الثورة العقارية تنهار . الثورة المالية تضيع الثورة الاجتماعية تتبدد الثورة الصحية تمرض الثورة العقلية تضعف اما الثورة الروحية فهى التى تبقى هى التى تغذى المشاعر بطعم الايمان فتكون الرحمة والحكمة والموعظة الحسنة . لقد قال شاعر قديم " فلتتامل هذا الخان البالى يتوالى على مداخله الليل والنهار كيف تعاقب عليه سلطان بعد سلطان بكل ما له من ابهة عاش به ساعته الموعودة ثم مضى الى غايته " ان الباب الذى دخلنا منه هو نفسه الباب الذى سنخرج منه ولو كنا قد جئنا كالماء فاننا نمضى كالريح وبين المجىء والمضى يتلخص الانسان فى كلمة واحدة طبيب شرير متسامح عنيد مجرم محترم شريف منحرف مؤمن ملحد فاختر لنفسك الكلمة التى تريدها اخترها من الان حتى تقدر عليها . والحلال بين والحرام ايضا ان اللقطة التى تخطف قطعة لحم منك تعرف انها اخطات فتجرى من امامك بينما ترقد فى حجرك مستكينة مستسلمة لو انك اعطيتها قطعة اللحم بنفسك القطة تعرف الحلال والحرام فما بالك بالانسان فتش فى قلبك جيدا ستجد ما تبحث عنه بشرط ان تضمن نقاءه وصفاءه بالايمان . قال الرسول صلى الله وعليه وسلم ما نعناه " الحلال بين والحرام بين وبينهما امور متشابهات او مشتبهات فمن وقع فى الشبهات فقد وقع فى الحرام كالراعى يحوم حول الحمى يوشك ان يقع فيه الا وان لكل ملك حمى الا وان حمى الله محارمه الا وان فى الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجدس كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهى القلب " . وحتى نترجم هذا الحديث الشريف الى لوحة تشكيليه بسيطة تقترب المعنى الى العقل ليتسقر فى النهاية فى بيت القلب نتصور طريقا ممتدا بين مزروعات خضراء .. على هذا الطريق يسير مجموعة من الاغنام .. والاغنام بالطبع تشتهى الخضرة وتحلم بمضغها وامتصاص رحيقها .. لكن الراعى القيظ يمنعها من تجاوز حرم الطريق لدخول المزروعات والتعامل معها وهو ما يسبب له متاعب مع اصحابها .. ثم ان يقظة الراعى قد تكون تامينا للاغنام فقد تكون المزروعات مرشوشة بمبيدات سامة تقضى على الاغنام لو تصورنا ان الراعى غفل ونام ثم غط فى النوم ستترك الاغنام الطريق وستنتسر فى المزروعات تلتهما وتهلكها وتهلك نفسها ايضا . اللقطة الثانية لو تخيلنا ان بعض الناس ممن ليس لهم خبرة فى التعامل مع الاغنام انتبه الى وجودها فى المزروعات واجتهد لاعادتها الى جاد الطريق او سواء السبيل فما الذى سيحدث ؟ ان عدم خبرة هؤلاء الناس فى التعامل مع الاغنام سيتعبون هم وبتعبون الاغنام دون ان ينقذوها او ينقذوا المزروعات من الهلاك . اللقطة الثالثة سنتصور ان رجلا عاقلا قادما من جهة اخرى شاهد ما يجرى وسال هؤلاء الناس ماذا تفعلون ؟ فقالوا له : نعيد الاغنام الى سواء السبيل فقال لهم : ليس بهذه الكيفية .. ثم توجه الى الراعى النائم فايقظة حتى انتبه وعندما استيقظ الراعى نادى على غنمه فعادت الى الطريق القويم دون مجهود . يقول الله سبحانه وتعالى " ويضرب الله الامثال للناس والله بكل شىء عليم .. فما المقصود بهذا المثل ؟ ان الخضرة التى على الجانبين " هى سامة او ضارة " وتشتهيها الاغنام هى المحرمات . والاغنام هى الجوارح اليد العين اللسان وغيرها . والراعى هو القلب الذى يسيطر على الجوارح ويمنعها من النزول الى المحرمات حتى ولو بدت خضراء مغربة فليس كل ما يبرق ذهبا وليس كل ما يؤكل يهضم . اما القوم الذين يحاولون اعادة الاغنام دون فهم وخبرة فهم الوعاظ الذين يحاولون عن طريق الوعظ شفاء المريض وليس معنى ذلك ان الوعاظ غير مفيدين ولكن فائدتهم مثل الطب الوقائى التحذير من المرض قبل الاصبابة به فائدتهم محصورة فى النهى وليس فى التغيير التغيير له اطباء غيرهم شيوخ وعلماء منحهم الله ما يجعلهم يصلحون القلب ويوقظونه . ان الرجل الذى ايقظ الراعى هو واحد منهم . هو عالم من نوع آخر عالم العلماء الذين قال الله سبحانه وتعالى عنهم انما يخشى الله من عبادة العلماء انهم ورثة الانباء هم يعرفون كيف يخاطبون القلوب يوقظونها فتنادى على رعيتها اغنامها وهى الجوارح فتستقيم على طاعة الله بعيدة عن الشهوات والمحرمات والمكاره . ان العلماء مثل البطاريات مشحونون بالعلم لكن هناك بطارية مشحونة بحيث تنفذ بالاستخدام تسمى بطاريات جافة او بطاريات ذات شحن محدود وهناك بطاريات متصلة بدينامو يعيد شحنها كلما اوشكت على النفاد ودينامو الشحن هنا هو المده الذى يهبه الله لهؤلاء العلماء .. قال سبحانه وتعالى " واتقوا الله ويعلمكم الله " لكن . . من هم العلماء ورثة الانبياء .. قال صلى الله عليه وسلم " العلماء ورثة الانبياء " فهل كل من قرأ عالم ؟ هل كل ما حصل على شهادة دراسية يعتبر من ورثة الانبياء ان الانبياء لم ياخذو علمهم من القراءة .. بل كان بعضهم اميا ثم اين قرا الانبياء وعلى اى كتب ودراسات اطلعوا ؟ وهل كل ن هناك علم وعلماء قبلهم حتى يقرأوا ؟ لقد استمد الانبياء وراثة الانبياء تحددها الطريقة التى تلقى بها العلماء عملهم ليس تحصيلا من حاضرة او دراسة او جامعة دينية تلقوه هبه من الله يقول سبحانه وتعالى " ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " . ويفهم من القول الكريم ان ورثة الانبياء يطلق عليهم العلماء . وليس كل العلماء كما نفهم ورثة الانبياء ان العلم هو علم تحصيل او علم مده الانبياء وورثتهم من اعللماء اخذوا عملهم من الله بالمدد يقول سبحانه وتعالى " فوجدوا عبدا من عبادنا اتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما " هؤلاء العباد هم الذين اخذوا العلم بالهبة لا بالكسب والهبة من عند الله وليس لها اسباب هى شى منقطع الاسباب يؤتيها الله لمن يشاء ومن ثم فان الانبياء مقيدون بالشرع باذن الله والاولياء مطلقون بالقدرة باذن الله بشرط تعليق الارادة .. يعلق الله ما يشاء من ارادته على ارادة من يشاء من عبادة ويفعل الله ما يريد فمن علم واستطاع فهو مخير ومن فقد العلم او الاستطاعة فهو مسير والخير يحاسب لانه يعلم ويستطيع والمسير لا يحاسب لانه لا يعلم ولا يستطيع المسير يسمى عبد ارادة والخير يسمى عبد امر لو سقط العلم او الاستطاعة سقط التكليف مثلا انا اعلم بفريضة الحج ولكنى لا استطيع الاداء فيسقط التطليف لا اعلم ان الصلاة فريضة عدم العلم يسقط التكليف . والتكليف بتغيير المنكر ايضا يخضع للقاعدة نفسها . العلم والاستطاعة فلو وجدت شرطيا يضرب مواطنا فقد علمت بالمنكر لكننى لا استطيع ان اواجه الشرطى عدم الاستطاعة هنا يسقط تكليف تغيير المنكر . ولا يحاسب على ذلك .. لا يكلف الله او رسوله احدا تكليفا يؤدى التقصير فيه الى المؤاخذة .. الا اذا توفر لديه العلم والاستطاعة العلم وحده لا يكفى العلم وحده ليس اداة من ادوات التغيير القدرة يجب ان تتوافر الى جانب العلم . ولا نملك الا ان نقول فى كل وقت " لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم "