قال الأنبا إسحق، أسقف عام كنائس الفيوم للأقباط الأرثوذكس: "إنه من الأخطاء التي يقع فيها بعض رجال الكهنوت "العنف"، حيث يتعامل الكاهن مع رعيته بعنف .وقد يكون عنفا جسديا مثل الضرب والإهانة,إذ توجد قلة ضئيلة تتصرف هكذا، أو يكون عنفا في طريقة الكلام, إذ يستخدم ألفاظا شديدة أو قاسية". وأضاف الانبا إسحق في مقال له عن "العنف"، نُشر عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الإجتماعي فيس بوك: " قد يلبس عنفه ثوبا من التدقيق الشديد هو في حقيقته عنف .كما كان يحدث مع الكتبة والفريسيين الذين كانوا يحزمون أحمالا ثقيلة عسرة الحمل,ويضعونها علي أكتاف الناس.وهم لا يريدون أن يحركوها بأصبعهم (مت23:4)، لكن لأن الكاهن لايريد أن يوصف بالعنف,لذلك يصف عنفه بأنه دفاع عن الحق, أو دفاع عن القيم,أو لون من التدقيق! وهو في عنفه يخسر الكثيرين ممن يتصرف معهم هكذا".
وتابع: " إن السيد المسيح لم يكن عنيفا, بل كان يتعامل بلطف، * لم يكن عنيفا في قيادته المرأة السامرية إلي التوبة,بل استدرجها إلي الاعتراف في لطف,بقوله لها حسنا قلت ليس لي زوج....هذا قلت بالصدق (يو 4:17,18).وآمنت به المرأة وتابت، ولم يكن عنيفا في تعامله مع نيقوديموس,الذي جاء إليه ليلا خوفا من اليهود( يو 3:2,1) فلم يوبخه علي خوفه، ولم يكن السيد المسيح عنيفا مع تلاميذه ,الذين لم يقدروا أن يسهروا معه, ساعة واحدة في بستان جثسيماني,بل قال لهم في لطف أما الروح فنشيط, وأما الجسد فضعيف .ناموا الآن واستريحوا (مت 26:45,41)، ولم يكن عنيفا مع تلميذه توما الذي شك في قيامته,بل أظهر له جروحه وقال له لا تكن غير مؤمن بل مؤمنا (يو20:27)، ولم يكن عنيفا في توبيخه لتلميذه بطرس الذي أنكره ثلاث مرات بل قال له في لطف ياسمعان بن يونا,أتحبني أكثر من هؤلاء؟...ارع غنمي .ارع خرافي (يو21:15 17)".
وأكمل: "أيضا قيل عن السيد المسيح في لطفه وعدم عنفه,إنه لايخاصم ولا يصيح,ولا يسمع أحد في الشوارع صوته.قصبة مرضوضة لا يقصف, وفتيلة مدخنة لا يطفئ(مت 12:20,19)، وللأسف ,ما أكثر رجال الكهنوت الذين يقصفون القصبة المرضوضة, ولا يبالون بالفتيلة المدخنة بل يطفئونها! ويعللون ذلك بالغيرة المقدسة والدفاع عن وصية الله! الغيرة حسنة ,ولكن أسلوب التنفيذ هنا خاطئ"، مضيفاً إن العنف منفر لذلك فالكتاب يدعو إلي اللطف، وهكذا يقول الكتاب كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض .شفوقين متسامحين, كما سامحكم الله أيضا في المسيح(أف4:32) وقد وضع اللطف ضمن ثمار الروح (غل 5:23).
وإستطرد: "وقد وصف الله تبارك اسمه باللطف، فقال الرسول ولكن حين ظهر لطف الله مخلصنا وإحسانه,لا بأعمال في بر عملناها, بل بمقتضي رحمته خلصنا.. (تي 3:5,4) ,وقال أيضا أم تستهين بغني لطفه وطول أناته؟! غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلي التوبة (رو 2:4) ولم يلجأ الله إلي الشدة إلا بعد أن تستوفي كل وسائل اللطف والهدوء، مؤكدا ان اللطف وعدم العنف يدخلان في فضيلتي الوداعة والتواضع، فمن هو وديع ومتواضع لا يكون عنيفا.
وإختتم الانبا إسحق قائلاً: "فالكاهن الذي يطرد بنتا من التناول ,بسبب روج علي شفتيها هو عنيف في تصرفه,مهما اعتذر بكرامة الأسرار المقدسة، حقا إن الأسرار لها قدسيتها، ولكن وسيلة المحافظة علي قدسيتها لا تكون عنيفة، ربما يسمي الكاهن تصرفه حزما وحسما،ولكنه عنف، وفي هذا المجال ,أود أن أشير إلي قول الرسول: أيها الأخوة إن انسيق إنسان فأخذ في زلة, فاصلحوا أنتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة.ناظرا إلي نفسك لئلا تجرب أنت أيضا. احملوا بعضكم أثقال بعض(غل 6:2,1).