كان ميكيافيلى موظفاً بسيطاً فى حكومة فلورنسا، وعندما اجتاحتها جيوش فرنسا وأطاحت بحكومة «ميدكش» الحاكمة حول ميكيافيلى ولاءه إلى حكومة الغزاة، وكان داهية خبيراً بألاعيب ومؤامرات السياسة فتدرج فى المناصب إلى أعلى حتى وصل إلى منصب وزير فلورنسا الأول. وعندما عادت حكومة «ميدكش» من جديد تم القبض على ميكيافيلى ونفيه، وفى منفاه قام بتأليف كتابه الشهير «الأمير» وأهداه إلى الحاكم الجديد لعله يرضى عنه، وهو ما لم يحدث وظل فى المنفى. وكان المبدأ الأساسى الذى اشتهرت به الميكيافيلية هو أن «الغاية تبرر الوسيلة».. وأن الهدف النبيل يعطى مشروعية لكل الوسائل حتى وإن كانت غير أخلاقية، طالما ستحقق هذه الوسائل فى النهاية الهدف المنشود. وقال الناس فيما بعد إن أى حاكم أو رئيس لا يستطيع أن ينام إلا بعد أن يضع «كتاب الأمير» تحت وسادته. ورسم ميكيافيلى ملامح الحاكم والصفات التى ينبغى أن يتحلى بها والسياسة التى يجب أن يسير عليها، فمن ناحية الأخلاق، على الحاكم أن يتخلص من الأخلاق والتقاليد والبدع والقيم الدينية وأن يستعمل الدين كوسيلة لكسب الشعب فقط. وقال ميكيافيلى إنه يجب على الشعب أن يرى الحاكم دائماً، فى مظهر الشخص المتدين، فالناس يحكمون على ما يرونه بأعينهم، وأن على الحاكم أن يكون قادراً على اللعب بعقول الناس، بالمكر والخداع، لأن من يتقن الخداع جيداً سيجد من يتقبل هذا الخداع. يقول ميكيافيلى للحاكم: لا يجب أن تحافظ على وعودك، إذا كان ذلك سوف يضر بمصلحتك وعندما سألوا ميكيافيلى عما إذا كان من الأفضل أن يكون الحاكم محبوباً أو مهاباً؟ قال ميكيافيلى: من الواجب أن يكون الحاكم محبوباً ومهاباً فى نفس الوقت، لكن إذا كان من العسير الجمع بين الاثنين فإن من الأفضل أن يخاف الناس الحاكم ويرهبوه، أفضل من أن يحبوه فقط! وأوصى ميكيافيلى الحاكم بأن يسعى لتحقيق العدالة الاقتصادية بين الناس وتوزيع الدخل بشكل عادل، لأن وجود طائفة كبيرة من الفقراء سيكون فيما بعد سبباً فى قيام الثورة على الحاكم! وينصح ميكيافيلى الحاكم باستخدام القوة عند الضرورة وفى السياسة الخارجية على الحاكم أن يتخلص من وعوده وعهوده إذا كانت عبئاً عليه! لكن كيف يرى ميكيافيلى أفراد الشعب؟ يقول: إنهم ناكرون للجميل، يتقلبون، منافقون، ميالون إلى تجنب الأخطار، إنهم شديدو الطمع، يقفون إلى جانبك طالما أنت تفيدهم، وطالما أنهم لم يحصلوا على ما يريدون، فإذا حصلوا على مرادهم يثورون عليك، والحاكم الذى يطمئن إلى وعود الناس دون أن يتخذ أى استعدادات يكون مصيره الدمار والخراب. هذا ما قاله ميكيافيلى.. فماذا تقول أنت؟ وهل إذا قرأت السطور الماضية مرة أخرى تستطيع أن تعثر بين السطور على صور فوتوغرافية وأسماء محددة تعرفها وتراها على صفحات الجرائد وشاشات الفضائيات؟ تقدر؟