خاضت الكرة العربية في قارتي أفريقيا و آسيا خلال عام 2013 استحقاقات قارية و دولية في غاية الأهمية سواء على صعيد المنتخبات أو الاندية ، وفيما حققت الأخيرة نتائج مرضية مثلما اعتادت عليه كل سنة و فرضت نفسها سيدة في الملاعب الصفراء و السمراء فإن أغلب المنتخبات خيببت الآمال و خرجت مبكراً من تصفيات مونديال البرازيل 2014 بعدما تكرر سيناريو مونديال 2010 عندما وجدت الجماهير العربية العريضة من المحيط إلى الخليج مضطرة لتشجيع منتخب عربي واحد رغم انه كان بالامكان خطف ثمانية تاشيرات للعبور الى البرازيل. و الحقيقة ان اخفاق المنتخبات العربية ليس وليد عام 2013 لكنه كان يقتصر على كأس أفريقيا و آسيا قبل ان يتمدد و يتوسع ليشمل كأس العالم البرازيل 2014 .
كان 2013 للنسيان
أول استحقاق رسمي شاركت فيه الكرة العربية في 2013 كان نهائيات كأس أمم أفريقيا في شهر يناير بجنوب افريقيا في أول نسخة تقام في الأعوام الفردية لتفادي تزامن البطولة مع المونديال ، إذ تأهلت للمنافسة منتخبات الجزائر و المغرب و تونس ، حيث كان الجميع يراهن على هذه البطولة لإستعادة العرب لعرش افريقيا بعد عام واحد من الإنقلاب الذي قام به منتخب زامبيا و خاصة الخضر بقيادة مدربه البوسني وحيد خاليلوزيدش بعد تألقه في التصفيات بشكل لافت و تواجد عدد من الاسماء اللامعة في صورة فيغولي و سليماني و سوداني ، كما ان وقوع أسود الأطلس في مجموعة سهلة ضاعف من حظوظهم في تجاوز الدور الأول ، غير أن عرب افريقيا اكتفوا بجائزة واحدة فقط من هذه البطولة و هي جائزة افضل هدف ، والذي سجله المهاجم التونسي يوسف المساكني و من سوء الصدف انه في عرين الجزائر .
فالمنتخبات الثلاثة اقصيت من الدور الأول بطريقة مفاجئة تؤكد معها أن المنتخبات العربية لم تتراجع فنياً فحسب أمام الافارقة بل ايضا ذهنياً .
فالخضر خسروا من تونس بهدف وحيد رغم سيطرتهم على مجريات المباراة ثم سقطوا من توغو الضعيف بقيادة نجمه اديبايور قبل ان يتعادلوا مع ساحل العاج بهدفين لمثلهما ، فكان الخضر أول منتخب يغادر البطولة .
اما منتخب نسور قرطاج فلم يستثمر فوزه المفاجئ على الجزائر و سقط أمام ساحل العاج ثم أمام توغو.
اما المغرب فاستحق لقب بطل التعادلات بعدما أنهى مبارياته الثلاث أمام جنوب افريقيا و الرأس الاخضر و انغولا بالتعادل مما عجل بعودته إلى الرباط ، ليتأكد الجميع بان عرش العرب لافريقيا لن يستعيده سوى صاحبه المنتخب المصري الغائب عن الساحة القارية منذ 2010.
اخفاق مونديالي غير مبرر
قبل إنطلاق الدور الحاسم من اقصائيات كأس العالم كانت الجماهير العربية تمني نفسها بتحقيق إنجاز عالمي يعوض الاخفاق القاري من خلال الظفر بأكبر عدد ممكن من البطاقات المؤهلة للبرازيل و ازدادت الآمال العربية بعدما تأهل ثمان منتخبات إلى الدور الأخير منها خمسة منتخبات عن قارة آسيا و ثلاث عن قارة أفريقيا ، قبل أن يتحول الحلم إلى كابوس عقب النتائج الكارثية التي سجلها العرب في هذا الاستحقاق باستثناء المنتخب الجزائري الذي بلغ النهائيات عن جدارة و استحقاق محافظا على ماء وجه الكرة العربية ومدافعاً عن تمثيلها في المحفل العالمي ضد بلجيكا وروسيا و كوريا.
ففي آسيا بلغت منتخبات الأردن و العراق و عُمان و قطرلبنان الدور الأخير في مهمة مشتركة هدفها إعادة عرب آسيا لأجواء المونديال بعدما غابوا عنه منذ نسخة ألمانيا 2006 ، و نظرياً فإن العرب كانت امامهم نصف الفرص أي 50% على اعتبار ان عدد المنتخبات كان عشرة أي انه كان بإمكان تلك المنتخبات ان تضمن على الاقل تأشيرتين مباشرتين ، و تضاعفت الأحلام العربية في ظل تراجع مستوى منتخبات شرق آسيا كوريا و اليابان و استراليا و حتى إيران ، غير ان الحصيلة النهائية لهذه التصفيات كشفت الوجه الحقيقي للكرة العربية في آسيا فالتأشيرات المباشرة خطفتها كوريا و إيران و اليابان و استراليا و بشق الأنفس و بعد مجهود خرافي نجح النشامى في الوصول إلى الملحق بعدما تجاوز أوزبكستان ، مقابل ذلك حلت بقية المنتخبات في المراتب الأخيرة في المجموعتين بعدما منيت بهزائم داخل و خارج قواعدها في بداية المشوار و بنتائج ثقيلة ، فقطر حلت رابعاً و لبنان خامساً في الأولى بينما جاء عُمان رابعاً و خلفه العراق في الثانية .
و بقيت الآمال معلقة حتى الرمق الأخير من التصفيات على النشامى الذي خاض مواجهة ملحق غير عادلة عندما وضعه الفيفا في مواجهة الأورواغواي بطل العالم مرتين و صاحب المركز الرابع في المونديال الاخير 2010 و المدجج بترسانة من النجوم الكبار على غرار سواريز و كافاني و فورلان ، و مما زاد من سقوط النشامى هو قراءة مدربه المصري حسام حسن الذي لم يحسن التعامل مع منافسه ، حيث أتاح له اللعب في مساحات الملعب ، و ظن بان كتيبة المدرب واشنطن طاباريز ستتأثر بصيحات جماهير ملعب عمان فكان الكارثة بالخسارة بخماسية نظيفة لم يمسحها التعادل الذي سعت إليه تشكيلة حسام حسن في الإياب بالأورواغواي من خلال اللعب بخطة دفاعية .
و هكذا فرط عرب آسيا في فرصة تحقيق إنجاز تاريخي ليضطروا للانتظار أربع سنوات آخرى لمحو آثار هذا الاخفاق ، و ربط الصلة بالمونديال من خلال التواجد في صقيع روسيا قبل مونديال 2022 الذي سيعرف تأهل على الأقل منتخب عربي واحد من آسيا وهو قطر المستضيف.
عرب افريقيا على خطى أشقائهم
لم تختلف نتائج عرب افريقيا عن اشقائهم في آسيا باستثناء نجاح منتخب المحاربين في بلوغ النهائيات بالبرازيل عقب تجاوزهم و بصعوبة بالغة خيول بوركينافاسو .
فقبل إنطلاق الدور الأخير من التصفيات تفائل الكثير من المتابعين بإمكانية تأهل ثلاث منتخبات عربية من أفريقيا للمونديال للمرة الأولى بعدما نجحت كل من الجزائر و مصر و تونس على البساط في التأهل للمباراة الفاصلة كما ان تراجع المنافسين الأفارقة في الكان زاد من درجة التفاؤل العربي بإمكانية تحقيق الحلم إلى واقع لدرجة ان الكل كان يتمنى عدم وقوع مواجهة عربية في هذا الدور .
و جرت القرعة و لعبت مباريات الذهاب في شهر تشرين الاول و كانت كافية لكشف حقيقة المنتخبات العربية حيث تعرض منتخب مصر بطل افريقيا سبع مرات لانتكاسة تاريخية عندما خسر من غانا بسداسية كاملة مقابل هدف واحد قبل ان يفوز زملاء ابو تريكة بهدفين لواحد في الإياب ، و اكتفى التوانسة بتعادل سلبي مخيب أمام منتخب الكمرون الذي فقد روحه المعنوية قبل ان يستعيدها في ياوندي و يفوز زملاء صامويل ايتو بأربعة اهداف لهدف ، و يضمنوا تأهلهم للمونديال للمرة السابعة في تاريخهم حيث لم ينفع الاحتجاج الإداري الذي قدمه أبناء تونس الخضراء في أي نتيجة .
ووحدها الجزائر خرجت عن النص العربي في اليوم الأخير من التصفيات الأفريقية بهدف واحد امضاه الماجيك بوقرة كان كافياً ليصنع فرحة عارمة رغم ان القرعة لم تكن رحيمة بالخضر بعدما اوقعتهم في مواجهة وصيف بطل افريقيا بوركينافاسو القوة القادمة بسرعة صاروخية.
الأندية تكفر ذنوب المنتخبات
وعلى عكس المنتخبات فإن الأندية العربية حققت أفضل النتائج في القارتين و لو ان نتائجها في أفريقيا كانت أفضل ، ففي آسيا احرز نادي الكويت الكويتي على بطولة كاس الاتحاد الآسيوي في نهائي عربي كويتي خالص جمعه بمواطنه كاظمة بعدما فاز عليه بثنائية نظيفة مثريا سجله بتاج آسيوي ثالث و الثاني على التوالي محافظاً بذلك على زعامة الكرة العربية لهذه البطولة القارية.
أما في افريقيا فقد نجح الأهلي المصري في تجاوز الظروف المزرية التي تمر بها الكرة المصرية و تمكن من التتويج بدوري أبطال أفريقيا للمرة الثانية على التوالي و الثامنة في تاريخه العريق بعدما تغلب على اورلاندو بيراتس الجنوب الافريقي بتعادلهما في الذهاب بهدف لمثله قبل أن يفوز الأهلي في الإياب بثلاث أهداف لهدف ، و بالنظر إلى الوضعية العصيبة للكرة المصرية ، فلم يكن المراقبون يتوقع تتويج الأهلي بهذه البطولة في ظل تواجد منافسين من العيار الثقيل على غرار الترجي التونسي والذين تساقطت الفرق أمامه الواحد تلو الآخر ، وليعوض بذلك الاهلي نكسة المنتخب المصري .
وفي كأس الكنفدرالية الافريقية نجح الصفاقسي التونسي أيضا في تعويض إخفاق المنتخب بعدما ظفر بالبطولة للمرة الثالثة في مشواره رغم انه واجه مازيمبي الكونغولي أحد اغلى و اقوى الأندية الافريقية في السنوات الأخيرة ، و من غرائب الصدف ان المدرب الهولندي رود كرول كان على رأس تونس و هي تنهار في الكاميرون و كان على رأس الصفاقسي عندما توج بالكنفدرالية بعدما فاز على مازيمبي ذهاباً بهدفين دون رد قبل ان يخسر منه إياباً بهدفين لهدف .
الرجاء يحقق الإنجاز الإعجاز
وإلى جانب تأهل الجزائر للمونديال فإن أفضل إنجاز عربي كان بفضل أقدام لاعبي الرجاء البيضاوي المغربي الذي بلغ نهائي كأس العالم للأندية التي جرت بمراكش و اغادير المغربيتين شهر كانون الأول 2013 ليكون ثاني نادٍ من خارج أوروبا و أمريكاالجنوبية يصل إلى نهائي هذه المسابقة بعد مازيمبي عام 2010 .
ورغم أن الرجاء لم يشارك في مونديال الأندية بصفته بطل قارة و انما مجرد ضيف شرف بصفته البلد المستضيف إلا انه نجح في قهر ثلاث أبطال للقارات وهم اوكلاند بطل أوقيانوسيا و مونتيراي المكسيكي بطل الكونكاكاف و اتلتيتيكو مينيرو البرازيلي بطل أمريكاالجنوبية بقيادة النجم رونالدينيو قبل ان يسقط في النهائي أمام بايرن ميونيخ بطل أوروبا بثنائية نظيفة بفعل الارهاق و قلة خبرة المدرب التونسي فوزي البنزرتي الذي ولى زمام أمور الخضراء قبل عشرة أيام من إنطلاق المنافسة في ظروف صعبة كان يمر بها الفريق الذي استحق لقب العالمي على الصعيد العربي لوحده بلا منازع .