■ الأحداث لن توقف خطط تحديث الجيش وتدريب الضباط والجنود ■ قادة الجيش: ساندنا ثورة 25 يناير.. فكيف نرضى بتشويهها؟
يعشق المشير السيسى الحياة العسكرية والبدلة العسكرية، ولذلك لم يكن مثيرا للدهشة أن يذهب الرجل إلى اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالأفرول العسكرى، فالاجتماع الذى كان مخصصا لمناقشة المطلب الشعبى بترشيح السيسى كان بالنسبة له جزءا من مهمة عسكرية بحماية الأمن القومى، وإخراج مصر من تحديات المرحلة الانتقالية بسلام، إنها استكمال للخطوة الحاسمة بدعم ثورة الشعب فى 25 يناير.. الاجتماع استمر ثلاث ساعات وبدأه السيسى بكلمة استغرقت نحو 35 دقيقة، وتم تسجيل الاجتماع بالصوت والصورة من خلال كاميرات القاعة التى عقد بها الاجتماع ليظل الاجتماع وثيقة للتاريخ، وحضره كامل أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وبحسب معلومات «الفجر» فقد كان من المقرر عقد هذا الاجتماع فى الأسبوع الأول من شهر فبراير، ولكن تم تقديم عقد الاجتماع بناء على تقارير (تقدير موقف) بأن المصريين الذين أعلنوا تأييدهم لترشح السيسى خلال احتفالات 25 يناير يشعرون بضيق أو بالأحرى غضب من تأخر رد المشير السيسى، وتأخر إعلان استجابته للشعب، ومن ناحية أخرى فإن خصوم السيسى من الإسلاميين وبعض المرشحين المحتملين يستغلون تأخر إعلان السيسى للترويج لشائعات عن تردد السيسى ورفضه الترشح.. إذن عقد الاجتماع بعد أقل من ساعتين منح الرئيس عدلى منصور السيسى رتبة المشير.
وبمجرد الإعلان عن بدء الاجتماع وحتى الآن لا تزال بعض المغالطات تجرى من مياه الإعلام والفيس بوك.الاجتماع لم يكن لتفويض السيسى للترشح، وإنما لبحث القضية، خاصة أن المؤسسة العسكرية التى يمثلها المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد تحملت منذ 30 يوليو الجانب الأكبر من مسئولية محاربة الإرهاب، فهى شريك فى الثورة، ومن البديهى ألا يتخذ السيسى قرارا بالترشح دون مناقشته وعرض كل المعطيات على أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وفى إطار المغالطات فإن الاجتماع لم يتناول خلافة السيسى فى وزارة الدفاع أو اختيار وزير للإنتاج الحربى، ومن ضمن المغالطات أن البيان كان معداً سلفا قبل الاجتماع، فالحقيقة أن المجتمعين شاركوا فى صياغة البيان، وأن بعضا من المناقشات قد عسكت نفسها فى البيان الذى تمت صياغته بحرفية وحساسية فائقتين.
1
كلمة السيسى
بدأ الاجتماع بكلمة للمشير السيسى استغرقت نحو 35 دقيقة، واحتل الجيش والمؤسسة العسكرية جانبا مهما من هذه الكلمة، فقد استعرض السيسى جهود وإجراءات التحديث المستمر لقدرات الجيش المصرى منذ أن تولى السيسى وزارة الدفاع، وأكد السيسى أن الإرهاب لم ولن يوقف خطط التحديث والتدريب والاهتمام المستمر بالضباط والجنود، والتأكيد على قدرات الجيش المصرى، وهذا الملف كان محوراً مهماً فى كلمة السيسى، وبعد ذلك سرعان ما ظهر التأثر على ملامح السيسى عندما انتقل إلى فكرة انتقاله من الحياة العسكرية إلى الحياة المدنية، وهو الرجل العاشق للبدلة العسكرية، وأعاد السيسى تكرار أنه لم يكن طامعا أو راغبا فى الترشح، ولكنه لايستطيع أن يدير ظهره لرغبة المصريين فهى فرض عليه، وأضاف السيسى أنه استخار الله فى هذا القرار.
رئيس أم بطل
ولقى كلام السيسى عن الترشح قبولا متوقعا من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وكانت معظم التعليقات من نوع (ربنا يوفقك، هذا قدرك، وهذه مهمة وطنية، واحنا معاك فى كل ما يخدم البلد)، ولكن المناقشات امتدت إلى بعض المخاوف من توابع القرار بالترشح، فقد قال أحد القيادات للسيسى إننا مخيرون بين موقفين، أحدهما أن تظل فى موقعك كوزير دفاع وأن تظل بطلاً شعبياً وحصانة للشعب من أى ظلم من الرئيس، وأضاف الرجل أو أن تترشح وتصبح رئيسا يدير البلاد ويتحمل النقد والمسئولية بإيجابياتها وسلبياتها، وأنهى عضو المجلس حديثه بأن التقارير تؤكد أن هناك رغبة شعبية جارفة لأن تصبح رئيسا، فهذا قدرك وقدرنا.
والحقيقة أن ما قاله عضو المجلس يعبر عن مخاوف بعض المصريين، فهناك من يخاف على السيسى من التعرض لمدفعية النقد الشعبى ونفاد صبر المصريين على رؤسائهم، ولكن هناك أيضا من المصريين من يتمنى أن يظل السيسى وزيرا للدفاع.ليس من باب التخوف من عودة الحكم للعسكريين، ولكن من باب أن يظل السيسى كوزير دفاع حائط الصد لأى محاولات من الرئيس الجديد لإهانة المصريين أو إضاعة حقوقهم، ويبقى بالطبع فريق آخر من المصريين لا يوافقون من حيث المبدأ على ترشح وزير الدفاع أو أى شخصية عسكرية للرئاسة، ويتخوف فريق ثالث من أن يجمع الرئيس القادم لمصر بين حب الجماهير والشعبية الجارفة وقوة المؤسسة العسكرية فى مصر، وأن يؤدى تجمع هاتين القوتين فى يد الرئيس القادم إلى عودة انفراد الرئاسة بالسلطة، ولكن أغلبية المصريين الذين يؤيدون بل ويحلمون بترشح السيسى لديهم حلم عكسى، فهؤلاء يريدون رئيساً قوياً قادراً على حماية مصر وفرض الاستقرار، ولكنه أيضا رئيس عادل يحب الشعب ويعمل على تحقيق العدل الاجتماعى ومنح المصريين فرصة للعمل والكسب، والحياة بكرامة.باختصار فإن المؤيدين للسيسى يطلبون عودة الأمن الذى تمتع معظمه به من نظام مبارك، ولكنهم لا يريدون فساد نظام مبارك ولا عودة رموز حكمه.
لا للإرهابيين ولا الفاسدين
ولقد كانت هذه الفكرة حاضرة فى اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وعبر بيان المجلس عن هذه الفكرة فالتركيز على بدء البيان بثورة 25 يناير و30 يونيو هو تأكيد على ما قاله السيسى من قبل فى مجلس الوزراء من أنه لا عودة لنظام مبارك ولا عودة للوراء، ورفضه لتشويه ثورة 25 يناير كان محل اجماع من أعضاء المجلس الأعلى، وقال بعض القيادات إن الجيش ساند بكل قوة الشعب فى ثورة 25 يناير، وأن عقيدة الجيش المصرى أنه لا يقف ضد الشعب ولا ينحاز إلا للشعب وإرادته، والجيش حمى إرادة المصريين فى ثورة 25 يناير، ولذلك ليس من المقبول أو المعقول أن يوافق المجلس على محاولات تشويه ثورة 25 يناير، وقد عسكت بعض كلمات السيسى فى الاجتماع ترتيب الأولويات على أجندته فى المرحلة المقبلة.. محاربة الإرهاب والإرهابيين هى الأولوية الأولى والقصوى، ولكن حماية الثورة 25 أو 30 ومكاسبها وتحقيق أهدافها لا يبتعد كثيرا عن الهدف الأول الخاص بمكافحة الإرهاب. ومن خلال الاجتماع أو بالأحرى المناقشات أكد السيسى أنه سيعمل مع الجميع، وأن المصريين جمعيا مدعوون للمشاركة فى بناء مصر إلا الإرهابيين والفاسدين.
العجلة تدور
وبهذا الاجتماع فإن عجلة ترشح السيسى للرئاسة بدأت فى الدوران، فعلى الرغم من الحملات الكثيرة والمتعددة لترشيح الرجل فان الأسبوع الأول من فبراير سيشهد الإعلان عن الحملة الرسمية للمشير السيسى، وسوف تنطلق الحملة من كل محافظات مصر، وبحسب معلوماتنا فإن المشير السيسى أكد أكثر من مرة على فتح الباب لكل من يريد المشاركة، ولكن مع ضرورة التأكد من عدم تورط أى فرد من أعضاء حملته الرسمية فى أى قضية أو حتى شبهة فساد، كما أكد السيسى أو بالأحرى طلب الاستعانة بعدد كبير من الشباب فى حملته الرسمية، وخلافا لبعض الشائعات فإن منافسى السيسى فى الرئاسة سيكونون مرشحين أقوياء، فالسيسى أول من يريد خوض انتخابات قوية بمنافسة شريفة، وإعلان كل من الفريق شفيق أو اللواء مراد موافى عن عدم الترشح فى الانتخابات لايعنى أن السيسى لن يواجه منافسين أقوياء من داخل جبهة 30 يونيو أو خارجها، ربما ينظر البعض من أبناء القوات المسلحة إلى تنافس اثنين من أبناء المؤسسة بكثير من عدم الرضا، ولذلك شعر الفريق سامى عنان بخطر من قرار ترشح السيسى، وعبر عن غضبه من تركيز بعض المحللين على التزام أبناء المؤسسة العسكرية بوحدة الصف، وعبر عن غضبه بالقول (هما قاصدين يحرجونى)، ولكن الأسابيع القادمة ستشكف الخريطة الكاملة للمرشحين على منصب الرئيس.