعوا إلى الله يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يعلم الناس الخير، يعلم الجهال، يدعوهم إلى الله، فلا يقتصر على نفسه ويقول أنا ما علي من الناس، لا، عليك من الناس عليك واجب نحو الناس بأن تدعوا إلى سبيل الله إلى طاعة الله عز وجل بحسب استطاعتك أن تأمر بالمعروف وأن تنهى عن المنكر ما يكفي إنك تتجنب المنكر وتعمل بالطاعات في نفسك، لا، لابد أن تنشر الخير على من حولك،
قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}... [آل عمران : 110].
الصفة الرابعة
{وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}... [العصر : 3]، لأن الذي يعمل الصالحات ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الله يتعب فيحتاج إلى صبر، يصبر على التعب،
الذي يدعوا إلى الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يُؤذى من قبل الناس ويهددونه ويتناولونه ويُعيّرونه لكن يصبر يحبس نفسه ويستمر، الذي ليس عنده صبر لا يستطيع أن يستمر على العمل، لا يستطيع أن يدعو إلى الله، لا يستطيع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، لا يستطيع أن يعلم الناس الخير، يحتاج إلى صبر، يصبر يحمل نفسه يحبس نفسه عن الجزع
والصبر هو حبس النفس.
وهو ثلاثة أنواع:
صبر عن محارم الله، وصبر على طاعة الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة،
فيصبر الإنسان على هذه الأمور ويستمر في عمله، ويستمر في طاعة ربه، ويستمر في الدعوة والأمر بالمعروف، والجهاد في سبيل الله، والنهي عن المنكر يصبر على هذا إلى أن يلقى ربه،
فالذي ليس عنده صبر ليس عنده دين، الصبر هو رأس الدين فدين بلا صبر كجسم بلا رأس، فلا بد من الصبر والإنسان في هذه الحياة مُعرضٌ للأخطار معرض للتعب معرض للآفات، عليه أن يصبر ويتحمل حتى يلقى ربه سبحانه وتعالى، فهذه سورة عظيمة جمعت الخير كله وهي لا تتجاوز السطر الواحد إلا بكلمات يسيرة،
كلٌ يحفظها، لكن هل كلٌ يتدبرها؟ هل كلٌ يعمل بها؟ هذا محل السؤال، ليس المراد الحفظ، ليس المراد كثرة التلاوة، بل المراد التدبر، ومعرفة المعاني، والعمل، العمل بكتاب الله عز وجل هذا هو المطلوب.
لذلك تجد كثيراً من الناس في هذا الوقت قد هجر القرآن،
قال تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً}... [الفرقان : 30]،
والهجر هو الترك، أي تركوا القرآن، تركوا القرآن، ما معنى تركوه؟ يعني لا يقرؤونه، نعم، هذا نوع من الترك، لكن ليس الترك هو عدم القراءة فقط،
فالهجر أنواع:
النوع الأول من الهجر
هجر التلاوة وعدم قراءة القرآن، فكثير من الناس قد يمر عليه سنة ولم يقرأ القرآن، دعك من الأيام والشهور، تمر عليه سنة ما قرأ القرآن وإن قرأ شيء منه فإنه لا يكمله فهذا هجر ترك التلاوة هذا هجر.
النوع الثاني من الهجر
هجر التدبر، بعض الناس يقرأ القرآن ربما يختم الختمات الكثيرة في اليوم والليلة وفي الشهر والأيام يردد القرآن لكن لا يتدبره وإنما هي ألفاظ تجري على لسانه فقط بدون أن يتدبرها وأن يراجع تفسيرها وأن يعرف معناها مع أن هذا واجب عليه.
النوع الثالث من الهجر
هجر العمل، قد يكون الإنسان يتلو القرآن ويحفظه وربما يحفظه بالقراءات العشر وربما أنه يحفظه ويتدبره ويعرف التفسير لكنه لا يعمل به، يهجر العمل بالقرآن،
هجر العمل، والعمل هو الغاية وهو المطلوب، تعلم القرآن وتلاوة القرآن والتدبر هذه وسائل، والغاية والمطلوب هو العمل، فعلى حامل القرآن وكل مسلم يحمل القرآن أو يحمل بعضه عليه أن يتدبر القرآن، عليه أن يتلو القرآن، وأن يعمل به عليه أن يحفظ القرآن ويتلو القرآن وعليه أن يتدبره وعليه أن يعمل به، وإلا فإنه سيكون هاجراً للقرآن بأيّ نوع من أنواع الهجر المذكورة.
النوع الرابع من الهجر
هجر الحكم بالقرآن، كثيرٌ من الدول التي تدّعي الإسلام لا تحكم بالقرآن وإنما تحكم بالقوانين الوضعية وهي مسلمة تدعي الإسلام، أين هو القرآن من الإسلام؟
فالواجب أن يُتخذ القرآن هو الحكم، فالله جل وعلا أنزل الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، فيجب تحكيم القرآن،
قال تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ}... [المائدة:48]،
فعلى كل مسلم على حسب مسؤوليته في هذه الحياة أن يعمل بالقرآن حاكماً ومحكوماً، ذكراً وأنثى، عالماً، متعلماً، جاهلاً، كلٌ عليه أن يتعامل مع هذا القرآن ليلاً ونهارا لأنه هو الطريق الصحيح إلى الله سبحانه وتعالى فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو صراط الله المستقيم، هو الحجة، حجة لك أو عليك،
هذا هو كتاب الله، هذا هو القرآن، علينا أن نعرف قدره، وأن نعمل به، وعلينا أن نُجله، وأن نُعظّمه وأن نعمل به آناء الليل وآناء النهار، أن نُكثر من تلاوته، نُرطب ألسنتنا بتلاوته، نُنير صدورنا وقلوبنا بالقرآن، نُنور بيوتنا بالقرآن وتلاوة القرآن Smile بدلاً من الأغاني ،
بدلاً من المحطات والفضائيات والغوغاء والكلام السيئ، يكون تلاوة القرآن يصدح في البيوت منا ومن أولادنا ونسائنا ومن المحطات التي تتلو القرآن نفتح عليها ولا نفتح على الأغاني ونفتح على الفتن ونفتح على الهرج والمرج ونفتح على الشرور التي تموج في الناس هذه أمور تشغل الإنسان وتُشوّش فكره وتُبعده عن القرآن ولا حول ولا قوة إلا بالله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.