لم أندهش أو أغضب من حمدين صباحى، حينما قرر الترشح فى انتخابات رئاسة الجمهورية القادمة، فترشحه هو حق أصيل لا يملكه غيره، غير أنه من الظلم أن نجور على هذا الحق لشعبية المشير عبد الفتاح السيسى الجارفة. حمدين، حسب حسبته، وفكر مليا فى الأمر، والحقيقة هى الفرصة الأخيرة له ليكون رئيسا، فتوهجه السياسى ليس كما هو حينما حصد أربعة ملايين صوت فى الانتخابات الرئاسية السابقة، وبمرور الوقت سيخفت التوهج أكثر، وبالتالى سيكون هناك استحالة فى انتخابه رئيسا.
أرى أن حمدين صباحى بالنسبة للمصريين هو حالة.. حالة موديل «2011»، لن تتكرر مجددا، أو تعود مرة أخرى، فظروف ترشحه أمام الفريق أحمد شفيق، ومحمد مرسى فى الانتخابات الرئاسية السابقة لن تتكرر.
والحقيقة أن المقارنة بين المشير عبد الفتاح السيسى، وحمدين صباحى، تكاد تكون صعبة، وربما مستحيلة، فكل منهما لا يجوز مقارنته بالآخر، وإن كانت المنافسة على حكم مصر ستجمعهما، فإنها بلا شك – أو بلا أدنى شك – ليست فى صالح حمدين صباحى.
الظروف التى حقق فيها حمدين صباحى مكسبه السياسى الوحيد فى الانتخابات السابقة، غير الظروف الراهنة، فالمنافس ليس هو الرجل الذى يسهل ضربه بجملة «عدم إنتاج النظام السابق»، ولا هو ذلك المريض الذى انتخبه المصريون بدعوى «عصر الليمون»، المنافس هذه المرة ليس بطلا من ورق.
المشهد الراهن، وإن كان يضم كلا من خالد على الذى أعلن ترشحه مؤخرا والفريق سامى عنان، صاحب الموقف المائع بين الترشح والتراجع، فإن حظوظ الأول مقارنة بالثانى حظوظهما قليلة، وتكاد تكون لا تذكر، فخالد على الذى دافع عن الإخوان فى أكثر من مناسبة، لن يكسب أصواتهم الانتخابية، كما أنه (ككار اكتر رئيس) لا يملك أى موهبة أو كاريزما تؤهله حتى للتفكير فيه.
أما الفريق سامى عنان الذى يصرف على لجانه الانتخابية والالكترونية التى زادت من شعبيته السلبية بسلبيات أخرى، أهمها وجود ممثل كومبارس على رأسها، فهذا الرجل الذى سلم البلد للإخوان، وسلم حملته لغير محترفين، كيف يؤتمن على دولة فى حجم مصر، سامى عنان أصبح كارتا محروقا، يقال إن له أنصاراً فى الجيش، وحتى وإن كان له أنصارا، فلن يدعموه فى الانتخابات بحسب القانون، لذا فلن يدعمه إلا الإخوان، الأمر الذى يقلل من فرص حمدين صباحى القليلة أصلا، فإذا كان الإسلاميون سيدعمون عنان، والشعب سيقف وراء السيسى.. من سيقف خلف حمدين غير مجموعة من المثقفين وبعض شباب الثورة وخمسين عضوا من تمرد، لذا سيكون حمدين – وذلك الأغلب- الثالث فى ترتيب المنافسة بعد السيسى وعنان.
المشير عبد الفتاح السيسى هو خيار العقل ورجل المرحلة، وإن كنت أشك حتى الآن فى أمر ترشحه، لكن الحقيقة أن الشعب المصرى الذى وقع فى غرام عبد الناصر، الآن يعشق السيسى ويعتبره المنقذ الوحيد من جماعة لعوب باعت شرف البلد وتآمرت عليه وفرطت فى حدوده.
إذا ترشح الفريق عبد الفتاح السيسى فإن فوزه مضمونا لا محالة، ليس لأن مؤسسات الدولة كلها تقف خلفه، بل لأن ال30 مليوناً الذين ثاروا على الإخوان يحبونه، ويدعمونه.. وسيدعمونه للنهاية، سواء كرئيس، أو وزيرا للدفاع.
أخيرا.. حمدين صباحى سياسى مبشر، وسيفيد العملية الانتخابية بحالة توازن ومنافسة حقيقية، شريفة، فإن خسرناه كرئيس فلا يجوز أبدا أن نخسره - أو نذبحه لمجرد فكر فى الترشح أمام المشير السيسى – كمعارض بارز.