تحدثت صحيفة "لوموند" الفرنسية في خبر بعنوان "عملية إغواء بين مصر وروسيا" عن زيارة الوفد الروسي رفيع المستوى يومي الأربعاء والخميس لمصر للمرة الأولى منذ أربعين عامًا، وهي الزيارة التي وصفها المصريون ب"التاريخية"، كما التقى وزيرا الخارجية والدفاع المصريان نظرائهما الروسيين بترحيب كبير.
وطرحت الصحيفة الفرنسية عدة تساؤلات: كيف نفهم هذا التقارب؟ هل يعد "إعادة تموضع" استراتيجي جذري من الجانب المصري بعد سنوات من التتبع فيما يتعلق بسياسة الولاياتالمتحدةالأمريكية؟ أم بالأحرى تغيير تكتيكي، نوعًا من ازدراء القوة الأمريكية، في الوقت الذي تعد فيه العلاقات مع واشنطن في أدنى مستوياتها منذ عزل الجيش للرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو؟
وكان وزير الخارجية المصري نبيل فهمي قد صرح الخميس الماضي أن "الهدف من دبلوماسيتنا هو تقديم خيارات إلى مصر، أكثر من خيار. لا يتعلق الأمر استبدال دولة بأخرى. فبعكس ذلك، إننا نزيد دول أخرى. إنها بداية مرحلة جديدة".
وشددت صحيفة "لوموند" على أنه مصر تحصل على مساعدات عسكرية من الولاياتالمتحدةالأمريكية قدرها 1,3 مليار دولار سنوياً منذ اتفاقية "كامب ديفيد" للسلام التي تم توقيعها في عام 1979 بين مصر واسرائيل. ولكن، منذ القمع الدموي للاحتجاجات المؤيدة لمرسي، نفذت واشنطن تهديدها بتعليق جزء من هذه المساعدات في التاسع من أكتوبر الماضي. وأصبح منح حزمة مساعدات لأكثر من 200 مليون دولار مشروطًا بعودة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان من قبل السلطات المصرية الجديدة.
وعلق دبلوماسي مصري شارك في الاجتماعات بين المسئولين الروس والمصريين: "إن ما يحدث ابتزاز، خدعة"، فيما يتعلق بالتقارب بين مصر وروسيا في تحدي للولايات المتحدةالأمريكية. وأضاف هذا الدبلوماسي: "على مدار الأربعين سنة الأخيرة، تلقى جميع الجنود المصريين التعليم في الولاياتالمتحدةالأمريكية، بما فيهم الفريق عبد الفتاح السيسي. فإنه من غير الوارد إغلاق الباب في وجه الأمريكيين".
ويرى العديد من المراقبين أن النهج المصري يستهدف الرأي العام المصري أكثر من المجتمع الدولي. فقد أشار هذا الدبلوماسي إلى أن "النظام يرغب في إرضاء المشاعر الكامنة المناهضة للأمريكيين لدى جميع المواطنين. إنها وسيلة لتعزيز السيسي في دوره كرجل قوى يقف في وجه الولاياتالمتحدةالأمريكية".
وتصدر هذا الحدث وسائل الإعلام، الخاصة والحكومية على حدٍ سواء، التي احتفلت على نطاق واسع بإعادة العلاقات بين مصر وروسيا، وأجرت مقارنات بين بطل القومية المصري جمال عبد الناصر الذي ابتعد عن الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد أزمة السويس في عام 1956 ليتحالف مع الاتحاد السوفيتي، والفريق السيسي الذي تتواجد صوره في كل مكان في مصر. كما تحدثت الصحافة المصرية عن عقد بيع أسلحة روسية بمبلغ ملياري دولار.