مشهد وزراء حكومة إبراهيم فى جولاتهم الميدانية يوحى بأن الحكومة رفعت شعار «العمل».. انتصرت لقضايا الشارع، تحاول استرداده من قطاع الطرق ولصوص الأراضى والسلع التموينية.. تجتهد «الحكومة» لتخلصنا من المبانى العشوائية، وتطعم الجائعين، وتطمئن الخائفين.. الحكومة تحاول أن تنثر بذور الأمل فى وجه شعب تناوبت عليه النكبات لتصنع على وجهه تجاعيد المهمومين. هل نجحت الحكومة بالفعل؟.. لم يمض على حكومة محلب سوى أيام معدودات، فهل من حقنا محاسبة الحكومة المجتهدة الجديدة؟
لا نريد أن نجد أنفسنا مجبرين على مطاردة الحكومة الجديدة بعناوين عن فشلها أو فسادها أو حتى تقصيرها، نريد أن تستوعب الحكومة الدرس، عليها مواجهة كل أزمة فى مهدها، نريد من وزراء محلب تطهير دواوين حكمهم من الفساد قبل أن يتحول إلى ظاهرة، ومن محاولات بسط السيطرة والنفوذ قبل أن يتحكم الطامعون فى المناصب.
جولات محلب ووزرائه مهددة بالفشل، وما يحدث من خلف ظهورهم أو بعلمهم لا يبشر بخير قريب، فرئيس الوزراء ووزراؤه فى الشارع.. بينما دواوين حكمهم تأكلها صراعات الموظفين الكبار، صراعات على النفوذ أو على المكافآت والحوافز أو على التنكيل بكل من يحاول أن يحصل على حقوقه من صغار الموظفين، ونحن هنا لا نتحدث عن المطالبين بزيادة الأجور أو حتى المطالبين بالحد الأدنى.
لقد ورثت حكومة محلب موظفين فاسدين مثلما ورثت ملفات شائكة، خضعت منذ أول يوم للمشتاقين للسلطة، سمحت باستمرار وزير فى الحكومة لمجرد أنه اعتصم فى مكتب إبراهيم محلب طلبا لاستمرار سلطانه، تكرر نفس الأخطاء القديمة فى تغليب رغبة وسطوة الموظف «الكبير والصغير» فى مواجهة خطط وبرامج الوزير.
تعرف حكومة إبراهيم محلب، أن السلطة الحقيقية فى دواوين الوزراء لشبكة الموظفين الكبار، والوزير مجرد ديكور، وغضب كبار الموظفين عليه «سواء رغبة فى السلطة أو عدم اقتناع بالوزير» يعنى أن جولاته وصولاته وزياراته لا معنى لها سوى أنها تدخل تحت بند «التسويق السياسى»، سواء للوزير أو الحكومة أو النظام.
الحقيقية التى تظهر من داخل مكاتب الوزراء حتى الآن أن الحكومة لم تتغير، تغير فقط شخص الرجل الكبير الجالس على رأس الوزارة.. إن التغيير الحقيقى للحكومة يعنى تغيير كل من طالتهم اتهامات الفشل فى حكومات سابقة، لو كان هؤلاء الموظفون اكفاء لمنعوا عن قائدهم السابق تهمة الفشل، وحسب المثل الشعبى «الغريب أعمى وإن كان بصيرًا فإن كل الوزراء عميان، وعيونهم التى يبصرون بها أزمات البلد والناس هى كبار مساعديهم، والعين لم تتغير، وبالتالى تبقى القدرة على الأبصار معدومة.
وسط هذه الأجواء يصبح من الطبيعى أن نسمع عن مسئول كبير يرفض تنفيذ قرارات الوزير، أو يخفى عنه الملفات المهمة طمعا فى خلافته، أو يشوه سمعة الوزير بين حاشيته، أو يزيد من تعقيد أزمات الموظفين الصغار بدلا من حلها ليظهر للناس أنه لم يكن فى الإمكان أفض مما كان، قد نجد بين هؤلاء موظفين ينتمون فكريا لجماعته ثبت فشلها قبل أن يثبت تآمرها على البلاد، وأصبح لديهم خطة محكمة لإفشال الحكومة الجديدة، قد نجد بينهم فاسدًا يخفى ملفات تدينه فى دواليب البيروقراطية، قد نجد بينهم فاشلاً لا يطيق رؤية بوادر النجاح.
هل ننتظر لحظة إعلان فشل الحكومة؟، هل يتحمل الناس لحظة فشل أخرى، هل كتب علينا أن ندفع دائما رواتب كبار الموظفين الذين ينغصون علينا عيشتنا؟
لقد جربنا محاولات الموظفين الفشلة والفسدة والمتآمرين والطامعين، وصبرنا عليهم، ومللنا من المقامرة بمستقبلنا.. فهل ينتبه السادة الوزراء لدواوين حكمهم؟، هل يخلصوننا من هؤلاء قبل أن يعودوا للوقوف أمام كاميرات الفضائيات فى الشوارع؟ لماذا يصر السادة الوزراء على رؤيتنا ورؤية مشاكلنا بنظارة سوداء صنعها أصحاب الكروش الكبيرة؟.. أيها السادة عودوا لمكاتبهم قبل أن يأكلكم سوس الفساد المنتشر فى دواوينكم.