محمد الدماطي يحتفي بذكرى التتويج التاريخي للأهلي بالنجمة التاسعة ويؤكد: لن تتكرر فرحة "القاضية ممكن"    بالأقدام العربية.. روما يهزم ميتييلاند ب "العيناوي والشعراوي"    الرئيس البولندي يصدق على مشروع قانون لزيادة ضريبة البنوك    توروب: نسعى لتحقيق نتيجة إيجابية أمام الجيش الملكي    أستراليا.. يعتقد أن ضحيتي هجوم القرش بشمال سيدني مواطنان سويسريان    كورونا وسلالة الإنفلونزا الجديدة، موجة فيروسات تجتاح إيران واكتظاظ المستشفيات بالحالات    إيكواس تعلق عضوية غينيا بيساو في هيئات صنع القرار وتطالب بالإفراج عن نتائج الانتخابات    حبس سيدة وابن عم زوجها 4 أيام بالفيوم بتهمة علاقة غير شرعية بالفيوم    رمضان صبحي بين اتهامات المنشطات والتزوير.. وبيراميدز يعلن دعمه للاعب    نائب محافظ البحر الأحمر تشارك في احتفال شركة أوراسكوم لتسليم شهادات الاعتماد للفنادق (صور)    جامعة مطروح تشارك في المؤتمر الدولي لصون الطبيعة والموارد الوراثية بشرم الشيخ    تفاصيل صادمة.. زميلان يشعلان النار في عامل بسبب خلافات بالعمل في البحيرة    أبو ريدة يكشف عن شكل العلاقة بين منتخب مصر الأول والثاني.. وحل أزمة بيراميدز    تعليم القاهرة تواجه الأمراض الفيروسية بحزمة إجراءات لوقاية الطلاب    عبير نعمة تختم حفل مهرجان «صدى الأهرامات» ب«اسلمي يا مصر»    بعد أزمته الصحية، أحمد سعد يتألق في حفل الكويت تحت شعار كامل العدد (صور)    توقيت أذان الفجر اليوم الجمعه 28 نوفمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    مصر تستقبل بعثة صندوق النقد: اقتراض جديد لرد أقساط قديمة... والديون تتضخم بلا نهاية    نائبة وزير الخارجية الإسرائيلى تعارض قانون الإعفاء العسكرى    شروط حددها القانون لجمع البيانات ومعالجتها.. تفاصيل    إعلام فلسطيني: الاحتلال يشن غارات جوية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    واشنطن بوست: أوروبا تسعى جاهدة للبقاء على وفاق بينما تُقرر أمريكا وروسيا مصير أوكرانيا    عماد الدين حسين: سلاح المقاومة لم يردع إسرائيل عن غزو لبنان واستهداف قادته    سفير روسي: العالم يشهد أخطر أزمة أمنية عالمية منذ الحرب العالمية الثانية    أسامة كمال: المصريون اكتشفوا زيف الإخوان وإرهابهم قبل أمريكا بسنوات    لبنان.. نحو 150 نازحا سوريا يعودون طوعا إلى بلادهم    والدة الإعلامية هبة الزياد تكشف ل مصعب العباسي سبب الوفاة    ستيف بركات يقدم جولة "Néoréalité" العالمية على مسرح دار الأوبرا المصرية    القانون يحدد ضوابط لمحو الجزاءات التأديبية للموظف.. تعرف عليها    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة للأقارب.. اعرف قالت إيه    حذر من عودة مرتقبة .. إعلام السيسي يحمل "الإخوان" نتائج فشله بحملة ممنهجة!    شعبة السيارات تدعو لإعادة التفكير في تطبيق قرار إجبار نقل المعارض    رئيس التصنيع بالصيادلة: استهلاك مصر من بنج الأسنان يصل إلى 600 ألف عبوة سنويًا    رئيس شعبة الدواجن: سعر الكيلو في المزرعة بلغ 57 جنيهاً    طولان: ثقتي كبيرة في اللاعبين خلال كأس العرب.. والجماهير سيكون لها دورا مع منتخبنا    بيونجيانج تنتقد المناورات العسكرية الأمريكية-الكورية الجنوبية وتصفها بالتهديد للاستقرار    اليوم، ختام مسابقة كاريكاتونس بالفيوم وإعلان أسماء الفائزين    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    متحدث مجلس الوزراء: مدارس التكنولوجيا التطبيقية تركز على القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية    أحمد السعدني: دمعت من أحداث "ولنا في الخيال حب".. وشخصيتي في الفيلم تشبهني    تعرف على شخصية كريم عبد العزيز في فيلم "الست" ل منى زكي    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    بين الإبهار الصيني والمشهد الساخر الإيراني... إلى أين تتجه صناعة الروبوتات مؤخرًا؟    فضائل يوم الجمعة.. أعمال بسيطة تفتح أبواب المغفرة والبركة    شعبة السيارات: نقل المعارض خارج الكتل السكنية يهدد الصناعة ويرفع الأسعار مجددًا    مرشح لرئاسة برشلونة يوضح موقفه من صفقة ضم هاري كيم    غلق كلي لشارع الأهرام 3 أشهر لإنشاء محطة مترو المطبعة ضمن الخط الرابع    أخبار 24 ساعة.. رئيس الوزراء: لا انتشار لفيروس غامض والمتواجد حاليا تطور للأنفلونزا    مديرة مدرسة تتهم والدة طالب بالاعتداء عليها فى مدينة 6 أكتوبر    جامعة أسيوط تعزز الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب عبر اجتماع وحدة الأبحاث    الجدول النهائي لبقية مراحل انتخابات مجلس النواب 2025    الشيخ خالد الجندي يحذر من فعل يقع فيه كثير من الناس أثناء الصلاة    قفلوا عليها.. سقوط طفلة من الطابق الثاني في مدرسه بالمحلة    هيئة الرعاية الصحية تمنح الدكتور محمد نشأت جائزة التميز الإداري خلال ملتقاها السنوي    مدبولي: نتابع يوميًا تداعيات زيادة منسوب المياه    اتخاذ الإجراءات القانونية ضد 4 عناصر جنائية لغسل 170 مليون جنيه من تجارة المخدرات    محافظ كفر الشيخ: مسار العائلة المقدسة يعكس عظمة التاريخ المصري وكنيسة العذراء تحتوي على مقتنيات نادرة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الباز يكتب : ساويرس يحرق نفسه
نشر في الفجر يوم 25 - 08 - 2014

من معاركه الشخصية.. إلى حروبه الخفية للسيطرة على البرلمان القادم


أسرار التسجيلات والمكالمات التى فجرت أزمته مع عبد الرحيم على

■ ساويرس حاصر عبدالرحيم على خوفا من مكالمة له مع ابن شقيقة وزير كبير فى عصر مبارك تكشف بعض أسراره الشخصية ■
طارق نور يتصالح مع ساويرس على حساب الصندوق الأسود... بعد فضيحة إعلان « بيبو فرقع جيجى» الشهير

كان يمكن أن يمر ما قاله عبد الرحيم على فى قصر الاتحادية أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى مرورا عابرا، لا يثير غبارا، ولا يحدث ضجة... لكن شاءت الأقدار أن تسير الأمور فى اتجاه المعارك الساخنة التى تجر فى أذيالها أبطال وضحايا.

سأل الإعلاميون الذين جلس بينهم عبد الرحيم عن صندوق تحيا مصر، وما وصل إليه من رصيد، كانت المفاجأة قاسية، قال: كل ما وصل حتى الآن مليار ونصف المليار فقط، من بينها مليار دفعه الجيش، فاعترض عبد الرحيم الحديث قائلا: كيف وساويرس أعلن وحده أنه سيتبرع ب3 مليارات دولار، فخفف السيسى من حماسه قائلا: اسألوا هشام رامز وتأكدوا بأنفسكم.

كان يمكن لعبد الرحيم أن يصمت، لكن حماسه دفعه لأن يقول إن ساويرس دفع للإخوان 7 مليارات اشتروا بهم سلاحاً يقتلون به أولادنا فى الجيش والشرطة... شعر ألبرت شفيق الذى كان يحضر الاجتماع أن الكفة تميل بساويرس، فأرسل لعبد الرحيم ورقة صغيرة، كتب فيها أن ساويرس لم يعلن بنفسه أنه تبرع، وقال إنه إذا تبرع هو وأسرته سيفعل ذلك دون أن يعلنه.

كانت الضربة من عبد الرحيم لساويرس قاسية جدا، فهما صديقان، بينهما الكثير، أخذ ساويرس من عبد الرحيم مستشارا منذ العام 2008، يأخذ رأيه فى كل ما يتعلق بشئون الجماعات الإسلامية، وكان هناك عقد بينهما، فالعمل كان رسميا... ولم يكن مجرد مجاملة بين الأصدقاء.

نقل ألبرت شفيق ما جرى نصا إلى ساويرس، الذى قرر أن ينتقم لنفسه، وعبر طريقته المعروفة عنه فى الرد على خصومه، كتب على حسابه على تويتر، أنه بعد مشاهدة حلقة ثانية من برنامج المخبر عبد الرحيم على سيتعاطف مع الإخوان.

كان يمكن أن تمر تويتة ساويرس أيضا مروراً عابرا، إلا أن عبد الرحيم على قرر أن يدخل معركة مع صديق قديم، اعتبر أن ما قاله رجل الأعمال طعنا فيما يقدمه عبر برنامجه الصندوق الأسود، فخصص حلقة كاملة من برنامجه للرد على ساويرس... فكل منهما يملك ما يقوله عن الآخر... ويعرفان جيدا أن ما يقولانه سيكون موجعا ومؤثرا للغاية.

1

سياسة طارق نور

حتى هذه اللحظة كان يمكن أن تنتهى المعركة أيضا، كل منهما قال ما لديه، لكن بدخول طارق نور صاحب قناة «القاهرة والناس» فى الأزمة، دخلت المعركة مساحة جيدة، جعلت ما يحدث بين الإعلامى ورجل الأعمال حديث الناس فى كل مكان.

قبل أن يدخل عبد الرحيم على برنامجه ويصبح على الهواء، تحدث معه طارق نور، طلب منه ألا يتحدث عن نجيب ساويرس من باب أنه لم يتبرع لصندوق تحيا مصر، وأنه يجب أن يدفع ما عليه لمصر، وكانت حجة طارق فى ذلك أنه هو أيضا رجل أعمال، وله شركاء رجال أعمال فى القناة، ويعمل مع رجال أعمال كثيرين فى مجال الإعلانات، وهو لا يريد أن يتبرع لصندوق تحيا مصر، وكل من يعرفهم من رجال الأعمال لا يريدون أن يتبرعوا، ولو تحدث عبد الرحيم عن هذه النقطة تحديدا، فسوف يحرج طارق نور ورجاله.

دخل عبد الرحيم على الهواء، ولم يستطع أن يمنع نفسه من الحديث عن هذه النقطة تحديدا، ربما لأنها كانت سبب الأزمة الرئيسية، ثم إن هذه هى المعركة الحقيقية التى يجب أن يخوضها عبد الرحيم على وغيره، فحالة التبلد التى بدا عليها رجال الأعمال فى مواجهة دعوة السيسى للتبرع لصندوق تحيا مصر لابد أن تنتهى، خاصة أن هذه ليست أموالهم وحدهم، بل أموال حصلوا عليها بطرق يعرفونها جيدا، فهم مخلفات عصر مبارك الذى كان الفساد سمته الرئيسية.

فى الفاصل الأول للبرنامج، كان طارق نور غاضبا جدا، تحدث مع عبد الرحيم على، عاتبه لأنه لم يلتزم بما اتفقا عليه، طلب منه مرة أخرى أن ينهى الحديث عن ساويرس، وبالفعل قرر عبد الرحيم أن يتحدث عن تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش الذى زوروا فيه كثيرا من الحقائق عن فض اعتصام رابعة، لكنه عندما عاد من الفاصل، رأى أن يوضح أن معركته ليست شخصية، وأن الهجوم على ساويرس ليس لأنه مسيحى كما توهم البعض، إلا أن الحديث طال، ليطلب المخرج من عبد الرحيم أن يخرج فاصل.

هذه المرة خرج ولم يعد، تعامل معه طارق نور على أنه أراد أن يورطه شخصيا ليس مع ساويرس فقط، ولكن مع النظام أيضا، فإذا كنت قناته تدعو رجال الأعمال إلى التبرع من أجل مصر، فلماذا لا يبادر هو بالتبرع؟

لم يكن طارق نور صادقا بعد ذلك عندما قال إن عبد الرحيم على خارج «القاهرة والناس» لأنه خالف سياسة القناة، فقد أغلق عليه الهواء لأنه خالف سياسته ومصالحه والبيزنس الذى يرعاه منذ سنوات، دون أن يكون له أى دور اجتماعى لا ملحوظ ولا غير ملحوظ.

المفارقة أن هذه الأزمة التى أخرجت عبد الرحيم على من "القاهرة والناس"، أعادت المياه إلى مجاريها بين طارق نور ونجيب ساويرس، فمنذ سنوات اختلفا، بعد أن كان طارق هو صاحب إعلانات شركته موبينيل، تقريبا طرده ساويرس بعد أن اختلف معه، وحتى ينتقم طارق، صنع إعلاناً كانت الجملة الشهيرة فيه "بيبو فرقع جيجى" تلقيح على نجيب ساويرس، والمقربون منهما يعرفان أن هذا التلقيح أوجع نجيب جدا، لكن يبدو أن اتفاقهما على طرد عبد الرحيم على بعد تطاوله على ساويرس وحد بينهما مرة أخرى.

2

لماذا انفجرت الأزمة؟

لكن هل كان التراشق الذى جرى بين ساويرس وعبد الرحيم على ما بين قصر الاتحادية وتويتر، هو السبب الوحيد لانفجار الأزمة، التى استغلها الإخوان المسلمون وغيرهم للحديث عن انقلاب حلفاء الأمس على بعضهم البعض، وأصبحت مادة النميمة الأساسية فى كل المنتديات السياسية والاجتماعية.

بالطبع هناك أسباب أخرى، لوح بها عبد الرحيم على فى حلقته الأخيرة من الصندوق الأسود، دون أن يصرح بكل تفاصيلها.

فى التسجيلات الكثيرة التى حصل عليها عبد الرحيم على منذ شهور، كانت هناك تسجيلات كثيرة ورد فيها اسم نجيب ساويرس، هذا غير مكالمات نجيب نفسه ومعظمها مع محمد البرادعى، وحتى يدلل عبد الرحيم على أن لديه الكثير، عرض مكالمة مطولة دارت بين البرادعى وساويرس، أشار عبد الرحيم إلى أنها كانت تمثل إساءة بالغة لقيادات المجلس العسكرى.

من بين ما جاء فى هذه المكالمة التى جرت فى 9 مارس 2013 نصا:

البرادعى: فيه كلام كتير فى مصر عن إن محمد مرسى عايز يعزل عبد الفتاح السيسى، لأن الجيش مش مريحه يظهر، وفيه عكوسات بينهم كتير، لكن الحقيقة إحنا مش شايفين حاجة زى دى.

ساويرس: يعزلوا إيه، يعزلوا مين؟ دا أنا عارفهم كلهم من أيام المجلس العسكرى لما كنت بقعد معاهم، ناس مستحيل نتعامل معاهم بقدر من الثقة، السيسى ده مرسى اللى جابه وزير، يعنى الراجل بتاعهم، تقولى يعزله، ده كلام بيضحك بيه على الناس، هو مش طنطاوى وعنان اللى سلموا البلد للإخوان ومن ايام ما كنت بحضر اجتماعات المجلس العسكرى كان باين أن هما أكتر من الإخوان كلهم بلا استثناء.

يراجع البرادعى نجيب ساويرس فيما قاله، يقول له: لا يا نجيب المسألة مش قوى كده، أنا عارف الناس دى وقعدت معاها، لكن مشكلتهم إن هما مبيثقوش فى حد غير نفسهم ومعندهمش أى خبرة سياسية علشان يمشوا البلد والإخوان ضحكوا عليهم وخطفوها منهم.

فيعود نجيب إلى التأكيد على ما قاله، يقول: أنا معاك بس لولا إن هما كمان متفقين مع بعض مكنتش الأحوال مشيت بالطريقة دى، أنا فاكر كويس قوى لما كنت بقعد فى اجتماعات المجلس العسكرى، كنت بشوف الطريقة اللى بيتعاملوا بيها مع بعض، وندور عليهم النهاردة نلاقى السيسى وزير وحجازى مسكوه المخابرات ومحمد العصار وممدوح شاهين اللى كانوا أقرب ناس للإخوان، وطنطاوى وعنان هما دلوقتى اللى ماسكين كل حاجة فى الجيش، الناس دى مربطة مع بعض واحنا اللى مضحوك علينا يظهر.

لم يختلف ما قاله نجيب ساويرس فى هذه المكالمة تاريخها – 9 مارس 2013 – عما قاله لعبد الرحيم على فى 14 فبراير 2013 أى قبلها بنحو شهر.

كان ساويرس وقتها فى لندن، وعبد الرحيم فى أمستردام، تقابلا فى باريس، عبد الرحيم يحمل رسالة من جهة سيادية، خلاصتها ألا يدفع نجيب ساويرس شيئا للإخوان المسلمين، فهم يبتزونه، كما أن ما سيدفعه لن يدخل الخزانة المصرية، وليس عليه إلا أن يصبر عدة شهور فقط، بعدها لن يكون هناك إخوان مسلمون، ويمكنه بعدها أن يعود إلى مصر.

لم يلتفت ساويرس إلى الرسالة، ولم يقدر من أرسلوها له، قال إنه لا يثق فى الجيش المصرى ولا يثق فى الشعب المصرى، وأن السيسى إخوان، وأن الناس مضحوك عليها فى مصر، وأنه سيدفع للإخوان ما يريدونه لأنه يريد أن يحمى مصالحه.

يمكن أن تقول إن هذا فى النهاية رأى نجيب ساويرس، هو حر فى أن يرى السيسى إخوان من عدمه، وفى أن يرى قيادات المجلس العسكرى باعت البلد للإخوان من عدمه، لكن هل هذه فقط المكالمات التى تفزع نجيب وتؤرقه، وتجعله يسعى لمحاصرة عبد الرحيم على ليخرجه من المعادلة الإعلامية؟

عندما كان يعمل عبد الرحيم على برنامجه الصندوق الأسود، كانت هناك مكالمات كثيرة شخصية، لا علاقة لها بالشأن العام، تجنب أن يقترب منها، من بين هذه المكالمات، مكالمة مع ابن شقيقة أحد الوزراء النافذين فى عصر مبارك، وهى مكالمة تخص مسألة شخصية بحتة، يمكن أن تمثل حرجا لنجيب ساويرس الذى كان يعرف أنها تحت يد عبد الرحيم، وقد تكون رغبته فى ضربه ومحاصرته إعلاميا بسبب هذه المكالمة تحديدا، التى اعتقد أنه من الصعب أن يفرج عنها عبد الرحيم ولو حتى عن طريق رفعها على اليوتيوب.

الوزير النافذ الذى يرتبط بعلاقة صداقة كبيرة مع ساويرس بذل محاولة للتوفيق بين نجيب وعبد الرحيم مساء السبت الماضى، حتى لا تنفجر الأزمة، وكان نجيب قد وسط الوزير، لأنه كان يتحدث بلسانه، لكن المحاولة فشلت تماما.

لم يدع نجيب ساويرس أنه قديس بالمناسبة، ولم نره فى يوم من الأيام فى هذه الصورة، فهو رجل أعمال يحمى مصالحه، ولا يعرف غيرها، الوطن عنده ماله، وأهله مصالحه، وأصدقاؤه مكاسبه، أما ما دون ذلك فليذهب إلى الجحيم، وبالمناسبة لا أحد يستطيع أن يلومه... هذا فى حالة تمسك نجيب بكونه رجل أعمال فقط، دون أن يتعدى إلى أدوار أخرى يحاول أن يصطنعها لنفسه.

3

ماذا يريد نجيب ساويرس؟

قد يعتقد نجيب ساويرس الآن أنه انتصر على كل خصومه... حقق كل ما يريد، سواء تدخل هو بنفسه، أو تبرع طارق نور من أجل إرضائه وتقديم عبد الرحيم على كقربان بين يديه... لكن هل انتصر نجيب ساويرس فعلا؟

السؤال هنا يلزمنا أن نتأمل قليلا ما يقوم به نجيب ساويرس.

فهو يسعى جاهدا للسيطرة على البرلمان، ولا مانع لديه من أن يرصد لذلك 2 مليار دولار، يدفعها ليكون له أكبر عدد من النواب تحت قبة مجلس النواب، يستطيع من خلاله أن يتحكم فى اسم رئيس الحكومة القادمة، ويستطيع أيضا أن يتحكم فى منظومة التشريعات التى يقوم بها النواب، وهو تحكم بالطبع سيصب فى مصلحته.

هذا على المستوى النظرى بالطبع، فاعتقد أن أحدا لن يسمح لساويرس أن يحقق ذلك.

لكن المصيبة التى أدخل فيها نجيب ساويرس نفسه أنه يعيش بالفعل فى دور من يحكم مصر، يعتقد أنه بأمواله يمكن أن يتقاسم الحكم مع السيسى، وتشهد جلساته مع المقربين منه ما يؤكد ذلك.

فى جلسة جرت الأسبوع الماضى بين يسرى فودة مقدم البرامج فى قناة ساويرس وبعض المعدين بقناة "أون تى فى" ، نقل لهم خلالها ما دار بينه وبين ساويرس، يسرى كان معترضا بشدة على التبرعات التى يدعو لها السيسى، تحدث مع نجيب فى ذلك، وافقه ساويرس على رأيه، بل انتقد ما يقوم به السيسى بشدة، ولما سأله فودة: ولماذا لا يعلن هذا الرأى بصراحة (ساويرس أعلن رأيه بالفعل عندما امتنع عن التبرع) بشكل علنى، ابتسم ساويرس، وقال لا: مش مناسب أن أعلن ذلك، فالتبرعات سياسة عبيطة، لكن مش عاوزين نتكلم عشان محدش يقول إننا بنفشل الراجل.

يعتقد ساويرس أنه واحد من الذين يصنعون السياسة فى مصر، ويقررون من يحكم ومن يرحل، رغم أنه رجل اللحظة الأخيرة، ظل يدافع عن مبارك ويطلب له فرصة، فلما أدرك أنه راحل ضم نفسه إلى الثورة وتعامل على أنه واحد منهم، هرب من وجه الإخوان ولم يواجههم، وفى اللحظة الأخيرة وعندما أدرك أنهم زائلون أعلن أنه يساند «تمرد» ويقف إلى جوارهم.

الآن ساويرس يريد أم يحكم... يفعل ذلك دون أن يدرى أنه يحرق نفسه سياسيا.

فكيف لرجل يصدر نفسه لنا على أنه سياسى ومفكر – الآن يكتب مقالات – ومنظر استراتيجى أن يتخلى عن وقاره، ويتواجد فى أماكن لا يجب أن يتواجد فيها من الأساس، أعياد ميلاد صديقاته (صورته الشهيرة وهو يرقص مع هبة السيسى ملكة جمال مصر لا تزال تطارده)... ستقول إن هذه حريته الشخصية، ونحن نقدس حرية الآخرين بالطبع، لكن للعمل العام حرمة لابد أن يراعيها من يريد أن يمارسه.

عملية الحرق الأكبر التى تلاحق ساويرس، تأتيه من اللعبة التى يريد أن يلهو بها وهى الإعلام، لقد طرد أمانى الخياط من قناته بسبب خطأ اعتذرت عنه فى حق المغرب (لابد أن تسأل عن مصالحه واستثماراته هناك)... وفى الوقت نفسه يحتفظ بمجموعة من المذيعين مختلفى المزاج والهوى، أحدهم يفيده لأنه على علاقة جيدة بالسيسى، والآخر يفيده أيضا لأنه ينتقد سياسات النظام، فكأنه يرفع فى وجه النظام سيف المعز وذهبه، يلعب بكل الأوراق، يمنح الحرية لمن يعملون معه، طالما أن هذه الحرية لم تقترب من مصالحه وأمواله، لكن عندما اقتربت هذه الحرية منه شخصيا، وقف مثل العظمة فى زور الإعلام... فهو لا يطيق أن يقترب منه أحد.

لن يطول عمر ساويرس السياسى... هذه نبوءة ليس عليكم إلا انتظار تحقيقها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.