ملف يلا كورة.. أزمة عبد الله السعيد.. قرارات رابطة الأندية.. وهزيمة منتخب الشباب    مبابي في الصدارة.. تعرف على جدول ترتيب هدافي الدوري الإسباني    سرطان عدواني يصيب بايدن وينتشر إلى العظام.. معركة صحية في لحظة سياسية فارقة    ترامب يعرب عن حزنه بعد الإعلان عن إصابة بايدن بسرطان البروستاتا    سعر الريال السعودي اليوم الإثنين 19 مايو 2025 في البنوك    الأربعاء المقبل.. طرح كراسات شروط حجز 15 ألف شقة لمتوسطي الدخل بمشروع سكن لكل المصريين    مجدي عبدالغني يصدم بيراميدز بشأن رد المحكمة الرياضية الدولية    الانَ.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 بمحافظة المنيا ل الصف الثالث الابتدائي    محمد رمضان يعلق على زيارة فريق «big time fund» لفيلم «أسد».. ماذا قال؟    بعد إصابة بايدن.. ماذا تعرف عن سرطان البروستاتا؟    الكنائس الأرثوذكسية تحتفل بمرور 1700 سنة على مجمع نيقية- صور    إصابة شخصين في حادث تصادم على طريق مصر إسكندرية الزراعي بطوخ    أسطورة مانشستر يونايتد: صلاح يمتلك شخصية كبيرة..وكنت خائفا من رحيله عن ليفربول    رئيس الحكومة الليبية المكلفة: خطاب عبد الحميد الدبيبة إدانة لنفسه    151 شهيدا فى غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر الأحد    مصرع شابين غرقا أثناء الاستحمام داخل ترعة بقنا صور    لجنة الحج تعلن عن تيسيرات لحجاج بيت الله الحرام    تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى 2025 فى مدن ومحافظات الجمهورية    موعد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    رجل الأعمال ماهر فودة يحضر العرض الخاص ل"المشروع X" بصحبة خالد صلاح وشريهان أبو الحسن    هل توجد زكاة على المال المدخر للحج؟.. عضوة الأزهر للفتوى تجيب    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    في أول زيارة رسمية لمصر.. كبير مستشاري الرئيس الأمريكي يزور المتحف المصري الكبير    رسميًا.. الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وATM وإنستاباي بعد قرار المركزي الأخير    24 ساعة حذرة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «اتخذوا استعدادتكم»    القومى للاتصالات يعلن شراكة جديدة لتأهيل كوادر مصرفية رقمية على أحدث التقنيات    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    أكرم القصاص: نتنياهو لم ينجح فى تحويل غزة لمكان غير صالح للحياة    ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025    من أجل علاقة مُحرمة مع طفل... كيف أنهت "نورهان" حياة والدتها في بورسعيد؟    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    دراما في بارما.. نابولي يصطدم بالقائم والفار ويؤجل الحسم للجولة الأخيرة    الشرطة الألمانية تبحث عن رجل أصاب 5 أشخاص بآلة حادة أمام حانة    رئيس لبنان: هل السلاح الفلسطيني الموجود بأحد المخيمات على أراضينا قادر على تحرير فلسطين؟    إطلالات ساحرة.. لنجوم الفن على السجادة الحمراء لفيلم "المشروع X"    وزير المالية الكندي: معظم الرسوم الجمركية على الولايات المتحدة "لا تزال قائمة"    أسعار الذهب اليوم الإثنين 19 مايو محليا وعالميا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    المستشار القانوني للمستأجرين: هناك 3.5 ملايين أسرة معرضة للخروج من منازلهم    بحضور رئيس الجامعة، الباحث «أحمد بركات أحمد موسى» يحصل على رسالة الدكتوراه من إعلام الأزهر    تعيين 269 معيدًا في احتفال جامعة سوهاج بتخريج الدفعة 29 بكلية الطب    رئيس الأركان الإسرائيلي: لن نعود إلى ما قبل 7 أكتوبر    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    هل الرضاعة الطبيعية تنقص الوزن؟- خبيرة تغذية تجيب    البابا لاون الثالث عشر يصدر قرارًا بإعادة تأسيس الكرسي البطريركي المرقسي للأقباط الكاثوليك    أمين الفتوى: يجوز للمرأة الحج دون محرم.. لكن بشرط    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    9 وزارات تدعم الدورة الرابعة لمؤتمر CAISEC'25 للأمن السيبراني    تعليم الشيوخ تستكمل مناقشة مقترح تطوير التعليم الإلكتروني في مصر    رئيس «تعليم الشيوخ» يقترح خصم 200 جنيه من كل طالب سنويًا لإنشاء مدارس جديدة    أشرف العربى: تحسن ملموس فى مستوى التنمية فى مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفسير قوله تعالى "بأيدي سَفَرَة"
نشر في الفجر يوم 05 - 02 - 2014


تفسير بن كثير

ذكر غير واحد من المفسرين أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يوماً يخاطب بعض عظماء قريش، وقد طمع في إسلامه، فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل ابن أم مكتوم، وكان ممن أسلم قديماً، فجعل يسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن شيء ويلح عليه، وود النبي صلى اللّه عليه وسلم أن لو كف ساعته تلك، ليتمكن من ذلك الرجل طمعاً ورغبة في هدايته وعبس في وجه ابن أم مكتوم وأعرض عنه، وأقبل على الآخر، فأنزل اللّه تعالى، { عبس وتولى . أن جاءه الأعمى . وما يدريك لعله يزكى} أي يحصل له زكاة وطهارة في نفسه، { أو يذكر فتنفعه الذكرى} أي يحصل له اتعاظ وازدجار عن المحارم { أما من استغنى . فأنت له تصدى} أي أما الغني فأنت تَعَّرض له لعله يهتدي { وما عليك ألا يّزكى} أي ما أنت بمطالب به إذا لم يزك نفسه. { وأما من جاءك يسعى . وهو يخشى} أي يقصدك ويؤمك ليهتدي بما تقول له، { فأنت عنه تلهَّى} أي تتشاغل. ومن ههنا أمر اللّه تعالى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ألا يخص بالإنذار أحداً، بل يساوي فيه بين الشريف والضعيف، والفقير والغني، والسادة والعبيد، والرجال والنساء، والصغار والكبار، ثم اللّه تعالى يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة، روى الحافظ أبو يعلى عن أنَس رضي اللّه عنه في قوله: { عبس وتولى} قال: جاء ابن أم مكتوم إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، وهو يكلم أبيّ بن خلف فأعرض عنه، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ: { عبس وتولى . أن جاءه الأعمى} فكان النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد ذلك يكرمه ""أخرجه الحافظ أبو يعلى""، وعن عائشة قالت: أنزلت { عبس وتولى} في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فجعل يقول أرشدني. قالت: وعند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجل من عظماء المشركين قالت: فجعل النبي صلى اللّه عليه وسلم يعرض عنه، ويقبل على الآخر، ويقول: (أترى بما أقول بأساً)؟ فيقول: لا، ففي هذا أنزلت: { عبس وتولى} ""أخرجه ابن جرير وأبو يعلى""، وهكذا ذكر غير واحد من السلف والخلف:أنها نزلت في ابن أم مكتوم، والمشهور أن اسمه عبد اللّه، وقوله تعالى: { كلا إنها تذكرة} أي هذه الوصية بالمساواة بين الناس، في إبلاغ العلم بين شريفهم ووضيعهم، وقال قتادة { كلا إنها تذكرة} يعني القرآن { فمن شاء ذكره} أي فمن شاء ذكر اللّه تعالى في جميع أموره، ويحتمل عود الضمير إلى الوحي لدلالة الكلام عليه، وقوله تعالى: { في صحف مكرمة . مرفوعة مطهرة} أي هذه السورة أو العظة { في صحف مكرمة} أي معظمة موقرة، { مرفوعة} أي عالية القدرة، { مطهرة} أي من الدنس والزيادة والنقصان، وقوله تعالى: { بأيدي سفرة} قال ابن عباس ومجاهد: هي الملائكة، وقال وهب بن منبه: هم أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم، وقال قتادة: هم القراء، وقال ابن جرير: والصحيح أن السفرة الملائكة، والسفرة يعني بين اللّه تعالى وبين خلقه، ومنه السفير الذي يسعى بين الناس في الصلح والخير، كما قال الشاعر: وما أدع السفارة بين قومي ** وما أمشي بغش إن مشيت وقال البخاري: سفرة: الملائكة: سفرتُ أصلحت بينهم، وجُعلت الملائكة إذا نزلت بوحي اللّه تعالى وتأديته كالسفير الذي يصلح بين القوم، وقوله تعالى: { كرام بررة} أي خَلْقهم كريم، وأخلاقهم بارة طاهرة، وفي الصحيح: (الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرؤه وهو عليه شاق له أجران) ""أخرجه الجماعة عن عائشة رضي اللّه عنها مرفوعاً"".

تفسير الجلالين
{ بأيدي سفرة } كتبة ينسخونها من اللوح المحفوظ.

تفسير الطبري
وَقَوْله : { بِأَيْدِي سَفَرَة } يَقُول : الصُّحُف الْمُكَرَّمَة بِأَيْدِي سَفَرَة , جَمْع سَافِر . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيهِمْ مَا هُمْ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ كَتَبَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28154 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { بِأَيْدِي سَفَرَة } يَقُول : كَتَبَة . 28155 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { بِأَيْدِي سَفَرَة } قَالَ : الْكَتَبَة . وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ الْقُرَّاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28156 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُف مُكَرَّمَة مَرْفُوعَة مُطَهَّرَة بِأَيْدِي سَفَرَة } قَالَ : هُمْ الْقُرَّاء . وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ الْمَلَائِكَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28157 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { بِأَيْدِي سَفَرَة كِرَام بَرَرَة } يَعْنِي الْمَلَائِكَة . 28258 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { بِأَيْدِي سَفَرَة كِرَام بَرَرَة } قَالَ : السَّفَرَة : الَّذِينَ يُحْصُونَ الْأَعْمَال . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ : قَوْل مَنْ قَالَ : هُمْ الْمَلَائِكَة الَّذِينَ يَسْفِرُونَ بَيْن اللَّه وَرُسُله بِالْوَحْيِ . وَسَفِير الْقَوْم : الَّذِي يَسْعَى بَيْنهمْ بِالصُّلْحِ , يُقَال : سَفَرْت بَيْن الْقَوْم : إِذَا أَصْلَحْت بَيْنهمْ ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : وَمَا أَدَع السِّفَارَة بَيْن قَوْمِي وَمَا أَمْشِي بِغِشٍّ إِنْ مَشَيْت وَإِذَا وُجِّهَ التَّأْوِيل إِلَى مَا قُلْنَا , اِحْتَمَلَ الْوَجْه الَّذِي قَالَهُ الْقَائِلُونَ هُمْ الْكَتَبَة , وَاَلَّذِي قَالَهُ الْقَائِلُونَ هُمْ الْقُرَّاء , لِأَنَّ الْمَلَائِكَة هِيَ الَّتِي تَقْرَأ الْكُتُب , وَتَسْفِر بَيْن اللَّه وَبَيْن رُسُله .وَقَوْله : { بِأَيْدِي سَفَرَة } يَقُول : الصُّحُف الْمُكَرَّمَة بِأَيْدِي سَفَرَة , جَمْع سَافِر . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيهِمْ مَا هُمْ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ كَتَبَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28154 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { بِأَيْدِي سَفَرَة } يَقُول : كَتَبَة . 28155 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { بِأَيْدِي سَفَرَة } قَالَ : الْكَتَبَة . وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ الْقُرَّاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28156 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُف مُكَرَّمَة مَرْفُوعَة مُطَهَّرَة بِأَيْدِي سَفَرَة } قَالَ : هُمْ الْقُرَّاء . وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ الْمَلَائِكَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28157 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { بِأَيْدِي سَفَرَة كِرَام بَرَرَة } يَعْنِي الْمَلَائِكَة . 28258 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { بِأَيْدِي سَفَرَة كِرَام بَرَرَة } قَالَ : السَّفَرَة : الَّذِينَ يُحْصُونَ الْأَعْمَال . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ : قَوْل مَنْ قَالَ : هُمْ الْمَلَائِكَة الَّذِينَ يَسْفِرُونَ بَيْن اللَّه وَرُسُله بِالْوَحْيِ . وَسَفِير الْقَوْم : الَّذِي يَسْعَى بَيْنهمْ بِالصُّلْحِ , يُقَال : سَفَرْت بَيْن الْقَوْم : إِذَا أَصْلَحْت بَيْنهمْ ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : وَمَا أَدَع السِّفَارَة بَيْن قَوْمِي وَمَا أَمْشِي بِغِشٍّ إِنْ مَشَيْت وَإِذَا وُجِّهَ التَّأْوِيل إِلَى مَا قُلْنَا , اِحْتَمَلَ الْوَجْه الَّذِي قَالَهُ الْقَائِلُونَ هُمْ الْكَتَبَة , وَاَلَّذِي قَالَهُ الْقَائِلُونَ هُمْ الْقُرَّاء , لِأَنَّ الْمَلَائِكَة هِيَ الَّتِي تَقْرَأ الْكُتُب , وَتَسْفِر بَيْن اللَّه وَبَيْن رُسُله .'

تفسير القرطبي

قوله تعالى { كلا} كلمة ردع وزجر؛ أي ما الأمر كما تفعل مع الفريقين؛ أي لا تفعل بعدها مثلها : من إقبالك على الغني، وإعراضك عن المؤمن الفقير. والذي جرى من النبي صلى الله عليه وسلم كان ترك الأولى كما تقدم، ولو حمل على صغيرة لم يبعد؛ قاله القشيري. والوقف على { كلا} على هذا الوجه : جائز. ويجوز أن تقف على { تلهي} ثم تبتدئ { كلا} على معنى حقا. { إنها} أي السورة أو آيات القرآن { تذكرة} أي موعظة وتبصرة للخلق { فمن شاء ذكره} أي اتعظ بالقرآن. قال الجُرجاني { إنها} أي القرآن، والقرآن مذكر إلا أنه لما جعل القرآن تذكرة، أخرجه على لفظ التذكرة، ولو ذكره لجاز؛ كما قال تعالى في موضع آخر { كلا إنه تذكرة} . ويدل على أنه أراد القرآن قوله { فمن شاء ذكره} أي كان حافظا له غير ناس؛ وذكر الضمير، لأن التذكرة في معنى الذكر والوعظ. وروى الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى { فمن شاء ذكره} قال من شاء الله تبارك وتعالى ألهمه. ثم أخبر عن جلالته فقال { في صحف} جمع صحيفة { مكرمة} أي عند الله؛ قاله السدي. الطبري { مكرمة} في الدين لما فيها من العلم والحكم. وقيل { مكرمة} لأنها نزل بها كرام الحفظة، أو لأنها نازلة من اللوح المحفوظ. وقيل { مكرمة} لأنها نزلت من كريم؛ لأن كرامة الكتاب من كرامة صاحبه. وقيل : المراد كتب الأنبياء؛ دليله { إن هذا لفي الصحف الأولى. صحف إبراهيم وموسى} [الأعلى : 19]. { مرفوعة} رفيعة القدر عند الله. وقيل : مرفوعة عنده تبارك وتعالى. وقيل : مرفوعة في السماء السابعة، قاله يحيى بن سلام. الطبري : مرفوعة الذكر والقدر. وقيل : مرفوعة عن الشبه والتناقض. { مطهرة} قال الحسن : من كل دنس. وقيل : مصانة عن أن ينالها الكفار. وهو معنى قول السدي. وعن الحسن أيضا : مطهرة من أن تنزل على المشركين. وقيل : أي القرآن أثبت للملائكة في صحف يقرؤونها فهي مكرمة مرفوعة مطهرة. { بأيدي سفرة} أي الملائكة الذين جعلهم الله سفراء بينه وبين رسله، فهم بررة لم يتدنسوا بمعصية. وروى أبو صالح عن ابن عباس قال : هي مطهرة تجعل التطهير لمن حملها { بأيدي سفرة} قال : كتبة. وقاله مجاهد أيضا. وهم الملائكة الكرام الكاتبون لأعمال العباد في الأسفار، التي هي الكتب، وأحدهم : سافر؛ كقولك : كاتب وكتبة. ويقال : سفرت أي كتبت، والكتاب : هو السفر، وجمعه أسفار. قال الزجاج : وإنما قيل للكتاب سفر، بكسر السين، وللكاتب سافر؛ لأن معناه أنه يبين الشيء ويوضحه. يقال : أسفر الصبح : إذا أضاء، وسفرت المرأة : إذا كشفت النقاب عن وجهها. قال : ومنه سفرت بين القوم أسفر سفارة : أصلحت بينهم. وقال الفراء، وأنشد : فما أدع السفارة بين قومي ** ولا أمشي بغش إن مشيت والسفير : الرسول والمصلح بين القوم والجمع : سفراء، مثل فقيه وفقهاء. ويقال للوراقين سفراء، بلغة العبرانية. وقال قتادة : السفرة هنا : هم القراء، لأنهم يقرؤون الأسفار. وعنه أيضا كقول ابن عباس. وقال وهب بن منبه { بأيدي سفرة. كرام بررة} هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن العربي : لقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة، كراما بررة، ولكن ليسوا بمرادين بهذه الآية، ولا قاربوا المرادين بها، بل هي لفظة مخصوصة بالملائكة عند الإطلاق، ولا يشاركهم فيها سواهم، ولا يدخل معهم في متناولها غيرهم. وروي في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له، مع السفرة الكرام البررة؛ ومثل الذي يقرؤه وهو يتعاهده، وهو عليه شديد، فله أجران] متفق عليه، واللفظ للبخاري. { كرام} أي كرام على ربهم؛ قال الكلبي. الحسن : كرام عن المعاصي، فهم يرفعون أنفسهم عنها. وروى الضحاك عن ابن عباس في { كرام} قال : يتكرمون أن يكونوا مع ابن آدم إذا خلا بزوجته، أو تبرز لغائطه. وقيل : أي يؤثرون منافع غيرهم على منافع أنفسهم. { بررة} جمع بار مثل كافر وكفرة، وساحر وسحرة، وفاجر وفجرة؛ يقال : بر وبار إذا كان أهلا للصدق، ومنه بر فلان في يمينه : أي صدق، وفلان يبر خالقه ويتبرره : أي يطيعه؛ فمعنى { بررة} مطيعون لله، صادقون لله في أعمالهم. وقد مضى في سورة الواقعة قولة تعالى { إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون. لا يمسه إلا المطهرون} [الواقعة : 79] أنهم الكرام البررة في كتاب مكنون. { لا يمسه إلا المطهرون} [الواقعة : 79] أنهم الكرام البررة في هذه السورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.