يمثل تفجير حافلة سياحية في مصر على أيدي مسلحين يشتبه بأنهم إسلاميون متشددون تحولا إستراتيجيا نحو الأهداف السهلة قد يلحق مزيدا من الضرر باقتصاد البلاد الذي يعاني بالفعل من الاضطراب السياسي. واختار المهاجمون الذين قتلوا اثنين من الكوريين الجنوبيين ومصريا يوم الأحد منطقة عمليتهم بدهاء فهي منطقة عازلة ضعيفة الحراسة تقع في جنوبسيناء بين مصر وإسرائيل.
ورغم أن الخسائر في الأرواح قليلة نسبيا يعلم المتشددون أن اللقطات التلفزيونية للحافلة ستساهم في أحجام السياح عن القدوم إلى البلاد وتلحق مزيدا من الضرر بالسياحة التي تعد حيوية لاقتصادها.
ولم تعلن أي جهة على الفور مسؤوليتها عن الحادث وهو أول هجوم يستهدف السياح منذ أن عزل الجيش الرئيس الإسلامي محمد مرسي في يوليو بعد احتجاجات حاشدة على حكمه.
لكن الشكوك تحيط بجماعة أنصار بيت المقدس التي تتبع نهج القاعدة وتعهدت بإسقاط الحكومة الانتقالية مهددة الشهر الماضي باستهداف المصالح الاقتصادية وخصت بالذكر خط الغاز الذي يمر في شمال سيناء. وتعرضت عدة خطوط للغاز لتفجيرات منذ ذلك الحين.
وكثفت الجماعة التي تتمركز في سيناء هجماتها وقتلت المئات من رجال الشرطة والجنود منذ يوليو تموز وأعلنت مسؤوليتها عن محاولة لاغتيال وزير الداخلية في القاهرة.
وربما ترى أن مهاجمة السياح سيضر بالحكومة أكثر من نصب الأكمنة للجنود نظرا لحاجة مصر للعملة الصعبة التي تجلبها السياحة لسد العجز في ميزانيتها.
وأدت الثورة التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك في عام 2011 إلى احجام كثير من السائحين عن زيارة مصر. وتراجعت أعداد السائحين بشدة منذ عزل مرسي وما أعقبه من اضطرابات.
وكانت السياحة تمثل أكثر من عشرة في المائة من الناتج الإجمالي المحلي قبل الانتفاضة ضد مبارك. وقالت آنا بويد المحللة في آي إتش إس جينز في لندن ان مهاجمة المتشددين للسياحة كانت متوقعة منذ فترة.
وأضافت "هناك حملة لتقويض الدولة وبالطبع استهدف معظمها المنشآت العسكرية والحكومية. لكن إلحاق الضرر بالدولة فعليا يتطلب استهداف مصادر دخلها والسياحة جزء من هذا".
وأحيا الهجوم على الحافلة ذكريات موجة هجمات الإسلاميين في التسعينات. واستغرق الامر سنوات للقضاء على تلك الحملة التي شملت هجوما على موقع أثري في الاقصر قتل فيه 58 سائحا واربعة مصريين عام 1997.
وقد يستغرق الأمر فترة أطول هذه المرة فجماعة أنصار بيت المقدس تتحصن في صحراء سيناء وجبالها وتتلقى الدعم والحماية من المهربين والبدو الذين شكوا طويلا من تجاهل الحكومة للمنطقة.
ويقول محللون ودبلوماسيون ان مقاتلين من تنظيم القاعدة دخلوا ايضا سيناء مستغلين حالة الفراغ الأمني بعد الإطاحة بمبارك.
وقال مركز الصبان لسياسة الشرق الاوسط في معهد بروكينجز "تاريخيا لا توجد علاقة قوية بين بدو سيناء والاتجاهات الإسلامية الأكثر تشددا".
وأضاف "استياؤهم العميق من الحكومة الذي يسببه ركود ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية أوجد بيئة خصبة اكتسب فيها التشدد الاسلامي موطئ قدم".
ونظرا لوعورة تضاريس سيناء تعتمد مصر بشكل أكبر على الهجمات المستندة إلى معلومات المخابرات للقضاء على المتشددين.
وقال مصدر عسكري "سنعتمد على الضربات الاستباقية.. سنستخدم المعلومات التي تجمعها المخابرات لضرب المتشددين قبل ان يقوموا بأي تحرك".
وأصبحت جماعة أنصار بيت المقدس أكثر جرأة ومدت عملياتها إلى القاهرة رغم هجوم الجيش على مخابئها في سيناء.
وتضع معاهدة السلام التي أبرمت بين مصر وإسرائيل عام 1979 حدودا لحجم القوة العسكرية في سيناء. وكثيرا ما يتعهد السيسي وقادة الحكومة للمصريين بالقضاء على المتشددين المسلحين لكن مسؤولين عسكريين وأمنيين يسلمون في احاديث غير رسمية بصعوبة المهمة.
وقال مصدر عسكري "من الصعب منع العمليات الانتحارية. صدرت أوامر بتشديد الإجراءات الأمنية في المؤسسات الاقتصادية التابعة للدولة والبنوك والمنشآت الحكومية".