يقدم طارق الملط رؤيته السياسية للوضع الراهن، بوصفه قياديا منشقا عن “تحالف دعم الشرعية”، ويتحدث عن حالة استقطاب من قبل جماعة الإخوان والمتحالفين معها ممّن يسعون إلى الثأر لأنفسهم. قال طارق الملط القيادي في ما يسمّى ب”تحالف دعم الشرعية” أنّ الحشد الفاشل الذي يدعو إليه مؤيدو الرئيس المعزول في كل مناسبة بمصر، يدل على ضعف الموقف وتدني الشعبية.
وأوضح الملط، في حواره مع “العرب” في القاهرة، أنه قدّم حلا ل”تحالف دعم الشرعية” ول”حزب الوسط” لتغيير الاستراتيجية المعارضة للنظام والبحث عن آلية جديدة، بدلا من الدخول في مواجهة مع أجهزة الدولة.
وكان طارق الملط القيادي في حزب الوسط، أحد مكوّنات تحالف دعم الشرعية، أعلن استقالته من الحزب مؤخرا، معلّلا ذلك بافتقاد الحزب للقيادات التي تحمل رؤية سياسية وخبرات حقيقية وليس شعارات “حنجورية”.
وأكد أنّه كانت تجب عقب خروج أعداد كبيرة من المصريين في 30 يونيو 2013 الدعوة إلى انتخابات مبكّرة أو الاستفتاء على استكمال الرئيس السابق محمد مرسي لمدته في الحكم ولكن للأسف هذا لم يحدث.
وأشار إلى أنه من الإنصاف أن نقول إن 30 يونيو كانت مدفوعة بتأييد شعبي كبير رغم تدخل القوات المسلحة، لكن الحشد الجماهيري وقتها كان هدفه إجراء انتخابات رئاسية فورا، عن طريق صناديق الاقتراع ولم يكن يريد خارطة الطريق التي مرّت بها مصر خلال الفترة الماضية.
وأضاف الملط رغم ما قيل في بيان 3 يوليو إنه لن يكون هناك إقصاء وسيطرة فصيل على الوطن، فإننا أصبحنا حاليا فى حالة استقطاب شديد وحاد وكل طرف يريد أن يثأر لنفسه، بل خرج فصيل ثالث لا نعرف من يحركه وهو الجماعات الإرهابية التي تقوم بالتفجيرات.
وأرجع عضو “حزب الوسط” المستقيل الحالة التي تمر بها مصر إلى الطريقة التي فضت بها اعتصامي رابعة العدوية والنهضة والمظاهرات التي أعقبتها، فأصبحت هناك دماء تسيل من كل الأطراف، سواء من الجيش والشرطة أو المواطنين رغم عدم وجود أي مبرر للعنف، فضلا عن الإسلاميين.
وأوضح “الملط” أن الدكتور زياد بهاء الدين الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولي خرج بمبادرة لم يتجاوب معه إلا أنا و3 أعضاء في الهيئة العليا لحزب الوفد، كما أننا قابلنا نائب وزير الخارجية الأميركي، للتوصل إلى اتفاقية تهدئة قبل فض اعتصامي رابعة والنهضة، وحاولنا التوصل لحلول، لكن جهودنا لم تكلل بالنجاح ليس لعدم توافقنا، لكن لأن الدولة لم تستجب لتلك المبادرات.
ومن وجهة نظر الملط فإنه في مثل تلك الأزمات التي تمر بها الدولة يجب على الجميع أن يكونوا متعاونين ومنصفين، كما يجب عدم السكوت على حق طرف من الدولة على حساب طرف آخر، والعمل على فتح قنوات للتواصل مع السلطة الحالية.
وقال إنّ استمرار تحالف دعم الشرعية في التظاهر لن يكون هو الحل، كما أنّ الحل الأمني العنيف لن يحل الأزمة، والدولة ماضية في طريقها ومن الصعوبة أن تنهض في ظل إحساس فئة من الشعب بالظلم.
وأشار الملط إلى إنه خلال فترة عضويته في “حزب الوسط” وتحالف دعم الشرعية كان ينادي دائما بضرورة تقييم مسار التحالف وجدواه، مؤكدا أن الاختلاف الأساسي مع الدولة هو صراع سياسي وليس صراعا على الدين والهوية، لأنه لو كان حمدين صباحي في موقف مرسي، فقواعد التيار الإسلامي لم تكن لتخرج من أجله.
وقال القيادي المستقيل من “الوسط” أن التحالف يعمل على شحن الشباب إلى درجة تصل إلى التحريض، وتعمل بالمثل الشعبي الذي يقول “أنت معي، أنت قديس.. أنت ضدي، إذن أنت إبليس” وهو نفس المنهج الذي تتبعه الحكومة حاليا، مشيرا إلى أن سبب استقالته من حزب الوسط، هو لقاؤه مع أحد جنرالات الجيش لمحاولة إيجاد حلول للأزمة التي يمر بها الوطن وطرحه مبادرة على قيادات الوسط والإخوان الذين اعتبروه عميلا للأمن، وفشلت المبادرة.
وأوضح الملط أنه لا بدّ من وقفة يقوم بها الرئيس السيسي، وتطبيق ما وعد به في بيان 3 يوليو وعدم إقصاء التيار الإسلامي الذي يعارضه، والدعوة إلى المصالحة الوطنية قائلا: انظروا إلى أهالي الشهداء نحن نخلق جيلا آخر من الإرهابيين بالتعامل الأمني بتلك الطريقة مع المتظاهرين ونزيد الأمور تعقيدا.
ودعا قيادات التحالف إلى الوقوف على أرض الواقع وقراءته بشكل أكثر وضوحا ودقة، لافتا إلى أنه رغم معارضته للنظام إلا أنه معترف بوجوده وأصبح أمرا واقعا بسبب انتخاب فصيل كبير من الشعب للرئيس عبدالفتاح السيسي ونجاحه بنسبة عالية من الأصوات، مطالبا الشباب بالتهدئة وعدم زيادة أعداد الشهداء.
وحول المشاركة في الانتخابات البرلمانية، قال: سأشارك رغم اعتراضي على قانون الانتخابات، لكني أعتبر أنها “تحريك للمياه الراكدة” لأن الاعتراض ليس بالمظاهرات فقط، بل بالمشاركة السياسية “رغم تأكدي من الخسارة لأني كنت عضو تحالف دعم الشرعية سابقا وصعوبة إقامة مؤتمر انتخابي واحد”، مشيرا إلى أن قيادات في التحالف والتيار الإسلامي يريدون خوض المعركة الانتخابية ولا يعرفون كيف يقنعون قواعدهم.