أصدرت منذ قليل محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار شعبان الشامي قراراًَ بتأجيل قضية اقتحام السجون المصرية إبان ثورة 25 يناير 2011 ، والمعروفة إعلاميا بقضية اقتحام سجن وادي النطرون، إلى جلسة 18 أغسطس المقبل، والتي يحاكم فيها 131 متهما يتقدمهم الرئيس المعزول محمد مرسي وعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين والتنظيم الدولي للجماعة، وعناصر بحركة حماس الفلسطينية وتنظيم حزب الله اللبناني والجماعات الإرهابية المنظمة. وجاء قرار التأجيل لاستكمال الاستماع إلى أقوال شهود الإثبات ومناقشتهم.
قدم ممثل النيابة العامة المستشار عماد شعراوي رئيس نيابة أمن الدولة العليا في مستهل الجلسة، للمحكمة الخطاب الوارد من قطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، والذي أفاد بأن قرار الاعتقال الصادر بحق 34 قيادة إخوانية في يناير2011 ، لم يصدر في شكل قرار كتابي نظرا لتسارع أحداث ثورة يناير، وإنما بناء على توجيه شفوي صادر من وزير الداخلية في ذلك الوقت "حبيب العادلي".. وأنه تم تنفيذ قرار الضبط لاتهام تلك القيادات بارتكاب جرائم التخابر مع جهات أجنبية سعيا لقلب نظام الحكم.
وسمحت المحكمة لمحمد الدماطي عضو هيئة الدفاع عن المتهمين، أن يبدي حديثا أمامها قبل استكمال الاستماع إلى أقوال الشهود، حيث قال إن القضية المطروحة أمام المحكمة الآن "تتصل بالمشهد السياسي الذي يحدث على حدودنا الشرقية و أن الغرض من تلك الاعتداءات الصهيونية على غزة هو استئصال حدودنا الشرقية في قطاع غزة للسيطرة والاستيلاء عليها".
وقاطع رئيس المحكمة الدماطي متوجها إليه بسؤال حول علاقة موضوع القضية بالأحداث التي تجري في قطاع غزة.. فأجاب الدماطي بأن القضية "بنيت على ادعاءات كاذبة تقول إن عناصر حماس تسللت إلى مصر وارتكبت وقائع اقتحام السجون و قتل الثوار و تهريب المساجين، بالإضافة إلى قيام بعض القنوات الفضائية الرخيصة بإشاعة وإذاعة تلك المعلومات والبيانات المغالطة.. ونحن نطلب من القضاء المصري العادل أن يقف و يقول كلمته برفض تلك الاعتداءات الوحشية على غزة".. بحسب ما ورد ذكره على لسان محامي الدفاع.
وقام محمد مرسي – من داخل قفص الاتهام - بإطلاق بعض الهتافات الداعمة لغزة والشعب الفلسطيني ومن بينها "حي على الجهاد".. وقام بقية المتهمين من خلفه بترديد الأناشيد الدينية.. قبل أن يتدخل رئيس المحكمة مبديا اعتراضه على ما يردده مرسي بداخل قفص الاتهام واعتبره من قبيل "التشويش والشوشرة" على سير إجراءات جلسة المحاكمة، مطالبا من هيئة الدفاع إثبات ما يعن لهم بدون الانحراف بمسار القضية نحو السياسة.
واستمعت المحكمة لأقوال شاهد الإثبات أحمد جلال الدين توفيق (ضابط تنزيل العقاب بسجن شديد الحراسة بأبو زعبل) والذي قال إنه في يوم 29 يناير 2011 فوجىء بقيام مجموعة من الأعراب المدججين بالأسلحة النارية يستقلون سيارات دفع رباعي وسيارات نصف نقل تعلوها أسلحة نارية ثقيلة "جرينوف" ويقومون بإطلاق وابل من النيران الكثيفة على منطقة سجون وادي النطرون و أبو زعبل.. مشيرا إلى أن قوات تأمين السجون تصدت للمقتحمين حتى نفذت الذخيرة التي كانت بحوزة القوات، فتمكن المهاجمون من اقتحام السجون و تهريب جميع السجناء السياسيين و الجنائيين منها.
وأضاف الشاهد أنه في أعقاب انتهاء وقائع الاقتحام وأثناء معاينة آثار الاقتحامات، ضبط أسلحة وذخيرة كانت بحوزة المقتحمين، وتبين من فحصها أنها من غير التي تستخدم في مصر.
وأشار الشاهد إلى أن عددا من السجناء الذين هربوا خلال عمليات الاقتحام ثم عادوا أو تم ضبطهم لاحقا، قرروا أن مجموعات المقتحمين تنتمي لحركة حماس الفلسطينية وكان يعاونهم أشخاص من بدو سيناء.. لافتا إلى أنه كان من بين السجناء الهاربين في أحداث اقتحام السجون، القيادي بكتائب القسام أيمن نوفل، ورمزي موافي الطبيب الشخصي لمؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.
وأكد الشاهد أنه يرجع وقائع اقتحام سجن أبو زعبل إلى وجود عناصر شديدة الخطورة من المحكوم عليهم في قضية الخلية الإرهابية التابعة لحزب الله اللبناني، وعناصر أخرى شديدة الخطوة من حركة حماس الفلسطينية.. مشيرا إلى أنه في أعقاب نفاد الذخيرة الخاصة بقوات تأمين السجون أصدر وكيل منطقة سجون أبو زعبل اللواء فاروق الشاذلي قراره لنا بالانسحاب والحفاظ على أرواح رجال الشرطة.
وقال إنه في اليوم الثاني للاقتحام، شاهد المهاجمين وهم في طريق عودتهم بالبر الثاني من ترعة الاسماعيلية.
من جانبه، قال شاهد الإثبات اللواء عبد الخالق ناصر مأمور سجن ملحق وادي النطرون إنه قرابة الساعة 30ر2 من صباح 30 يناير 2011 تناهى إلى سمعه دوى إطلاق النيران بصورة كثيفة خارج السجن، وأنه حينما أقدم على استطلاع الأمر من أحد النوافذ المؤمنة، أبصر عددا كبيرا من السيارات ومعدات البناء قادمة باتجاه البوابة الخارجية للسجن يصاحبها إطلاق مكثف للنيران في كل اتجاه.
وأضاف أن السيارات ومعدات البناء تمكنت من اقتحام بوابة السجن الرئيسية، و كان عدد المقتحمين نحو 80 مسلحا بحوزتهم أسلحة نارية حديثة، مشيرا إلى أن عملية الاقتحام استغرقت مدة زمنية حتى بزوغ النهار.
من جهته قال الشاهد المقدم أحمد جمال الدين محمود (رئيس قسم العمليات بإدارة قوات الأمن خلال وقت اندلاع الأحداث) إنه بتاريخ 29 يناير تم إخطاره بوجود حالة من الاضراب والهياج بليمان ابو زعبل ( 1 ) فتوجه إليه للتعامل مع ذلك الهياج من المساجين، ففوجىء بعدد كبير من الأشخاص الملثمين يطلقون الأعيرة النارية بكثافة من خارج السجن، وأبصرهم حينما اعتلى سور السجن من على بعد.. مؤكدا أن قوات التامين تبادلت معهم رد الاعتداء من أبراج الحراسة أعلى السور من الناحية الشرقية و استمر ذلك حتى الساعة الخامسة من مساء ذلك اليوم.
وذكر الشاهد أنه شاهد أيضا المقتحمين يستخدمون أجهزة لودر لكسر وتحطيم أسوار السجن، مشيرا إلى أنه في أعقاب نفاد الذخيرة قام بالانسحاب وحال ذلك شاهد سيارتين شرطة محترقتين وهما من السيارات المخصصة لأفراد الشرطة بالسجن.
كما استمعت المحكمة لشاهد الإثبات منصور محمد عبد المطلب الشناوي (مدير الإدارة العامة لسجون المنطقة المركزية بقطاع السجون) والذي قال إنه تم إبلاغه من اللواء شوقي الشاذلي وكيل المنطقة المركزية بوجود هياج بين المساجين، ثم أخطره بحدوث اعتداء على السجن من الخارج من خلال مجموعة من الأشخاص داخل شاحنات (بيك أب) يطلقون الأعيرة النارية على قوات تأمين السجون المستهدفة، والذين تبادلوا معهم إطلاق النار حتى نفذت ذخيرتهم وانسحبوا حرصا على حياتهم.. مؤكدا على عدم اختصاص عمله بمنطقة سجون وادي النطرون.
وطلب الدفاع إلى المحكمة تأجيل جلسات القضية إلى ما بعد انتهاء شهر رمضان، لاستكمال الاستماع إلى أقوال بقية الشهود وعددهم 12 شاهدا.
وتضم القضية 27 متهما محبوسين بصفة احتياطية، في حين يحاكم بقية المتهمين بصورة غيابية، باعتبار أنهم هاربون.
ومن أبرز المتهمين المحبوسين احتياطيا على ذمة القضية (إلى جانب الرئيس المعزول محمد مرسي) محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ونائبه رشاد بيومي، وأعضاء مكتب إرشاد الجماعة والقيادات بها محمد سعد الكتاتني وعصام العريان ومحمد البلتاجي ومحي حامد وصفوت حجازي.
كما أن من أبرز المتهمين الهاربين، الدكتور يوسف القرضاوي (الداعية الإسلامي المعروف) وصلاح عبد المقصود وزير الإعلام السابق، ومحمود عزت نائب المرشد العام لجماعة الإخوان.. إلى جانب القيادي بتنظيم "القاعدة" رمزي موافي (الطبيب الخاص بأسامة بن لادن زعيم التنظيم السابق) وأيمن نوفل القيادي البارز بكتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حماس الفلسطينية).. بالإضافة إلى القياديين بتنظيم حزب الله اللبناني محمد يوسف منصور وشهرته "سامي شهاب" وإيهاب السيد مرسي وشهرته "مروان" والسابق الحكم عليهما في أبريل 2010 الأول بالسجن المشدد لمدة 15 عاما والثاني بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات، في قضية الخلية الإرهابية لحزب الله.
وكان المستشار حسن سمير قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة لتحقيق وقائع الاتهام، قد أسند إلى المتهمين ارتكابهم جرائم خطف ضباط الشرطة محمد الجوهرى وشريف المعداوى ومحمد حسين وأمين الشرطة وليد سعد، واحتجازهم بقطاع غزة، وحمل الأسلحة الثقيلة لمقاومة النظام المصري، وارتكاب أفعال عدائية تؤدى إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها، وقتل والشروع في قتل ضباط وأفراد الشرطة، وإضرام النيران في مبان حكومية وشرطية وتخريبها، واقتحام السجون ونهب محتوياتها، والاستيلاء على ما بمخازنها من أسلحه وذخائر وتمكين المسجونين من الهرب.
وكشفت التحقيقات التي باشرها قاضي التحقيق النقاب عن اتفاق المتهمين في القضية (من قيادات جماعة الإخوان المسلمين والرئيس المعزول والجهاديين التكفيريين) مع هيئة المكتب السياسي لحركة حماس، وقيادات التنظيم الدولي الإخواني، وحزب الله اللبنانى، على إحداث حالة من الفوضى لإسقاط الدولة المصرية ومؤسساتها، تنفيذا لمخططهم، وتدريب عناصر مسلحة من قبل الحرس الثوري الإيراني لارتكاب أعمال عدائية وعسكرية داخل البلاد، وضرب واقتحام السجون المصرية.