بدأت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة اليوم برئاسة المستشار شعبان الشامي، في الاستماع إلى مرافعة هيئة الدفاع عن المتهمين في محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي و 35 متهما آخرين من قيادات وأعضاء تنظيم الإخوان، وذلك في قضية اتهامهم بارتكاب جرائم التخابر مع منظمات وجهات أجنبية خارج البلاد، وإفشاء أسرار الأمن القومي، والتنسيق مع تنظيمات جهادية داخل مصر وخارجها، بغية الإعداد لعمليات إرهابية داخل الأراضي المصرية. واستهل منتصر الزيات المحامي عن محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان والقيادي الإخواني محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب المنحل، مرافعته بشن هجوم مضاد على ما ورد بمرافعة النيابة العامة التي استمرت على مدى يومين خلال الأسبوع الماضي في معرض التدليل على ارتكاب المتهمين لما هو منسوب إليهم من اتهامات، معتبرا أن مرافعة النيابة قد انصبت على "تكفير المتهمين" .. وقال: "أغيثوا الإسلام من نيابة أمن الدولة العليا" !! .
وقال منتصر الزيات: ".. الصدمة انتابتني من عبارات النيابة العامة، وهي الأمينة على الدعوى العمومية، إذ تحولت مرافعتها إلى فقرة من عكاظ تهجو المتهمين بأقذع الألفاظ.. المقام لا يحتمل تأويلا على فظائع لغوية ارتكبتها نيابة أمن الدولة العليا.. نلتفت عن المذبحة التي تعرضت لها لغة القرآن، وكم من المذابح التي سكتت عنها النيابة العامة". بحسب ما قرره الدفاع.
وأشار إلى أن "المحور الرئيس في مرافعة نيابة أمن الدولة العليا كان تكفير المتهمين ولعنهم، وكان لسان النيابة في هذا الصدد فصيحا أليما".. مضيفا: "ما لم أكن أتصوره أن تكون النيابة حاملة مشعل الخوارج، بل إنها ذهبت إلى أبعد من فكر الخوارج.. أغيثوا الإسلام من نيابة أمن الدولة، فقد بدلوا مفاهيمه وحرفوا الكلم عن مواضعه، وقامت النيابة بالتأويل والتحريف بما يناسب مصلحتها.. إن ما رددته النيابة في قاعة المحكمة هو زيف لا علاقة له بالإسلام، ونحن كدفاع لن نهبط إلى الدرك السحيق الذي هبطت إليه نيابة أمن الدولة العليا". وأضاف الدفاع :"تدنت النيابة في مرافعتها إلى درك سحيق للتعبير عن غل وخصومة شديدة ضد المتهمين". واستوقف المستشار شعبان الشامي رئيس المحكمة المحامي منتصر الزيات، منبها إياه بأنه يقوم "بالتجريح في النيابة العامة" وأنه يربأ به أن يقدم على مثل هذه الأفعال.. مطالبا إياه بتركيز حديثه على وقائع القضية وحديث القانون فيها، دفاعا عن المتهمين. وقال منتصر الزيات: "جماعة الإخوان، وتحديدا المتهمين، داخل قفص الاتهام هم من تصدوا لدعوة شكري مصطفى بتكفير المجتمع في ستينيات القرن الماضي الذي كان يصيح في قيادات الإخوان المعتقلين كيف لا تكفرون من عذبكم وانتهك أعراضكم.. فأعلن حينها حسن الهضيبي المرشد الثاني لجماعة الإخوان عن تشكيل لجنة لدحض فكر التكفير والمتمثل في كتاب (دعاة لا قضاة) والتصدي لهذا الفكر".
وأضاف الزيات: "لم أشرف بالانتماء إلى جماعة الإخوان، ولكني أحب الصالحين ولست منهم، وأؤكد أن جماعة الإخوان هي جماعة إسلامية معتدلة تصالحية وتنتهج أقصى درجات السلمية".
واستغرق الزيات في الحديث عن تاريخ جماعة الإخوان منذ أن أنشأها حسن البنا في عشرينيات القرن الماضي، معتبرا أن إنشاء الجماعة جاء لرد الاعتبار إلى الإسلام في ديار المسلمين والتصدي لمخططات علمنة دول العالم الإسلامي التي بدأها مصطفى كمال أتاتورك، والإصلاح الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والتصدي للاستعمار الأجنبي والدفاع عن القضية الفلسطينية.. على حد قوله. وأضاف الزيات: "أنا أراهن على القضاء المصري في كل تاريخه وحقبه.. الرئيس الأسبق حسني مبارك ألقى بالإخوان أمام المحاكم الاستثنائية، لأن القضاء الطبيعي كان ينصفنا وكان يجهض كل محاولات التعذيب والتلفيق والاعتقال بحقنا".
وبدا واضحا في مقدمة مرافعة منتصر الزيات التي عرض فيها إلى عموميات الدعوى، أنه يقوم بعملية " تجميل وتسويق" لجماعة الإخوان وتاريخها منذ نشأتها، دون أن يتطرق في مقدمة مرافعته إلى موضوع الاتهام في القضية.. نافيا عنهم الاتهامات بالإرهاب والتشدد واللجوء إلى العنف، ومؤكدا أن "جماعة الإخوان عصية على الاستئصال من قبل كافة الأنظمة الحاكمة التي توالت على حكم مصر".. على حد قوله.
جدير بالذكر أن القضية تضم 21 متهما محبوسا بصفة احتياطية على ذمة القضية، يتقدمهم محمد مرسي وكبار قيادات تنظيم الإخوان، على رأسهم المرشد العام للتنظيم محمد بديع وعدد من نوابه وأعضاء مكتب إرشاد التنظيم وكبار مستشاري الرئيس المعزول، علاوة على 16 متهما آخرين هاربين أمرت النيابة بسرعة إلقاء القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة محبوسين احتياطيا.
وأسندت النيابة العامة إلى المتهمين تهم التخابر مع منظمات أجنبية خارج البلاد، بغية ارتكاب أعمال إرهابية داخل البلاد، وإفشاء أسرار الدفاع عن البلاد لدولة أجنبية ومن يعملون لمصلحتها، وتمويل الإرهاب، والتدريب العسكري لتحقيق أغراض التنظيم الدولي للإخوان، وارتكاب أفعال تؤدي إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها. والمتهمون في القضية بحبس ترتيب أسمائهم الوارد بقرار الاتهام الذي أعدته نيابة أمن الدولة العليا برئاسة المستشار تامر فرجاني المحامي العام الأول للنيابة، هم كل من:
1- محمد بديع (أستاذ متفرغ بكلية الطب البيطري - محبوس)
2- خيرت الشاطر (مهندس مدني حر - محبوس)
3- محمد مرسي (رئيس الجمهورية السابق - محبوس)
4- محمد سعد الكتاتني (رئيس مجلس الشعب السابق - محبوس)
5- عصام العريان (استشاري تحاليل طبية - محبوس)
6- محمود عزت (طبيب - هارب)
7- محمد البلتاجي (طبيب- محبوس)
8- سعد الحسيني (مهندس ومحافظ كفر الشيخ السابق - محبوس)
9- حازم محمد فاروق عبد الخالق منصور (نقيب أطباء الأسنان – محبوس)
10- عصام الحداد (مساعد رئيس الجمهورية السابق للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي - محبوس)
11- محيى حامد (مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط والمتابعة سابقا وطبيب أنف وأذن – محبوس)
12- صلاح عبد المقصود (وزير الإعلام السابق - هارب)
13- أيمن علي سيد أحمد (مساعد رئيس الجمهورية السابق – هارب)
14- صفوت حجازي (رئيس الشركة العربية للقنوات الفضائية- محبوس)
15- عمار أحمد محمد فايد البنا (باحث بمؤسسة إخوان ويب للدراسات التاريخية والسياسية – هارب)
16- خالد سعد حسنين محمد ( فني مصاعد – محبوس)
17- أحمد رجب سليمان (مهندس – هارب)
18- الحسن خيرت الشاطر (طالب – هارب)
19- جهاد عصام الحداد (مهندس معماري – محبوس)
20- سندس عاصم سيد شلبي (هاربة)
21- أبو بكر حمدي كمال مشالي (هارب)
22- أحمد محمد عبد الحكيم (هارب)
23- فريد إسماعيل (صيدلي – محبوس)
24- عيد محمد إسماعيل دحروج (مأمور ضرائب – هارب)
25- إبراهيم خليل محمد الدراوي (صحفي – محبوس)
26- رضا فهمي محمد خليل (مالك شركة دعاية – هارب)
27- كمال السيد محمد سيد أحمد (مدرس – محبوس)
28- محمد أسامة محمد العقيد (تاجر حبوب – هارب)
29- سامي أمين حسين السيد (حاصل على بكالوريوس علوم – محبوس)
30- خليل أسامة محمد العقيد (عامل بمكتب عقارات – محبوس)
31- أحمد عبد العاطي ( مدير مكتب رئيس الجمهورية السابق – محبوس)
32- حسين القزاز (عضو الهيئة الاستشارية لرئيس الجمهورية السابق- هارب)
33- عماد الدين علي عطوه شاهين (أستاذ علوم سياسية بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة - هارب)
34- إبراهيم فاروق محمد الزيات (هارب)
35- محمد رفاعة الطهطاوي (رئيس ديوان رئاسة الجمهورية السابق - محبوس)
36- أسعد الشيخه (نائب رئيس الديوان الرئاسي سابقا - محبوس)
وكشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة في القضية، أن التنظيم الدولي الإخوان قام بتنفيذ أعمال عنف إرهابية داخل مصر، بغية إشاعة الفوضى العارمة بها، وأعد مخططا إرهابيا كان من ضمن بنوده تحالف قيادات جماعة الإخوان المسلمين بمصر مع بعض المنظمات الأجنبية، وهي حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الذراع العسكري للتنظيم الدولي للإخوان، وحزب الله اللبناني وثيق الصلة بالحرس الثوري الإيراني، وتنظيمات أخرى داخل وخارج البلاد، تعتنق الأفكار التكفيرية المتطرفة، وتقوم بتهريب السلاح من جهة الحدود الغربية عبر الدروب الصحراوية.
كما كشفت التحقيقات عن وجود تدبير لوسائل تسلل لعناصر من جماعة الإخوان إلى قطاع غزة عبر الأنفاق السرية، وذلك بمساعدة عناصر من حركة حماس لتلقي التدريب العسكري وفنون القتال واستخدام السلاح على يد عناصر من حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني، ثم إعادة تلك العناصر بالإضافة إلى آخرين ينتمون إلى تلك التنظيمات إلى داخل البلاد.
وأظهرت التحقيقات أن المتهمين اتحدوا مع عناصر أخرى تابعة للجماعات التكفيرية المتواجدة بسيناء، لتنفيذ ما تم التدريب عليه، وتأهيل عناصر أخرى من الجماعة إعلاميا بتلقي دورات خارج البلاد في كيفية إطلاق الشائعات وتوجيه الرأي العام لخدمة أغراض التنظيم الدولي للإخوان، وفتح قنوات اتصال مع الغرب عن طريق دولتي قطر وتركيا. كما أوضحت التحقيقات أن التنظيم الدولي وبعض البلاد الأجنبية دعموا قيادات جماعة الإخوان بمصر، بتحويل الأموال اللازمة لهم لتنفيذ المخطط الإجرامي وخلق الفوضى بالبلاد.. حيث بدأ ذلك المخطط عام 2005 واستكملت حلقاته إبان ثورة يناير 2011 لاستغلال الأحداث الجارية بالبلاد، إذ تم الاعتداء بالأسلحة النارية على قوات الأمن والمواطنين في أنحاء متفرقة إمعانا في تكريس حالة الفوضى، وإضرارا بالأمن القومي المصري. وبينت التحقيقات أن المتهمين قاموا برصد المنشآت الأمنية بشمال سيناء، تمهيدا لفرض السيطرة عليها وإعلانها إمارة إسلامية في حالة عدم إعلان فوز المتهم محمد مرسي العياط في الانتخابات الرئاسية.
وثبت بالتحقيقات أن المتهمين عصام الحداد وأحمد عبد العاطي ومحمد رفاعة الطهطاوي وأسعد الشيخه ومحي حامد، خلال فترة عملهم برئاسة الجمهورية، قاموا بإفشاء العديد من التقارير السرية الخاصة بهيئة الأمن القومي والمخصصة للعرض على رئيس الجمهورية، بتسريبها لقيادات التنظيم الدولي بالخارج، وقيادات الحرس الثوري الإيراني، وحركة حماس، وحزب الله اللبناني، كمكافأة على تنفيذ تلك العمليات الإرهابية، وما قدمته تلك التنظيمات من مساعدات لصالح جماعة الإخوان بمصر حتى تولت مقاليد السلطة.
وجاء بالتحقيقات أن عددا من تلك التقارير السرية، تم تسريبها عبر البريد الالكتروني الخاص برئاسة الجمهورية، وبعلم المتهم محمد مرسي، على نحو ترتب عليه الإضرار بالأمن القومي المصري. وأوضحت التحقيقات أنه في أعقاب عزل محمد مرسي من منصبه، وتغير المشهد السياسي، سارعت جماعة الإخوان المسلمين، وتلك العناصر الإرهابية الآنف بيانها، بتنفيذ تفجيرات واعتداءات ضد القوات المسلحة والشرطة بسيناء، بهدف إرهاب الشعب المصري، وإثارة الفوضى والنيل من استقلال البلاد وسلامة أراضيها ووحدة المواطنين، وإشعال الفتن الطائفية بينهم في سبيل إشعال الحرب الأهلية بمصر، قاصدين من وراء ذلك عودة الرئيس المعزول، وإعادة قبضة جماعة الإخوان على البلاد.