■ موظف ب «كبار الممولين» أصدر فواتير مضروبة بمليار جنيه ■ تجار الفواتير يحصلون على 3 % فقط من قيمة الفاتورة مقابل تسهيل عملية التهرب ■ تتركز أغلبية الشركات الوهمية فى «فيصل والزيتون والساحل والوايلى وشبرا»
تشير كلمة الفواتير فى احاديثنا اليومية إلى موسم دفع الحساب، كل مكسب او موقف او حتى رأى يقابله فاتورة يجب دفعها.. لكن لغة رجال الاعمال انحرفت بالكلمة، حولتها إلى لعبة التهرب من دفع الحساب، وتمكن رجال الاعمال من التهرب من سداد 650 مليار جنيه للضرائب، وهذا هو تقدير صندوق النقد الدولى لحجم الضرائب العادل الذى يفترض تحصيله من رجال الأعمال، والحقيقة انهم لا يدفعون الا رقمًا ضئيلاً للغاية مقارنة بمساهمة القطاع الخاص فى الناتج القومى الاجمالى والتى تصل إلى 75%، ويفترض ان تكون حصتهم فى دفع الضرائب موازية على الاقل لهذه النسبة، والحقيقة أن الجهات السيادية وقناة السويس وشركات الحكومة والموظفين هم الذين يدفعون معظم ايرادات مصلحة الضرائب التى لا تتجاوز 293 مليار جنيه.
وصلت القسوة فى لعبة التهرب من الضرائب إلى حد انشاء شركات متخصصة فى تجارة الفواتير، تبيعها لرجال الأعمال لتقليل الفارق بين المصروفات والايرادات، وبالتالى اخفاء الارباح التى تستحق عليها ضرائب للدولة..
المستفيد الاول من هذه الجريمة بالطبع هم اصحاب الشركات من كبار رجال الاعمال، لكن بطل الفضيحة هم موظفون بوزارة المالية ومصلحة الضرائب أنشأوًا 208 شركات وهمية، شركات نشاطها الوحيد هو بيع الفواتير المضروبة لرجال الاعمال، يستطيع من خلالها رجل الاعمال ان يثبت أن مصروفاته تتجاوز ايرادات شركاته مهما كان حجم نشاطه وبالتالى لا تملك الدولة مطالبته بدفع الضرائب.
نحن هنا لا ندين وزارة المالية ولا مصلحة الضرائب التابعة لها، فهى التى كشفت عدد الشركات واسماءها ومنعت التعامل والاعتداد بالفواتير التى تصدرها، اصدرت الوزارة والهيئة قوائم بالشركات «حصلنا على نسخة منها».
القائمة الاولى صادرة من مصلحة الضرائب على المبيعات، مأمورية الأزبكية، وعنوان القائمة «بيان بالشركات الوهمية غير المعتد لها بالخصم»، وتضم القائمة اسماء 30 شركة وارقام تسجيلها بمصلحة الضرائب والمأمورية التابعة لها،
القائمة الثانية تضم 30 شركة أخرى، وعنوانها «بيان بالشركات الوهمية غير المعتد لها بالخصم» وهو ما يعنى ان هذا قرار من وزارة المالية بعدم الاعتراف بالفواتير الصادرة عن هذه الشركات لصالح الممولين، وبالطبع لم تذكر القائمة حجم الفواتير التى تم تمريرها لهذه الشركات قبل تقييمها من قبل مصلحة الضرائب على انها شركات وهمية تتاجر فى الفواتير، كما لم تذكر القائمة معلومات عن اسماء رجال الاعمال المستفيدين من تلك الشركات او استخدموها للتهرب من الضرائب.
القائمة الثالثة وهى مكتوبة بخط اليد ولا تحمل سوى عنوان «السيد رئيس المأمورية.. بيان بالشركات المصدرة للفواتير»، وتضم القائمة 14 شركة،
القائمة الرابعة وهى الاكبر وتضم 134 شركة، والقائمة صادرة عن «وزارة المالية.. مصلحة الضرائب على المبيعات»، وعنوانها «بيان بالشركات التى تتعامل بالفواتير الصورية وفقا لما ورد من المأموريات»، وتضم القائمة اسماء 7 شركات تابعة لمأمورية الدقى، و6 شركات تابعة لمأمورية المهندسين، و9 شركات تابعة لمأمورية الساحل، و9 شركات تابعة لمأمورية الوايلى، وشركتين تابعتين لمأمورية السلام، و6 شركات تابعة لمأمورية شبرا الخيمة، وشركة واحدة فى كفر الزيات، و4 شركات فى بنها، و5 شركات فى قصر النيل، وشركتين فى شبرا، و4 شركات فى امبابة، وثلاث شركات فى مدينة نصر، و6 شركات فى 6 اكتوبر، وشركتين فى الأزبكية، و22 شركة فى فيصل، وشركة واحدة تابعة لمأمورية متوسطى المسجلين، وشركة واحدة فى عابدين، وشركة فى العامرية، وشركة فى الباجور، وشركة فى الحوامدية، و33 شركة فى الزيتون، وثلاث شركات فى السيدة زينب، و5 شركات فى المنتزه.
بالطبع يدفع أصحاب الشركات اموالاً مقابل حصولهم على الفاتورة المضروبة، والمتعارف عليه بين هذه الشركات هو الحصول على نسبة 3 % من قيمة الفاتورة، وتصدر الفاتورة بقيمة السلعة مضافا اليها 10 % هى قيمة ضريبة المبيعات، فمثلا اذا كانت السلعة سعرها مليون جنيه يضاف اليها 10 % ضريبة مبيعات ليكون اجمالى الفاتورة مليون و100 ألف جنيه، وفى المقابل يحصل تاجر الفواتير على 30 ألف جنيه فقط.. وهى تجارة رابحة لرجل الاعمال والتاجر نفسه.. وكان من المفترض ان تحصل الدولة عن المليون جنيه التى تهرب منها رجل الأعمال على 250 ألف جنيه هى نسبة الضرائب على افتراض انها لا تزيد على 25 %، وبالتالى باع تاجر الفواتير 250 ألف جنيه من اموال الدولة مقابل حصوله لنفسه على 30 ألف جنيه فقط.
بالطبع رقم المليون جنيه هو رقم متواضع جدا، فالحقيقة ان تلك الشركات تبيع فواتير لرجال الأعمال بمئات الملايين وبعضها بالمليارات، وحدث واكتشفت مأمورية كبار الممولين وجود مأمور ضرائب لديها تحايل على القانون وأنشأ شركة بأسماء آخرين واصدر من خلالها فواتير بمليار جنيه، وتم تحويل المأمور إلى الرقابة الادارية التى تحقق فى القضية حاليا، وهذه الشركة وحدها تمكنت من تهرب رجال الأعمال من دفع 300 مليون جنيه هى قيمة الضرائب المستحقة عن المبلغ الذى صدرت به الفواتير الصورية أو المضروبة.