وكالات اعتبر وزير الخارجية الكندي جون بيرد أن كندا والدول الغربية تواجه تحدياً في كيفية التعامل مع مواطنيها الذين ينخرطون ويحاربون في صفوف المنظمات الإرهابية مثل «داعش»، في حال عودتهم إلى بلادهم، مشيراً الى ان كندا، ووفق قوانينها، لا تستطيع منع هؤلاء من العودة.
ووصف الوزير الكندي العلاقات الكندية - العربية بالقوية والمتماسكة، مشيراً الى أن بعض عناصر هذه العلاقة تواجه تحديات، خصوصاً مع بعض عناصر الحكومة اللبنانية مثل «حزب الله»... وفي سورية حيث يقتل الرئيس السوري شعبه.
وشدد الوزير الكندي في حوار مع «الحياة»، هو الأول مع صحيفة عربية، على صلابة العلاقات الكندية مع دول مجلس التعاون الخليجي في شتى المجالات، مشيراً الى اتفاقات أمنية دفاعية مع المملكة العربية السعودية، وقواعد عسكرية في قطر، ووجود 25 شخصاً كندياً في البحرين، يعملون في مجال التعاون الاستخباري وقضايا أخرى.
وأكد بيرد أن حكومته دفعت بقوة الى تأليف حكومية عراقية تشمل جميع أطياف الشعب العراقي ومذاهبه وبشكل جدي وحقيقي، واصفاً أن اكثر ما يتمناه هو رؤية برنامج واضح يشعر معه الفرد السنّي العراقي أنه جزء لا يتجزأ من الدولة والحكومة والمجتمع في العراق.
وأشار بيرد إلى أن بلاده أدرجت إيران على لائحة الدول الداعمة للإرهاب، وذلك لدعمها الإرهاب مادياً، وبشكل مباشر، في كل من سورية واليمن ولبنان ودول أخرى. وهذا الدعم سلبي وأداة للخراب لهذه الدول. وهنا نص الحوار:
نلحظ ارتباطاً أكبر وأعمق لكندا بالمنطقة العربية، لماذا هذا التغيُّر في استراتيجية سياسة كندا الخارجية نحو المنطقة؟
- في الواقع لدي شغف حقيقي بالعالم العربي واحترام له، بل انني معجب بتاريخ هذه المنطقة وثقافتها. ومن المؤسف جداً انها تواجه تحديات كبيرة تعتبر الأعظم والأخطر في العالم اليوم. وهذا يشمل طبعاً وجود «داعش»، وحرب الرئيس الأسد على شعبه، والنزاعات العسكرية في ليبيا، وبرنامج إيران النووي وتدهور وضع حقوق الإنسان فيها ودعمها الواضح للإرهاب في أنحاء العالم.
من هنا نعمل على تقوية علاقتنا بشكل جذري، سواء كان ذلك مع منظمة التعاون الإسلامي، أو جامعة الدول العربية، والحكومات الوطنية العربية كل على حدة، خصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك في محاولة للعمل معاً على معالجة بعض هذه التحديات.
وكما تعلمين، فنحن لدينا مهاجرون كثر من اصول لبنانية وعربية، ومن المؤسف ان 145 كندياً، بعضهم من غير أصول عربية او مسلمة، يحاربون الى جانب «داعش». وبالطبع نحن نتحمّل كامل مسؤولياتنا في هذا المجال، ووفق قرارات مجلس الأمن الدولي، للعمل على وقف انخراط أي كندي في أعمال أو منظمات إرهابية في أي مكان في العالم.
ويضيف الوزير الكندي: نحن سعداء بأننا شركاء في الحل لمشكلة الإرهاب، بل هذا جزء من تقبلنا مسؤوليتنا. وهذه الشراكة تمتد من الكويت الى الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والبحرين والأردن.
وأنا معجب بما قاله الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي عهد البحرين في افتتاح «حوار المنامة» قبل أيام من ان صراع الإرهاب هو صراع جيلنا وأن هؤلاء الثيوقراطيين هم الفاشيون الجدد، فهم يعبدون الموت، ومن هنا أعتقد أن من مصلحة الإنسانية القضاء عليهم.
جاءت تفسيرات مختلفة لما قال ولي عهد البحرين حول تغيير مفهوم الإرهاب، والإرهاب الآتي من بعض رجال الدين في كل مكان...؟
- نعم... نعم... لقد فكرت برسالته الموجزة والهادفة في الوقت نفسه، بالنسبة الى الإرهاب و «داعش»، لقد كان محقاً وصائباً في كلمته.
البعض فسرها بأنها شاملة لكل رجل دين أو أفكار دينية متطرفة في أنحاء المنطقة؟
- أكيد، ومن دون أدنى شك، فأنا أعتقد أن الدعم المادي بكل أشكاله الذي تقدمه الثيوقراطية في إيران، سواء كان ذلك ل «حزب الله» في لبنان، أو للحوثيين في اليمن، والدعم المباشر للأسد، ومن خلال الحرس الثوري الذي يتدخل أيضاً في العراق والميليشيات الشيعية هنا وهناك. كل هذا جعلنا نضع إيران على لائحة الدول الراعية للإرهاب والتي تشكل تحدياً كبيراً لهذه المنطقة والعالم.
تحدثت عن 145 كندياً يحاربون الى جانب «داعش»، كيف تتعاملون مع من يعود منهم الى كندا؟ وهل يُسمح لهم بالعودة؟
- الكثير من هؤلاء مولودون في كندا ولم يولدوا مسلمين، بل اعتنقوا الإسلام وتحولوا الى متطرفين، وهي الظاهرة نفسها التي نراها في أوروبا والولاياتالمتحدة الأميركية. ومن هنا، فإن قوانيننا الحالية تفرض السماح لهم بالعودة الى وطنهم الأم.
ونحن اليوم امام تحدٍ نحاول التصدي له، فمنذ بضع سنوات، جعلنا السفر الى الخارج من اجل الجهاد جريمة جنائية، وقمنا بإدانة بعض هؤلاء أخيراً. ونحن نراقب عن كثب التجربة السعودية في هذا المجال. وهم يحاولون غرس مفاهيم الإسلام الصحيح في نفوس هؤلاء، إضافة الى معالجتهم نفسياً، ومحاولة إعادة دمجهم مع أسرهم. نحاول الاستفادة من هذه المبادرة الناجحة، كما ندرس كل المبادرات الناجحة الأخرى حول العالم للاستفادة منها، لا بد لنا من محاربة هذه الظاهرة- الآفة.
كيف تصف علاقاتكم مع دول مجلس التعاون الخليجي والمنطقة بشكل عام؟
- العلاقات ممتازة وقوية، فنحن قمنا بمشاركة دولة الإماراتالمتحدة بست مهمات قتالية، وعملنا معهم جنباً الى جنب وبنجاح. كذلك علاقاتنا ممتازة مع حكومة البحرين وشعبها من خلال توقيع بروتوكولات عدة، وعلاقاتنا قوية مع السعودية، والأردن أول بلد عربي نوقّع معه اتفاقية تجارة حرة.
ودعمنا بكل قدراتنا الحكومة المصرية الجديدة، وكانت لدينا تحفظات جذرية حول «الإخوان المسلمين» والرئيس المصري السابق محمد مرسي. نحن سرنا عملياً في طريق مختلفة في هذا المجال عن الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية. ويضيف: «نحن لم ندعم «الإخوان المسلمين»، ووجدنا هذا متوازياً تماماً مع مبادئ الديموقراطية والتعددية. ولم نحتفل بالإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، ولم نُدِن الإطاحة بمرسي. بل نقوم بكل ما في وسعنا لدعم الرئيس عبدالفتاح السيسي والشعب المصري. ومن المؤكد ان لدينا علاقات قوية ايضاً مع لبنان، مع العلم اننا نواجه تحدياً في التعامل مع جزء من هذه الحكومة، وأتحدث عن «حزب الله». لكنني أعمل بشكل جيد مع نظيري اللبناني».
ومن الطبيعي القول اننا نشعر بالاشمئزاز من اعمال العنف التي يمارسها الرئيس بشار الأسد في بلاده. في الواقع، يمكنني القول ان علاقتنا مع الدول العربية نمت بشكل مطرد وملحوظ في السنوات القليلة الماضية. بعض الحضور في الجلسة التي تحدث فيها وزير الخارجية العراقي اعتبر تركيزه على محاربة «داعش» فقط داخل العراق من دون الميليشيات الشيعية الإرهابية الموجودة هناك، لا يبشر بالخير، فما رأيك؟ - أنا أقدّر خطاب الوزير وهو تحدث بانفعال، ومن دون أن يلجأ إلى كلمات مكتوبة. لقد عملنا بدفع قوي وجدّي لتشكيل حكومة عراقية شاملة حقاً، لقد حصل هذا. ما نريده هو برنامج عمل يشمل الجميع ايضاً. أعظم ما أتمناه هو ان تقوم الحكومة بخطوات حثيثة تجعل أفراد الأسرة السنية يشعرون بأنهم جزء من النسيج الوطني العراقي. والجهود التي تقوم بها حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي مهمة في هذا المجال. نحن مسرورون جداً بالتعاون بيننا وبين المنطقة الكردية والأكراد، ونريد ان نرى التعاون نفسه في المناطق السنّية ومع السنّة. أنا مصمم على القيام بهذا.
ونحن ندين بشدة دعم إيران المنظمات والمجموعات الإرهابية الراديكالية الشيعية، وهذا لا يخدم مصلحة أحد. لكن، ما هي علاقاتكم العسكرية والأمنية مع الدول العربية؟
- لدينا علاقات دفاعية جيدة مع المملكة العربية السعودية، ونعمل الآن على إقامة علاقات عسكرية دفاعية مع عدد من الدول في المنطقة، ولدينا قواعد عسكرية في قطر. ونقوم ببناء دعمنا الدفاعي العسكري مع هذه الدول. ولدينا 25 شخصاً يعملون في مجال الاستخبارات ومجالات أخرى في البحرين، كما لدينا بضع مئات في الكويت. لديك علاقات ممتازة مع الحكومة الإسرائيلية، وتتحدث عن علاقات جيدة وقوية مع العرب. ومن المعروف ان القضية العربية الأولى هي القضية الفلسطينية، فهل تقومون بوساطة مع الإسرائيليين لتحريك المفاوضات؟ - نحن فخورون جداً بعلاقتنا الجيدة جداً مع إسرائيل، وهي مهمة جداً بالنسبة إلى كندا، وهذا لا يعني اننا ضد الفلسطينيين، بل لدينا مكتب تمثيل في رام الله وأنا لدي علاقات جيدة مع الرئيس محمود عباس ووزير الخارجية، وأعتبر سلام فياض صديقي. وقد عززنا تعاوننا الإنمائي مع السلطة الفلسطينية في السنوات التسع الماضية، وعملنا الكثير مع الأميركيين والفلسطينيين من اجل دعم الأمن الفلسطيني. ولاحظنا انه لم يطلق صاروخ واحد من الضفة الغربية حيث توجد السلطة الفلسطينية. وما نسعى إليه اليوم هو سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة ايضاً. ونحن سندعم أي اتفاق سياسي بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، بل نريده. ونبذل قصارى جهدنا لتشجيع الطرفين على العودة الى عملية السلام.
وبما اننا نعتقد أن بناء المؤسسات عنصر هام في بناء الدولة الفلسطينية، نقوم ببناء محكمتين عدليّتين، ستفتتح واحدة منهما قريباً، كما قمنا مع الولاياتالمتحدة بتدريب عدد كبير من قوات الأمن. وهؤلاء قاموا بأعمال هامة لحفظ الأمن. وهذا ما تحتاج اليه الدول لبناء مقوماتها.
ونحن نعتقد اننا اصدقاء للفلسطينيين، وفي النهاية فإن السلام لا بد من ان يقام بين الطرفين المعنيين وبدعم الأصدقاء، ونحن سنفعل كل ما في وسعنا لتقديم هذا الدعم. من المؤسف جداً ان الفريقين كانا جاهزين للسلام، ولكن ليس في الوقت ذاته.