الذهب يتلألأ عالميا.. 8 أسابيع متتالية من المكاسب مع تجاوز حاجز 4.000 دولار للأوقية    البامية ب100 جنيه والفاصوليا ب40.. ارتفاع كبير في أسعار الخضروات بأسواق قنا    من بروكسل.. وزيرة التخطيط تُدشّن النسخة الإنجليزية من الملخص التنفيذي ل«السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» بمنتدى البوابة العالمية    اسعار الدينار الكويتي اليوم السبت 11اكتوبر 2025 فى بداية التعاملات    وزير الرى يلتقى المدير التنفيذى لإدارة مصادر المياه بمنظمة التعاون الإسلامى    وزير الزراعة: نستهدف زراعة ما لا يقل عن 3.5 مليون فدان من القمح    استقرار وانخفاض طفيف في أسعار الحديد بأسواق المنيا السبت 11 أكتوبر 2025    إعلام إسرائيلي عن مصادر: الكشف النهائي للأسرى الفلسطينيين يضم فقط 195 أسيرا محكوما بالمؤبد    إصابة واعتقالات خلال اقتحام الاحتلال للخليل وبلداتها    أيمن محسب: الصلابة السياسية للرئيس السيسى منعت انزلاق المنطقة إلى فوضى جديدة    فرنسا ضد أذربيجان.. ديشامب يثير قلق ريال مدريد بشأن إصابة مبابي قبل الكلاسيكو    نجم تونس: علاء عبد العال مدرب كبير.. ومبارياتنا مع الأهلي والزمالك "عرس كروي"    عماد النحاس مديرا فنيا للزوراء العراقي    ختام منافسات الكبار والناشئين فى بطولة العالم للسباحة بالزعانف بالعلمين    إصابة 14 شخصا إثر حادث انقلاب سيارة ميكروباص بطنطا    عم أطفال دلجا: ننتظر حكم الإعدام اليوم    تحرير 164 مخالفة تموينية.. وضبط أسمدة وسلع مدعمة في حملات بالمنيا    اضطراب الملاحة بجنوب سيناء بسبب نشاط الرياح وارتفاع الأمواج    عرض جثث 3 أطفال شقيقات غرقن بالبانيو نتيجة تسرب الغاز بالمنوفية على الطب الشرعى    مصرع شخص أسفل عجلات القطار فى طنطا    من هو زوج إيناس الدغيدي؟ الكشف هوية العريس الجديد؟    عيد ميلاد الهضبة.. عمرو دياب ال بابا الذى لا يشيخ فى عالم الموسيقى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    هل فيتامين سي الحل السحري لنزلات البرد؟.. خبراء يكشفون الحقيقة    فوز الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام وإهدائها ل ترامب    قتلى ومفقودين| انفجار مصنع متفجرات يورد منتجات للجيش الأمريكي بولاية تينيسي    الصين تعتزم فرض قيود شاملة على تصدير المعادن الأرضية النادرة    بالأرقام.. ننشر نتيجة انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء بقنا    أسعار اللحوم اليوم السبت في شمال سيناء    غدًا.. ثقافة العريش تنظم معرض «تجربة شخصية» لفناني سيناء    الجمعية المصرية للأدباء والفنانين تحتفل بذكرى نصر أكتوبر في حدث استثنائي    مواقيت الصلاه اليوم السبت 11اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    إصابة 14 شخص في انقلاب سيارة ميكروباص علي طريق طنطا - كفر الزيات    تعرف على فضل صلاة الفجر حاضر    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. السبت 11 أكتوبر 2025    «رغم زمالكاويتي».. الغندور يتغنى بمدرب الأهلي الجديد بعد الإطاحة بالنحاس    «علي كلاي» يجمع درة وأحمد العوضي في أول تعاون خلال موسم رمضان 2026    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    ملك زاهر: ذهبت لطبيب نفسي بسبب «مريم»| حوار    «الوزراء» يوافق على إنشاء جامعتين ب«العاصمة الإدارية» ومجمع مدارس أزهرية بالقاهرة    تصفيات كأس العالم 2026| مبابي يقود فرنسا للفوز بثلاثية على أذربيجان    استعداداً لمواجهة البحرين.. منتخب مصر الثاني يواصل تدريباته    أولياء أمور يطالبون بدرجات حافز فنى للرسم والنحت    رسمياً.. التعليم تعلن آلية سداد مصروفات المدارس الرسمية والمتميزة للغات 2025/ 2026    محمد سامي ل مي عمر: «بعت ساعة عشان أكمل ثمن العربية» (صور)    برد ولا كورونا؟.. كيف تفرق بين الأمراض المتشابهة؟    وصفة من قلب لندن.. طريقة تحضير «الإنجلش كيك» الكلاسيكية في المنزل    أحمد فايق يحذر من خطورة محتوى «السوشيال ميديا» على الأطفال    والدة مصطفى كامل تتعرض لأزمة صحية بسبب جرعة انسولين فاسدة    بمشاركة جراديشار.. سلوفينيا تتعادل ضد كوسوفو سلبيا في تصفيات كأس العالم    د. أشرف صبحي يوقع مذكرة تفاهم بين «الأنوكا» و«الأوكسا» والاتحاد الإفريقي السياسي    وزارة الشباب والرياضة| برنامج «المبادرات الشبابية» يرسخ تكافؤ الفرص بالمحافظات    من المسرح إلى اليوتيوب.. رحلة "دارك شوكليت" بين فصول السنة ومشاعر الصداقة    العراق: سنوقع قريبا فى بغداد مسودة الإتفاق الإطارى مع تركيا لإدارة المياه    وزارة الشباب والرياضة.. لقاءات حوارية حول «تعزيز الحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد»    غادة عبد الرحيم تهنئ أسرة الشهيد محمد مبروك بزفاف كريمته    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس وزراء "بن علي" : ثورة في تونس سنة 2014 على أقصى تقدير..و"زين العابدين" كان أسير عائلته
نشر في الفجر يوم 10 - 05 - 2014


وكالات
قال حامد القروي، رئيس الحكومة التونسية في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، إنه كان يتوقع حدوث ثورة في تونس سنة 2014 على أقصى تقدير.

ونفى القروي الذي تولى رئاسة الحكومة التونسية بين 27 سبتمبر (أيلول) 1989 و17 نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، نية الترشح للانتخابات الرئاسية قائلا: «لن أترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وسأترك المشعل للطاقات الشابة»، كما أكد أنه لن يتحالف مع حركة نداء تونس التي تقول إنها تعتمد على نفس مرجعية حزبه، ونفى أي اتصال سياسي مع قادة حركة النهضة، سواء عندما كانوا في الحكم أو بعد مغادرتهم السلطة.

ودعا القروي في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في العاصمة التونسية، إلى التفكير في تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية نهاية السنة الحالية حتى لا تعود فكرة الحزب المهيمن إلى الساحة من جديد. وقال أيضا، إن تونس في حاجة أكيدة خلال هذه الفترة إلى مجهودات كل أبنائها بمن فيهم أنصار النظام السابق في نطاق دعم نهج المصالحة بين التونسيين. وأشار إلى أن الحركة الدستورية قد تساند بعد الانتخابات المقبلة، الفكرة المنادية بتأجيل التداول على السلطة والمنافسة السياسية الشرسة ربما لفترة تتراوح بين خمس وعشر سنوات في انتظار ترسيخ أسس الثقافة الديمقراطية والتعايش المشترك.

وتوقع القروي أن يحرز حزب الحركة الدستورية الذي أسسه بداية هذه السنة، نتائج إيجابية في تلك الانتخابات التي يفضل أن تجمع البرلمانية والرئاسية في نفس الوقت.

وبشأن ماضيه السياسي الذي قد يكون عائقا أمام عودته إلى النشاط السياسي بفعل ترؤسه الحكومة في عهد بن علي مدة عشر سنوات، وتبوئه منصب نائب رئيس حزب التجمع المنحل، قال القروي إن القضاء برأ كل أعضاء الحكومات السابقة ولم يثبت ضدهم أي أدلة قانونية تؤكد تورطهم في موجة الفساد التي استشرت في عهد بن علي.

وفي نطاق النقد الذاتي، اعترف القروي في المقابل بمجموعة من الأخطاء المرتكبة في عهد بن علي منها غياب ترسيخ البناء الديمقراطي في تونس والتخلي عن فكرة بناء اتحاد المغرب العربي المتنفس الرئيس للاقتصاد التونسي. وفيما يلي نص الحوار:

* هل كنت تتوقع حدوث ثورة في تونس قبل نحو ثلاث سنوات؟

- بالتأكيد، فكل المؤشرات كانت تؤدي إلى الثورة بسبب عدة تراكمات، ولكنني كنت أتوقع حصول الثورة في تونس سنة 2013 أو 2014 على أقصى تقدير إبان إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي كانت مقررة سنة 2014.

وفي حقيقة الأمر، كان تصوري ألا يترشح الرئيس بن علي لتلك الانتخابات، ومن غير المقبول أيضا أن تترشح زوجته ليلى الطرابلسي أو صهره صخر الماطري لمنصب الرئاسة. بيد أن الشباب سبق تلك التكهنات وحصلت الثورة بداية سنة 2011، ولم ينظمها أي حزب سياسي، ولم تكن مبنية على خيارات وتوجهات سياسية بقدر ما نادت بالحياة الكريمة لكل التونسيين.

لقد خان بن علي بيان 7 نوفمبر 1987 الذي أكد من خلاله أن الشعب التونسي أصبح واعيا وناضجا، ولم يجد الشعب التونسي مع بن علي الشخصية الكاريزماتية التي كان يحظى بها سلفه الحبيب بورقيبة، ومع ذلك كان الشعب يتغاضى عن السياسة لصالح الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية التي طبعت فترة حكم بن علي.

كان بن علي يحسن اختيار وزرائه ومستشاريه في الحكومة في بداية العشرية الأولى من الحكم، لكن سرعان ما طغت عائلة الطرابلسية على قراراته فسقط الجميع في الفساد المالي، وهو ما لا يمكن للشعوب أن تغفره لحكامها، فهي تسمح بخطأ تقديري في سياسة البلاد، وتعده حسن نية، أما الفساد والإثراء على حساب الآخرين، فهذا ذنب كبير.

لقد بات بن علي خلال السنوات الأخيرة من حكمه أسير عائلته، وأصبح يوزع الخيرات على أفراد عائلة زوجته بما يشبه المباريات في جمع المال.

* هل كنت على علم بأخبار الفساد الذي فاحت رائحته خارج القصر الرئاسي، وخاصة أنك شغلت منصب رئاسة الحكومة حتى سنة 1999، وكنت نائب رئيس حزب التجمع المنحل حتى سنة 2008؟

- كنت أعلم ما يعلمه بقية التونسيين، ولم تكن لدى أعضاء الحكومة قنوات لمعرفة دقيقة بملفات الفساد. كما أنني وبقية الوزراء لم يكن لنا أي دور في صفقات الفساد المالي التي كانت تنفذها عائلة الرئيس بن علي.

* لكن بعد الثورة هناك من اتهمك بالمشاركة في الفساد؟

- هذا صحيح، فقد رفعت قضايا ضد رموز العهد السابق أمام القضاء تتهمهم بالفساد بمن فيهم أنا. وكلف القضاء التونسي خمسة خبراء للبحث عن مصادر الفساد الموثقة، سواء في البنوك أو البورصة أو العقارات والأراضي والشركات أيضا، ولم يجدوا لدى أي قائد من قادة حزب التجمع المنحل أي قضية فساد مالي، وحفظت جميع القضايا لغياب الأدلة والحجج القانونية.

لقد عملت على رأس الحكومة في بداية عهد بن علي، وأرى أننا حققنا الكثير لتونس، خاصة على مستوى الإنجازات الاجتماعية والاقتصادية، وقد اعترف الكثير من الزعماء السياسيين بعد الثورة بتلك المكاسب من بينهم راشد الغنوشي.

* هل كانت لديكم معلومات عن الطريقة التي كانت تدار بها ملفات الفساد؟

- لم تكن لدينا الجرأة لمفاتحة الرئيس بن علي في موضوع الفساد، كما أنه خلال الفترة الأولى من حكمه لم يكن الفساد بنفس القدر الذي أصبح عليه قبل سنوات قليلة من الثورة. وأعلمكم أننا وقفنا في ملفات كثيرة ضد الفساد، خاصة في مجال خصخصة المنشآت العمومية التي كانت تسيل لعاب الكثير من المحيطين ب«بن علي». لكن الصفقات العمومية الكبرى على غرار الصفقات الموجهة لقطاع النفط والمجمعات الرياضية الكبرى ومقتنيات الدولة، كانت تدار بشكل مباشر من قبل الرئيس، وتجري العمليات عبر اللجنة العليا للصفقات، وتذهب تقارير للرئاسة عن طريق الكاتب العام (الأمين العام) للحكومة، والرئيس هو الذي يتخذ القرار النهائي، ويعيد إلى اللجنة العليا للصفقات اسم الفائز في المناقصة العمومية. وكنا نعلم أن هناك محاباة في اتخاذ القرار في مجال الصفقات العمومية، ولكن لم يجرؤ أحد على التدخل لدى بن علي. وأنا أنزه الوزراء وأعضاء الحكومة من معرفة تفاصيل تلك الصفقات.

* بما أن أعضاء الحكومة كانت لديهم هذه المعلومات ما الذي كان يمنعهم من تقديم استقالتهم والتخلي عن العمل مع بن علي؟

- نحن نعرف جميعا أن الحرية لم تكن ممنوحة لكل التونسيين. وكان الكثير من أعضاء الحكومة يخشون مواجهة النظام، وكان من الصعب جدا اتخاذ القرار بمغادرة الحكومة، فالنتائج ستكون غير محسوبة.

* ولكن هناك بعض أعضاء الحكومة خلال توليك رئاستها قدموا استقالتهم ولم تكن هناك التبعات التي تحدثت عنها؟

- آنت تتحدث هنا عن محمد الشرفي (وزير التربية الأسبق) الذي قدم استقالته احتجاجا على قانون الجمعيات في بداية عقد التسعينات. ولكن الشرفي كان مدعوما من الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، ولم يكن بن علي يبحث حينها عن المواجهة. كما أن مصطفى كمال النابلي قدم استقالته من وزارة التعاون الدولي والتنمية والاستثمار الخارجي بسبب تخلي الحكومة عن ميزانية الاستثمار، وقد تدخلت شخصيا لدى بن علي لقبول الاستقالتين الوحيدتين في عهده، ولم يكن من السهل أبدا إقناعه باستقالات أخرى.

* لقد عرفت بن علي عن قرب، ما الذي بقي من شخصيته في ذاكرتك؟

- بن علي رجل غامض تتحكم في تصرفاته شخصيته الأمنية وتكوينه العسكري. كان يشك في كل من حوله ويخاف كل الناس ويخشى المنافسة بكل أشكالها.

* كيف كان ينظر إلى أحزاب المعارضة المتشددة ممثلة بالخصوص في حركة النهضة (بزعامة الغنوشي) والحزب الديمقراطي التقدمي (بزعامة أحمد نجيب الشابي) وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بقيادة مصطفى بن جعفر، وحركة التجديد بزعامة أحمد إبراهيم؟

- كان يقلق من تلك المعارضة، ويقلق من ترشح أي من قيادييها ضده؛ لأنه كما أسلفت القول لا يريد المنافسة، بل يخشى كذلك الدخول في الانتخابات ضد أطراف قوية، لذلك صنع أحزابا ضعيفة حتى يتمكن من السيطرة عليها.

* إذا كنت على علم بكافة هذه التفاصيل، لماذا لم تقدم النصيحة للرئيس بن علي وأنت أقرب رموز التجمع إليه؟

- قدمت النصيحة عندما كنت رئيسا للحكومة وبعد سنة 2000 تاريخ خروجي من الحكومة لم يبق لدي أي دور ألعبه، وأصبحت أقابله في المناسبات الرسمية فقط. ولأؤكد لكم أن بن علي لم يعر اهتماما بآراء الكثير من التونسيين، فقد اجتمع الديوان السياسي لحزب التجمع الديمقراطي الدستوري يوم 5 يونيو (حزيران) 2008 للنظر فيما جد من أحداث في الحوض المنجمي (منطقة قفصة/ جنوب غرب تونس)، أي بعد خمسة أشهر من اندلاع تلك الأحداث الاجتماعية الدامية، بينما كان هناك اجتماع مواز في مقر التجمع ضم وزير الداخلية ووالي (محافظ) قفصة، وأمين حزب التجمع، ولم يشركنا أحد في الموضوع. وكانت تلك الأحداث مؤشرا قويا على مدى الاحتقان الاجتماعي، وكان بالإمكان تهدئة الخواطر لو طلبوا مشورتنا، ولكن السلطة لم تفهم الرسالة المبطنة التي تقف وراء تلك الانتفاضة الاجتماعية المصغرة.

* بعد الثورة، أين نجد حامد القروي؟

- لقد اتصل بي الكثير من الإخوة خلال الأسابيع الأولى من الثورة وسألوني: ماذا بإمكاننا أن نفعل؟ فكان جوابي أننا خرجنا من الحكم الذي كان مسؤولية وليس متعة، ولنعط للآخرين فرصة تجربة الحكم للوقوف على صعوباته ومعوقاته. وكنا في حاجة للنقد الذاتي والوقوف على الأخطاء المرتكبة قبل العودة لخدمة تونس. ونحن الآن لا ندعي أننا في صفوف المعارضة، بل نحن لن نبخل على تونس بالمساندة النقدية.

* وكيف نظرتم إلى القرار القضائي بحل حزب التجمع الحزب الحاكم بعد الثورة؟

- للأسف، حل التجمع خلف اختلالا كبيرا في المشهد السياسي، وتشكلت عشرات الأحزاب إلى أن جاءت انتخابات 2011، واتضح أن الاستقرار السياسي والأمني ضاع، وأن الإدارة التونسية وحدها هي التي أنقذت البلاد من السقوط في الهاوية.

وبعد الانتخابات أقصي كبار الموظفين، وأبعد كل من له نشاط سياسي في العهد السابق، ولكن الحكومة لن يكتب لها النجاح دون الاعتماد على الكفاءات التونسية، سواء من منتسبي التجمع المنحل أو غيرهم. ومن غير المعقول اعتبار أنصار التجمع أعداء لتونس بعد الثورة. فهم لهم إمكانيات تصلح لإعادة البناء من جديد.

* ألذلك سعيتم إلى تأسيس حزب الحركة الدستورية في محاولة لجمع شتات الأحزاب الدستورية وأنصار النظام السابق؟

- بالفعل، فالأحزاب ذات المرجعية الدستورية كانت ضعيفة للغاية، وحاولت بعد الثورة جمع صفوفها، ورغم المجهودات المبذولة، فإن محاولات التوحيد باءت بالفشل. ونحن الآن نهدف، عبر حزب الحركة الدستورية، إلى تشكيل جبهة سياسية قوية على مستوى المشهد السياسي في تونس، ونستعد لدخول الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة بآمال عريضة. ولديّ إيمان بأن أنصار النظام السابق ما زال لهم دور في بناء البلاد اعتمادا على طاقة الشباب الذي كان وراء الثورة.

* أي خطاب سياسي ستوجهونه إلى الناخب التونسي بعد الثورة، إذ إن ذاكرة الكثير منهم تحتفظ بانطباعات سلبية عن عهد بن علي؟

- لقد كشف القضاء التونسي عن أن التهم الموجهة لرموز النظام السابق بالفساد والخراب لا تحمل أدلة، وأقام القضاء دليلا إضافيا على نظافتنا. لكل هذا دعوت أنصار النظام السابق إلى العودة إلى الساحة السياسية وخاطبتهم بالقول: «ارفعوا رؤوسكم»، وهذا ما شجع الكثير منهم على الانخراط في حزب الحركة الدستورية وأملي كبير في توحيد قرابة 12 حزبا سياسيا ذا مرجعية دستورية.

* هل حزب نداء تونس الذي يتزعمه الباجي قائد السبسي من بين تلك الأحزاب؟

- هذا غير وارد بالمرة، وأنا مستعد للتحالف مع كل الأحزاب إلا حزب الباجي قائد السبسي؛ نظرا لأنه تبرأ من الدساترة وأنصار التجمع وفتح أبوابه لمناضلي الأحزاب اليسارية، وما انفك من مرحلة إلى أخرى يؤكد أنه حزب غير دستوري، لدرجة أنه أعلن في أحد الاجتماعات الشعبية، أن «الدستور مات». كما أنه طلب من الدساترة (أنصار النظام السابق) البقاء في الصفوف الخلفية ولم يظهروا بشكل عادي إلا بعد أن دعوتهم إلى رفع الرؤوس والاعتزاز بما قدمه الحزب الدستوري منذ الاستقلال لفائدة التونسيين.

* ما النتائج المتوقعة لمشاركتكم في الانتخابات المقبلة؟

- سندخل بخطاب سياسي يركز على القدرة الشرائية للتونسيين فهي مفتاح الوصول إلى الناخب التونسي الذي لا تهمه كثيرا الخطب السياسية.

* هل سبق هذا القرار عملية نقد ذاتي حتى لا تتكرر نفس التجربة السياسية في تونس من جديد؟

- لقد وقفنا على بعض أخطائنا وأهمها عدم ترسيخ الديمقراطية، والتخلي عن بناء اتحاد المغرب العربي الذي يمثل طوق النجاة الحقيقي للاقتصاد التونسي. أما تفاصيل النقد الذاتي فقد أرجأناها إلى ما بعد انتخابات نهاية السنة الحالية.

* وهل سنرى حامد القروي مرشحا للانتخابات الرئاسية؟

- سيقدم حزب الحركة الدستورية مرشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة ولكنه بالتأكيد لن يكون حامد القروي، بل إحدى الطاقات الشبابية التي يزخر بها حزبنا.

* وكيف تنظرون إلى ظاهرة الاستقطاب السياسي الثنائي في تونس ممثلا في حركة النهضة وحركة نداء تونس؟

- لا أعد نداء تونس حزبا دستوريا (نسبة إلى مرجعية الأحزاب الدستورية)، ويتطلب الأمر إجراء تحويرات عميقة داخله لكي يتمتع بهذه الصفة، لذلك نحن لن ندعم ظاهرة الاستقطاب الثنائي، وسنعمل على تخفيف وطأتها والحصول على نتائج جيدة في الانتخابات المقبلة.

* وما النتيجة الانتخابية التي ترضي طموح حزب الحركة الدستورية؟

- ننتظر الحصول على نتائج مشرفة في تلك الانتخابات، ولن نتحالف مع أي طرف سياسي، ولن نتناقش معهم إلا بعد تشكيل هياكل حزبنا وتكوين أرضية صلبة للعمل السياسي.

* وماذا عن علاقة حزبكم ببقية الأحزاب السياسية الكبرى، ومن بينها حركة النهضة؟

- ليست لنا علاقات خاصة مع أي طرف سياسي، سواء من حركة النهضة أو من التيارات اليسارية، مع أن لدينا معرفة بحمادي الجبالي القيادي في حركة النهضة.

* كيف نظرتم إلى قرار حركة النهضة رفض قانون العزل السياسي في القانون الانتخابي الجديد؟

- هي خطوة جريئة بالتأكيد، إذ لا بد من الابتعاد عن عقلية الحزب المهيمن. وفي حال حصلنا على نسبة جيدة في الانتخابات المقبلة، فإننا سندعو إلى الاتفاق على برنامج سياسي مشترك يعتمد على مبادئ احترام الدستور والمحافظة على جمهورية مدنية. أما إذا كانت النتائج ضعيفة فإننا سنمثل قوة مساندة نقدية وليس معارضة هدامة.

* وما رأيكم في الجدل الدائر بشأن التزامن أو الفصل بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة؟

- حزب الحركة الدستورية يفضل إجراء الانتخابات في نفس اليوم وبمجرد التعرف على نتائج الانتخابات البرلمانية ومن ثم رئيس الحكومة. وفي الدورة الثانية المخصصة للتنافس على منصب الرئاسة يجب أن يكون رئيس الجمهورية لا ينتمي لنفس حزب رئيس الحكومة حتى لا تفرز الانتخابات من جديد حزبا مهيمنا غالبا ما يقود إلى الديكتاتورية والفساد. وقد يقع التفكير الجدي في تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات المقبلة. فتونس، على حد تقديري، في حاجة أكيدة لمجهودات كل أبنائها ولديها قدرة على تنفيذ برنامج مشترك تسهم فيه كل الأطراف السياسية.

وبالنسبة لنا داخل الحركة الدستورية قد نساند الفكرة المنادية بتأجيل التداول على السلطة والمنافسة السياسية الشرسة ربما لفترة تتراوح بين خمسة وعشر سنوات في انتظار ترسيخ أسس الثقافة الديمقراطية والتعايش المشترك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.