ثمة صناديق سوداء كثيرة فى هذا البلد الطيب، ومنها صناديق عمر سليمان التى يهددنا بها الآن، فهو يملك الكثير من الأوراق والصور والملفات، ولكل منا ملف خاص أو أكثر، ومن ثم فهو يبتزنا جميعا، حتى يرغمنا على انتخابه رئيسا لجمهورية الخوف! ويقول سى عمر: «أعلم أن هناك الكثيرين ممن يخشون إفشاء هذه الأسرار، ولهذا يقاومون ترشحى بعنف». إذ يبدو أن هذا الرجل لا يعرف سوى هذه اللغة الخشنة فى تعامله معنا، أعنى لغة الإرهاب والوعيد، ففى أيام الثورة الأولى، وحين سيطر على البلد بصفته نائب الرئيس القادر على التعامل مع ثورة تفجرت فى ربوع الوطن كله، فإذا به يخاطبنا بنفس التعالى والتهديد، ويخيرنا بين أمرين: إما الحوار معه وبالتالى قبول شروطه المجحفة، وإما الانقلاب العسكرى! وكأنما كنا نعيش فى بلد لا يحكمه العسكر منذ ستة عقود! وسى عمر هذا -الذى يتعامل مع جهاز المخابرات العامة باعتباره ملكية خاصة- يظن أننا لا نستحق الديمقراطية، فقد سبق له أن قال فى حديث مشهور لشبكة «سى إن إن» الأمريكية إنه شخصيا يؤمن بالديمقراطية، لكن متى؟! حين يصبح شعبنا (الفقير الجاهل العشوائى المريض) مؤهلا لهذه الديمقراطية! وكأنما نظام حكم المخلوع ونائبه غير مسؤول عن كل ما يعانيه شعبنا الحليم من حياة لا إنسانية! والحقيقة أننى كنت أود أن أكتب هذا المقال عن موضوع الصناديق الخاصة لا السوداء! باعتبارها مستنقعًا كبيرا للفساد. فنظام المخلوع قنن الفساد من خلال مجموعة كبيرة من القوانين الفاسدة والمفسدة، ومنها قانون الصناديق الخاصة، وهى صناديق تنشأ بقرار من السلطة التنفيذية، ومن ثم يتم جمع الأموال فى هذه الصناديق من المواطنين فى صورة ضرائب ودمغات ورسوم وخلافه، وبعد أن تمتلئ الصناديق بالأموال، يتم الصرف منها بناء على رغبة المسؤولين، دون أى نوع من الرقابة، إذ إن ما بها من أموال لا يدخل ضمن موازنة الدولة! وسى عمر الذى كنا نتحدث عنه، كانت تحت يده مليارات الجنيهات المصرية، وبالعملات الأجنبية أيضا، يصرف منها كما يشاء بلا حسيب ولا رقيب، ضمن مستنقع الفساد المستشرى فى طول البلاد وعرضها. فنظام المخلوع ما زال يحكم مصر ويتحكم فيها! والصناديق الخاصة هذه بالآلاف، فبداية من الوحدات المحلية فى شتى الأقاليم، ستجد ثمة صناديق للسرقات المقننة، وهكذا كلما تدرجت من المحليات إلى المحافظات ستقابلك هذه الصناديق التى يُصرف منها على المحظوظين من مديرى الأمن، ولواءات الشرطة، وقيادات الشركات والمؤسسات والوزارات! وحتى الآن ما زالت هذه الصناديق الخاصة مرتعا للنهب والسرقة، بلا رقابة، ولا محاسبة! فما زالت البلد تنهب بعد الثورة، كما كانت تُسرق قبلها، فإلى الآن لم تضم آلاف الصناديق هذه إلى موازنة الدولة، وهذا ما يجب أن يتم بأسرع ما يمكن، حفاظا على ما تبقى فيها من عشرات المليارات، بعد كل ما تمت سرقته منها فى عقود المخلوع ونائبه!