فى رمضان تتآلف القلوب، وتزول البغضاء، وتزداد أعمال البر والإحسان، لما فى هذا الشهر المبارك من إقبال على الله واستشعار معانى الصيام والعبادات التى ترتقى بالروح والنفس لتسمو على صفاتها الذميمة وتستبدلها بمحاسن الأخلاق. وشهر رمضان فرصة عظيمة لإشاعة روح المودة والتراحم بين الأهل والأقارب، وإصلاح ذات البين بين المتخاصمين، حيث تلين المشاعر لكى نصل ما انقطع من الأرحام، عملًا بقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ) [الاية 21 سورة الرعد] . والإسلام يهدف إلى بناء مجتمعٍ متراحمٍ متعاطف، والأسرة هى وحدة هذا المجتمع، لذلك اهتم الإسلام بتوثيق عراها، فقال الله سبحانه وتعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِى الْقُرْبَى [الاية 36 سورة النساء]. وفى الحديث الشريف قرن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم التوحيد وإقامة الصلاة والزكاة مع صلة الأرحام، فعن أبى أيوب الأنصارى رضى اللَّه عنه أن رجلًا قال: يا رسول اللَّه، أخبرنى بعملٍ يدخلنى الجنة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة، وتصل الرحم. وصلة الأرحام برهان على صلاح الباطن بالتقوى، وصلاح الظاهر بحسن الخلق مع عباد الله، وهى دليل على إيمان المسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه. وشهر رمضان المبارك أفضل مناسبة للتغيير الاجتماعى وإصلاح ما فسد من علاقاتنا الاجتماعية وما قطع من أرحام، ففى أجواء شهر الله الإيمانية يتغير كل شيء، وتكون النفوس قابلة للتغير والتغيير، لذلك على المؤمنين استغلال هذه الفرصة العظيمة لصلة الأرحام ومحو الخلافات، والتزاور وإطعام الطعام، فدعوة للإفطار أو تزاور فى ما بين الناس وكذلك التكافل الاجتماعى كفيل بإذابة جبال الجليد التى تكون قد نتجت عن خلافات أو سوء فهم، كما أنها تشيع جوًا من المودة والرحمة بين الناس. ووسائل صلة الأرحام كثيرة، فلنحول شهر رمضان المبارك إلى شهر تغيير فى كل شيء، فى حياتنا الخاصة، والاجتماعية، ولنثرى قيم التراحم والتكافل فيما بيننا فى هذا الشهر الكريم.
