سعر الدولار اليوم الخميس 27/11/2025 أمام الجنيه المصري فى بداية التعاملات    «منال عوض»: برنامج تطوير الصعيد حقق نجاحًا كبيرًا في دعم التنمية الاقتصادية    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة نهاية الأسبوع    إطلاق النداء الثانى لبرنامج الشراكة طويلة الأجل بين الاتحادين الأوروبى والأفريقى    وزارة «التضامن» تقرر إزالة تعديات على 3 عقارات بمحافظة القاهرة    بعد مرور عام على تنفيذه.. نعيد نشر بنود اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان    وزير الخارجية يلتقي مع مفوضة الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات    سلام على حافة الانفجار.. أوكرانيا تطيح بالشروط الروسية وأوروبا تحذر من وهم التقدم    مصر تقوم بجهود مخلصة لوضع حد للحرب فى السودان    ارتفاع حصيلة القتلى جراء حريق هونج كونج إلى 55 شخصا    "إسرائيل ليست على طريق السلام مع سوريا".. كاتس يشير إلى خطة جاهزة في اجتماع سري    سلوت : لم نتوقع هذا السقوط    الزمالك يخوض تدريبه عصر اليوم على الملعب الفرعي باستاد بيتر موكابا    شوبير: رمضان صبحى فى محنة كبيرة وهذه قصة المنشطات والقرار المنتظر    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره الطريق فى المهندسين    السيطرة على حريق فى منزل ببندر ساقلته سوهاج دون خسائر بشرية    أسبوع ما بين التهنئة والنعى.. حزن على رحيل المذيعة هبة الزياد    المفوضة الأوروبية: ما يحدث في السودان كارثة إنسانية    هيئة الرعاية الصحية تعلن الفائزين بجوائز التميز لعام 2025    المعارضة تقترب من حسم المقعد.. وجولة إعادة بين مرشّح حزبى ومستقل    20 مرشحًا فى مواجهة ساخنة على 10 مقاعد فردية    هاري كين: هذه أول خسارة لنا في الموسم فلا داعي للخوف.. ومتأكد من مواجهة أرسنال مجددا    رأس المال البشرى.. مشروع مصر الأهم    انطلاق أول رحلة رسولية خارجية للبابا ليو الرابع عشر نحو تركيا ولبنان    الأحزاب ترصد مؤشرات الحصر العددى: تقدم لافت للمستقلين ومرشحو المعارضة ينافسون بقوة فى عدة دوائر    «علاقة عاطفية» السر وراء سرقة خزينة داخل منزل بالوراق    انطلاق امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    طقس الخميس.. انخفاض فى درجات الحرارة وشبورة كثيفة صباحا    وزارة الداخلية تقرر إبعاد 3 أجانب خارج مصر    اعترافات سائق ميكروباص بتهمة التعدي جنسيا على سيدة داخل سيارة في السلام    وزير الري يستعرض المسودة الأولية للنظام الأساسي واللائحة الداخلية لروابط مستخدمي المياه    مصر للطيران تنفي وقف صفقة ضم طائرات جديدة لأسطول الشركة.. وضم 34 طائرة جديدة بدءًا من 2026    وزير البترول يشهد توقيع خطاب نوايا مع جامعة مردوخ الأسترالية    طريقة عمل كفتة الخضار، لذيذة وصحية وسهلة التحضير    اليوم.. المؤتمر الصحفي لمباراة الأهلي والجيش الملكي المغربي    مواعيد مباريات الخميس 27 نوفمبر 2025.. ثلاث مواجهات في كأس مصر ونهائي مونديال الناشئين    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    أحدث ابتكارات ماسك، خبير يكشف مفاجأة عن صفحات تدار من إسرائيل للوقيعة بين مصر والسعودية (فيديو)    ضبط المتهم بالتعدى على فتاة من ذوى الهمم بطوخ وحبسه 4 أيام    مصرع 11 عاملًا وإصابة آخرين بعد اصطدام قطار بمجموعة من عمال السكك الحديدية بالصين    سر ظهور أحمد مكي في الحلقة الأخيرة من مسلسل "كارثة طبيعية" (فيديو)    ترامب: الولايات المتحدة لن تستسلم في مواجهة الإرهاب    عصام عطية يكتب: «دولة التلاوة».. صوت الخشوع    محافظ كفر الشيخ: مسار العائلة المقدسة يعكس عظمة التاريخ المصري وكنيسة العذراء تحتوي على مقتنيات نادرة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    زكريا أبوحرام يكتب: أسئلة مشروعة    علامات تؤكد أن طفلك يشبع من الرضاعة الطبيعية    أوركسترا النور والأمل يواصل البروفات في اليونان    أستاذة آثار يونانية: الأبواب والنوافذ في مقابر الإسكندرية جسر بين الأحياء والأجداد    ضعف المناعة: أسبابه وتأثيراته وكيفية التعامل معه بطرق فعّالة    المناعة لدى الأطفال وسبل تقويتها في ظل انتشار فيروسات تنفسية جديدة    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    برنامج ورش فنية وحرفية لشباب سيناء في الأسبوع الثقافي بالعريش    مدارس النيل: زودنا مدارسنا بإشراف وكاميرات مراقبة متطورة    جمال الزهيري: حسام حسن أخطأ في مناقشة مستويات اللاعبين علانية    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطورة إلصاق التهم بالأبرياء
نشر في الفجر يوم 29 - 04 - 2014

يقول تعالى في كتابه الكريم: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}... سورة النور الآية 11.
تشير هذه الآية والآيات التسع التي تليها إلى قوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}... الآية رقم 20 النور، إلى حديث الإفك الذي رمى به المنافقون بزعامة عبد الله بن أبي بن سلول أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي اله عنهما.
(وما قصدوه من مقالتهم من زلزلة أركان المجتمع الإسلامي وروجوه في أنحاء المدينة وتحدث به السداج من المسلمين) وحاصل هذا الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة بني المصطلق من خزاعة (ولم تبق بينه وبين المدينة إلا مرحلة) وآذن بالرحيل آخر الليل.
فلما علمت عائشة بذلك خرجت من هو دجها وابتعدت عن الجيش لقضاء شأنها ولما فرغت أقبلت رحلها فافتقدت عقداً كان في صدرها فرجعت على طريقها تلتسمه (فحبسها طلبه وكان ليل) قلما وجدته رجعت إلى حيث وضع رحلها فلم تجد الجيش ولا رحلها (وذلك أن الرجال الموكلين بالترحل قصدوا الهودج فاحتملوه وهم يحسبون أن عائشة فيه وكانت خفيفة قليلة اللحم، فرفعوا الهودج وساروا).
فلما لم تجد أحداً اضطجعت في مكانها رجاء أن يفتقدوها فيرجعوا إليها فنامت وكان صفوان المعطل السلمي قد أوكل إلأيه النبي صلى الله عليه وسلم حراسة ساقه الجيش (فلما علم بابتعاد الجيش وأمن عليه من غدر العدو وركب راحتله ليلتحق بالجيش).
فيما بلع الموضع الذي كان به الجيش بصر بسواد إنسان فإذا هي عائشة (وكان قد رآها قبل الحجاب فاسترجع واستيقظت عائشة بصرت استرجاعه) فنزل عن ناقته وأدناها منها وأناخها فركبتها عائشة وأخذ يقودها حتى لحق بالجيش في نحر الظهيرة (وكان عبد الله بن أبي سلول رأس المنافقين في الجيش).
فقال عبد الله بن أبي سلول : والله ما نجت منه ولا نجا منها، ثم راج هذا القول على لسان حسان ومسطع وصمنه بنت جحس آخت زينب أم المؤمنين وساعدهم في حديثهم طائفة من المنافقين وشق الأمر على الرسول والمسلمين وأهل بيته.
(فنبه الله عائشة ومن ماثلها ممن ناله أذى من هذا الحديث أن ما أصابهم من هذا البشر إنما هو الحير كل الخير لأن فيه منافع كثيرة إذ ميز الله به المؤمنين الخلص من المنافقين، وشرع لهم بسببه أخطأ ما تردع أهل الفسق عن فسوقهم ويتبين منه براءة فضلاتهم، ويزداد المنافقون غيظاً ويصبحون محضرين مذمومين ولا يفرحون بظنهم حزن المسلمين، وتأتي منه معجزات بنزول هذه الآيات بالإنباء بالغيب، وما ترعد اله به كبير المنافقين الذي تولى كبر هذا الإفك بأنه له عذاب عظيم وأنه سوف يموت على كفر).
وقد روي أن أبا أيوب الأنصاري لما بلغه خبر الإفك لزوجه: ألا ترين ما يقال؟ فقالت له: لو كنت بدل صفوان كنت تظن بحرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم سوءاً؟ قال: لا، قالت ولو كنت أنا بدل عائشة ما ضنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعائشة خير مني وصفوان خير منك، قال نعم
فدل ذلك على أن الاشتراك في وصف الإيمان يقتضي ألا يصدق مؤمن على أخيه وأخته في الدين ولا مؤمنة على أخيها وأختها في الدين قول عائب ولا طاعن : وأن حق المؤمن إذا سمع قاله في مؤمن أن يبني الأمر فيها على الظن لا على الشك ولقد بين الله أن من يقول لا يطعن فيه مسلما دون أن يأتي بأربعة شهود فإن الله قد حكم بأن من الكاذبين.
وفي هذا من الأدب والأخلاق أن المرء لا يقول بلسانه إلا ما يعلمه ويتحقق منه وإلا فهو مموه ومراء يقول ما يعتقد خلافه أو أنه في الرأي يقول الشي قبل أن يتبين له الأمر ولقد ويحثهم الله على تناقلهم الخبر الكاذب وكان الشأن أن يقول القائل في نفسه ما يكون لنا أن نتكلم بهذا.
يقول ذلك لنفسه ولمن يجالسه ويسمعه منه ويقول هذا إفك وكذب وبهتان عظيم وقد وصفه الله قولهم بأنه بهتان عظيم وإنما كان بهتانا عظيما لا شتا له على منكرات كثيرة وهي الكذب وكون الكذب بطعن في سلامه العرض وكونه يسبب حنا عظيمة بين المفترين والمفترى عليهم وبدون عذر وكون المغزى عليهم من خبرة الناس وانتمائهم إلى أخير الناس من أزواج وآباء وقرابات.
وأعظم من ذلك كله أنه اجتراء على مقام النبي صلى الله عليه وسلم ومقام أم المؤمنين رضى الله عنها، ولما شق الأمر على الرسول وعائشة وآل أبي بكر وعامة المسلمين.
وها هي أم المؤمنين عائشة تروي ما حدث بعد ما قال أهل الإفك فقالتهم تقول: ثم قدمنا المدينة فلم ألبث أن اشتكيت شكوى شديدة وليس يبلغني من ذلك شئ وقد انتهى الحديث إلى أبوي وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم لا يذكرون لي منه كثيراً ولا قليلاً إلأ أني قد أنكرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض لطفه بي في شكواي هذه فأنكرت ذلك منه (كان إذا دخل علي وعندي أمي تمرضني قال : كيف تيكم؟ لا يزيد على ذلك).
حتى وجدت في نفس فقلت يا رسول الله لو أذنت لي فانتقلت إلى أمي قال : لا عليك حتى انتهيت من وجهي بعد بضع وعشرين وليلة (وكناقوها عربا فكنا نخرج في حاجة).
فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح فعثرت في مرطها فقالت: تعس مسطح بئس لعمرى ما قلت لرجل من المهاجرين شهد بدراً.
قالت أو ما بلغك الخبر يا بنت أبي بكر قلت وما الخبر فأخبرتني بالذي كان من أهل الإفك قلت: أو قد كان هذا؟ قالت نعم والله لقد كان.
قالت عائشة (فوالله ما قدرت على أن أقضي حاجتي) فرجعت فوالله ما زلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي وقلت لأمر يغفر الله تحدث الناس بما تحدثوا به ولا تذكرين لي من ذلك شيئاً؟
قالت ثم دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي أبواي وعندي إمرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي فجلس وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا عائشة إنه قد كان ما بلغك من قول الناس فاتق الله وإن كنت قد فارقت سوءاً مما يقول الناس فتولي إلى الله.
قالت فو الله إن هو إلا أن قال لي ذلك حتى قلص دمعي فما أحسن منه شيئاً وانتظرت أبواي حتى يحييا عني فلم يتكلما، قالت وأيم الله لأنا أحضر من نفس وأصفر شأنا أن ينزل الله في قرآنا وقلت لأبوي ألا تجيبان رسول الله.
فقالا والله لا ندري بما نجيبه فلما استعجبا على استعبرت فبكيت ثم قلت والله لا أنوب إلى الله مما ذكرت أبد والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس والله يعلم أني بريئة لأقولن ما لم يكن ولئن أنكرت ما يقولون لا تصدقوني قالت ثم التمست اسم يعقوب فلم أذكره فقلت أقول ما قال أبو يوسف فصبر جميل والله المستعان على ما تصغون.
فو الله ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسة حتى تفشاه من الله ما كان يتفشاه من الوحي فسجي ووضعت وسادة تحت رأسه فأما أنا فحين رأيت من ذلك ما رأيت فو الله ما فزعت وما باليت وقد عرفت أني بزيئة وأن الله غير ظالمي وما أبواي.
فوا الذي نفس عائشة بيده ما سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فرقا أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس ثم سري عن رسول الله فجلس وإنه لينحدر عن وجهه مثل الجمان في يوم شات فجلس يمسح العرق عن وجهه ويقول أبشري يا عائشة قد أنزل الله عز وجل براءتك فقلت الحمد لله ثم خرج إلى الناس فخطبهم وتلا عليهم الآيات.
فتعالوا بنا نتصور كيف كان موقف عائشة وهي ترمي بأشنع تهمة تتهمها في أعز ما تملك وهو شرفها وكيف كان وقع الخبر على الرسول وعلى أهلها وكيف عم الحديث المدينة كلها حتى لم يعد بيت إلا وهو يؤرقه حديث الإفك.
ولكن لننظر إلى الموقف الإيماني لعائشة وهي تنفص الدمع والحزن عنها وتستجمع قوتها وتقول قول الواثقة بربها إنه لن يخذلها ولن يظلمها وهي تتسلح بخير سلاح وهو صبر يعقوب على أحد ولديه وهو يخبر بأن الذئب آكلة وعن الآخر بأنه رهين سرقته وتقول فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.
هكذا المؤمن كلما وتشتد عليه الكرب يزدا والسجود لربه وكلما كثر أعداؤه أيقن بنصر الله لأنه القائل (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشر).
فكان فرج الله القريب أن أنزل براءتها في عشر آيات تتلى إلى يوم الدين وهكذا المؤمن يخرج من الامتحان أصلبت عودا وأقوى إيمانا عنه قبل دخوله والله الهادي لسواء السبيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.