ليست مبالغة القول إن الشباب هو رصيد الأمة وحامل مشاعل التقدم والتنمية والساعى الى بناء مستقبلها. ولذا كان دائما مستهدفا من كل القوى الاستعمارية التى تحاول أن تفرض سيطرتها على دولة من الدول او تفكيك امبراطورية من الامبراطوريات. فقد دارت كل خططها ومخططاتها حول كيفية تدمير هذا الشباب والقضاء على قدرتها واستغلال حماسه من أجل هدم كل المنجزات التى حققتها الأباء سعيا الى استغلال ضعفهم وقلة خبراتهم وتوظيفها بما يصب فى تنفيذ مخططاتهم. وعلى هذا، فالحكومات الوطنية مسئولة عن حماية هذا النشء من الوقوع فى براثن هذه المخططات. وقديما سعت هذه القوى الى محاولة اضعاف هذا الشباب إما عن طريق المخدرات وإما عن طريق النساء ولعل سياسة الدولة الاسرائيلية فى هذا الشأن واضحة خاصة مع بعض الفئات من الشباب المصرى مستغلة ما يعانيه من مشكلات اقتصادية واجتماعية. إلا أنه منذ ما جرى فى العالم العربى مع نهاية عام 2010 وبدء موجه الشتاء غير العربى التى هبت على المنطقة من جانب هذه القوى الاستعمارية بتواطئ وتآزر قوى اقليمية، بدأت محاولات جديدة وسياسات لم تعهدها المنطقة من قبل وإن شهدت بعض نماذجها السابقة، فى كيفية استغلال شباب الامة العربية وحماسهم فى كيفية هدم بلادهم عن طريق رفع شعارات براقة وجذابة كالديمقراطية والحرية والكرامة الانسانية وهى قيم تتطوق اليها الشعوب كافة دون استثناء وكأن المواطنين فى العالم العربى فحسب هم المحرومين من الكرامة الانسانية. صحيح ان هناك بعض التجاوزات التى تقع فى البلدان العربية وبنسب متفاوتة، إلا انه من الصحيح أيضا أن ثمة تجاوزات وبنسب لا تقل عما يجرى فى البلدان العربية تقع فى اعرق الديمقراطيات ولعل ما حدث فى وول ستريت بالولايات المتحدة وكذلك فى بريطانيا وما يجرى فى اليونان وكذلك فى تركيا فى ميدان تقسيم، تقدم كل هذه الاحداث دلائل على عدم صحة الادعاءات الموجهة الى العالم العربى، وإن كان هذا لا يعفو بعض الانظمة الحاكمة كما هو الحال فى اليمن وليبيا وتونس ومصر من المسئولية عن هذه التجاوزات وإن ظلت مسئولية النظام السورى تصل الى مستوى الجريمة ضد الانسانية. ما نود قوله إن نشر فكر الارهاب والتخريب والعنف والتحريض والقتل والحرق لدى الشباب كما نشاهد اليوم فى بعض البلدان العربية كما يجرى فى بعض الجامعات المصرية يدلل على أن هذا مخطط يستهدف القائمون عليه تدمير حاضر الدولة وتحطيم مستقبلها، وهو ما لم يختلف عما جرى من اعتداء مماثل على المدارس والجامعات فى مملكة البحرين اثناء الازمة وبعدها، بما يحقق هدفين بضربة واحدة فى حق الوطن، فالى جانب سعيهم الى تعطيل العملية التعليمية حتى يظل الشباب اسير افكارهم ومنطلقاتهم، يسعون أيضا إلى جرف هذا الشباب نحو طريق لا نهاية له وهو طريق الدمار والضياع، وهو ما يعظم من خسائر الوطن ويراكم مشكلاته وتتعقد ظروفه ويكون الرابح الوحيد من كل هذا هو الذين يحملون مخططاتهم وخرائطهم بحق اعادة رسم خريطة الوطن العربى ودوله بما يتفق ومصالحهم.
وغنى عن القول إن الحكومة البحرينية برئاسة الامير خليفة بن سلمان آل خليفة أدركت منذ اللحظة الاولى للازمة خبث تلك المخططات واهدافها، فتسلحت بالادوات والاليات المناسبة التى تقف حائلا دون تنفيذ مثل هذه المخططات وتفشلها، بل وتعمل على حماية الشباب والنشء من مغبة الوقوع فى براثن هذه الخطط التى تستهدفهم من أجل تحقيق طموحاتهم. فتلاعبهم بعقول الصبية والنشء سهل عليهم حينما يوظفون شعارات دينية ويرفعون لافتات تحمل مصطلحات ذات دلالات ايجابية دون ان يفهم هؤلاء الشباب مضامين هذه المصطلحات وشروط تحققها، فإذا ما اخذنا على سبيل المثال شعار الكرامة الانسانية وهو شعار يحمل الكثير من الدلالات الايجابية بعضها دينى والبعض الاخر سياسى واجتماعى، فهل من الكرامة الانسانية أن يلجأ انصار هذه الجماعات الارهابية الى الخارج يحتمون به ويطالبون بدخوله فى ازمة داخلية؟ فهل من الكرامة الانسانية ان يعتمدوا فى تحركاتهم وخططهم ومرجعيتهم على الخارج أيا كان هذا الخارج سواء أكان متعاطفا معهم سياسيا او متفقا معهم مذهبيا او طائفيا على حساب الوطن واخوانهم فيه؟
خلاصة القول إن الحكومة البحرينية برئاسة الامير خليفة بن سلمان آل خليفة قدمت نموذجا ناجحا فى كيفية الذود عن الوطن وشبابه وافشال كل المخططات التى حيكت للوقوع بهم فى براثن الضياع والانحراف، بما يجعل من الحكومات العربية التى تواجه ازمات مماثلة ولعل الحكومة المصرية بما تواجه من ازمة فى الجامعات المصرية أن يكون ثمة تنسيق مستمر بين البلدين فى كيفية وضع الخطط والاستراتيجيات التى تمكن الحكومة المصرية التى تتحمل عبء المسئولية فى تلك اللحظة الراهنة من حسم امورها فى كثير من قضايا الشباب ومشكلاتهم لانقاذهم من الوقوع فى هوة الارهاب وافكاره او تذليل سبل تجنيدهم لدى هذه الجماعات التى تحاول ان تستخدمهم كأوراق للتفاوض مع الحكومة. ومن دون هذا الادراك المبكر ستتفاقم المشكلة وتتعقد سبل الحل.