■ مرسى أرسل له طائرة خاصة إلى شرم الشيخ ليشارك فى افتتاح مجلس الشورى ■ محاميه كشف له المخالفات التى وقعت فى مدينته العلمية عبر خمس رسائل.. وكان رده عليه إلغاء وكالته القانونية ■ حسن عباس حلمى تبرع له ب250 مليون جنيه من أموال شركة فاركو والمقابل كان هيمنة الملياردير الإخوانى على أبحاث المدينة وجعلها فى خدمة مصالحه وشركاته
أعرف أن أسهل تهمة يمكن أن تلصق الآن بشخص ما هى أنه إخوانى، بها يغتالون الشخصيات العامة، وينتقمون من بعض المسئولين فى الدولة، لكننا عندما نفعل ذلك نكون قد تحرينا الأمر، ولذلك عندما نقول إن الراعى الرسمى لأحمد زويل إخوانى.. فإننا نقول ذلك من خلال مشاهدات ودلائل.. دون أن نقترب من زويل فى شىء، فلن يكون صحيحا أن يدعى أحدهم أننا نتهم زويل بأنه إخوان.
لم يكن عالم نوبل الكبير إخوانياً فى أى وقت من الأوقات، بل لا يمكن توصيفه سياسيا أو فكريا، فهو لا ينتمى لشىء ولا لأحد، يعمل فقط من أجل أحمد زويل وحده، وليذهب الجميع إلى الجحيم.
كان يقول شعراً فى مبارك، وعندما رحل ادعى أنه كان ناقماً عليه وشارك فى عزله، وعندما دخل قصر الاتحادية وجلس مع الرئيس الإخوانى محمد مرسى عاد ليكرر نفس الشعر، بل قال ما يشككنا فى إمكانات زويل وقدرته فى الحكم على الناس، حيث ذهب إلى أن مرسى عالم فى تخصصه، دون أن يشير لنا- ولو من بعيد- إلى هذا التخصص ولا ما الذى أنجزه مرسى فيه، وعندما رحل مرسى تغزل زويل فى السيسى وتقريبا قال بحقه نفس الكلام الذى قاله فى مرسى.
لا عيب فى هؤلاء، لكن العيب فيمن يضبط بوصلته على السلطة، يغير رأيه ومواقفه طبقا لهواها.. ولا غرابة فى ذلك فهو رجل صاحب هوى، يريد أن ينعم بإقامته فى مصر، دون أن يؤرق مزاجه أو مزاحه أو لهوه أحد، ولا شىء يضمن له ذلك إلا أن يكون قريبا من السلطة، لها خادماً وبين يديها مادحاً.
قبل افتتاح مجلس الشورى الإخوانى فى ديسمبر 2012 كان الدكتور أحمد زويل موجوداً فى مصر يقضى واحدة من إجازاته، اتصل به محمد مرسى يدعوه لأن يكون على رأس الموجودين فى حفل الافتتاح، ولما علم أنه يقضى إجازة مع زوجته فى شرم الشيخ، أرسل له طائرة خاصة تنقله إلى القاهرة ثم تعيده مرة أخرى إلى شرم الشيخ، فقد كان مرسى حريصا على أن يظهر زويل إلى جواره، وهو ما استجاب له العالم الكبير الذى كان يدعم مرسى ونظامه ويثنى عليه فى كل مكان.
كان زويل يحاول أن يكرم مرسى فى جلساته الخاصة بمديح، لم يكن يأتى إلا على حساب مبارك، وأعتقد أننى لو نشرت ما يقوله زويل عن مبارك فى جلساته الخاصة، فسيصبح العالم الكبير فى حرج بالغ، ليس لمبالغته فى الإساءة لمبارك، وتوصيفه بأوصاف مزرية– بصرف النظر عما إذا كان يستحقها من عدمه– ولكن لأنه لم يكن يسب مبارك إلا ويعقب ذلك بمديح بالغ لمرسى وعبقريته وذكائه وفرط علمه وفهمه لما يدور حوله من أمور.
علاقة زويل بالإخوان تتجاوز ما جرى له ومنه وعليه فى فترة حكم محمد مرسى، لتصل إلى عائلة عباس حلمى وهذه قصة طويلة أعتقد أنها لابد أن تروى.
1
زويل فى كنف عائلة عباس حلمى
عندما كنت أبحث عن أموال مدينة زويل من أين جاءت وفى أى شىء تنفق، اعترض طريقى اسم حسن عباس حلمى، قيل لى وقتها أنه رجل أعمال سكندرى اسمه حسن عباس حلمى تبرع لمدينة زويل ب250 مليون جنيه، عبرت المعلومة دون أتوقف أمامها كثيرا، فحتماً هو أحد رجال الأعمال الذين يرعون العلم والعلماء دون أن نعرف عنهم شيئا، ودون أن يهتموا هم بأن نعرف عنهم شيئا.
لكن المفاجأة أن حسن عباس حلمى ليس فردا، ولكن عائلة بكاملها، إلى جواره يعمل شقيقه شرين وابنه يشار، وهنا أستند إلى ما يقوله العاملون فى شركة فاركو للأدوية التى يمتلكها حسن وابنه.
يرى العاملون فى الشركة أن عائلة عباس حلمى إحدى دعائم الإخوان، ولا يزالون يدعمون الجماعة وما تقوم به فى الشارع المصرى، يشعر العاملون فى الشركة بأن عائلة عباس حلمى صاحبة سطوة ولهم نفوذ، فكل الشكاوى التى تقدموا بها ضدهم منذ عصر مبارك لا يلتفت لها أحد، فرغم أنهم يميلون إلى الإخوان إلا أنهم ألقوا بأنفسهم فى أحضان نظام مبارك، لأنهم كانوا يعرفون أن المصلحة معه.
ما الذى يربط أحمد زويل بعائلة عباس حلمى، المعلومات المتوافرة تقول إن حسن عباس حلمى يتكفل بجميع نفقات إقامة أحمد زويل وأسرته أثناء تواجده فى مصر، وينفق بسخاء على إقامة الدكتور فى فندق الفورسيزونز بجاردن سيتى، ولا تخرج الفاتورة من جيب حسن الشخصى، بل تتكفل شركة فاركو للأدوية بجميع المصاريف.
حتى الآن 90 بالمائة من العاملين فى الشركة ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، وكان شرين عباس حلمى دائم الاجتماع مع قيادات جماعة الإخوان المسلمين فى 3 مقرات معروفة ومحددة للجميع، الأول قصر يملكه فى كينج مريوط، وأنشأ به قاعة كبيرة على شكل مسجد، والثانى فيللا مجاورة لمدرسة الصفوة بكينج ماريوت أيضا، كان يملكها الإخوانى محسن اللبان، أما المقر الثالث فهو مسجد الإيمان الذى يقع على محطة ترام سيدى بشر.. ويتم التنسيق لهذه اللقاءات بمعرفة اثنين من الإخوان يعملان فى الشركة هما الشيخان شعبان وعصام.
لم يكن شرين بعيدا عن نظام محمد مرسى، بل كان واحدا من أعضاء اللجنة الاستشارية التى شكلها مرسى للتنسيق بين مؤسسة الرئاسة والقطاع الخاص، بل كان واحدا من رجال الأعمال الذين سافروا برفقة محمد مرسى إلى الصين ممثلا لقطاع الدواء.
لكن ما الذى يجعل هذه العائلة الإخوانية ترمى شباكها على أحمد زويل؟ الأمر فى غاية البساطة، فهى تبحث عن مصلحتها الشخصية، وعندما نعرف نفوذ حسن عباس حلمى فى مدينة زويل، سنعرف لماذا تبرع له ب250 مليون جنيه دفعة واحدة.
تبرع عباس حلمى لمدينة زويل جرى فى العام 2011، تحديدا فى 17 يوليو، بعد معرفة دامت بين عباس وزويل لأكثر من عشر سنوات سابقة، اشترط عباس مقابل تبرعه أن يكون مركز الإسكندرية للتدريب والأبحاث فى مجال العلوم الصيدلانية تابعا لمدينة زويل مباشرة، وذلك لربط الأبحاث العلمية بالمجال التطبيقى فى مجال صناعة الدواء.
لم يكن تبرع حسن عباس حلمى لوجه العلم فقط، ولكن لخدمة شركاته وصناعته، وقد استطاع أن يفرض هيمنته على مدينة زويل بالكامل، وكان مفاجئا أن يقوم ابنه يشار– طبقا لتقارير صحفية سبق نشرها– باستعراض ما توصلت إليه بحوث مدينة زويل أمام رئيس رومانيا عندما كان فى زيارة مؤخرا لها، لقد تعامل وكأنه صاحب المدينة، ولم لا وهو ابن صاحب أكبر تبرع حصلت عليه المدينة، ثم وهذا هو الأهم صاحب الكفالة الأساسية لزويل وعائلته أثناء إقاماته الكثيرة فى مصر.
2
المحامى الذى فضح صمت زويل
هل يعرف زويل شيئا عن هيمنة حسن عباس حلمى على المدينة وعلى أبحاثها؟
مؤكد أنه يعرف ذلك، فهو صديق شخصى له، بل لن أكون مبالغا إذا قلت إنه يبارك هذه الهيمنة بل ويرى فيها أمراً طبيعياً جداً.
نفس السؤال أجدنى أطرحه وبصراحة تامة، وهو: هل يعلم أحمد زويل شيئا عن إهدار المال فى مدينته؟ وهو الإهدار الذى سجله بلاغ المحامى وسام إسماعيل محمد وتقدم به إلى النائب العام ضد ثلاثة من معاونى زويل فى المدينة، كان هذا هو السؤال الأول والوحيد الذى طرحته على وسام بعد أن بحثت عنه الأسبوع الماضى، وكانت الإجابة مفاجأة.
لقد وضع المحامى المجتهد كل شىء أمام أحمد زويل من خلال 5 رسائل، تضمنت كل شىء، شرح له تفاصيل ما يجرى داخل المدينة، ويمكن أن نقرأ فيها بعض الفقرات الدالة على أن المعاونين للدكتور زويل لم يكونوا على قدر المسئولية.
الرسالة الأولى كانت فى 8 يوليو 2013، وكانت بخصوص الإشكال الذى رفعه وسام إسماعيل بعد حكم المحكمة الإدارية بتسليم المبانى إلى جامعة النيل، يقول له: تم رفع إشكال من جانبنا وقبل دخول أى من المحامين الآخرين باسم الأستاذ الدكتور أحمد حسن زويل الملتزم بالسند التنفيذى أمام محكمة 6 أكتوبر للأمور المستعجلة، وهذا يعتبر إشكالاً أول يوقف التنفيذ، وقد يستغرق هذا الإشكال بضعة شهور مناسبة لحين نظر موضوع الدعوى الأساسى أمام محكمة القضاء الإدارى، ولكن للأسف تم رفع إشكال آخر أمام المحكمة الإدارية العليا أمام ذات الدائرة مصدرة الحكم، ومن المتوقع أن يتم إنجاز هذا الإشكال الأول ما دام مرفوعاً من ذات الشخص الملتزم بالسند التنفيذى رافع الإشكال أمام محكمة 6 أكتوبر للأمور المستعجلة، وهو سيادة الدكتور أحمد حسن زويل، ما يستتبع معه أنه فور الفصل فى موضوع الإشكال المرفوع أمام المحكمة الإدارية العليا سوف يتم التنفيذ فورا، وهذا ما وضحناه لممثلى مدينة زويل دون فائدة، ولقد فوجئنا بأنه فى أول جلسة لنظر موضوع الإشكال سالف البيان قيام أحد المحامين الممثلين للأستاذ الدكتور أحمد زويل برد هيئة المحكمة، وهذا العمل غير المسئول له رد فعل عكسى أمام المحكمة أولا والرأى العام ثانيا، بالإضافة إلى أنه حتى الآن لم يتخذ أى إجراء قانونى للنظر فى موضوع الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى كما اتفقنا عليه مع فريق العمل القانونى الذى أكد مسئوليته فى هذا الشق، إلا أننا وجدناه يتدخل بإجراءات قانونية غير صحيحة بالسلب، كما أوضحنا على موقف مدينة زويل القانونى.
فى اليوم التالى مباشرة أرسل وسام إسماعيل نفس الرسالة إلى أحمد زويل، وطلب أن تسلم له شخصيا لأنه لم يتمكن من الحصول على البريد الإلكترونى الخاص به، ورفض المسئولون بالمدينة أن يمنحوه إياه، مانعينه من أن يتواصل مع زويل بشكل مباشر.
فى 29 نوفمبر 2013 أرسل وسام رسالة جديدة إلى زويل قال له فيها: بمناسبة التحقيقات التى تجريها نيابة الأموال العامة العليا فى البلاغ المقدم من الأستاذ محمد حمودة المحامى بصفته وكيلا عن جامعة النيل، حيث مثلنا أمام السيد رئيس نيابة الأموال العامة العليا بصفتنا وكيلا عن الأستاذ الدكتور أحمد زويل بجلسة التحقيق بتاريخ 26/11 /2013 وطلب منا تقديم المستندات الآتية:
أولا: مقدار الأموال المنصرفة بدءا من تاريخ تلقى التبرعات حتى تاريخ صدور القانون وأوجه الصرف والمستندات الدالة عليها، والقائم على الصرف والرقابة التى تمت من الجهاز المركزى أو مندوب وزارة المالية سواء بعد صدور القانون أو قبله.
ثانيا: كيان مجلس الأمناء قبل صدور القانون.
ثالثا: اللائحة الداخلية للصرف.
رابعا: تقرير جهاز الصرف.
خامسا: السند القانونى الذى توافر للأستاذ طارق عامر عند جمع التبرعات.
سادسا: صلاحية الدكتور أحمد زويل لصرف الأموال قبل صدور القانون.
وحيث إن هذه المستندات على درجة عالية من الأهمية ومن شأنها أن تدرأ الاتهام عن شخص العالم الجليل الأستاذ الدكتور أحمد زويل وعن مسئولى مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، فقد خاطبنا كلا من السيد اللواء صلاح عزازى والسيدة راجية منصور بموافاتنا بتلك المستندات، إلا أنهما حتى الآن لم يقدموا لنا أى مساعدة، وقد اختلط عليهما الأمر، فكانت تعليمات الأستاذ الدكتور أحمد زويل، بناء على الاتصال التليفونى الحاصل بيننا، أنه فيما يخص القضايا المرفوعة منا يكون التنسيق مع الأستاذ حمدى خليفة المحامى، أما ما يخص بلاغ الأموال العامة العليا والمستندات المطلوبة فيها فيكون التنسيق مع ممثلى مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا.
فى الرسالة الأخيرة التى أرسلها وسلمها إلى أحمد زويل فى 5 يونيو 2014 قال له نصا: أستطيع أن أثبت لسيادتكم وأن تثبت لكم الأيام بالدليل القطعى الذى لا يقبل التأويل أن القائمين على العمل فى المدينة التى تحمل اسمكم خالفوا القانون وعبثوا بأموال شعب مصر وهى أموال عامة استأمنتم العاملين بالمدينة عليها بعد جمعها بمعرفتكم.
لا علاقة لى على الإطلاق بالخلاف الذى دار بين المحامى وسام اسماعيل ومدينة زويل، هناك خلاف على استحقاقات مالية، قد يعتبر البعض أن المحامى يكشف ما يكشف بسببها، لكن للأمانة لقد لاحظت فيه نبلا ورغبة فى الحفاظ على المال العام، فلو كان يريد الحصول على مستحقاته، لما تصدى للعاملين فى المدينة وهو يعرف جيدا أن كل شىء بأيديهم، كان يمكنه أن يسير فى السرب دون أن يشذ عنه، ليأخذ ما يريد، لكنه قرر أن يكشف كل شىء، ويضعه أمام أحمد زويل، من خلال الرسائل والمكالمات الهاتفية التى دارت بينهما، وفى معظمها كان زويل يؤكد له أنه فى أول زيارة للقاهرة سوف يناقش كل هذه الأمور، ويراجع هذه المخالفات، وكانت المفاجأة أن زويل عندما عاد ألغى التوكيل الذى منحه لوسام، وكأنه يعاقبه على أنه كشف له مخالفات يرى أنها تضر بالمال العام، وتضر بصورة أحمد زويل نفسه.
لقد تقدم وسام ببلاغه إلى النائب العام ضد بعض رجال أحمد زويل، مقدما بين يدى البلاغ بأنه يفعل ذلك وهو يحمل وكالة زويل، وذلك حتى لا يضع العالم الكبير فى حرج، لقد أوحى للنيابة وللرأى العام أن زويل لا يعرف شيئا مما يدور فى مدينته، لكن ما جرى فى الكواليس يقول عكس ذلك تماما.
أعرف أن الكلمة الأخيرة ليست لدى، وليست لدى وسام إسماعيل المحامى، فهناك كلمة أخرى لدى زويل، ولدى من يعملون معه، لا يفصحون عنها، دون أن أعرف أسباب ذلك، وأعتقد أن من حقهم أن يتحدثوا هذا إذا أرادوا أن يبرئوا ساحتهم وساحة عالم نوبل الذى لا يهتم بالاتهامات التى تحاصره من كل مكان.
يقولون: أحمد زويل لا يهتم بما يكتب عنه، فهل يفعل ذلك اعتقادا منه أن السلطة تحميه، وأن الرئيس يثق فيه ويقربه منه ويضعه من بين الفريق الاستشارى العلمى، قد يكون زويل محقا فى كل ذلك، لكنه لا يعرف أن صورته التى حاول تصديرها للرأى العام تحولت بالفعل إلى شظايا وأنه لو دفع كل ما يملك وكل ما يملكه من ينفقون عليه فلن يستطيع ترميم هذه الصورة.
ليس أمام زويل إلا أن يتحدث بصراحة، فشرعيته العلمية لا تمنحه أبدا الحق فى أن يصمت عن مخالفات تصل إلى إهدار المال العام.. وهى الجريمة التى لا يمكن أن يسامح فيها المصريون أبدا.