تنشر بوابة الفجر، كلمة السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية لشئون متعددة الأطراف والأمن الدولي في ورشة العمل حول تعزيز البعد الاقليمى لأنشطة بناء السلام. وإلي نص الكلمة:_
السيدات والسادة انه لمن دواعي السرور أن أرحب بكم القاهرة وان ألقى كلمة السيد وزير الخارجية الذي لم يتمكن من التواجد معكم اليوم لارتباط أخر. وأود في هذا السياق أن أعرب لكم عن عميق التقدير لحرصكم على المشاركة في هذه الورشة التي تنظمها وزارة الخارجية بالتعاون مع مكتب دعم بناء السلام بسكرتارية الأممالمتحدة ومركز القاهرة الاقليمى للتدريب على تسوية المنازعات وحفظ السلام في أفريقيا حول تعزيز البعد الاقليمى لأنشطة بناء السلام.
ويهمنى أن أؤكد على أن اجتماع اليوم يأتي في إطار حرص مصر والدبلوماسية المصرية على إعلاء الصوت الإفريقي في المحافل الدولية وآليات الأممالمتحدة ، وذلك في إطار الأولوية التي توليها مصر للدول الأفريقية الشقيقة و الجهود التي نقوم بها لخدمة قضايا إفريقيا وصون السلم والأمن في القارة، وفى مقدمتها مجالات حفظ السلام وبناء السلام والتسوية السلمية للمنازعات وأود في هذا السياق أن أشير إلى أن تحديات بناء السلام في أفريقيا تتمثل في تعزيز الحكم الرشيد وتداول السلطة وتحقيق العدالة الاجتماعية ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وهو ما تسعى مصر لمعالجتها من خلال آليات متعددة على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف في الاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة
و يأتي انعقاد هذه الورشة أيضا في إطار دعم مصر لعملية المراجعة المقررة لهيكل الأممالمتحدة لبناء السلام عام 2015 وفقا لقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ذات الصلة والتي تجرى كل خمسة أعوام بهدف مراجعة التقدم المحرز في تنفيذ توصيات لجنة بناء السلام فيما يتعلق بالأنشطة الرامية لاستعادة الأمن والاستقرار والتنمية بدول ما بعد النزاع والعمل من أجل منع عودتها للانزلاق إلى مرحلة النزاع مجددا. وتسعى مصر لان توفر عملية المراجعة الثانية لهيكل بناء السلام في الأممالمتحدة فرصة لتعزيز دور لجنة بناء السلام في دعم ما يتم من جهود وطنية وإقليمية ودولية لضمان الانتقال السلس نحو السلام المستدام وتحقق التنمية بدول ما بعد النزاع. ولقد ارتأت وزارة الخارجية المصرية تنظيم هذه الورشة ليس فقط لإثراء المناقشات الدولية في هذا المجال، بل أيضاً لأهمية الاستفادة من التجارب الأفريقية في الأممالمتحدة والبناء على ما اكتسبته القارة من خبرة ثرية وعلمية من واقع تجاربها الحقيقية في أنشطة بناء السلام لقد حان الوقت للمجتمع الدولي لأن يصغى لصوت ورؤية إفريقية بدلا من فرض أطروحات نظرية تنتهي للاصطدام بأرض الواقع.
السادة الحضور
رغم النجاحات التي تحققت على مدى السنوات الماضية في التعامل مع البعد الإقليمي لبناء السلام وتحقيق التنمية بدول ما بعد النزاع في أفريقيا، خاصة بعد إنشاء لجنة بناء السلام في الأممالمتحدة عام 2005 وإقرار الاتحاد الإفريقي لسياسة إعادة الإعمار والتنمية بدول ما بعد النزاع عام 2006، إلا أنه مازالت هناك حاجة لوضع إطار عمل مؤسسي يسهم في تعزيز التعاون بين الأممالمتحدة والفاعلين الإقليميين ودون الإقليميين في إفريقيا لدعم أنشطة بناء السلام بدول ما بعد النزاع والتعامل الفعال مع التحديات الناشئة المرتبطة ببناء السلام، وذلك في ضوء ارتباط هذه التحديات بعدد من التهديدات العابرة للحدود مثل الإرهاب وتهريب الأسلحة، وحركة المرتزقة إلى جانب التحديات البيئية التي تؤثر على عدد من الدول دون الإقليمية وانتشار الأوبئة والإمراض المتوطنة كوباء الإيبولا الذي أصبح يمثل أحد التحديات الخطيرة التي تهدد الأمن والاستقرار بالدول الخارجة من النزاعات في غرب أفريقيا.
فالتعامل الفعال مع مثل هذه التحديات بات يتطلب وضع وتطوير إستراتيجيات جديدة لمعالجة جذور النزاعات و مسبباتها لحقيقة في إفريقيا، وتطوير منظومة شاملة لبناء السلام تتضمن تعزيز المشاركة العامة و جهود إنفاذ القانون و الحكم الرشيد، و الحد من مخاطر العودة إلي النزاعات مجدداً، فضلا عن تعزيز الروابط بين الأبعاد المتعلقة بتحقيق السلام و الأمن و التنمية وبما يمكننا من ترجمة هذه الجهود إلي أفعال ملموسة علي الأرض، لاسيما وأن الخبرات والتجارب التي اكتسبتها الأممالمتحدة و الاتحاد الإفريقي و المنظمات الإفريقية دون الإقليمية تشير إلي أن تحقيق السلام المستدام يتطلب دعم العمليات السياسية و بناء مؤسسات الدولة في حالات ما بعد النزاع، باعتبارهما عنصريين أساسيين لتشكيل منظومة إقليمية جديدة لبناء السلام.
السيدات و السادة ، لقد ساهمت مصر بدور رئيسي في بلورة سياسات الأممالمتحدة لبناء السلام منذ قيام الجمعية العامة بإنشاء لجنة السلام عام 2005 لمتابعة حالات الدول الخارجة من النزاعات ، إيماناً منا بأن تحقيق السلم و الأمن لا ينفصل عن دفع جهود التنمية و إعادة بناء القدرات الوطنية لهذه الدول، وبما يحقق هدف دعم هيكل بناء السلام في كل من الأممالمتحدة و الاتحاد الإفريقي، و أولت مصر اهتماماً لدعم بناء القدرات الإفريقية للسلم و الأمن، بما فيها المتعلقة ببناء السلام في مرحلة ما بعد النزاع. و لقد كانت مصر في مقدمة الدول الداعمة لسياسة الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار و التنمية بدول ما بعد النزاع منذ إقرارها عام 2006، كما ساهمت في إطلاق و تفعيل مبادرة التضامن الإفريقي منذ تدشينها في عام 2012، باعتبار سياسة إعادة الإعمار و مبادرة التضامن ركيزتين لتعزيز القدرات الإفريقية و لجهود تحقيق التنمية و التعاون جنوب جنوب في حالات ما بعد النزاع.
و انطلاقاً مما تقدم، فإننا نجتمع اليوم في القاهرة لطرح رؤية إفريقية حول سبل البعد الإفريقي لأنشطة بناء السلام استناداً لخبرات و تجارب الاتحاد الإفريقي و المنظمات الإفريقية و دون الإفريقية و دول القارة، فيما يتعلق بدعم نجاح العمليات السياسية و بناء مؤسسات الدولة في حالات ما بعد النزاع، و بما يساهم في إعداد مداخلات موضوعية تقدمها إفريقيا إلي عملية المراجعة المقبلة لهيكل الأممالمتحدة لبناء السلام عام 2015 لإبراز أهمية إقامة شراكات حقيقية و فاعلة فيما بين الأممالمتحدة و المنظمات الإقليمية و دون الإقليمية، و زيادة انخراط و دعم الشركاء الدوليين لأنشطة بناء السلام في مرحلة ما بعد النزاع بدول القارة و في غيرها من الحالات ذات الصلة.
و في الختام، فإنني أتمنى لكم مشاركة ناجحة و مناقشة مثمرة على مدار اليومين القادمين، وصولا إلي مدخلات نتطلع لقيام الجمعية العامة و لجنة بناء السلام بأخذها في الاعتبار ضمن عملية المراجعة المقررة عام 2015، و في إطار تعزيز البعد الإقليمي في تناول المجتمع الدولي لسبل تحقيق السلام المستدام بحالات ما بعد النزاع، و بما يأخذ في الاعتبار رؤية و تجارب إفريقيا و أفضل الدروس المستفادة في بلورة و تنفيذ سياسات و تطبيقات بناء السلام على المستويين الدولي و الإقليمي .