قال الدكتور محمد السيد النجار الخبير والمفكر الاقتصادى هناك معلومة خاطئة تم تداولها عن المشروع الجديد لقناة السويس ، حيث اعتقد البعض أن الرئيس السيسى اصدر قرارا بطرح أسهم للاكتتاب لتمويل مشروع حفر القناة ثم عدل عن قراره بطرح تمويل المشروع عن طريق شهادات استثمار ، موضحا أن الذى كان مقصودا بفكرة الأسهم هى المناطق الصناعية التى ستقام على ضفنى المجرى الملاحى للقناة التى ستديرها شركة قابضة وسيتم طرح الأسهم للمصريين فقط للاكتتاب عدا المناطق الصناعية الخاصة والتى سيسمح للأجانب باقامة مشاريع صناعية كبرى فيها مثل المنطقة الصناعية الروسية التى ستحصل على حق انتفاع . واضاف "النجار" فى تصريحات خاصة " للفجر " أن المنطقة الصناعية الروسية التى ستقام على المناطق الصناعية المخصصة ضمن مشروع قناة السويس الجديد هى خطوة ممتازة تأتى فى اطار تنامى العلاقات المصرية الروسية و ستمتد تداعياتها لتشمل ابعادا سياسية واستراتيجية تتجاوز النطاق الاقتصادى بكثير وستنعكس على المستويين الاقليمى والدولى ، موضحا أن العالم الآن يشهد تغيرات جذرية من شأنها أن ينبنى عليها انماط جديدة من العلاقات الدولية وموازين جديدة للقوى تحتل فيها روسيا على وجه الخصوص ومجموعة بريكس الاقتصادية الصاعدة مكانة مهمة على المستويين الاقتصادى والسياسى ، كما أن هناك محاور جديدة للقوى تتبلور الآن فى ظل الأوضاع المتكشفة عن أزمة اوكرانيا ومن الضرورى أن يكون لدى الدولة المصرية تصور استراتيجى للتعامل مع تلك الخريطة الدولية التى تتشكل الآن ومع القوى السياسية والاقتصادية الصاعدة وعلى رأسها روسيا والصين.
وتابع النجار روسيا تمتلك لاكبر ثانى صندوق سيادى فى العالم بعد النرويج ويمكن أن يكون مصدرا لتمويل مشروعات اقتصادية مصرية عملاقة على غرار ما تم فى العصر الذهبى للعلاقات المصرية السوفيتية وعلى رأسها السد العالى علاوة على التعاون العسكرى والصناعى الضخم ، مشيرا إلى أن المنطقة الصناعية الروسية فى منطقة قناة السويس الجديدة سيوفر لروسيا منطقة للدعم اللوجستى الصناعى فى المياه الدافئة وفى المقابل تم منح مصر امتيازات على البحر الأسود وهى خطوة ممتازة على صعيد التبادل التجارى ليس فقط بين مصر وروسيا وإنما بين مصر وكل دول الاتحاد السوفيتى السابق ، مما سيفتح اسواقا تجارية لجميع الاطراف خاصة مصر التى ترتبط باتفاقات وتعاهدات دولية فى اطار القارة الأفريقية وعلى رأسها الكوميسا سيكون لها مردود ايجابى على حركة التجارة المصرية هناك .
واكد النجار على أن تنامى العلاقات المصرية الروسية واقامة منطقة صناعية روسية على مشروع قناة السويس الجديدة مقابل منح مصر امتيزات على البحر الأسود من شأنه أن يزيد من فاعلية وأهمية الرسالة السياسية التى تريد الدولتان مصر وروسيا ارسالها للعالم وهى المكانة القوية التى تتمتع بها كل دولة لدى الأخرى والتى لن تنحصر فى العلاقات الثنائية بل ستشمل الاقليمية والدولية حيث أن روسيا لها تطلعات اقتصادية فى القارة السمراء وتنظر إلى مصر باعتبارها البوابة لإفريقيا ، موضحا أن تلك الرسالة تكتسب أهمية خاصة فى اطار المستجدات التى تطرأ على الخريطة الدولية .
واكد النجار على أن روسيا على امتداد تاريخها من اكبر الداعمين للمواقف العربية ، مشيرا إلى أنه يمكن البناء على هذا التاريخ بمزيد من الدعم السياسى فى هذا السياق الزمنى الجديد وفى المقابل تنامى العلاقات المصرية الروسية سيفتح المجال لمصر واسعا فى تدعيم العلاقات الاقتصادية والسياسية مع دول البريكس والمحور الروسى الذى يتشكل حاليا.
واختتم النجار حديثه قائلا:-" إن مشروع قناة السويس ليس فقط مشروعا لحفر قناة وإنما مشروع وطنى متكامل يعبر عن دولة صاعدة لها وضعها الاقليمى خاصا فيما يتعلق بالمناطق الصناعية التى ستقام على ضفتى المجرى الملاحى ودعم هذا المشروع واجب وطنى بصرف النظر عن الجانب الربحى".