أسئلة مشروعة عن مؤهلاتها وإمكانياتها وعبقريتها النادرة 1- سر الفلسطينية الغامضة التى تحكم وزير الاستثمار
قبل أن يدخل الدكتور أشرف سالمان وزير الاستثمار إلى وزارة المهندس محلب، كان له اسمه فى سوق الاقتصاد والاستثمار، كان شريكا فى عدد من الشركات، فى واحدة من هذه الشركات – cfh - التى تعمل فى مجال الأوراق المالية والبورصة، كانت تعاونه سكرتيرة يثق فى إمكانياتها وكفاءتها، وهو ما لا يمكن لأحد أن يعترض عليه.
لكن الاعتراض بدأ عندما أخذ سالمان سكرتيرته معه إلى وزارة الاستثمار، وجعل منها مركز قوى، للدرجة التى يمكن أن تقول إنها بالفعل هى الحاكمة بأمرها فى الوزارة، فمادامت تحكم الوزير، فهى بالتبعية تحكم الوزارة كلها.
يمكن ألا نعترض على هذا أيضا إذا كانت هذه السكرتيرة صاحبة كفاءة عالية، لكنها فى الحقيقة تثير التساؤلات أكثر مما تثير الراحة، فهى من أصل فلسطينى، والدها كان مسئولا عن مكتب السلطة الفلسطينية فى مصر لسنوات طويلة (معروف أن من يتولى هذا المنصب يكون رجل مخابرات فى الأساس) وأمها مصرية.
تزوجت هذه السيدة مرتين قبل ذلك – هى فى الأربعينات من عمرها الآن – زوجها الأول كان ابن عائلة غنية جدا فى الكويت، والثانى كان فلسطينياً من غزة، وعملت من خلاله فى تجارة الملابس التى كان يستوردها.
توقفت هذه التجارة عندما انتقلت السكرتيرة الفلسطينية إلى شركة أشرف سالمان، فقد أصبحت الذراع اليمنى له، وعندما انتقلت إلى مكتبه فى وزارة الاستثمار أصبحت أكثر قوة، فهى تسافر معه فى كل سفرياته إلى الخارج – بالمناسبة لا تزال تستعمل جواز سفرها الفلسطينى إلى جوار جواز سفرها المصرى بعد حصولها على الجنسية المصرية مؤخرا – كما أنها تلتقى بكبار رجال الأعمال والمستثمرين بصفة دائمة، وتحتفظ بملفات الجميع معها، كما أنها تستخدم سيارة من الوزارة فى كل تنقلاتها الشخصية، بل تستخدم سيارة الوزارة الخاصة فى معظم الأوقات.
من الملاحظ فى السيرة العائلية لسكرتيرة وزير الاستثمار – اسمها الكامل لدينا – أن لديه شقيقاً لم يحصل على الجنسية المصرية إلا مؤخرا، رغم أن قانون منح الجنسية لأبناء المصريات المتزوجات من أجانب صدر منذ سنوات، وهو ما يشير إلى أن التحريات عن شقيق سكرتيرة الوزير لم تكن فى صالحها، ولذلك تأخر حصوله على الجنسية.
لا يمكن أن نرصد كل الملاحظات التى تطارد سكرتيرة الوزير الآن من قبل المتعاملين مع وزارة الاستثمار، فمشروع أن تكون لديها تطلعات مالية ضخمة جدا، ومقلق بعض الشىء أن تكون هناك شكاوى عديدة منها، لأنها صاحبة حظوة لدى الوزير ولدى المتعاملين معه أيضا، ومشروع أن انتماءها الأكبر لفلسطين رغم أنها عاشت معظم سنوات عمرها هنا فى مصر، فهى لا تقبل أى كلمة ولو عابرة عن فلسطين، بل يمكن أن تدخل فى خناقات مع من يتحدث عن غزة وحماس.
هنا تأتى الأسئلة: ما الذى جعل الوزير يأتى بسكرتيرته فى شركته الخاصة لتكون مدير مكتبه فى الوزارة؟.. هل راعى فى ذلك القواعد القانونية، أم فعل ذلك دون اعتبارات للقانون؟.. ما مؤهلاتها العلمية وكفاءتها الإدارية لتكون المرأة الأقوى فى الوزارة؟ تحت أى بند أو منطق تكون هى الواسطة الوحيدة بين الوزير وبين المستثمرين ورجال الأعمال المتعاملين مع الوزارة؟.. هذه مجرد أسئلة أعتقد أن الوزير مطالب بالإجابة عنها.
أوراق جديدة من ملف الإهدار المتعمد
2 - نزيف المال العام فى فندق النيل هيلتون يبدأ ب 500 مليون جنيه
عندما تتصفح الصفحة الرسمية لفندق النيل هيلتون ستصلك على الفور كل المعلومات عن الفندق التاريخى الذى تغيرت إدارته من شركة "هيلتون" العالمية، إلى شركة "ريتز كارلتون" العالمية.
فبعد ما يقرب من خمسين عاما تولت خلالها شركة "هيلتون" إدارة الفندق الذى افتتحه الرئيس جمال عبد الناصر فى العام 1959، قررت شركة مصر للفنادق المالكة للفندق أن تتيح الفرصة لإحدى أهم شركات إدارة الفنداق فى العالم وهى "ريتز كارلتون" لتتولى إدارة الفندق.
تم توقيع العقد بين مصر للفنادق و"ريتز كارلتون" فى 8 ديسمبر 2008، على أن يتم تسليم الفندق فى ديسمبر 2013 بعد أعمال التطوير الشامل، بحيث تكون مدة العقد عشرين عاما فقط، وقد تعهدت شركة "ريتز كارلتون" بدفع 12 مليون دولار لشركة مصر للفنادق إذا تم تسليم الفندق فى موعده.
حتى الآن نحن أمام مشروع استثمارى مهول، يعرف قدره العاملون فى السياحة، لكن الحلم الكبير تحول إلى كابوس.. وهذه قصة نحكيها من البداية من واقع أوراق رسمية ومستندات متداولة داخل كواليس شركة مصر للفنادق.
فى 18 مايو 2014 وجهت شركة مصر للفنادق دعوة للجمعية العمومية لاعتماد الموازنة التقديرية للعام المالى 2014/2015، وتقرير مجلس الإدارة بشأن الموازنة التقديرية.
وصلت الدعوة إلى أعضاء الجمعية العمومية ومن بينهم المساهم محمد إبراهيم دسوقى، وهو أحد رجال السياحة، وبالمناسبة كان صاحب الصلة المباشرة بالعمل فى فندق النيل هيلتون، وكان نائبا لرئيس مجلس إدارة شركة مصر للفنادق والعضو المنتدب بها فى الفترة من 1 نوفمبر 2010 إلى 21 نوفمبر 2012.
تقدم دسوقى بمذكرة دقيقة ومفصلة إلى ميرفت حطبة القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما.. وهى المذكرة التى تكشف الكثير، وهو كثير نطالب بأن يخضع للتحقيق، لأننا ببساطة أمام جريمة إهدار مال عام مكتملة الأركان.
كانت القيمة التقديرية لتطوير النيل هيلتون بالإضافة إلى إنشاء صالة حفلات 700 مليون جنيه، وهو ما يظهر فى تقرير شركة مصر للفنادق فى موازنة 2009/ 2010، اعترض دسوقى على هذه القيمة، فمعنى إنفاق 700 مليون جنيه على تجديد وتطوير 400 غرفة هى غرف الفندق، أن متوسط تكلفة الغرفة سيكون 1.75 مليون جنيه، هذا مع الوضع فى الاعتبار أن تطوير الفندق بواسطة "ريتز كارلتون" قام بتخفيض عدد مفاتيح الغرف إلى 331 مفتاحاً، ليصبح متوسط تكلفة المفتاح 3.6 مليون جنيه.
الجديد فى الأمر أن تكلفة التطوير وصلت حتى الآن – تأخر تسليم الفندق لأكثر من ثمانية شهور وليس متوقعا أن يتم الانتهاء منه قريبا – إلى مليار و200 مليون جنيه، ما يعنى إهدارا واضحا فى المال العام يصل إلى 500 مليون جنيه فى تطوير وتجديد فندق واحد.
من أين يأتى الإهدار إذن؟
طبقا لمذكرة إبراهيم دسوقى، فإن كل المكافآت والحوافز الخاصة من بداية التطوير فى 2009 حتى 2012 محملة على تكاليف التطوير، كما أن بيع المفروشات الخاصة بالغرف والعدد والآلآت والمطابخ ومفروشات المطاعم وصالات الحفلات والاجتماعات والموكيت ومفروشات اللوبى والألوميتال للواجهات بعدد 400 بلكونة واللوبى، تم قيدها إيرادات للشركة وهى فى الحقيقة لابد من تخفيضها كأصول للفندق بهذه القيمة وإضافتها لصالح الصرف للتجديد والتطوير الجديد من أجل تخفيض هذه التكلفة.
هناك ما هو أكثر فشركة مصر للفنادق تقوم بصرف حوالى مليون جنيه شهريا رواتب للعاملين فى فندق النيل هيلتون منذ عام 2009 حتى 2014 (6 سنوات) لحين إنهاء التطوير وتشغيل العاملين مع ريتز كارلتون، هذا بالإضافة إلى ما تم صرفه من تكلفة المعاش المبكر ليصل إجمالى المتوقع صرفه من رواتب ومعاش مبكر حوالى 80 مليون جنيه، ومن الطبيعى أن تقوم الشركة بإضافتها على تكلفة التطوير.
فى العقد كانت شركة "ريتز كارلتون" قد تعهدت بدفع 12 مليون دولار فى حالة الانتهاء فى العمل فى الموعد المحدد، على أن يتم منها تسوية ما تم سداده للعاملين بالفندق طوال الست سنوات وذلك لتخفيض تكلفة التطوير، لكن تأخر العمل وعدم التسليم فى الموعد المحدد أضاع على الشركة ال 12 مليون دولار، ما يعنى أن تكلفة العاملين سوف تتحملها الشركة وستضاف على تكلفة التطوير النهائية.
كانت شركة مصر للفنادق قد حصلت أيضا على قرض لإنهاء التطوير، وفى سنة الموازنة ستصل أعباء القرض إلى 60 مليون جنيه، مطلوب سداد هذا المبلغ فى نفس سنة الموازنة، ليبقى القرض على ما هو عليه دون سداد، وفى السنة التالية 2015/2016 سيكون مطلوباً سداد 60 مليون جنيه أعباء القرض بالإضافة إلى سداد حصته لسنة من القرض، وهذا بخلاف أعباء القرض والمستحق سداده فى عام 2013/ 2014.
طبقا لمذكرة إبراهيم دسوقى أيضا، سيكون من المتوقع خلال السنوات القادمة أن يعانى أصحاب أسهم الشركة بشأن توزيع الأرباح بسبب التكلفة العالية للتطوير بجانب سداد حصة القرض السنوية وأعباء القرض.
يمكن أن تقول إن التأخير فى تسليم الفندق كان بسبب الظروف التى عاشتها مصر، فهو يقع بالقرب من ميدان التحرير، كان فى قلب الحدث إذن، وهو ما كان سببا مباشرا فى تعطيل العمل.. لكن شيئا من هذا لم يحدث على الإطلاق.
فى تقرير آخر رفعه إبراهيم دسوقى إلى ميرفت حطبة بتاريخ 4 يونيو 2013، أى قبل الموعد المحدد لتسليم الفندق بستة شهور فقط، أكد فيه من خلال متابعته الميدانية للعمل أن العمال لم يتوقفوا إلا يومين فقط عن العمل خلال السنوات الماضية بشكل اضطرارى، وهو ما يعنى أن هناك أسباباً أخرى للتأخير.
وهنا يمكن أن نشير إلى واقعة ذات معنى.
نظرا لتعطل العمل جرت مطالبات عديدة بتعيين رئيس مجلس إدارة وعضو منتدب متخصص إدارة فنادق يستطيع مناقشة كبار المسئولين فى شركة ريتز كارلتون فى فنيات وتطوير وتجديد الفندق، ودفع عملية التطوير وافتتاح الفندق فى موعد 30 يونيو 2014 (هذا الموعد فات أيضا) وقد تم خلال الجمعية العمومية تعيين الفندقى حسين غالب، واستبشر الجميع خيرا به، لكن بعد شهرين استقال غالب، رغم أن شركة مصر للفنادق كانت فى أمس الحاجة إليه خلال فترة التشطيبات لتشغيل وتسليم الفندق دون تأخير.
الأغرب أن استقالته قبلت بسهولة، ليتم تعيينه بعد ذلك رئيساً وعضواً منتدباً لمجلس إدارة شركة المنتزه، ولا يمكن تعيينه فى هذا المنصب إلا بعد موافقة الشركة القابضة للسياحة والفنادق.. والسؤال الذى لابد أن يحاصرك كما حاصرنا: هل تم إبعاد حسين غالب من منصبه فى شركة مصر للفنادق بناء على طلب أحد المسئولين الكبار، وتمت تلبية الطلب دون مراعاة لشركة مصر للفنادق التى تعانى من زيادة تكلفة التطوير وزيادة مدته أيضا إلى ست سنوات والحرمان من الدخل لحصة المالك فى تشغيل الفندق لسنتين على الأقل زيادة فى فترة التطوير.
بعد حسين غالب تم تعيين مصطفى سعد قائما بأعمال رئيس مجلس إدارة شركة مصر للفنادق، وكانت هذه أزمة أخرى، فطبقا لملاحظات من يعرفون مصطفى سعد جيدا فهو لا يعرف كلمة إنجليزية واحدة يخاطب من خلالها مسئولى شركة "ريتز كارلتون" ثم إنه ليس خبيرا بفنيات العمل فى الفنادق حتى يتناقش مع مسئولى الشركة العالمية فى فنيات التجديد والتطوير والفرش.
يعمل المسئولون فى شركة مصر الفنادق الآن على أن ينتهى العمل فى التطوير والتشطيب فى ديسمبر 2014، وهو ما يستحيل تنفيذه واقعيا، فعلى الأرض العمل لا يزال فيه الكثير، طبقا لمراقبين لما يحدث فى الفندق، وهو ما يعنى أن نزيف المال العام يمكن أن يستمر دون حساب، رغم أن هناك بلاغات للرقابة الإدارية، وهناك تحقيقات فى الموضوع، لكن لا أحد يريد أن يتحرك.
كان يمكن لنا أن نشير إلى أسماء بعينها، أن نفضح ما يجرى فى كواليس شركة مصر للفنادق، لكننا نشير فقط إلى جريمة عامة، لعلها تسترعى انتباه أحد فيقوم بالتحقيق فيها، وهو ما نتمناه ونريده.
ربما تكون لعنة جمال مبارك أصابت فندق النيل هيلتون، فمن بين النميمة السياسية التى تتردد حوله، أن هذا الفندق تحديدا كان واحدا من المشروعات التى خطط جمال لافتتاحها بعد أن يصبح رئيسا للجمهورية، فقد كان يعتقد أن مصر دانت له ومشروع التوريث ماض فى طريقه، وأن جمال تدخل مباشرة لدى مسئولى "ريتز كارلتون" كى يحصلوا على إدارة الفندق.
لست بصدد تحقيق هذ الكلام، فهى واقعة ومضت.. لكن يظل الأمر عند وقائع ترقى إلى الفساد العام، هناك موظفون ينتمون إلى القطاع العام، لا يهمهم نزيف أموال الدولة طالما أنهم يحصلون على رواتبهم ومكافآتهم وحوافزهم.. وليذهب البلد بعد ذلك إلى الجحيم.