أول قرار اتخذه المهندس إبراهيم محلب حين كان وزيرًا ل"الإسكان"، وعلم بترشيحه لتشكيل الحكومة الجديدة خلفًا ل"الببلاوي".. كان تخفيف الحراسة الشخصية، واقتياد سيارته لجامع "السيدة زينب" في جولة مفاجئة لمدة 10 دقائق بحجة معاينة الأعمال الخاصة بصيانة المسجد، إلا إنه فور دخوله ضريح "السيدة" تحرَّر من حراسته، وقرأ الفاتحة، وما تيسّر من قصارى سور القرآن.. وقبل مغادرته، مسح صدر قميصه بتراب الضريح تبرّكًا به، ودعا الله أن يوفّقه في مهام الحكومة الجديدة. حدث ذلك المشهد بالضبط.. بكل تفاصيله.. في جامع "السيدة زينب" قبل أسبوعين.. الرجل الغامض الذي أصبح رئيسًا ل"الوزراء" وسط اتهامات بأنه من محاسيب السيدة سوزان مبارك.. لجأ للسيدة زينب بنت الرسول لينفي عن نفسه التهمة، ويشهدها إنه واحد من محاسيبها، وينفي عن نفسه الانتماء للجنة سياسات الحزب الوطني.
هناك من قال إنه شريك وزير الإسكان الأسبق إبراهيم سليمان في قضية "القصور الرئاسية" حين كان رئيسًا لمجلس إدارة "المقاولون العرب" إلا إن بركة "السيدة" حرسته من "العين" ومن "الدبابيس" و"الأسافين" المفروشة في طريقه.. وأوصلته إلى كرسيه الجديد بعدما اصطفاه المشير عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع، من بين كل رجال السلطة ليكون رئيسًا عليه.
لقطة لم يفتّش أحد ورائها اعتقادًا من الجميع إن حال المهندس إبراهيم محلب هو نفسه حال أي مصري يتبرّك بآل بيت النبيّ، ويجد فيهم الأمان، والحماية من غدر الزمن، و"محلب" مؤمن بكل ذلك ربما أكثر من أي مصري آخر، وما لا يعلنه، ولا يلعب به كورقة رابحة تضاف إلى حسابه عند شعب متديّن بطبعه، إنه عضو مجلس إدارة مسجد "السيدة زينب"، وهو المسؤول الأول عن المسجد وتلبية طلباته، وينتمي للطائفة "الصوفية" - لكنه ليس عضوًا في طريقة صوفية بعينها، ولا يؤمن بتعدّد الطرق - من قبل أن يدخل الحكومة، أو يرأس شركة "المقاولون العرب"، ولا تنقطع زياراته عن "السيدة" إلا أن أحدًا لم يلتقطه هناك سوى في المرة التي ذهب فيها بعد تكليفه بتشكيل الحكومة.
ولم يلفتْ النظر إن "محلب" في بداية توليه منصبه كوزير ل"الإسكان" دعا إلى حملة قومية لرعاية المساجد الكبرى، وبدأها من مساجد "السيدة زينب"، و"الأزهر" الشريف، و"الحسين"، وبرّر حملته بأن "هذا الشعب متديّن بطبعه، ولأجله نسعى للاهتمام ببيوت الله"، ولم تكن زيارته - قبل يومين - لمسجد "الحسين" للاطمئنان على غرفة الآثار النبوية الشريفة غريبة، ولم تكن المرة الأولى التي يزوره فيها، ويتبرّك بضريحه، فقد عيّنه وزير "الأوقاف" قبل ذلك بشهور عضوًا بمجلس إدارة المسجد.