ساكنو مقابر الإمام الشافعي: تجار المخدرات انتهكوا حرمة الموتى.. وحولوا المكان إلى ملهى ليلي
أم دنيا: نغلق باب المدفن بعد صلاة المغرب خوفاً من المدمنين الذين يأتون ليلا
تربي: المقابر صارت مرتعا لممارسة الجنس وتعاطي المخدرات
أحياء وسط الأموات لا فرق بينهم سوى أنهم فوق الأرض يأكلون ويشربون بلاحياة أدمية كريمة أو اهتمام من المسئولين الذين لا يرونهم أو يشعرون بمعاناتهم أو يعترفون بهم من الأساس.
"مقابر الإمام الشافعى" تحمل من الأحياء ضعف ما تحمله من الأموات الذين لم يجدوا يد تمتد لهم أو توفر لهم حياة كريمة، وظلوا يسكنون المقابر لعقود طويلة لا يشعر بمعاناتهم أحد، وكأنهم غير موجودين، واعتبرهم المسئولون من ضمن الأموات.. رجال وسيدات وشباب وأطفال فى سن الزهور لا ذنب لهم سوى أنهم وجدوا أباءهم يقطنون هذه المقابر ويعيشون على الكفاف الذى يقدمه لهم أصحاب القلوب الرحيمة.
ولم تنتهى معاناتهم عند هذا الحد، ولكنهم يعيشون فى خوف دائم ليس من الأموات الذين تعودوا عليهم وألفوا عشرتهم، ولكن من الخارجين على القانون الذين يرتعون فى المنطقة التى أصبحت سوقاً رائجة لتجارة المخدرات وأوكار لممارسة الرذيلة بعيداً عن عيون الشرطة وفى غيبة الأمن،وتحولت حياة ساكنى القبور إلى جحيم خوفاً على حياتهم وحياة أسرهم من مدمنى المخدرات الذين يحومون فى المنطقة ليلاً كالكلاب الضالة التى تبحث عن شهواتها.
تقول وفاء، أحد قاطني هذه المنطقة، ولدت وتزوجت في هذه المقابر ولدي من الأولاد ثلاث جميعهم في المدارس، وأعيش مع أفراد أسرتي في هذا المدفن منذ أكثر من 20 عاماً، نعاني الكثير من المشاكل الحياتية الغير أدمية بخالف عيشتنا مع الأموات، ولكن مشكلتنا فى الأمان، فنحن لا نشعر بالأمان على أنفسنا ولا أولادنا لأن المنطقة أصبحت مليئة بمدمنى المخدرات الذين يأتون ليلاً ومع وجودهم يتحول المدفن إلى ملهى ليلي".
وأكدت أم دنيا، أحد ساكني القبور، على كلامها، قائلة: "نحن نغلق باب المدفن بعد صلاة المغرب خوفاً من المدمنين الذين يأتون ليلاً"، مشيرة إلى أنها مع مطلع كل صباح ترى كمية كبيرة من السرنجات ملقاة على الأرض بجوار منزلها، وأثناء تجولنا معها في المقابر، وجدنا مقبرة مفتوحة بها عدد كبير من السرنجات والأدوات التى يستخدمها المدمنون ومتعاطى المخدرات.
وتروي الحاجة سيدة محمد، مأساتها، قائلة:" إنها تعيش في المقابر منذ 40 عاما، وتزوجت ومات زوجها وبقيت هي وابنيها هناك"، ووسط حالة من البكاء على حال المقابر، تقول سيدة: إننا "لا نجد من يسمع معانتنا ومن يقدم لنا أي خدمة فى تلك الحياة غير الآدمية التى نعيشها، ومدمني المخدرات الذين تعج بهم المنطقة ليلا، وهو ما يجبرنا على إغلاق بيوتنا ولا نجرؤ علي الخروج منها حتى لشراء احتياجاتنا إلا مع أول ضوء نهار".
أما الطفلة ياسمين، التي لا تتجاوز من العمر 10 سنوات، قالت إنها تعيش هنا مع والديها، وتذهب إلى المدرسة، وعندما تأتي تقوم برعاية المنزل المكون من غرفة واحدة إضافة إلى منطقة واسعة في وسطها ويطلق عليها الحوش وبها القبر الخاص بصاحب المدفن وحمام صغير في زاويته.
وأضافت أنها "لا تخاف من العفاريت ولا الجن، ولكنها تخاف من الناس الذين يأتون ليلاً لأنهم سكرانين، ويحدثون ضجة كبيرة ويطرقون الباب علينا ولذلك فأنا أخاف كثيراً من هؤلاء".
فيما تقول الحاجة سعاد عبد النبي، والتي تسكن المقابر منذ 55 سنة وتعيش بمفردها داخل الحوش، وتقتات على ما يتركه لها أصحاب الخير، "إنها لا تجد من يعيلها أو يساعدها ولا تطلب شيئا إلا ستر المولى عز وجل، وأن تجد ما تأكله، كما تريد الحماية من المدمنين والذين يأتون إلى المقابر لأغراض دنيئة"، مضيفة: "لا حامي لنا من بطش معدومي الوعي والإخلاق هناك".
وأشار الحاج عويس، تربي وأحد مسئولى المقابر، إلى أن المنطقة شديدة الخطورة ومليئة بالخارجين عن القانون وبائعي المخدرات ومدمنيها، علاوة على أنها صارت مرتعًا لممارسة الجنس وتعاطي المخدرات وتخزينها في المقابر.