جيهان السنباطى ما اشبه الليلة بالبارحة.. فكما كان مقتل الشاب المصرى خالد سعيد, الذى يبلغ من العمر 24 عاماً على يد أحد ضباط الشرطة فى عام 2010, بداية لإشعال أول شرارة الغضب داخل قلوب المصريين, وخروجهم من حالة الصمت الى حالة الصراخ والإعتصام فى الشوارع والميادين فى كل محافظات مصر, فى ثورة 25 يناير 2011 المجيدة, يطالبون فيها بتطبيق العدل والمساواه والحرية, جاء مقتل الشاب الأسود، مايكل براون 18 عاماً، برصاص أحد رجال الشرطة في 9 أغسطس الجاري, أثناء سيره مع صديقه بإحدى الشوارع في مدينة فيرجسون الأمريكية في مقاطعة سانت لويس, جاء ليشعل غضب الشعب الأمريكى, وتفجرت بسببه إحتجاجات إستمرت لأسبوع, يطالبون فيها بمحكامة رجل الشرطة بتهمة القتل, بعدها أعلن حاكم ميزوري جاي نيكسون حالة الطوارئ, وفرض حظر التجول في مدينة فيرجسون . ومع بدء تلك الإضطرابات, انكشفت الإدعاءات الأمريكية التى طالما رددتها وصدقتها وصدرتها الى دول العالم وخاصة العالم العربى, بأنها الراعية لحقوق الإنسان فى العالم, حيث فاقت الشرطة الأمريكية نظيرتها المصرية مائة مرة في تعاملها مع المتظاهرين السود أثناء فض تلك الإحتجاجات, حيث العنف وإستخدام الرصاص وقنابل الدخان والقنابل المسيلة للدموع . من يصدق أن الدولة الأمريكية الداعية لنبذ العنف, وتطبيق الديمقراطية فى دول العالم, حكومتها الآن تقمع المتظاهرين السلميين على أراضيها, من بصدق أنها تتبع نفس الطريقة التى طالما إنتقدتها, ووجهت تحذيراتها لمن إتبعها من دول العالم, وخاصة دول العالم العربى التى شهدت إضرابات وإحتجاجات, ونادتهم بضرورة ضبط النفس, ومحاولة التعامل مع المتظاهرين السلميين بلطف ورقة , ومراعاة حقوق الإنسان معهم, أين هى الآن من تصريحاتها الغاضبة التى وجهتها كثيراً لمصر فى مواجهتها لخطر الإرهاب الإسود الذى يحاول تدميرها, ولجماعة إرهابية لا هدف لها سوى إسقاط النظام الحالى . ليتها تعلم الآن أن الإحساس بالظلم لايفرق بين عربى وأجنبى, وأن الإحساس باليأس قاتل, وطاقة شرسة مدمرة كامنة, وأن الغضب أعمى, وأن الحق أحق أن يتبع, وأن هناك حالات لانستطيع التعامل معها باللطف واللين وضبط النفس, بل لابد أن يكون هناك رداً قوياً رادعاً, وأن كل دولة لها الحق فى إتباع الطريقة المناسبة التى تساعدها على الحفاظ على أمنها القومى بدون أى تدخل خارجى فى شئونها الداخلية . ليتها تعلم أن الآلة الإعلامية الأمريكية التى طالما إستخدمتها فى زلزلت مكانة الحكام العرب وسط شعوبهم, وتدمير بلادهم, وإشعال نار الغل والحقد والكره والإنتقام منهم, والتخلص منهم ومن حكمهم, ليتها تعلم أن تلك البلاد من الممكن أن تتبع نفس النهج وتوجه أصابع الإتهام والنقد اللاذع لها, وتقتل غرورها . ومن يعلم.. ربما يصبح مايكل براون فى يوم وليلة, أيقونة الربيع الأمريكى, ومفجر ثورة أغسطس المجيدة, ولكن هل إذا حدث ذلك بالفعل سنجد منظمات حقوق الإنسان المختلفة وخاصة منظمة "هيومان رايتس ووتش" بعمل تقرير عن الإستخدام المفرط للسلاح ضد العزل فى أمريكا ؟؟؟ أم أن الواقع سيكشف أن تلك المنظات أداة أمريكية موجهة فقط للقضاء على العالم العربى...