بعد إعلان النتيجة.. «الأطباء» تعلن موعد انعقاد أول اجتماع مجلس بتشكيله الجديد    13 أكتوبر 2025.. مكاسب محدودة للبورصة اليوم    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي يولي اهتمامًا بالغًا لقضية الزراعة والغذاء    دمياط تستعد للشتاء بحملات تطهير وترميم شبكات الصرف الصحي    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 للعاملين بالدولة بعد بيان وزارة المالية    فيديو.. أحمد موسى يعلق على تأخر ترامب عن حضور قمة شرم الشيخ: ليست المرة الأولى    ترامب: على إسرائيل التفكير في أشياء أخرى غير الحرب    خيتافي يجدد اهتمامه بالتعاقد مع إبراهيم عادل    الأهلي: النصاب القانونى لانتخاب مجلس جديد يكتمل بحضور 5 آلاف عضو    نجم ريال مدريد يدخل حسابات باريس سان جيرمان    إصابة 8 أشخاص في تصادم سيارتين بمحور العصار بشبرا الخيمة    الأرصاد: طقس الغد مائل للحرارة نهارا مائل للبرودة في آخر الليل.. والعظمي بالقاهرة 28    16 ديسمبر.. الحكم في استئناف 3 متهمين بالانضمام لجماعة إرهابية بالمرج    استديوهات صفاء حجازي والبرنامج العام يواصلان تغطية قمة شرم الشيخ على مدار الساعة    قبل يومين من إغلاقه.. إقبال كبير على زيارة المتحف المصري الكبير    الليلة بمسرح السامر.. قصور الثقافة تطلق ملتقى شباب المخرجين في دورته الرابعة    بعد تعرضه للاختراق.. أحمد زاهر يعلن استرجاع حسابه على «إنستجرام»    «صحة شمال سيناء»: ختام فعاليات البرنامج التدريبي للحماية المدنية بديوان عام المديرية    جهاز تنمية المشروعات يضخ 2.1 مليار جنيه بالإسكندرية خلال 11 عام    رئيس جامعة بني سويف التكنولوجية يستقبل وفد المعهد الكوري للاقتصاد الصناعي والتجارة    قمة شرم الشيخ.. الآثار الإيجابية المحتملة على الاقتصاد المصري بعد اتفاق وقف الحرب في غزة    المجلس الإعلامي الأوروبي يدين مقتل الصحفيين في غزة    بعد طرده خلال كلمة ترامب.. أبرز المعلومات عن النائب العربي بالكنيست أيمن عودة    طارق الشناوي عن عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة: «دليل على انحياز الرقيب الجديد لحرية التعبير»    بالصور.. تطوير شامل بمنطقتي "السلام الجديد والتصنيع" في بورسعيد    الصحة تشارك في المؤتمر الدولي للطبيبات    فحص 1256 مواطنًا وإحالة 10 مرضى لاستكمال العلاج ضمن القافلة الطبية بكفر الشيخ    جامعة عين شمس تستقبل وفدا من أبوجا النيجيرية لبحث التعاون    وزير الري: مصر كانت وما زالت منبرًا للتعاون والعمل العربي والإسلامي المشترك    أحمد ياسر يعتذر لطارق مصطفى بعد تصريحاته الأخيرة: حصل سوء فهم    حسام زكى: نهاية الحرب على غزة تلوح فى الأفق واتفاق شرم الشيخ خطوة حاسمة للسلام    نتنياهو: ترامب أعظم صديق حظيت به إسرائيل فى البيت الأبيض    ترامب: ويتكوف شخص عظيم الكل يحبه وهو مفاوض جيد جلب السلام للشرق الأوسط    دار الإفتاء توضح حكم التدخين بعد الوضوء وهل يبطل الصلاة؟    جامعة بنها تتلقى 4705 شكوى خلال 9 أشهر    ضبط صانع محتوى في الإسكندرية نشر فيديوهات بألفاظ خادشة لتحقيق أرباح    محافظة بورسعيد: جارٍ السيطرة على حريق بمخزنين للمخلفات بمنطقة الشادوف    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    بدء أولى جلسات استئناف المتهمين بقضية الدارك ويب فى شبرا الخيمة    تموين الفيوم تلاحق المخالفين وتضبط عشرات القضايا التموينية.. صور    فيديو توضيحى لخطوات تقديم طلب الحصول علي سكن بديل لأصحاب الإيجارات القديمة    فحص 1256 مواطنا وإحالة 10 مرضى لاستكمال الفحوصات بقافلة طبية فى مطوبس    بعد منحها ل«ترامب».. جنازة عسكرية من مزايا الحصول على قلادة النيل    محمد رمضان يوجّه رسالة تهنئة ل«لارا ترامب» في عيد ميلادها    «لم أرَ شيئًا كهذا في حياتي».. ترامب يعلق على التزام حماس بإطلاق سراح الرهائن    10 آلاف سائح و20 مليون دولار.. حفل Anyma أمام الأهرامات ينعش السياحة المصرية    جامعة عين شمس تفتح باب الترشح لجوائزها السنوية لعام 2025    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 13 أكتوبر والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    أوقاف السويس تبدأ أسبوعها الثقافي بندوة حول المحافظة البيئة    بالفيديو.. الأرصاد: فصل الخريف بدأ رسميا والأجواء مازالت حارة    مصطفى شوبير: لا خلاف مع الشناوي.. ومباريات التصفيات ليست سهلة كما يظن البعض    عفت السادات: مصر تستقبل زعماء العالم لإرسال رسالة سلام من أرضها للعالم    إعلان أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب 2025 بمحافظة الفيوم    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    حسام حسن: أتشرف بالتأهل لكأس العالم لاعبا ومدربا.. وصلاح شقيقي الأصغر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفسير قوله تعالى "بأيدي سَفَرَة"
نشر في الفجر يوم 05 - 02 - 2014


تفسير بن كثير

ذكر غير واحد من المفسرين أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يوماً يخاطب بعض عظماء قريش، وقد طمع في إسلامه، فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل ابن أم مكتوم، وكان ممن أسلم قديماً، فجعل يسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن شيء ويلح عليه، وود النبي صلى اللّه عليه وسلم أن لو كف ساعته تلك، ليتمكن من ذلك الرجل طمعاً ورغبة في هدايته وعبس في وجه ابن أم مكتوم وأعرض عنه، وأقبل على الآخر، فأنزل اللّه تعالى، { عبس وتولى . أن جاءه الأعمى . وما يدريك لعله يزكى} أي يحصل له زكاة وطهارة في نفسه، { أو يذكر فتنفعه الذكرى} أي يحصل له اتعاظ وازدجار عن المحارم { أما من استغنى . فأنت له تصدى} أي أما الغني فأنت تَعَّرض له لعله يهتدي { وما عليك ألا يّزكى} أي ما أنت بمطالب به إذا لم يزك نفسه. { وأما من جاءك يسعى . وهو يخشى} أي يقصدك ويؤمك ليهتدي بما تقول له، { فأنت عنه تلهَّى} أي تتشاغل. ومن ههنا أمر اللّه تعالى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ألا يخص بالإنذار أحداً، بل يساوي فيه بين الشريف والضعيف، والفقير والغني، والسادة والعبيد، والرجال والنساء، والصغار والكبار، ثم اللّه تعالى يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة، روى الحافظ أبو يعلى عن أنَس رضي اللّه عنه في قوله: { عبس وتولى} قال: جاء ابن أم مكتوم إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، وهو يكلم أبيّ بن خلف فأعرض عنه، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ: { عبس وتولى . أن جاءه الأعمى} فكان النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد ذلك يكرمه ""أخرجه الحافظ أبو يعلى""، وعن عائشة قالت: أنزلت { عبس وتولى} في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فجعل يقول أرشدني. قالت: وعند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجل من عظماء المشركين قالت: فجعل النبي صلى اللّه عليه وسلم يعرض عنه، ويقبل على الآخر، ويقول: (أترى بما أقول بأساً)؟ فيقول: لا، ففي هذا أنزلت: { عبس وتولى} ""أخرجه ابن جرير وأبو يعلى""، وهكذا ذكر غير واحد من السلف والخلف:أنها نزلت في ابن أم مكتوم، والمشهور أن اسمه عبد اللّه، وقوله تعالى: { كلا إنها تذكرة} أي هذه الوصية بالمساواة بين الناس، في إبلاغ العلم بين شريفهم ووضيعهم، وقال قتادة { كلا إنها تذكرة} يعني القرآن { فمن شاء ذكره} أي فمن شاء ذكر اللّه تعالى في جميع أموره، ويحتمل عود الضمير إلى الوحي لدلالة الكلام عليه، وقوله تعالى: { في صحف مكرمة . مرفوعة مطهرة} أي هذه السورة أو العظة { في صحف مكرمة} أي معظمة موقرة، { مرفوعة} أي عالية القدرة، { مطهرة} أي من الدنس والزيادة والنقصان، وقوله تعالى: { بأيدي سفرة} قال ابن عباس ومجاهد: هي الملائكة، وقال وهب بن منبه: هم أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم، وقال قتادة: هم القراء، وقال ابن جرير: والصحيح أن السفرة الملائكة، والسفرة يعني بين اللّه تعالى وبين خلقه، ومنه السفير الذي يسعى بين الناس في الصلح والخير، كما قال الشاعر: وما أدع السفارة بين قومي ** وما أمشي بغش إن مشيت وقال البخاري: سفرة: الملائكة: سفرتُ أصلحت بينهم، وجُعلت الملائكة إذا نزلت بوحي اللّه تعالى وتأديته كالسفير الذي يصلح بين القوم، وقوله تعالى: { كرام بررة} أي خَلْقهم كريم، وأخلاقهم بارة طاهرة، وفي الصحيح: (الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرؤه وهو عليه شاق له أجران) ""أخرجه الجماعة عن عائشة رضي اللّه عنها مرفوعاً"".

تفسير الجلالين
{ بأيدي سفرة } كتبة ينسخونها من اللوح المحفوظ.

تفسير الطبري
وَقَوْله : { بِأَيْدِي سَفَرَة } يَقُول : الصُّحُف الْمُكَرَّمَة بِأَيْدِي سَفَرَة , جَمْع سَافِر . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيهِمْ مَا هُمْ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ كَتَبَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28154 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { بِأَيْدِي سَفَرَة } يَقُول : كَتَبَة . 28155 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { بِأَيْدِي سَفَرَة } قَالَ : الْكَتَبَة . وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ الْقُرَّاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28156 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُف مُكَرَّمَة مَرْفُوعَة مُطَهَّرَة بِأَيْدِي سَفَرَة } قَالَ : هُمْ الْقُرَّاء . وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ الْمَلَائِكَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28157 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { بِأَيْدِي سَفَرَة كِرَام بَرَرَة } يَعْنِي الْمَلَائِكَة . 28258 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { بِأَيْدِي سَفَرَة كِرَام بَرَرَة } قَالَ : السَّفَرَة : الَّذِينَ يُحْصُونَ الْأَعْمَال . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ : قَوْل مَنْ قَالَ : هُمْ الْمَلَائِكَة الَّذِينَ يَسْفِرُونَ بَيْن اللَّه وَرُسُله بِالْوَحْيِ . وَسَفِير الْقَوْم : الَّذِي يَسْعَى بَيْنهمْ بِالصُّلْحِ , يُقَال : سَفَرْت بَيْن الْقَوْم : إِذَا أَصْلَحْت بَيْنهمْ ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : وَمَا أَدَع السِّفَارَة بَيْن قَوْمِي وَمَا أَمْشِي بِغِشٍّ إِنْ مَشَيْت وَإِذَا وُجِّهَ التَّأْوِيل إِلَى مَا قُلْنَا , اِحْتَمَلَ الْوَجْه الَّذِي قَالَهُ الْقَائِلُونَ هُمْ الْكَتَبَة , وَاَلَّذِي قَالَهُ الْقَائِلُونَ هُمْ الْقُرَّاء , لِأَنَّ الْمَلَائِكَة هِيَ الَّتِي تَقْرَأ الْكُتُب , وَتَسْفِر بَيْن اللَّه وَبَيْن رُسُله .وَقَوْله : { بِأَيْدِي سَفَرَة } يَقُول : الصُّحُف الْمُكَرَّمَة بِأَيْدِي سَفَرَة , جَمْع سَافِر . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيهِمْ مَا هُمْ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ كَتَبَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28154 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { بِأَيْدِي سَفَرَة } يَقُول : كَتَبَة . 28155 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { بِأَيْدِي سَفَرَة } قَالَ : الْكَتَبَة . وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ الْقُرَّاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28156 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُف مُكَرَّمَة مَرْفُوعَة مُطَهَّرَة بِأَيْدِي سَفَرَة } قَالَ : هُمْ الْقُرَّاء . وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ الْمَلَائِكَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28157 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { بِأَيْدِي سَفَرَة كِرَام بَرَرَة } يَعْنِي الْمَلَائِكَة . 28258 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { بِأَيْدِي سَفَرَة كِرَام بَرَرَة } قَالَ : السَّفَرَة : الَّذِينَ يُحْصُونَ الْأَعْمَال . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ : قَوْل مَنْ قَالَ : هُمْ الْمَلَائِكَة الَّذِينَ يَسْفِرُونَ بَيْن اللَّه وَرُسُله بِالْوَحْيِ . وَسَفِير الْقَوْم : الَّذِي يَسْعَى بَيْنهمْ بِالصُّلْحِ , يُقَال : سَفَرْت بَيْن الْقَوْم : إِذَا أَصْلَحْت بَيْنهمْ ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : وَمَا أَدَع السِّفَارَة بَيْن قَوْمِي وَمَا أَمْشِي بِغِشٍّ إِنْ مَشَيْت وَإِذَا وُجِّهَ التَّأْوِيل إِلَى مَا قُلْنَا , اِحْتَمَلَ الْوَجْه الَّذِي قَالَهُ الْقَائِلُونَ هُمْ الْكَتَبَة , وَاَلَّذِي قَالَهُ الْقَائِلُونَ هُمْ الْقُرَّاء , لِأَنَّ الْمَلَائِكَة هِيَ الَّتِي تَقْرَأ الْكُتُب , وَتَسْفِر بَيْن اللَّه وَبَيْن رُسُله .'

تفسير القرطبي

قوله تعالى { كلا} كلمة ردع وزجر؛ أي ما الأمر كما تفعل مع الفريقين؛ أي لا تفعل بعدها مثلها : من إقبالك على الغني، وإعراضك عن المؤمن الفقير. والذي جرى من النبي صلى الله عليه وسلم كان ترك الأولى كما تقدم، ولو حمل على صغيرة لم يبعد؛ قاله القشيري. والوقف على { كلا} على هذا الوجه : جائز. ويجوز أن تقف على { تلهي} ثم تبتدئ { كلا} على معنى حقا. { إنها} أي السورة أو آيات القرآن { تذكرة} أي موعظة وتبصرة للخلق { فمن شاء ذكره} أي اتعظ بالقرآن. قال الجُرجاني { إنها} أي القرآن، والقرآن مذكر إلا أنه لما جعل القرآن تذكرة، أخرجه على لفظ التذكرة، ولو ذكره لجاز؛ كما قال تعالى في موضع آخر { كلا إنه تذكرة} . ويدل على أنه أراد القرآن قوله { فمن شاء ذكره} أي كان حافظا له غير ناس؛ وذكر الضمير، لأن التذكرة في معنى الذكر والوعظ. وروى الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى { فمن شاء ذكره} قال من شاء الله تبارك وتعالى ألهمه. ثم أخبر عن جلالته فقال { في صحف} جمع صحيفة { مكرمة} أي عند الله؛ قاله السدي. الطبري { مكرمة} في الدين لما فيها من العلم والحكم. وقيل { مكرمة} لأنها نزل بها كرام الحفظة، أو لأنها نازلة من اللوح المحفوظ. وقيل { مكرمة} لأنها نزلت من كريم؛ لأن كرامة الكتاب من كرامة صاحبه. وقيل : المراد كتب الأنبياء؛ دليله { إن هذا لفي الصحف الأولى. صحف إبراهيم وموسى} [الأعلى : 19]. { مرفوعة} رفيعة القدر عند الله. وقيل : مرفوعة عنده تبارك وتعالى. وقيل : مرفوعة في السماء السابعة، قاله يحيى بن سلام. الطبري : مرفوعة الذكر والقدر. وقيل : مرفوعة عن الشبه والتناقض. { مطهرة} قال الحسن : من كل دنس. وقيل : مصانة عن أن ينالها الكفار. وهو معنى قول السدي. وعن الحسن أيضا : مطهرة من أن تنزل على المشركين. وقيل : أي القرآن أثبت للملائكة في صحف يقرؤونها فهي مكرمة مرفوعة مطهرة. { بأيدي سفرة} أي الملائكة الذين جعلهم الله سفراء بينه وبين رسله، فهم بررة لم يتدنسوا بمعصية. وروى أبو صالح عن ابن عباس قال : هي مطهرة تجعل التطهير لمن حملها { بأيدي سفرة} قال : كتبة. وقاله مجاهد أيضا. وهم الملائكة الكرام الكاتبون لأعمال العباد في الأسفار، التي هي الكتب، وأحدهم : سافر؛ كقولك : كاتب وكتبة. ويقال : سفرت أي كتبت، والكتاب : هو السفر، وجمعه أسفار. قال الزجاج : وإنما قيل للكتاب سفر، بكسر السين، وللكاتب سافر؛ لأن معناه أنه يبين الشيء ويوضحه. يقال : أسفر الصبح : إذا أضاء، وسفرت المرأة : إذا كشفت النقاب عن وجهها. قال : ومنه سفرت بين القوم أسفر سفارة : أصلحت بينهم. وقال الفراء، وأنشد : فما أدع السفارة بين قومي ** ولا أمشي بغش إن مشيت والسفير : الرسول والمصلح بين القوم والجمع : سفراء، مثل فقيه وفقهاء. ويقال للوراقين سفراء، بلغة العبرانية. وقال قتادة : السفرة هنا : هم القراء، لأنهم يقرؤون الأسفار. وعنه أيضا كقول ابن عباس. وقال وهب بن منبه { بأيدي سفرة. كرام بررة} هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن العربي : لقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة، كراما بررة، ولكن ليسوا بمرادين بهذه الآية، ولا قاربوا المرادين بها، بل هي لفظة مخصوصة بالملائكة عند الإطلاق، ولا يشاركهم فيها سواهم، ولا يدخل معهم في متناولها غيرهم. وروي في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له، مع السفرة الكرام البررة؛ ومثل الذي يقرؤه وهو يتعاهده، وهو عليه شديد، فله أجران] متفق عليه، واللفظ للبخاري. { كرام} أي كرام على ربهم؛ قال الكلبي. الحسن : كرام عن المعاصي، فهم يرفعون أنفسهم عنها. وروى الضحاك عن ابن عباس في { كرام} قال : يتكرمون أن يكونوا مع ابن آدم إذا خلا بزوجته، أو تبرز لغائطه. وقيل : أي يؤثرون منافع غيرهم على منافع أنفسهم. { بررة} جمع بار مثل كافر وكفرة، وساحر وسحرة، وفاجر وفجرة؛ يقال : بر وبار إذا كان أهلا للصدق، ومنه بر فلان في يمينه : أي صدق، وفلان يبر خالقه ويتبرره : أي يطيعه؛ فمعنى { بررة} مطيعون لله، صادقون لله في أعمالهم. وقد مضى في سورة الواقعة قولة تعالى { إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون. لا يمسه إلا المطهرون} [الواقعة : 79] أنهم الكرام البررة في كتاب مكنون. { لا يمسه إلا المطهرون} [الواقعة : 79] أنهم الكرام البررة في هذه السورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.